in

قصة إحدى معارك حرب أكتوبر التي لا يعرفها الكثيرون: عندما تواجهت مقاتلات «الشبح» الإسرائيلية مع مقاتلات «الميغ» الكورية الشمالية

طائرات حربية تحلق فوق صحراء

حتى وإن كانت مقاتلة الـ(مكدونال دوغلاس) F-4 قد تم تطويرها كطائرة معترضة استجابة لحاجة القوات البحرية الأمريكية لحماية حاملات الطائرات خاصتها، فإن نسخة الـ«شبح 2» المطورة عنها، والتي عرفت باسم F-4E، قد كانت مقاتلة متعددة الأدوار والمهام التي بيعت للكثير من الدول، وكانت من بين الدول التي اقتنت مقاتلات الـF-4E دولة إسرائيل الفتية آنذاك، والتي كانت قد اقتنت أوائل النسخ عن هذه الطائرة في سنة 1969، ثم جعلت منها لاحقا المكوّن الرئيسي لقواتها الجوية، ومنه شاركت الـ«الشبح» القويّة في جميع الحروب والمعارك التي اندلعت بين إسرائيل والعرب.

في سنة 1973، وخلال ما عرف بحرب أكتوبر، وجدت القوات الجوية الإسرائيلية نفسها في مواجهة اتحاد للقوات العسكرية لعدة دول عربية، والتي لم تتشكل من أسراب طائرات مقاتلة مصرية وسورية فقط، بل من وحدات عسكرية من الجزائر والعراق وليبيا وكوريا الشمالية. هذه الأخيرة التي قامت بنقل سرب كامل من مقاتلات الـ(ميغ-21) خاصتها إلى القاعدة الجوية في بير عريضة من أجل حماية الجنوب المصري.

طائرة الـ«شبح 2» الإسرائيلية.
طائرة الـ«شبح 2» الإسرائيلية.

من الواضح، آنذاك على الأقل، أن طياري سلاح الجو الإسرائيلي لم يكونوا على علم بأن بعضا من طائرات الـ(ميغ-21) التي سيواجهونها كانت تعود لسلاح جو كوريا الشمالية.

حدثت أول مواجهة بين طيّاري سلاح الجو الإسرائيلي وطياري كوريا الشمالية في 6 أكتوبر سنة 1973 عندما انطلق زوجان يتشكلان من طائرتي F-4 (كورناس) من السرب رقم 69 والسرب 119 من قاعدة (رمات ديفيد) الجوية من أجل جولة استطلاعية فوق خليج قناة السويس.

اجتمعت طائرتا كلا السربين في فريق واحد مع كون زوج الطائرات الذي كان ينتمي للسرب 69، والذي تكون طاقمه من (شادمي) و(غور) على متن الطائرة الأولى و(شبيتزر) و(أوفر) على متن الطائرة الثانية، في قيادة المهمة.

ظلت الطائرات تقوم بدورياتها فوق المنطقة حتى انخفض مخزون الوقود لديها، وهنا تم إعادة توجيه مسارها ناحية الشمال الغربي لمصر. كانت الطائرات محلقة على ارتفاع كبير، بين 20 ألف و25 ألف قدم، عندما رصد (غور) زوجاً من الطائرات على راداره، هاتان الطائرتان اللتان كانتا تطيران على علو منخفض في وضعية لتجنب رصدها من طرف الرادارات.

بمساعدة من محطة اعتراض وتعقب أرضية، تعقبت طائرات «الشبح» الإسرائيلية تشكيلة الطائرات الدخيلة.

لم تكن طائرتا «الشبح» قادرتين بعد على الانخراط في اشتباكات مع الطائرات الدخيلة بسبب بعدها عنها وكذا بسبب سوء الأحوال الجوية التي صعبت عليها عملية تحديد هويتها أو التعرف عليها.

غير أنه بعد ثوانٍ لاحقاً، تمكن الطيارون الإسرائيليون من رؤية طائرتي الـ(ميغ-21) واشتبكوا في معركة جوية معها على الفور: اختفت إحدى طائرتي الـ(ميغ)، بينما أجبرت الأخرى على خوض معركة 2 ضد 1.

طائرات الـF-4E الإسرائيلية.
طائرات الـF-4E الإسرائيلية.

لكونه وحيدا ضد اثنتين من أقوى المقاتلات آنذاك (اللتان كانتا مدعومتين من طرف اثنتين أخريين من سرب 119 اللتان كانتا تحلقان في الخلف)، لم يتمكن طيار الـ(ميغ) من تفادي الصواريخ التي كانت تستهدفه: أولاً أطلق الطياران (شادمي) و(غور) قذيفة AIM-9D، ولاحقا أطلقا قذيفة أخرى من نفس النوع —التي يطلق عليها كذلك اسم (سلايدويندر)— والتي تبعتها قذيفة ثالثة أطلقها هذه المرة (شبيتزر) و(أوفر) من طائرتي الشبح الأخريين، فانفجرت كل تلك الصواريخ على مقربة من طائرة الـ(ميغ)، غير أن الطائرة ظلت محلقة.

بدأ الوقود ينفذ من طائرات الشبح الإسرائيلية بسبب جولات الاستطلاع الطويلة التي قامت بها في وقت سابق، ومنه لم يكن بمقدورها الخوض في المزيد من الكر والفرّ، فأجبرت على الخروج من المعركة والعودة إلى القاعدة.

بينما عادت الطائرات أدراجها ناحية الشرق، نظر (غور) إلى طائرة الـ(ميغ) ولاحظ ذيلا من الدخان أبيض اللون وراءها. فجأة، بعد أن عبرت الطائرات الـ«شبح» الساحل المصري، رأى (غور) أثر صاروخ أرض-جو تلاه انفجار على ارتفاع 20 ألف قدم، وكان قريبا جدا من طائرة الـ(ميغ).

لقد قام المصريون بإسقاط إحدى طائراتهم الحليفة (وهو ما أكدته لاحقا المخابرات لدى سلاح الجو الإسرائيلي)، ولم يدرك الطيارون الإسرائيليون أن طائرتي الـ(ميغ) تلك كانتا تعودان لكوريا الشمالية إلا بعد انتهاء الحرب.

مقالات إعلانية