in

نظرة إلى داخل (سيلاند)… ربما أصغر دولة في العالم

المنصة البحرية (سيلاند)

بدأت قصة (سيلاند) عندما أخذ (بادي روي بيتس) -قائد جيش سابق- عائلته إلى (إتش إم فورت روفس) HM Fort Roughs في عشية عيد الميلاد في عام 1966، وهو حصن مهجور على بعد 11 كم عن الشاطئ وبحجم ملعب تنس تقريباً، وكان (بيتس) قرصاناً إذاعياً وأراد أن يواصل بث إشاراته الإذاعية المقرصنة دون تدخل الحكومة البريطانية في شؤونه.

في ذلك الوقت سيطرت قناة الـBBC على الإذاعة والتلفزيون البريطاني وانزعج (بيتس) من ذلك الأمر، واستفاد الشاب البالغ من العمر 46 عاماً آنذاك من تجربته العسكرية في نقل عائلته بعيداً عن تأثير القوانين البريطانية دون الانتقال بعيداً جداً.

المنصة البحرية (سيلاند)
تقع (سيلاند) Sealand في بحر الشمال قبالة سواحل (سوفولك) بإنكلترا، ويعتقد البعض أنها أصغر دولة في العالم.

كان هذا الحصن الواقع في المياه الدولية منصة للدفاع عن الممرات الملاحية ضد الغارات الألمانية عن طريق البحر والجو، حيث بني في عام 1943 خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب لم يكن لبريطانيا حاجة في الحصن الصغير لذلك تخلت عنه، ويعني هذا أن بريطانيا لم تعد لها سيطرة عليه، مما يعني بدوره أن (بيتس) بإمكانه فعل ما يشاء به.

وبدلاً من مجرد استخدام ملكيته الجديدة كموقع للبث؛ فكر (بيتس) خارج الصندوق وجعل المنصة بلداً له، حيث لا يمكن لبريطانيا القيام بشيء حيال ذلك.

أعلن (بيتس) في 2 سبتمبر 1967 مع زوجته (جوان) وولديه المراهقين استقلال دولتهم الصغيرة ذات السيادة (سيلاند)، وتخلص من قراصنة الإذاعة الآخرين الذين يستخدمون منصته، ولقب زوجته بـ(الأميرة جوان) كهدية منه لها في عيد ميلادها، ومن المفارقة أن (بيتس) لم يستخدم المنصة الإذاعية لأنه كان مشغولا بأمور رئاسة دولته الجديدة.

(بادي روي بايتس) و(جوان بايتس)
(بادي روي بايتس) و(جوان بايتس).

في عام 1968، دمرت البحرية الملكية البريطانية ثلاثة منصات قريبة كانت كلها على مرمى حجر من (سيلاند)، في محاولة لمنع المزيد من القراصنة من السيطرة على المنصات البحرية.

كان الأوان قد فات لوقف (بيتس) فاستمرت إمارة (سيلاند) على الرغم من إلقاء القبض عليه لإطلاق طلقات تحذيرية على السفن البحرية، ومواجهته انقلاب مرتزقة مسلحين في عام 1978.

وسعت بريطانيا حدودها البحرية إلى 19 كم بحريًا في أوائل الثمانينيات، ووضعت (سيلاند) في المياه الإقليمية البريطانية وأعلنت بعد ذلك أن إمارة (سيلاند) لم تعد -ولم تكن- دولة لأنها أصبحت تقع تحت الحقوق السيادية لبريطانيا العظمى، كما أعلنت أن (سيلاند) لا يمكن أن تكون بلداً لأنه ليس لديها أي أرض مادية.

ومع ذلك، استمر (بيتس) وعائلته في إدارة (سيلاند) كما لو كانت دولة مستقلة… المعلن أنها أصغر دولة في العالم.

على الرغم من أن بريطانيا لها حقوق سيادية على المنصة، إلا أن عائلة (بيتس) مازالت تدعي أن (سيلاند) هي ملك لها إلى يومنا هذا.

بالنسبة إلى (سيلاند)، تتضمن بعض الأعمال الإدارية التي تقوم بها منح الألقاب الملكية للذين يتقدمون بطلبها ويدفعون رسومها، ويمكنك حتى الحصول على الجنسية وجواز السفر، كما لدى الدولة عملة خاصة، بالإضافة إلى طوابع بريدية، وفريق كرة قدم.

علم (سيلاند)
علم (سيلاند)

ومع كل هذا، فإن (سيلاند) تواجه مستقبلاً مجهولا، فقد توفي الأمير (روي) في عام 2012 وتبعته الأميرة (جوان) في عام 2016، مما ترك ابنهما الأمير (مايكل) وولديه مسؤولين عن إقليم الجزيرة.

بالإضافة إلى العائلة المالكة وكذلك الأصدقاء والأقارب الذين يشكلون عشرات المواطنين في (سيلاند)، تشرف مجموعة متناوبة من مقدمي الرعاية على المنصة، في الوقت نفسه يساعد وجود (سيلاند) على الإنترنت في توسيع السكان الافتراضيين للبلاد، ولكن هل يكفي ذلك لاستمراريتها؟

يتمنى الأمير مايكل ذلك، ويؤكد أن سيادة (سيلاند) هي أمر جاد للغاية، ومع ذلك فهو يدير شؤون البلاد من مكاتب شركات الصيد خاصته في (إسيكس) بإنجلترا.

تبيع متاجر الدولة الموجودة على البر الرئيسي في إنجلترا العديد من الأغراض الترويجية، بما في ذلك القمصان العادية، وقمصان كرة القدم، والجنسية، والألقاب الملكية، وجوازات السفر وما شابه، غير أن الأمير (مايكل) قال أنه يفكر في بيع المنصة لأن عائلته استثمرت أكثر من 1.4 مليون دولار في جنة الجزيرة الصدئة هذه، وأن لديه أحفادا يقلق على مستقبلهم.

صورة (سيلاند) ملتقطة من الجو
صورة (سيلاند) ملتقطة من الجو

عٌرضت (سيلاند) للبيع عام 2007 ولكنها لم تستقطب أي مشترٍ يذكر، ويقول الأمير (مايكل) أنه سيبيعها بسعر مناسب قد يصل إلى 970 مليون دولار.

ويضيف الأمير ”المسن“ أيضاً أن المنصة هي أكبر مما تبدو عليه، وهي حلم كل من يرغب في بسط نفوذه وسيادته على دولته الخاصة الصغيرة، كما يمكنه الاستثمار في السياحة والسباحة في المياه المحيطة، والغوص بينما يمتلك جنته الصغيرة الخاصةٌ به.

لكن يجب على كل من يشتريها أن لا يتوقع من أحد الاعتراف بسيادتها، ففي عام 1994 أعلنت الأمم المتحدة أنه لا يمكن اعتبار المنصات البحرية دولا ذات سيادة على الإطلاق.

مقالات إعلانية