قانون الجذب، البرمجة اللغوية العصبية، الطب البديل، علم التنجيم، معالجة المثلية، علم الأعداد والإعجاز العلمي.. هي ممارسات وإدعائات تتخفى بطابع علمي لكسب مصداقية وهمية أمام الناس تعود بالربح المادي والشهرة لمروجيها.

عادة ما يلجأ مروجوا ما يسمى بالعلم الزائف إلى المنابر الإعلامية ”البروباغندا“ لترسيخ إدعائاتهم داخل عقول التفكير الجماعي، فكلما كانت الكذبة مسموعة كلما زاد التصديق بها، طريقة مجدية ومربحة داخل مجتمع يفتقر إلى أبسط أساسيات التفكير النقدي والعقل التحليلي ويفضل الأكاذيب المريحة على الحقائق الصادمة.
أحيانا، لا يسعني إلا أن أقول أن الأموال التي ينفقها ”معتنقوا“ هذا التوجه على الطب البديل ودروس التنمية الذاتية والتداوي بالحجامة، ما هو إلا ثمن لغبائهم وقلة حيلتهم وهو الشيء الذي يستحقونه، لكن سرعان ما أتراجع عن قولي لعلمي التام أن هناك فئة كل ما تفتقر له هو التوجيه الصحيح لإحياء فكرها النقدي من سباته.
المعرفة العلمية لا تعني مجرد حفظ الحقائق العلمية (مثل مسافة الأرض عن الشمس وعمر الكون وكيف يتم الإنقسام الخلوي ..إلخ) بل تتطلب فهم طبيعة اشتغال العلم والمنهج المتبع للوصول إلى تلك الإستنتاجات التي تجعل من الممكن التوصل إلى نظريات موثوق بها عن الكون، ثم تطبيق هذه النظريات واشتغالها على أرض الواقع. للأسف، ولعدم انتشار هذا النمط في التفكير بين الناس، صار من السهل التلاعب بعقولهم لبيعهم كتبا ومحاضرات مليئة بالمغالطات المنطقية هدفها ربحي محض.
العلوم الزائفة سميت بذلك لعدم إلتزامها بالمنهجية العلمية في دراساتها المزعومة، بل تتهرب دائما من تقديم الدلائل عن تجاربها مدعية بأنه تم إخفاؤها من طرف جهات مجهولة، فالعلماء الزائفون مولعون بنظرية المؤامرة (كقصة إخفاء الناسا لإنشقاق القمر أو الأرض المسطحة). كما أنهم يستخدمون تجاربهم الشخصية أو مثالا معزولا أو أقوالا متناقلة كمحاولة لإثبات إدعائاتهم بدلاً من حجج موضوعية (فلان تناول الصبار وشفي من السكري إذن الصبار علاج للسكري)، تتميز تجاربهم المزعومة بالغموض وتفتقر للدقة بحيث يصعب إعادتها للتحقق من ما إن كانت تعطي نفس النتائج، ثم أن أبحاثهم لا تخضع لأي تمحيص وتدقيق من قبل علماء مستقلين مختصين في مجال البحث، ومن المستحيل أن تجد مقالاتهم منشورة في إحدى المجلات العلمية.
تعتمد العلوم الزائفة عادة على المعطيات القديمة للحضارات الإنسانية بدلا من الثوابت الملاحظة في الطبيعة، التنجيم على سبيل المثال يعتمد على أسماء ومواقع الكواكب في تحديد الشخصية، لو إفترضنا أن الرومان أعطوا إسم المشتري للكوكب الأحمر بدل المريخ، علم الفلك Astronomy لن يهتم لذلك، لكن التنجيم Astrology سيغير استنتاجاته بصفة كلية لأنه يعتمد على الإسم وليس له أي علاقة بالخصائص الفيزيائية للكوكب نفسه.
لدعم إدعائاته، يلجأ العلم الزائف إلى الإستجداء بالعاطفة وتحريك مشاعر الناس باستخدام خطابات رنانة (غالبا دينية) لإثارة مشاعرهم، ومن المهم الإشارة إلى أنه أحيانا عند تقديم حجة سليمة ومنطقية قد تُثار معها المشاعر، ولكن الإشكالية تكمن في استخدام العواطف محل الحجة.
أحيانا، يكون العلم خاطئا، لكن سرعان ما يعترف بذلك ويعمل جاهدا لتعديل ما أثبت بنفسه خطأَه، على عكس العلم الزائف الذي يحيا على الحفاظ وتبرير والدفاع على الأخطاء وتجنب مواجهة الحقائق، هذه الطريقة القديمة في التفكير هي التي أنتجت لنا الخرافات—من قبيل تعذيب المرضى العقليين لطرد الأرواح الشريرة منهم—والتي تقف عائقا أمام تطور البشرية.
