in

26 حقيقية عن حياة وموت «هيرودس العظيم».. أكثر الشخصيات التاريخية شراً

من أكثر الشخصيات التاريخية شراً هو هيرودس العظيم، الذي اشتهر بمحاولاته الحثيثة للتخلص من منافسه ”ملك اليهود“ عبر إصدار أمر بإعدام الأطفال الذكور في بيت لحم بعد ولادة يسوع المسيح، كان (هيرودس) أقرب للدمية الرومانية من الملك الشرعي ليهودا، كما لم يتمتع بشعبية كبيرة بين شعبه واليهود بشكل عام، لذلك كان لديه الأسباب المناسبة للشك والخوف من التهديدات التي طالت حكمه.

لكن على الرغم من قتله لأفراد من عائلته، إلا أنه ربما لم يصدر أمراً بمذبحة الأطفال كما ادعى القديس (متى)، كما أن الفترة التي حكم بها يهوذا لم تكن بذلك السوء، جمعنا لكم في هذا المقال 26 حقيقة تسلط لكم الضوء على حياة وموت هيرودس العظيم:

26. لم يكن هيرودس يهودي الأصل

خريطة توضح موضع مملكة إدوم وباقي الممالك الإسرائيلية الأخرى. صورة: Wikimedia Commons

أصبح (هيرودس) ملك يهوذا عام 37 قبل الميلاد على الرغم من أنه لم يكن يهودي الأصل. وُلد بين عامي 73/72 قبل الميلاد في مملكة إدوم (جنوب غرب الأردن حديثاً) المجاورة لإسرائيل قديماً، وتقول الأسطورة أن الإدوميون ينحدرون من نسل عيسو الابن الأكبر لإسحاق الذي باع حق الولد البكر لشقيقه التوأم الصغير يعقوب مقابل وعاء من الخوخ، ولكن مع ذلك، منح إله إسرائيل عيسو أرض إدوم كنوعٍ من التعويض، ومع مرور الوقت، نشب صراع دائم بين مملكة يهوذا ومملكة إدوم وغالباً ما كانت تخضع مملكة إدوم لمملكة يهوذا، حيث لطالما نظر سكان مملكة يهوذا إلى الإدوميين على أنهم غرباء ودخلاء.

25. لم يكن هيرودس يهودياً متشدداً

مدينة البتراء النبطية، موطن والدة هيرودس. صورة: Wikimedia Commons

لم يكن الإدوميون يؤمنون باليهودية باعتبارهم مجموعة عربية، ولكن بالرغم من ذلك، اعتنق عدد كبير منهم الديانة اليهودية ومن بينهم (أنتيباتر) والد (هيرودس)، أما والدته فكانت قبرصية الأصل ابنة عائلة نبيلة من الأنباط في البتراء. ووفقاً لقانون التشريع اليهودي، لا يعتبر الطفل يهودياً إلا في حال كانت والدته يهودية الأصل، أي أن (هيرودس) لم يكن يهودي الأصل على الرغم من اعتناقه لليهودية وممارسة تعاليمها لكنه اعتُبر غريباً عنهم.

24. وضع أنتيباتر الأسس لمستقبل ابنه

أنتيباتر ويوليوس قيصر. صورة: Wikimedia Commons

يدين (أنتيباتر) والد (هيرودس) بسلطته المبكرة إلى علاقاته بشخصيات نبطية ولفصيل الفريسيين السياسي الديني الذي كان عبارة عن جماعة دينية يهودية تتألف من مجموعة من الرجال العاديين والكتّاب. تشكل هذا الحزب بعد الثورة المكابية في الفترة ما بين عامي 165-160 قبل الميلاد.

جاءت فرصة (أنتيباتر) الكبرى عندما أظهر دعمه للملك الحشموني (هيركانوس) كمرشح لعرش مملكة يهوذا. كما ساند (بومبي)، وهو جنرال روماني، (أنتيباتر)، وأصبح (هيركانوس) ملكاً بينما كان (أنتيباتر) بمثابة القوة المسيطرة خلف العرش والحاكم الفعلي للمملكة، واستمر (أنتيباتر) في كسب الدعم الروماني حتى أنه وقف إلى جانب الإمبراطور والجنرال الروماني (يوليوس قيصر) خلال الحروب الأهلية الرومانية بدلاً من مساندة حليفه القديم (بومبي)، وكمكافأة على مساندته هذه، جعل (يوليوس قيصر) من (أنتيباتر) مواطناً رومانياً وعينه حاكماً على يهوذا في عام 47 قبل الميلاد.

23. أصبح هيرودس العظيم حاكماً على الجليل وتمت ترقيته لمنصب حاكم يهوذا

صورة: Wikimedia Commons

جعل القيصر من (هيرودس) مواطناً رومانياً بسبب دعم والده (أنتيباتر) له، كما أنه نصبه حاكماً على الجليل كمكافأة إضافية. لكن في عام 44 قبل الميلاد، قتل اليهود الغاضبون (أنتيباتر) بينما كان يجمع الفضة بأمر من (كاسيوس) قاتل الـ (قيصر). بعد مقتل (قيصر)، انحاز (هيرودس) لطرف (مارك أنطوني) و(أوكتافيان)، وبدوره جعل (أنطوني) من (هيرودس) وأخيه (فزائيل) حاكمين على ربع أراضي الجليل.

في عام 43 قبل الميلاد، استلم (هيرودس) الحكم بعد والده. ولكن بعد مرور ثلاث سنوات على استلامه للحكم، هجم الفرثيون على يهوذا وخلعوا الملك (هيركانوس) من منصبه، وعينوا مكانه ابن اخيه (أنتيغونوس)، فعندها لم يكن أمام (هيرودس) خيار سوى الفرار إلى روما.

22. جعل الرومان من هيرودس ملكاً على يهوذا

لوحة فسيفسائية تصور الملك هيرودس. صورة: CAMERAPHOTO / BRIDGEMAN / AC

بمجرد وصول (هيرودس) إلى روما انشغل بتكوين صداقات له هناك والتأثير على الناس، كما تغلب الجنرال الروماني (مارك أنطوني) على وريث القيصر، وهو (أوكتافيان)، وحليفه وصديقه (ماركوس فيبسانيوس أغريبا). استفاد (هيرودس) من علاقاته مع أصدقائه ذوي النفوذ، فنجح بإقناع مجلس الشيوخ الروماني لمساندته في قضيته، وفي عام 40 قبل الميلاد صوت مجلس الشيوخ على منح (هيرودس) لقب ملك اليهود، ولكنه انتظر حتى عام 37 قبل الميلاد للصعود إلى عرش المملكة، كما أنه تمكن واخيراً من استعادة القدس من الفرثيين و(أنتيغونوس).

21. ربما تربع هيرودس على العرش، لكنه فقد شقيقه

برج القلعة كما يسمى بالعربية، أو برج داود، في القدس. صورة: Wikimedia Commons

لم يتربع (هيرودس) على عرش المملكة دون أن يتكبد خسائر فادحة، ومن بينها خسارته لشقيقه الأكبر (فزائيل) الذي كان يتسم بالنبل والشجاعة. فعندما هجم الفرثيون على المملكة، قرر (فزائيل) البقاء لمساندة الملك (هيركانوس) بدلاً من الانضمام إلى شقيقه (هيرودس) ووالدته وأخته في رحلتهم إلى روما، وقاتل إلى جانب الملك للسيطرة على القدس، ولكن للأسف، قبض الفرثيون عليهما وسلموهما للملك الجديد (أنتيغونوس) الذي حرص على تعذيب عمه ليحرمه من الكهنوت اليهودي. أما (فزائيل)، فقرر الانتحار للهرب من العار. بعد انتحار (فزائيل)، قرر (هيرودس) تخليد ذكرى شقيقه بتسمية إحدى المدن الجديدة، بالإضافة لبرج في قصره الجديد، على اسم شقيقه.

20. أصدر هيرودس أمراً بقتل كل ذكر حشموني لتعزيز قوته

صورة تخيلية لـ هيركانوس الثاني.

أصدر الجنرال (مارك أنطوني) قراراً بإعدام (أنتيغونوس) بعد فترة وجيزة من حصار القدس لكي يكسب (هيرودس) إلى صفه. فإذا كان (أنتيغونوس) حياً، فسيمثل تهديداً. على مدار السنوات القليلة التالية، اتخذ (هيرودس) قرارات شبيهة بقرارات (أنطوني) بغرض تعزيز سلطته وإبعاد أي أمير حشموني عن عرش مملكة يهوذا، ففي عام 36 قبل الميلاد، قرر دعوة (هيركانوس الثاني) للعيش في قصره بعد أن نفاه سابقاً، وفي العام ذاته، قتل (أرسطوبولس) حفيد (هيركانوس)،وفي عام 30 قبل الميلاد أصدر قراراً بإعدام (هيركانوس).

19. تزوج هيرودس من الأميرة مريمان لتعزيز مكانته في المملكة

مريمان الأولى. صورة: Wikimedia Commons

أدرك (هيرودس) أن إعادة الاستيلاء على يهوذا بدعم روماني لن يكون كافياً لكسب دعم ومحبة الشعب اليهودي، لذلك حاول، بشتى السبل، إعطاء حكمه شرعية أكثر.

في عام 37 قبل الميلاد، عقد قرانه على الأميرة الحشمونية (مريمان) حفيدة الملك السابق (هيركانوس) بعد أن دبرت والدتها هذا الزواج ليكون بمثابة «وثيقة تأمين» للحشمونيين في المملكة، ولكن لم يحتفل الزوجان بزواجهما حتى أصبح (هيرودس) ملكاً. يُشاع أيضاً أن (هيرودس) لم يتزوجها بسبب عائلتها أو بسبب جمالها فحسب، بل تزوجها لأنه وقع في حبها.

18. ابتعد هيرودس عن زوجته وابنه

هيرودس العظيم. صورة: Wikimedia Commons

لم تكن (مريمان) الزوجة الأولى لـ (هيرودس)، فكان متزوجاً بامرأة من القدس تدعى (دوريس) أو سارة وأنجب منها ابنه (أنتيباتر)، وعندما قرر الزواج من (مريمان)، لم يكتف (هيرودس) بالطلاق من (دوريس) بل نفاها خارج المملكة!

وعندما أنجبت (مريمان) أبناءَه، قرر نفي (أنتيباتر) خارج القدس واللحاق بوالدته ولم يسمح لهما بالعودة إلى القدس حتى توفيت (مريمان) عام 14 قبل الميلاد، حيث عاد ابنه أولاً ثم تبعته والدته وبقيت لفترة وجيزة ثم نُفيت مرة أخرى بسبب المؤامرات التي نُسجت ضدها في القصر الملكي.

17. كانت حماة هيرودس امرأة متسلطة

صورة: Wikimedia Commons

كان لدى (هيرودس) سبباً وجيهاً للتخلص من أقربائه الحشمونيين، ففي عام 35 قبل الميلاد، بدأت حماته (ألكسندرا) بالتخطيط لاستبداله بابنها المراهق (أرسطوبولس) والاستعانة بابنتها (مريمان) لمساعدتها على إقناع (هيرودس) بتعيين أخيها البالغ من العمر 16 عاماً رئيساً للكهنة بدلاً من (هانانيل)، وهو الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين السكان، مما أثار قلق (هيرودس). وازداد قلقه عندما تواصلت (ألكسندرا) بـ (كليوباترا) و(مارك أنطوني) لتكسبهما إلى جانبها وجانب ابنها، وشعر أنه لابد من التصرف، لذلك أمر خادمه بأن يُغرق شقيق زوجته (أرسطوبولس) أثناء حفلة كانت تقام في أريحا.

16. انتقل هيرودس من دعم مارك أنطوني إلى دعم أوغسطس

تمثال نصفي لمارك أنطوني.

علم (هيرودس) أن (كليوباترا) كرهته ورغبت بفرض سيطرتها على أراضيه، لذلك عندما استدعاه (أنطوني) إلى مصر بعد مقتل (أرسطوبولس)، اعتقد أن حليفه سيغدر به ويقتله، ولكن (أنطوني) قد عفى عنه وبقي (هيرودس) مخلصاً له وسانده أثناء اندلاع الحرب الأهلية بين (أوغسطس) و(أنطوني) عام 31 قبل الميلاد.

لكن عندما أدرك أنه كان يقف بجانب الطرف الخاسر، التقى (أوغسطس) في جزيرة رودس وأخبره بأنه سيبدي له الولاء ذاته الذي كان يظهره لـ (أنطوني)، فحشد قواته لمساعدته في القضاء على (أنطوني) الذي انتحر قبل الهجوم. كان (أغسطس) رجلاً واقعياً وأدرك فائدة (هيرودس) كحليف له في الشرق وخاصة بعد قمعه لتمرد قام به الأنباط العرب ضده، لذلك في عام 30 قبل الميلاد، عزز مكانة (هيرودس) في يهوذا ومنحه أراضٍ جديدة.

15. بدأ هيرودس برنامج بناء مجمّع مدني لكسب محبة الشعب اليهودي

ما تبقى من مدينة قيسارية مارتيميا. صورة: Wikimedia Commons

في الفترة الفاصلة ما بين تخلص (هيرودس) من أقرباء زوجته الحشمونيين وبين الولاءات المتغيرة، قام (هيرودس) بتنفيذ مشروع بناء ضخم. ففي عام 31 قبل الميلاد، ضرب زلزال قوي يهوذا وتسبب بتدمير المباني وقتل الآلاف من السكان، لذلك قرر (هيرودس) إعادة بناء المباني التي هُدمت ولكن بطريقة أفضل على أمل كسب محبة شعبه، حيث بنى سوقاً جديداً ومسرحاً ومدرجاً وقاعة اجتماعات جديدة وقصر جديد خاص به، كما أعاد بناء معبد القدس بأسلوب فاخر عام 20 قبل الميلاد، ولن ننسى ميناء القيسارية الذي بناه على الأراضي الجديدة ضمها لمملكته بعدما تنازل (أوغسطس) عنها، ويعتبر هذا الميناء تحفة هندسية معمارية.

14. عزز هذا البرنامج الدفاعات العسكرية لهيرودس

منظر جوي يطل على قلعة مسعدة. صورة: Wikimedia Commons

قبل البدء ببرنامج البناء المدني، بدأ (هيرودس) تعزيز دفاعات يهوذا، فبنى التحصينات في القدس والأسوار حول المدينة الجديدة وقلعة جديدة لحراسة معبد القدس، أطلق عليها اسم قلعة «أنطونيا» نسبةً لحليفه السابق (مارك أنطوني)، كما بنى قلعة أخرى بالقرب من قلعة (أنطونيا) وأطلق عليها اسم قلعة مسعدة.

وافقت روما على تحصينات (هيرودس) هذه بعد أن أثبت أهميته وقدرته العالية على حماية المنطقة، وعلى الرغم من عدم اطمئنانها لكل هذه التحصينات، إلا أن (هيرودس) بقي وفياً لحلفائه الرومان.

13. على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها هيرودس إلا أن الشعب اليهودية كرهه

المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس. صورة: Wikimedia Commons

بالرغم من تحسينه للبنية التحتية في يهوذا، لكن اليهود كرهوا (هيرودس)، ولا يعود الدافع الرئيسي لكرههم لأصله غير اليهودي، وليس بسبب قتله معظم أفراد العائلة المالكة الحشمونية، بل السبب الرئيسي الذي يقف وراء هذا الكره هو الضرائب العالية بحسب ما ذكره المؤرخ اليهودي (يوسيفوس)، حيث بلغت قيمة الضرائب ما بين 8.6% و10.7%، كما سمح (هيرودس) باللجوء للعنف لضمان تحصيل الضرائب بشكل كامل.

لكن الأمر المثير للسخرية هو أن (هيرودس) قد رفع من قيمة الضرائب لكي يتسنى له تمويل عمليات البناء التي قام بها على أمل أن يكسب محبة الشعب.

12. لم يحظ هيرودس بشعبية كبيرة بين السنهدرين

لوحة بعنوان “حكم السنهدرين”. صورة: Wikimedia Commons

السنهدرين هي كلمة عبرية وتعني مجلس مشيخة، يضم هذا المجلس 71 حاخاماً يعملون جميعهم قضاة كهنة في يهوذا. كره السنهدرين (هيرودس) منذ أن كان حاكم الربع (الربع هو جزء من الإقليم الروماني)، أي قبل أن يستلم منصب الملك.

شكى المجلس تصرفات (هيرودس) الوحشية إلى (مارك أنطوني)، ولكن الأخير والرومان لم يأبهوا لهذه التصرفات، وازداد الوضع سوءاً عندما استلم (هيرودس) منصب الملك، فكان يقوم بتعيين كهنة من الرجال المتعاطفين معه، أي أن الرومان اعتمدوا على حسن نية (هيرودس) لإبقائه في منصبه، والأسوأ من هذا كله كان عندما حوّل بعض من صلاحيات السنهدرين إلى البلاط الملكي الذي كان يعج بالغرباء.

11. تراجعت شعبيته بشكل أكبر بعد أن أبدى اهتماماً بالثقافة اليونانية

عملات برونزية تعود لعصر هيرودس العظيم.

أبدى (هيرودس) اهتماماً بالفلسفة اليونانية والفكر الإغريقي منذ كان صغيراً، ويعود السبب في حبه للثقافة اليونانية إلى مدرسه الإغريقي (نيكولاس). وعندما كبر (هيرودس)، أصبح راعياً لمدينة أثينا كما كان الممول الرئيسي للألعاب الأولمبية في عام 12 قبل الميلاد، بالإضافة لتصميمه لميناء القيسارية. أما بالنسبة لعملته، فنُقشت عليها صورة للأسطورة اليونانية «هيرودو باسيليوس» إلى جانب موقد بخور موضوع على حامل ثلاثي الأرجل، محاولةٌ يائسة من طرف (هيرودس) لإعطاء صورة عن نظرته تجاه الممارسات اليهودية الأرثوذكسية. لكن حبه واهتمامه الكبير بالثقافة اليونانية لم يكن سوى دليلاً آخراً وقوياً على عدم انتماءه لليهودية من وجهة نظر شعبه.

10. كل هذا الكره والرفض أصاب هيرودس بجنون الارتياب

حارب المقاتلون الكلتيون إلى جانب هيرودس، وأصبحوا حراسه الشخصيين. صورة: Wikimedia Commons

أدت مؤامرات الكهنة وأقارب (هيرودس) وسخط الشعب إزاء حكمه إلى إصابة (هيرودس) بجنون الارتباك والخوف على منصبه كملك، حيث بدأ بتعيين أشخاص لا ينتمون للديانة اليهودية في عدة مناصب ومنها حراسُه الشخصيون، فامتلك أكثر من 2000 حارس من التراقيين والألمان وكتيبة من الكلتيين الذين كانوا يعملون تحت إمرة (كليوباترا)، ولكن توظيف هؤلاء الحراس لم يفده بشيء، إنما زاد كراهية الشعب له، لذلك أنشأ (هيرودس) قوة أمن سرية لقمع المؤامرات التي تحاك ضده.

9. قتل هيرودس زوجته مريمان بسبب جنون الارتياب

لوحة لويليام واترهاوس تصور مريمان الأولى تغاد عرش هيرودس. صورة: Wikimedia Commons

بعد اغتيال (هيرودس) لـ (أرسطوبولس)، استُدعي الأول للقدوم إلى مصر لشرح موقفه وفعلته هذه لـ (مارك أنطوني)، وعندما قرر الذهاب، ترك زوجته (مريمان) في رعاية عمه (يوسف) وأمره بقتلها في حال أعدمه (أنطوني). عندما رحل (هيرودس)، أخبرها (يوسيفوس) بوصية زوجها التي تسببت بحزن كبير لها، وازداد الأمر سوءاً بالنسبة لها عندما اتهمتها (سالومي) والدة (هيرودس) بممارسة الجنس والزنا مع (يوسف).

صدّق (هيرودس) شكوك والدته معتقداً أن عمه كان ليقتل (مريمان) لو لم يكن لديه رغبة جنسية تجاهها، لذلك أصدر (هيرودس) قراراً بإعدام عمه وعفى عن زوجته (مريمان)، ولكن على مر السنين، لم تكن الأمور جيدة بين (هيرودس) وزوجته وازدادت العداوة بينهما لدرجة أنه عندما اتهمتها والدته بالتخطيط لتسميم زوجها، صدّق (هيرودس) هذه الاتهامات، وفي عام 29 قبل الميلاد، أعدم (هيرودس) زوجته الحبيبة.

8. دفع جنون الارتياب بهيرودس إلى قتل أبنائه الثلاثة أيضاً

مريمان زوجة هيرودس وأولادها في طريقهم إلى الإعدام، بريشة إدوارد هبلي. صورة: Wikimedia Commons

ترعرع (ألكساندر) و(أريستوبولوس)، أبناء (هيرودس) و(مريمان)، في روما وعادا إلى يهوذا في عام 7 قبل الميلاد، وكانا يشعران بالاستياء من والدهما، ومن الواضح أن شعور والدهما تجاههما لم يكن مختلفاً أيضاً، وذلك بسبب محبة الناس للولدين وأصولهما الحشمونية التي أعطتهما الحق والقوة للمطالبة بالعرش. بحلول هذا الوقت، استُدعي (أنتيباتر) الابن الأكبر لـ (هيرودس) من المنفى وبدأ بالعمل والتآمر ضد شقيقيه، وأقنع والده أنهما يخططان لقتله، لذلك في عام 7 قبل الميلاد، عيّن أشخاصاً لخنقهما في سيباست، وهو المكان الذي تزوج فيه (هيرودس) من والدتهما.

7. قد يكون هيرودس المسؤول عن مقتل أبنائه، لكنه ربما ليس مسؤولاً عن مذبحة الأبرياء كما يدعي الإنجيل

“مذبحة الأبرياء” بريشة لورنز تشرش. صورة: Wikimedia Commons

أفظع جريمة ارتكبها (هيرودس) هي مذبحة الأبرياء في بيت لحم، فعندما سمع (هيرودس) بولادة منافسه الذي أُطلق عليه اسم ”ملك اليهود“ أُصيب (هيرودس) بالذعر والارتياب لذلك أمر جنوده بقتل جميع الأطفال لذكور الذين تقل أعمارهم عن السنتين، ولكن بعض الأدلة تشير إلا أن هذه المذبحة لم تحصل أبداً.

فمن بين الأناجيل الأربعة التي تؤرخ حياة السيد المسيح، لم يذكر هذه الحادثة سوى القديس (متى)، ففي الواقع مات (هيرودس) قبل أربع سنوات من ولادة المسيح، فحتى ولو وُلد المسيح في السنة الأخيرة من حكم (هيرودس) كما يعتقد بعض المؤرخين، فإن معظمهم يعتقد أن القديس (متى) قد استخدم سمعة (هيرودس) القاتلة لخلق هذه القصة التي تؤكد على أهمية ولادة السيد المسيح.

6. تزوج هيرودس عشر مرات

لوحة بعنوان “مذبحة الأبرياء” تصور الملك هيرودس (على اليسار). صورة: Buyenlarge/Getty Images

بعد (مريمان) و(دورس)، تزوج (هيرودس) عشر مرات وخلّف الكثير من الأبناء للتعويض عن الذين قتلهم، فقد كان عام 26 قبل الميلاد حافلاً بالزيجات، فتزوج من امرأة سامارية تدعى (مالثاس) وأخرى من القدس تدعى (كليوباترا)، وفي عام 16 قبل الميلاد تزوج ثلاث نساء وهن (بالاس) و(فيدرا) و(إلبس) اللواتي أنجبن الفتيات فقط.

وبعد وفاة (مريمان) بفترة قصيرة، تزوج (هيرودس) من امرأة أخرى تدعى (مريمان) أيضاً ابنة الكاهن (سيمون) وأنجب منها صبياً قبل أن يطلقها في عام 6 قبل الميلاد، ومن بين جميع أبناء (مالثاس) و(كليوباترا) لم يتمكن سوى ثلاثة أبناء من النجاة من والدهم، وهم (أنتيباس) و(أرشيلاوس) و(فيليب) وورثوا مملكته من بعده.

5. مات هيرودس بطريقة مروعة

ضريح هيرودس العظيم.

في عام 4 قبل الميلاد أُصيب (هيرودس) الذي كان يبلغ الـ 69 من عمره بمرض مؤلم للغاية لدرجة أنه حاول الانتحار هرباً من شدة الألم، حيث كان لحم الملك مليئاً بالديدان التي سببت له حكة قاتلة وألماً وتشنجاً في الأمعاء، كما انتشرت الغرغرينا في أعضاءه التناسلية، حيث يعتقد الخبراء أن (هيرودس) كان يعاني من عدة أمراض في وقت واحد، ومن بينها مرض الكلى والغرغرينا التي انتشرت في أعضاءه التناسلية وفي أمعائه والتهاب في المسالك البولية الذي انتشر في فخذه أيضاً، كما يُعتقد أنه كان مصاب بالسيلان.

4. أمر هيرودس أخته باغتيال منافسه بعد وفاته

لوحة لـ غيسيبي أرسيمبولدو تصور رأس هيرودس. صورة: Wikimedia Commons

افترض الناس أن موت (هيرودس) سيضع حداً لشره وإجرامه، ولكن في الوقت الذي كان (هيرودس) ينازع الموت، كان يخطط لجريمته الأخيرة، حيث أوصى أخته (سالومي) بأن تصدر قراراً في حال فارق الحياة يقضي بإعدام مجموعة من الشخصيات البارزة والشعبية، كان (هيرودس) متأكداً أن لا أحد سيحزن على وفاته، ولذلك اختار الأشخاص الذين سيسبب موتهم موجة حزن كبيرة في صفوف الشعب، وبالتالي ستشهد المملكة مآتم كثيرة بمناسبة موته. لكن لم تتحقق رغبته الأخيرة، فلم يمت أحدٌ من الرجال ولم يشعر الشعب بالحزن على وفاة ملكهم.

3. اندلعت الاضطرابات المدنية وانقسمت مملكة هيرودس

لوحة تصور الأميرة سالومي، ابنة الملك هيرودس الثاني، وهي تظهر رأس القديس يوحنا المعمدان لهيرودس العظيم. صورة: Wikimedia Commons

على الرغم من أن المملكة لم تدخل بفترة حداد على موت ملكها (هيرودس)، إلا أن الاضطرابات قد اندلعت في المدينة، فخلال أيام (هيرودس) الأخيرة، حرّض المعلمان (يهوذا) و(متياس) مجموعة من الطلاب بإزالة النسور الذهبية التي وضعها (هيرودس) على مدخل معبد القدس، قائلين أنها أصنام زائفة. وبمجرد القبض على هؤلاء الطلاب والمعلمين، تم حرقهم وهم أحياء.

بعد موت (هيرودس)، فرض (أوغسطس) سيطرته على المملكة وقسم الأراضي بين أبناء (هيرودس) الثلاثة، حيث سلم (هيرودس أنتيباس) حكم الجليل والضفة الشرقية للأردن، وأصبح (فيليب) حاكم مرتفعات الجولان، أما (أرشيلاوس) فقد أصبح حاكم السامرة ويهودا.

2. دُفن هيرودس في هيروديون، واكتُشف قبره عام 2007 ولكن جثته لم تكن في الداخل!

مقبرة هيرودس.

وصف المؤرخ (يوسيفوس) جنازة (هيرودس) وكيف حُمل نعشه على مسافة تزيد عن 320 كيلومتر من القدس إلى هيروديوم، فقد كانت وصية الملك المتوفي أن يُدفن بجوار بركة اسمها بركة الثعبان، حيث استولى البناؤون على حدائق خاصة وتم بناء المقبرة في منتصف التل

في عام 2007، تمكن علماء الآثار من تحديد مكان القبر معتمدين على توصيفات المؤرخ (يوسيفوس)، وعندما بدؤوا عمليات التنقيب، عثروا على تابوت (هيرودس)، لكن عند فتحه لم يعثروا على جثة (هيرودس) بداخله.

1. عُثر على بذور نخيل في قصره في مسعدة

شجرة نخيل متوشلخ (جد نوح وفقاً للعهد القديم) في كيبتوتس كيتورا. صورة: Wikimedia Commons

بدأ علماء الآثار في عام 1963 عمليات الحفر والتنقيب في قصر (هيرودس) في مسعدة حيث عثروا على مخزن للبذور، واتضح لهم أنها بذور لنوع من النخيل الذي انقرض منذ ألف عام. وفي عام 2005، زُرعت إحدى هذه البذور ونبتت شجرة نخيل أُطلق عليها اسم (متوشلخ) بسبب عمرها الكبير، نسبة إلى متوشلخ جد نوح، ولكن هذه الشجرة كانت لم تكن قادرة على إنتاج الفاكهة فكان مصيرها الموت. وفي عام 2015، تمت زراعة المزيد من البذور التي تبين لاحقاً أنها قادرة على إنتاج الفاكهة، وبالتالي من الممكن أن تدوم للأبد.

قد تكون سمعة وحياة الملك (هيرودس) مليئة بالموت والمذابح، لكن على الأقل، هناك جزء واحد من إرثه يرمز للحياة والاستمرار.

مقالات إعلانية