in

العرب.. وكلاء الله على الأرض

”وكلاء الله على الأرض“.. ”الأنبياء الطاهرون“.. ”المعصومون عن الخطيئة“.. ”آلهة الرحمة“.. عبارات بسيطة تلخص موقع وموضع العرب على هذا الكوكب بعد أن نصب أغلبهم أنفسهم وكلاء لله علينا جميعا، وتربعوا على عروش إنسانيةٍ مزيفة رسموها على مقاييسهم، وتمّلكوا البطاقة الحمراء التي تخولهم اختيار من سيذهب إلى الجنة ومن سيذهب إلى النار، من سيرحمه الله ومن سيلعنه ويعذبه في الدنيا والآخرة.

يمتاز أغلبهم بتميزهم الفكري الأصيل الناتج عن توارثهم لتقاليد وعادات وأفكار تربى عليها أجداد اجدادهم الأقدمون منذ بدء الكون، واعتقادهم أنها الصحيحة فقط، وويلك إن تجرأت واختلفت عنهم بشيء فمصيرك جهنم وبئس المصير.

أكتب اليوم لانقل قضايا سارة حجازي وسهر نضال أحمد أو نورهان حمود… كما قضايا كثيرون غيرهن من شابات وشبان تمردوا على مجتمعهم وتكلموا، ولكنهم رحلوا… أناس انتقلوا من هذه الحياة سواء منتحرين كانوا أو مثليين أو ملحدين، فقضاياهم تستفز شعبا لا يعرف ولا يريد ويخاف تقبل غيره.. شعب يحكم عليك بالموت لمجرد تجرؤك في تعبيرك عن اختلافك عنهم.

بالتهديد والوعيد، بالقتل والترهيب، بالنبذ والاحتقار، بالتحرش والاغتصاب، بالقمع وكم الأفواه، بالسباب والشتائم.. يأتونك.

سيقال عنك كافر، بل كافر هي تلطيف لكلامهم وعباراتهم الجميلة، ستتعرض لأبشع أنواع التنمر والكراهية.. ستنبذ.. ستقتل.. سيهدر دمك باسم التقاليد والعادات والأفكار البالية، وحينها سيطلقون الرصاصة الاخيرة عليك حين يدفعونك للانتحار، ولن يكتفوا بذلك عند موتك، فسيرقصون فوق قبرك وسيحتفلون وسيضحكون وسيلومونك ويسخرون ويسخفون معاناتك، ويحرّمون الرحمة عليك، والمختلف عنهم سيخاف من ردات فعلهم وسيحاول إخفاء أفكاره وميوله وكل ما يخصه، خشية تعرضه للأذى وسيكذب على نفسه ويقنعها أنه هو الخطأ وهم الصح.

حبذا لو يعلم هؤلاء الوكلاء أن لا ضير بالاختلاف وتقبل الآخر، وأن الرحمة التي يدّعونها دفعت وستدفع الكثير من المختلفين عنهم للانتحار والاكتئاب والكثير من الأمراض النفسية. وكما أنهت سارة رسالة انتحارها: ”إلى العالم كنت قاسيا إلى حد عظيم.. ولكني أسامحك“.

إلى كل من يعاني أقول له: ”قليلون من استطاعوا النجاة من براثنهم ومخالبهم، ولكنك لست وحدك الآن، حياتك ملكك ولن تكون ملكهم يوما، هذا العالم بحاجة إليك، نحن بحاجة اليك، اختلافك ليس بخطيئة ولا جريمة، تكلم واطلب المساعدة أرجوك!“

وإلى من تعبوا وغادرونا أقول لهم: ”سامحونا، لروحكم السلام دائما“.

الرقم الساخن للانتحار: ١٥٦٤

مقالات إعلانية