in

نظرية فرويد الشهيرة لتطور الشخصية والانتقادات الموجهة ضدها

نظرية فرويد الشهيرة لتطور الشخصية

يعد فرويد من أشهر مفكري القرن التاسع عشر. طور نظريته المشهورة المثيرة للجدل، والعديد من النظريات في علم النفس حول تطور الشخصية والصحة النفسية. والحق يقال؛ فقد غير فرويد الطريقة التي ننظر بها لأنفسنا وللعالم.

إلى يومنا هذا، مازال الكثيرون يقتبسون أقواله وينتمون إلى مدرسته الفلسفية والفكرية.

تطرح نظرية فرويد عدة افتراضات:

  • السلوك هو نتيجة لصراع داخلي، بين دوافع اللاوعي (الأقوى تأثيرا)، والرغبات والحاجات.
  • السلوك يعكس بطريقة خفية دوافعنا الداخلية.
  • نفس السلوك يكون نتيجة لدوافع مختلفة، تختلف باختلاف الأوقات. وتختلف من شخص لآخر.
  • قد يكون الناس مدركين للدوافع الداخلية التي تقودهم، ولكن غالبا لا يدركون.
  • يحكم السلوك مقدار الطاقة التي يمتلكها الفرد، مع مقدار ثابت نسبيا من الطاقة المتاحة في وقت ما.
  • الهدف من أي سلوك هو الرضى (التخفيف من التوتر أو تحرير طاقة أو المتعة بحد ذاتها).
  • الغرائز الجنسية والعدوانية هي المحركات الرئيسية للبشر.
  • التعبير عن هذه الدوافع سيؤدي إلى صراع مع متطلبات المجتمع، وبالتالي للحصول على الارتياح الذي يقدمه التعبير عن تلك الدوافع لابد من البحث عن طرق أخرى للتعبير عنها.
  • من أهم الغرائز أيضا لدى الإنسان، غريزتي البقاء (ايروس) والموت (ثاناتوس).
  • السعادة تكمن في العلاقات الإنسانية الناجحة، والنجاح في العمل.

يقول فرويد أن للإدراك ثلاث مستويات:

  1. الوعي (يمثل ما نحن مدركون له).
  2. ما قبل الوعي (ما يمكن إدراكه لو اجتهدنا لذلك).
  3. اللاوعي (ما لا يمكننا إدراكه إلا تحت ظروف معينة)، مثلا من خلال المعالجة النفسية التي تهدف إلى السبر في أعماق اللاوعي وإدراكه.

أكد فرويد أن للشخصية هيكل معين، ويساهم في بنائها العوامل الثلاثة التي سبق ذكرها. حيث يشكل اللاوعي الهوية والأساس البيولوجي للشخصية، بينما الوعي (الذي يتكون خلال السنة الأولى من عمر الطفل) يشكل الأساس النفسي للشخصية. وهناك ما يسمى بالأنا العليا (التي تتكون خلال السنة الثالثة وحتى الخامسة من عمر الطفل) تشكل الأساس الاجتماعي والأخلاقي للشخصية.

يقول فرويد أيضا بأن النمو النفسي لدى الطفل يجري من خلال مراحل ثابتة، وسماها بالمرحل النفسية-الجنسية، لأن الغرائز تتركز في منطقة مختلفة من الجسم في كل مرحلة. ومن خلال نمو الإنسان جسديا، ستصبح مناطق معينة من جسمه مصدر للإحباط (وبالتالي للشهوة الجنسية) أو المتعة، أو كليهما.

تتكون نظرية فرويد من أربع مراحل نفسية-جنسية وهي: فموي، شرجي، وذري، وتناسلي. يضاف إليها مرحلة الكمون في فترة الطفولة. على أساسها تفترض النظرية أن أي مشكلة في الانتقال الصحيح من مرحلة إلى أخرى يحفر أثره عميقا في شخصية الفرد البالغ. بينما إذا استطاع الشخص أن يعبر المرحلة من دون أية صعوبات أو مشاكل فلن تترك أثرا يذكر على شخصيته كبالغ.

المرحلة الأولى (الفموية):

تمتد من الولادة وحتى عمر سنة. هي مرحلة الرضاعة، واستخدام الفم والشفاه واللسان (التي تشكل منطقة مهمة للإثارة الجنسية في حياة البالغ). في هذه المرحلة ايضا يفطم الطفل عن السوائل (الحليب) ويختبر الصلب من الطعام. ويبدأ العض عند ظهور الأسنان. ويضع كل ما يعترض طريقه في فمه، وكأنه يكتشف العالم من خلال فمه.

الأطفال الذين يتعرضون لمشاكل في هذه الفترة يصبحون فمويين كبالغين، إما أنهم فطموا مبكرا أو متأخرا، فتعرضوا للحرمان أو التساهل.

النشاطات الفموية التي يستخدمها البالغ، وتكون ظاهرة لدى البالغ الفموي هي: الأكل، الشرب، التقبيل، الكلام، التدخين، المضغ. وتتجلى اضطرابات هذه المرحلة من خلال التناقضات. التفاؤل أو التشاؤم. ساذج أو شكاك. شاكر أو حسود.

بناءا على ما سبق، البالغ الفموي المتشائم سيستخدم النشاطات الفموية كعقاب. التي تتجلى حتى من خلال المهنة التي يختارونها مستقبلا، فبعضهم يميل إلى المحاماة أو طب الأسنان. قد يدمنون الطعام أو الشراب أو يحرمون أنفسهم منه. وهم غالبا ذو طابع تهكمي. قد يميلون إلى استخدام الألفاظ اللغوية الدقيقة. سيقضمون أظافرهم أو يمضغون أقلامهم. قد يصبحون نباتيين. وغالبا دراكولا من أفامهم المفضلة.

عض الاظافر

بينما البالغ الفموي المتفائل، قد يصبح خبير في الطعام أو الحلويات، وذو حس فكاهي. غالبا سيكونون مدخنين. ويحبون الطعام الدافئ.

وهكذا نجد أن البالغ الفموي، سواء كان متشائما أم متفائلا، تتجلى مشاكلهم المتعلقة بالمرحلة الفموية في حياتهم كبالغين ولكن بأساليب مختلفة.

المرحلة الثانية (الشرجية):

من عمر السنة وحتى 3 سنوات؛ المرحلة التي يتم فيها تدريب الطفل على استخدام المرحاض والسيطرة على المصرات. في هذه المرحلة يكتشف الطفل معنى السيطرة، وقدرته على إرضاء والديه من خلال السيطرة على مصراته. ويختبر متعة حقيقية. حيث يبدأ الطفل بإدراك أنه شخص ولديه رغباته التي قد لا تتوافق مع المجتمع (الذي يتجلى بالمحيطين به)، وضرورة إخضاع هذه الرغبات للسيطرة، وحيثية الصراع بين ما يريده وما يريده الآخرون منه. يختبر أيضا معنى القوانين من خلال القيود الجديدة التي يفرضها ولديه عليه.

نتيجة هذا الصراع تتحدد علاقة الطفل المستقبلية مع السلطة في كافة أشكالها. التدريب القاسي للطفل في عمر مبكر سيخلق في نفسيته كره الفوضى وحب الانضباط والاحترام الشديد للسلطة. هذا يعود للمتعة في السيطرة. قد يصبح أيضا بخيل أو عنيد نتيجة لتمسكه الشديد سواء بأفكاره أو بأمواله. قد يصل به الحال إلى السادية أو العدائية.

على عكس أولائك الذين يرخي الأهل عليهم القيود أثناء تدريبهم، حيث يكونون كريمين، غير مرتبين، فوضويين.

المهن التي يميل إليها الشرجيون هي المكتبيون والمتحكمون والمصرفيون. وترتبط الإثارة الجنسية بالتصرفات الشرجية.

المرحلة الثالثة (الوذرية):

تمتد من عمر 3 سنوات حتى 5 سنوات. تتركز المتعة الآن في منطقة أخرى وهي المنطقة التناساية، ويعي الطفل للفروق الجسدية بين الجنسين.

في هذه المرحلة تتشكل عقدة أوديب (لدى الذكر) وعقدة الكترا (لدى الأنثى). وتنحل هذه العقد من خلال قيام الطفل بتحديد هويته وتبني صفات الأب (لدى الذكر) والأم (لدى الأنثى).

يؤمن فرويد أن هذه المرحلة هي المساهمة بتشكل الأمراض النفسية (كالقلق والإكتئاب والهوس..). أصحاب هذه المرحلة يصبحون طائشين ومتهورين عند البلوغ أو النقيض تماما. وبالتالي مشاكل هذه المرحلة ستؤدي إلى الاختلاط الشديد مع الجنس الآخر أو العفة عنهم. الوذرين غالبا لديهم مشاكل مع الماضي.

الصفات النفسية لهذه المرحلة هي الفخر أو الشك. الجرأة أو المحدودية.

المرحلة الرابعة (مرحلة الكمون):

تمتد من عمر الـ5 سنوات وحتى البلوغ. لا تحدث تطورات نفسية-جنسية في هذه المرحلة، فهي مرحلة الهدوء أو الكمون. فالرغبة الجنسية نائمة في هذه المرحلة. حيث يعتقد فرويد بأن معظم الدوافع الجنسية في هذه المرحلة يتم قمعها وتوجهيها نحو نشاطات مختلفة (كآلية دفاعية). من هذه النشاطات: المدرسة والهوايات وتشكيل الصداقات.

المرحلة الخامسة (المرحلة التناسلية):

نظرية فرويد الشهيرة لتطور الشخصية

تمتد هذه المرحلة من البلوغ وحتى النضوج. وهي آخر المراحل حسب نظرية فرويد. وهي المرحلة التي يبدأ فيها فضول المراهقين تجاه الجنس، حيث يتم توجيه الغريزة الجنسية تجاه الجنس الآخر بدلا من توجيهها تجاه نفسه كما يحصل في المرحلة الوذرية.

المرور بنجاح في فترة المراهقة، يجعل الإنسان أكثر قدرة على دخول علاقة ناجحة وملتزمة بشريك في العشرينات من عمره.

بعد أن طرحنا نظرية فرويد. سنطرح أيضا الانتقادات الموجهة لها:

1. التركيز الضيق:

ركز فرويد من خلال نظريته على الفرد، من دون الإطراق إلى تأثير البيئة والمجتمع والثقافة. وركز على السلوك المرضي متجاهلا دراسة ما يسمى بالسلوك الطبيعي. واعتبرت نظرته قاصرة لتركيز نظريته على العامل الجنسي فقط متناسيا العوامل الأخرى التي تساهم في بناء نفسية الفرد.

2. لا يوجد أساس علمي:

العديد من العلماء اعترض على أن نظرية فرويد غير مدعومة بنتائج بحثية وعلمية، ففي الحقيقة؛ بعد أن بدأ علماء النفس بإعادة دراسة الكثير من أفكاره، توصلوا إلى عدم صحة بعضها علميا، وعدم إمكانية إثباتها أو دحضها من خلال التجربة لتصبح مجرد فرضيات.

3. كره النساء:

انتقدت الحركات النسوية، بالإضافة للنقاد الحديثين، كثيرا من نظريات فرويد. حيث اعتبروها مناهضة للمرأة وذو سيطرة ذكورية. وربما يعود ذلك للفترة التي عاش فيها فرويد، فدور المرأة في المجتمع لم يبدأ بالظهور حتى بدايات القرن العشرين.

مقالات إعلانية