in

المساكنة (مشاركة السكن دون عقد زواج)… واقع مرفوض جدا في العالم العربي

المساكنة

يعلم الكثير منّا ما يعنيه مصطلح ”المساكنة“ أو على الأقل قد سمع به من قبل، ومن يشاهد الأفلام الغربية بكثرة بالتأكيد قد لاحظ وجود شخصين يتشاركان السكن دون عقد زواج رسمين، ولكن ربما لم يكن يعلم أن هذا الأمر في الواقع يسمى ”مساكنة“، وبالطبع إذا تابعت قراءة هذا المقال ستتعرف على الأمر بشكل أفضل.

مفهوم المساكنة:

هي أن يعيش فردان حياة زوجية كاملة دون عقد زواج رسمي إنما باتفاقية بين الفردين المتساكنين، وتعتمد غالباً على اشتراك الفردين في المعيشة، أي كلاهما ينفق على المنزل بشكل متساوي أو حسب ما تنص عليه الإتفاقية، وتترجم حرفياً إلى ”التعايش“ أو ”المعاشرة“ (cohabitation).

كان المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية الأمريكي قد أعلن أن الأشخاص الذين تزوجوا ما بين عامي 1990 و1994 قد خاضوا هذه التجربة من قبل، وأن الشباب في الوقت الحاضر قد يقضون فترة مساكنة قبل الزواج أكثر من ذي قبل، وهذه الإحصائية تشمل المغايريين والمثليين جنسياً على حد سواء.

إتفاقية المساكنة أو التعايش:

إتفاقية المساكنة هي عقد بين شريكين يعيشان معاً، وهي مماثلة لاتفاقيات ما قبل الزواج، لأنها يمكن أن تعالج القضايا المالية بين الشريكين، وعلى الرغم من كونها لا تضمن لك نفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها المتزوجون إلا أنها قد تملأ هذا الفراغ إذا التزم الطرفان بالاتفاقية.

ينبغي أن تشمل اتفاقية التعايش الشامل بنوداً مالية هامة مثل المدخرات والحسابات الجارية، والأرباح، والرهون العقارية أو عقود الإيجار، وكيف سيتم تقسيم جميع الأصول والممتلكات الشخصية إذا انفصل الشريكان.

إيجابيات المساكنة:

– تتيح فترة المساكنة التعرف على الشريك الذي قد ترتبط به مستقبلاً عن قرب، كما تتيح لك اختبار ما إذا كان انجذابك لهذا الشريك عاطفيا وفكريا، أم إنجذابا جسديا فقط (الإنجذاب الجسدي يزول سريعاً).

– قد تشعر بالراحة مادياً أكثر من كونك مستقلاً تدير منزلك لوحدك.

– غالباً ما تتضمن فترة المساكنة علاقات جنسية دون متطلبات وقواعد، وإذا أردت الانفصال يمكنك ذلك دون المرور بتلك الإجراءات الطويلة للطلاق.

سلبيات المساكنة:

– قد تكون هذه التجربة مجهدة بالنسبة للشريكين.

– تتزوج نسبة أقل من 60% من المتساكنين بعد قضاء فترة من المساكنة.

– يجني المتساكنون مالاً أقل من أولئك المتزوجين (غالباً لصغر سنهم أو عدم توفر مصادر كافية للدخل).

حقائق عن المساكنة:

– ليس بالضرورة أن يكون الثنائي المتساكن على علاقة عاطفية، لكن قد تربطهما علاقة عاطفية فيما بعد أو قد لا يحدث ذلك.

– ليس بالضرورة أن تحدث علاقة جنسية كاملة، وغالباً ما يتفق المتساكنون على عدم الإنجاب.

– إذا كان من المخطط أن يتزوج الشريكان بعد قضاء فترة من المساكنة فقد تقل احتمالية انفصالهما قبل الزواج.

– في الولايات المتحدة، يكون الأزواج المتساكنون الذين يتلقون دورات تعليمية أو استشارات أقل عرضة للإنفصال.

– قد يعيش بعض الشركاء معاً دون اتفاقية مساكنة.

– يعيش الشريكان المتساكنان حياة أكثر سعادة.

الشريكين المتساكنين غالباً ما يعيشان حياة سعيدة مقارنة بالمتزوجين في بعض الجوانب
الشريكين المتساكنين غالباً ما يعيشان حياة سعيدة مقارنة بالمتزوجين في بعض الجوانب

أكّد بحث نُشر عام 2012 في مجلة Marriage and Family أن الشريكين المتساكنين غالباً ما يعيشان حياة سعيدة مقارنة بالمتزوجين في بعض الجوانب مثل الصحة والراحة النفسية والروابط الإجتماعية.

أُعِّد البحث بواسطة أساتذة في جامعة (كورنيل) وجامعة (ويسكونسن) ووصف فترة المساكنة بأنها كفترة شهر العسل التي تلي الزواج مباشرة -نسبة سعادة أكبر وكآبة أقل لكن لفترة محدودة- وقالت كيلي ميوسك (أستاذة مشاركة في تحليل السياسات وإدارتها في جامعة كورنيل) أن الزواج كان أمراً مهماً لفترة طويلة، ولكن الآن أصبحت المساكنة أمراً شائعاً أو بديلاً للزواج في المجتمعات الغربية.

واقع مرفوض في العالم العربي:

تحافظ العلاقات العاطفية في المجتمعات العربية على سريتها وذلك لأسباب عديدة ومعروفة بالنسبة للكل، أما المساكنة فهي أمر مرفوض تماماً من قبل غالبية العرب، لذلك لا يوجد قانون يحفظ حقوق المتساكنين، بل على العكس توجد قوانين تجرمها وتعتبرها ”زنا“ على الرغم من كونها حرية شخصية لفردين بالغين يعيان بمصلاحهما، وليس على الدولة إلا أن تحفظ حقوقهما.

‏من غير العادل أن تحكم بالحلال والحرام والعيب مجتمعاً، لأن ما تراه حلالاً في نظر غيرك عيب أو حرام، ‏لذلك لا يمكن أن يكون ”كتاب الرئيس المقدس“ منهاج لدولة ما، فليس من العدل أن تحكم على المسلم والمسيحي والبوذي والدرزي والملحد بنفس الحكم، علماً بأن رأي الشعب لا يؤثر على طريقة الحكم، فكل ما يحدث من تجريم وتحريم ليس إلا ممارسات دولة لا علاقة لها برأي المجتمع، كما أن استخدام الدين في الحكم يكون لإسكات المحكوم ليس إلا.

ربما تجد ما كتبته سابقاً لا علاقة له بموضوع المقال لكني أرى علاقة كبيرة بينهما، فكون القانون لا يحمي شخصا ما لأن تفاسير مختلفة للدين تقول أن هذا الشخص يقوم بشيء غير مقبول دينيا هو بحد ذاته تعدي على حريات أساسية لأشخاص آخرين، فاستخدامك لدينك (وطائفة معينة من هذا الدين) للحكم لن تدخلك الجنة التي ظلمت أفراداً من مجتمعك لأجلها.

مقالات إعلانية