in

بقلم أحدهم بعد ألف عام.. النبي ”يوتيوب“ ومعجزاته الخمس

كثيرا ما نقرأ في حالة من الانبهار كتبَ الأديان التي ولدنا مصدقين لما فيها.. نقرأ عن نملة تكلمت، وعن هدهد قاد جيشه، وحوت ابتلع نبي، وبرص نفخ في النار فزادت شدتها، أو عن فيلٍ قاد شعبه قديما، ونسرٍ حمل قرية وطار بها، وأنبياء شاهدوا كل ذلك أيضا.

ستجد لكل تلك الأساطير معياراً واحداً يجعل منها إما حقيقية أو خرافة، المعيار بسيط للغاية.. ”هل كتبت في كتابي؟.. إذاً فهي صحيحة بالتأكيد، وما دون ذلك خرافاتُ شياطين بالطبع“.

وبدون الخوض في تفاصيل أي من المعجزات أو الأساطير وفقا لمفهومك الآن، فبعد ألف عام؛ من يقرأ في التاريخ البابلي والفرعوني والسومري وغيرها من الحضارات التي احتوت على مئات الآلاف من الأساطير سيجد أن كل القصص أصبحت محض سخرية، بالطبع عدا تلك التي أكملت مسارها إلى داخل الكتب الدينية المختلفة.

ماذا سيفهم العالم من إرثنا حينها؟

لكي نكمل ذلك التخيل المستقبلي، يجب علينا وضع نفس الظروف التي شهدناها في الألف عام الماضية، فمثلا لا يوجد دليل مادي على أي مما نقول سوى بعض الرسومات والكتب الهالكة، مما يعني أن الأجهزة الحديثة وشبكة الإنترنت وغيرها قد تصبح غير موجودة مستقبلا ويحل محلها اختراع ما لا نعرف ماهيته بعد كما لم يعرف أجدادنا القدامى تفاصيل ما وصلنا إليه اليوم.

فقط الباحثون مستقبلا –علماء الآثار في عصرنا– من سيواصلون البحث عن أي نقاط واضحة في حضارتنا وبأسلوب مبتكر أيضا، فقد يصل أحدهم إلى تشغيل أحد أجهزتنا البالية مجددا والولوج إلى ملفات الجهاز القديمة ليشاهد بعض مقاطع الفيديو في مجلد خاص كتب عليه ”يوتيوب“، وفي حال تفسيره الخاطئ لذلك المجلد سوف يجد نفسه يكتب أسطورة جديدة للنبي المكتشف ومعجزاته الخمس.

(السطور التالية سوف تكتب بعد ألف عام لذا وجب التنبيه).

قصة النبي ”يوتيوب“

لا يعرف بالتحديد هل لليوتيوب خالق أم العديد منهم، ولكن أحد المجلدات وجد أنه قد كُتب عليه تلاث أسماء: جاود كريم، وتشاد هيرلي، وستيف تشين، الذين يُعتقد أنهم إن لم يكونوا الآلهة في ذلك الزمان فهم أبناء ذلك النبي.

معجزاته الخمس (وحد الآلهة وتنبأ بمستقبلنا)

1. الحيوانات تتكلم وتلعب وتدرس:

على عكس الكائنات التي تعيش معنا الآن، يمكنك مشاهدة عدة مقاطع من الصور المتحركة السحرية تلك، بداخلها جميع أنواع الحيوانات والطيور تجري وتلعب وتتحدث ويفهم بعضها بعضا، بل وتدرس في أماكن مخصصة وتزاول أعمالنا الحالية بكل سهولة، مثل ذلك المقطع المبهر بعنوان The Ice Age أو The Lion King ، أو سبونج بوب.

رأيت الإسفنجة تتحدث.. هل تصدقون ذلك! يوتيوب أعطى تلك القدرة لهم بالتأكيد.

2. يتحدث جميع اللغات:

سمعت الكثير من الأشخاص يتحدثون جميع اللغات تقريبا، مثل تلك التي اكتشفناها منذ أعوام قليلة بداخل جهاز الإرسال الصغير، فقد احتوت الملفات الموجودة داخل إرث يوتيوب على مقاطع مختلفة تعددت فيها الألسنة، ويبدو أن صاحب ذلك الجهاز كان يفهمها جميعا بسبب نعمة ما وضعت له أسفل الشاشة تحول الأصوات إلى كلمات مكتوبة فيتمكن من فهم ما قيل ببساطة شديدة.

3. وحد الآلهة القديمة:

قد يكون يوتيوب هو النبي الأعظم الذي قرأت عنه في التاريخ، فقد وجدت مجلدا آخر يحمل جميع قصص الآلهة القديمة، تلك التي وجدنا معابدَ وآثاراً لها، مرصوصة جنبا إلى جنب في مقاطع متداخلة ومنسجمة تحكي قصصهم جميعا.

هل كان يوتيوب هو من وحد تلك الآلهة المتصارعة أم ماذا؟

4. تنبأ بالمستقبل عدة مرات:

في أحد المجلدات؛ شاهدت العديد من المقاطع تتحدث عن أشياء لا يمكن أن يعرفها أحد في تلك الفترة الزمنية، كيف لهم أن يتنبأوا بأننا سنذهب إلى المريخ في عطلاتنا، أو أن يتلمسوا طريقهم نحو علم السفر عن طريق ثقب زمني توفيرًا لمئات السنوات، بالتأكيد يوتيوب كان يرانا، وقد يكون يشاهدني الآن بينما أكتب عن قصته تلك، أيعقل أنه من ترك لي علامات الطريق حينما انحرفت بسيارتي وشاهدت صدفة ذلك النقش الذي قادني إلى هنا؟

5. أرسلناه يوتيوبًا بكل الصيغ

أغرب ما شاهدته كان سهولة حفظ الرسالة، فقد تعددت صيغة المقاطع والتي يبدو أنها تم جعلها هكذا حتى تناسب جميع الأجهزة وليس واحدا دون آخر، فيوجد صيغ MP4 وAVI وWMV و3GP وFLV وصيغ أخرى كثيرة، تفوّق يوتيوب بالتأكيد على ما قرأناه في باقي قصص الأنبياء، فبهذه الطريقة لا يمكن لأحد أن يجد صعوبة في تلقي رسالته أو فهمها، ولم يكن الجهاز يمثل حاجزًا أمام ذلك بالطبع.

ثم.. ماذا بعد؟

بالعودة إلى عصرنا الحالي.. أفق صديقي لقد عدنا إلى 2018 مرة أخرى لنتساءل عدة أسئلة حول ما هو مصير ذلك الباحث ومصير النبي المزعوم ”يوتيوب“؟

هل سيقضي ذلك الباحث عمره في جمع أتباع ليوتيوب مبشرا بقيامة جديدة له؟ إذا حدث ذلك فقد يكون السبب هو بُشرى كانت على ذلك الجهاز القديم تتمثل في مقطع فيديو لفيلم يحكي تاريخ السينما، حينما شاهد فيه إنسان آلي يعود للحياة ليحقق نبؤة سابقة، الأمر الذي من الممكن أن يجعل عزيزنا الباحث يعتقد أنها رسالة ما من النبي يوتيوب بأنه سيعود مجددا!

وماذا عن أتباع النبي يوتيوب هذا كيف سيختارهم؟ وبم سيكلفهم؟

الأتباع:

بالتدقيق في جمهور يوتيوب الحقيقي بالنسبة لعصرنا الحالي، بالتأكيد سيفهم هذا المسكين بالخطأ، أن أتباع النبي العظيم كانوا هم نفسهم المذكورين في أحد العناوين على شاكلة (المقطع الذي أبكى 3 ملايين، أو شاهد المقطع الأكثر تداولًا بـ7 ملايين زائر).

الطقوس:

ستكون الصلاة عشوائية تلك المرة حسب ما سيجده في مقاطع الفيديو، قد يصل الأمر أن تكون صلاة شبيهة بتلك التي في عصرنا الآن، وعندما يربط ذلك الباحث الأمور ببعضها ويجد أن النبي يوتيوب لم يُذكر في الديانة التي وجد فيها ذات حركات الصلاة، سيفعل ما فعله من قبله، أن يُخبر الأتباع الجدد أن تلك الكُتب القديمة لهذا الدين قد حُرفت وحُذف إسم نبيه يوتيوب منها.

فُرضت الزكاة فقط على من يريد توصيل رسالة ما، سيقول أنها سُميت إعلانات يوتيوب تقدم بفيزا عن طريق شبكة الانترنت البالية في عهده.

أما فلسفة ما بعد الموت فسيترك تفسيرها للصدفة، حيث سيضطر الباحث أن يُفسر أمورًا ليست صريحة أمامه ليصل إلى أي نظرية تُشبع رغبته في نشر قصة يوتيوب كاملة، فإذا كانت إعدادات مقاطع الفيديو على ذلك الجهاز تُجيز إعادة المقطع مرة أخرى تلقائيًا مثلًا، سيؤمن بالبعث بعد الموت، وذلك لأنه سيفسر ما حدث للمقطع بموت رمزي يفيق منه دون تدخل من أحد، أما إذا قام الجهاز بتشغيل كل المقاطع واحدة تلو الأخرى دون تكرار فقد يجد نظرية تناسخ الأرواح في جسد بشكل جديد منطقية أكثر، فالروح التي قامت بتشغيل المقطع الأول سيظن أنها إنتقلت للمقطع الثاني ومن ثم الثالث وهكذا.. الخ، وفي حال أن المقطع يعمل لمرة واحدة من ثم يتوقف تماما، فذلك سيعبر عن الفكرة العدمية في زمننا الحالي، فالموت هو نهاية المقطع ولا وجود لتناسخ أرواح أو بعث، وبذلك قد يصبح باحثنا أول ملحد وفي نفس الوقت يتبع نبي، وليس أي نبي بل هو الرسول الأخير.. النبي يوتيوب.

مقالات إعلانية