in

10 أفكار طبية سيئة استخدمت خلال القرن الماضي

تخريب الجزء الأمامي من الدماغ

بالنسبة لبعض الأمور مثل حركة الصفائح التكتونية في الأرض أو تطور الكائنات الحية، لا تعد مدة قرن من الزمن وقتاً طويلاً أبداً كون هذه العمليات تسير ببطءٍ شديد، لكن بالنسبة للتقدم البشري فالتغييرات باتت سريعة وكبيرة جداً في القرون الأخيرة ومع مرور الزمن باتت السنوات وحتى الأشهر كفيلة بإظهار اكتشافات جديدة ومهمة، وربما يظهر الأمر بشكله الأوضح في المجالات التقنية وفي العلوم الطبية التي حققت قفزات كبرى خلال الفترات الأخيرة.

كوننا نحق تقدماً طبياً كبيراً بشكل مستمر في هذه الحقبة يعني أن المجال لا يزال واسعاً للغاية بسبب اقتصار فهمنا الكامل له من ناحية، وأن معرفتنا السابقة -على الرغم من كونها كبيرة جداً- لا تزال تعتبر قزمة مقابل ما هو بانتظار اكتشافه ومعرفته مستقبلياً، فحتى عقود مضت كانت جراحات نقل الأعضاء ضرباً من الخيال، وحتى اختبارات تحديد الأبوية بالاعتماد على الحمض النووي كانت تبدو أقرب لخيال علمي.

بالطبع فالطب اليوم ليس كاملاً، وحتى ثقافتنا الطبية لا تزال قاصرة في ظل استمرار وجود خرافات مثل العلاج بالإيمان والعلاج بالطاقة، وكون بعض الأماكن تتضمن ”معالجين روحيين“ أكثر من الأطباء الحقيقيين، لكن على الأقل يمكن النظر للمستقبل بشكل مشرق أكثر مع معرفة التصرفات الطبية التي كانت تجري خلال القرن الماضي ولتي بتنا ندرك اليوم مقدار الخطأ فيها وخطورتها حتى في معظم الحالات، لذا هنا قائمة ببعض من أهم هذه الأفكار الطبية السيئة:

المياه المشعة

مياه الراديوم
نعرف اليوم أن الإشعاع وكل ما يتضمن عناصر مشعة هي أمور ضارة جداً لنا ويجب الابتعاد عنها قدر الإمكان، لكن في مطلع القرن العشرين كانت هذه الأشياء المشعة تعامل كشيء عادي، وأحياناً كأشياء لها تأثير علاجي حتى من قبل البعض.

اليوم يعرف الجميع مقدار الخطر الكبير الناتج عن الإشعاع والتعرض له سواء من الإشعاع الطبيعي الناتج عن تفكك العناصر في الطبيعة أو التجارب النووية، فأخطارها العديدة تبدأ من الطفرات العديدة وما يعرف بـ”المرض الإشعاعي“ ولا تتوقف عند السرطانات المتعددة والموت بسرعة في حالة الجرعات الكبيرة، أو ببطء وألم شديد في حالة الجرعات الصغيرة والمستمرة. لكن ما نعرفه لا ينطبق على جميع الفترات التاريخية، وقبل قرن من اليوم كانت الخواص المشعة هي الشيء الجديد في العلم مع الضجة الكبرى حولها.

واحد من أشهر أشكال الموضة الطبية في مطلع القرن العشرين كان يعتمد على غاز الرادون بسبب ”خواصه العلاجية“. في حال لم تكن قد سمعت بهذا الغاز، فهو واحد من الغازات الخاملة (أو الغازات النبيلة حسب بعض التسميات) ذو الرقم الدوري 86 والأهم كونه عنصراً ذا نشاط إشعاعي. نشاط الرادون الإشعاعي كان السبب بجعله عنصراً محبباً لمدعي المعرفة الطبية الذين سوقوا لـ”مياه الرادون“ إلى جانب منتجات أخرى مثل قلادات الراديوم وشراشف اليورانيوم كمنتجات صحية.

واحد من الأساليب الأخرى المنتشرة كان تبطين البرادات بطبقات من خامات الراديوم للاستفادة من خواصها الإشعاعية في جميع الأغذية والمشروبات، حيث كانت هذه الطريقة تستخدم بالأخص في برادات المياه حيث يتفكك الراديوم بسبب نشاطه الإشعاعي ويعطي غاز الرادون الذي ينحل في المياه ويجعلها صحية.

وصولاً حتى الثلاثينيات كانت هذه المنتجات لا تزال منتشرة إلى حد بعيد وبالأخص في الولايات المتحدة وأوروبا، لكن مع ظهور النتائج الكارثية للتعرض المستمر للإشعاع بدأ الناس يخشون الأمر وبدأت المشاكل في هذه ”العلاجات“ بالظهور مما أدى إلى تضييق الخناق على بيعها، وحظرها لاحقاً. [مصدر]

الهيروين كعلاج للسعال والإنفلونزا

زجاجة هيروين دوائي
يعد الهيروين اليوم واحداً من أخطر المخدرات وأسرعها تسبباً بالإدمان والانحدار السريع لحياة المدمنين عليها، لكن في البداية اشتهر الهيروين لأنه بديل لا يسبب الإدمان للمورفين.

واحدة من أكثر الأشياء المزعجة في الإنفلونزا هي كونها لا تمتلك علاجاً فعالاً في الواقع، فكونها ذات مصدر فيروسي يعني أن المضادات الحيوية لا تنفع معها ولا سبيل سوى تخفيف أعراضها المزعجة فقط.

مطلع القرن العشرين كان واحد من أهم المواد المسكنة هو ما يعرف اليوم بكونه العقار الأشهر بسرعة الإدمان عليه: الهيروين.

كان العقار يعطى بشكل مشروب مخفف بدلاً من الحقن الوريدي، ويفترض أنه يقلل من السعال والعطاس وأعراض الانفلونزا عموماً كونه في النهاية مثبطاً قوياً جداً.

أتت شهرة الهيروين الكبيرة في مطلع القرن التاسع عشر من كون التجارب أظهرت قوته الشديدة على المرضى، فهو أقوى بثمانية مرات من المورفين الذي يعد أصلاً واحداً من أقوى المسكنات المعروفة اليوم.

كانت الشركة التي قدمت هذا ”الدواء“ للمرة الأولى هي عملاق الشركات الصيدلانية Bayer، حيث تم التسويق للهيروين كبديل ممتاز للمورفين في مجال تثبيط السعال والانفلونزا بالإضافة لتخفيف الألم عموماً، مع كونه ”لا يسبب الإدمان ويفتقد الخواص المسببة للإدمان للمورفين“ حسب تسويق الشركة حينها.

اليوم بتنا نعرف جيداً إلى أي حد من الممكن أن يكون الهيروين عقاراً مدمراً تماماً، فشعور اليوفوريا الذي يقدمه قل ما يقارن بشيء آخر، مما يدفع من يتعاطاه مرة إلى تعاطيه مجددا إلى أن يصبح مدمناً عليه، وحتى أن أعراض انسحابه في حال التوقف المفاجئ قد تكون قاتلة.

سرعان ما أدى بيع الهيروين كعقار إلى إساءة استخدامه خصوصاً وأنه كان يباع بشكل مباشر دون الحاجة لوصفة طبية، وخلال السنوات التالية تحول العقار سريعاً من علاج شهير إلى واحد من أسوأ المخدرات المعروفة وبات محظوراً في العديد من البلدان حول العالم بحلول الأربعينيات. [مصدر]

مشروب تهدئة الأطفال

مشروب مسكن للأطفال يحتوي المورفين
تقديم الكحول للأطفال هو فعل غير مسؤول وخطر للغاية عليهم، فما بالك بتقديم المورفين معه وهو واحد من أشد العقارات ضرراً وتسبباً بالإدمان.

حياة الآباء والأمهات للأطفال حديثي الولادة هي جحيم حقيقي كما يعرف الجميع، فالأطفال الصغار دائمو البكاء للكثير من الأسباب ولا يمكن وضعهم بعيداً عن النظر إلا عندما ينامون فقط، بالطبع فهذا الواقع ليس مريحاً للكثيرين، وعندما يوجد حل يخلص الأهل من التعامل مع أطفال نزقين وكثيري البكاء فهذا الحل سيكون محبباً من الجميع وسيتسابقون على شرائه، وكذلك كان الأمر في الواقع في نهاية القرن التاسع عشر وحتى ثلاثينيات القرن العشرين.

المشروب المقصود هنا هو مشروب ”Mrs. Winslow’s Soothing“، حيث كان هذا المشروب يعالج كل شيء من ألم الأسنان إلى الإسهال والعديد من الاعتلالات الأخرى التي تصيب الأطفال عادة، ومع أن الدواء فعال للغاية من حيث المبدأ فمكوناته هي المقلقة، فقد كان المشروب مصنوعاً من محلول كحولي للمورفين في الواقع، ومع أن الكحول بحد ذاته يعد خطراً شديداً على الأطفال في حال شرب أثناء الحمل، ففي مطلع القرن العشرين كان تقديم الكحول مع مورفين منحل ضمنه للأطفال أمراً عادياً للغاية.

بالطبع وكما هو معروف فالمورفين عقار شديد الفاعلية من حيث تثبيط الألم وحتى إعطاء شعور باليوفوريا، لكن هذه الفاعلية تأتي بثمن مرتفع جداً كون العقار يتسبب بالإدمان كما المواد الأخرى المشتقة من الأفيون، ومع أعراض الإدمان فوجود جرعات زائدة قاتلة كان أمراً منتشراً للغاية بين مدمني المورفين من البالغين، ولسوء الحظ بين الأطفال الذين كانوا يعطون كميات زائدة من المشروب المهدئ. [مصدر]

استئصال القشرة الدماغية أمام الجبهية

تخريب الجزء الأمامي من الدماغ
لسبب ما يبدو أن فكرة وضع إزميل في عين المريض وإدخاله لتخريب الجزء الأمامي من دماغه فكرة جيدة وعلاجية حتى، ومع أنها تأخرت كثيراً لتنقرض، فمن الجيد أن هذه الممارسة اختفت اليوم.

اليوم لا يزال مجال الأمراض العقلية والنفسية مجالاً شائكاً إلى حد بعيد، فعلى الرغم من كل التطور في مجال العلاج والطب النفسي وحتى استخدام العقارات لحل أو التحكم على الأقل بالأمراض العقلية فهي لا تزال مشكلة كبيرة تتطلب حلاً أفضل، وبالأخص عند الحديث عن حالات الفصام (الشيزوفرينيا) والاكتئاب وثنائية القطب، لكن الأمر الإيجابي ربما هو أن أساليبنا اليوم على الرغم من عيوبها لا تصل للوحشية والأضرار الكارثية التي تسببت بها جراحة الدماغ المثيرة للجدل التي سنتناولها هنا.

خلال أربعينيات القرن الماضي كانت الأمراض العقلية مجالاً شائكاً أكثر من حالها اليوم بكثير في الواقع، وفي ظل تلك الفترة اقترح بعض الأطباء النفسيين حلاً ممكناً للاكتئاب والفصام وسواهما بإجراء جراحة تقوم باستئصال (أو على الأقل إتلاف) الجزء الأمام الجبهي من القشرة الدماغية لإنهاء ”السلوك السيء“ للمصابين بأمراض عقلية، كانت المشكلة الوحيدة هنا أن هذه المنطقة من الدماغ هي المسؤولة الشخصية وكل ما يميزنا تقريباً كبشر.

بشكل مفاجئ عام 1949 فاز الطبيب (أنتونيو مونيز) Antonio Egas Moniz بجائزة نوبل للطب بعد تطويره لهذه العملية الخطرة والسيئة جداً. في الواقع لم تتمكن العملية من مساعدة سوى 10٪ من الأشخاص فقط، فيما تركت الغالبية العظمى ممن تعرضوا لها مع ضرر دماغي كبير جداً أزال شخصياتهم بالكامل وحولهم إلى أشخاص يبدون خارج الحياة تماماً ولا يستطيعون التفكير أو إجراء أي عمليات معقدة أو حتى العناية بنفسهم، حيث تحولوا من عبئ صعب أصلاً إلى عبئ شبه مستحيل للتعامل معه.

عبر السنوات التي انتشرت فيها هذه الجراحة تم إجراؤها لما يتراوح بين أربعين وخمسين ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها، وسرعان ما ظهرت نتائجها الكارثية والتي أدت إلى بداية حظرها منذ الخمسينات في الاتحاد السوفييتي السابق وبعض البلدان الأوروبية، وعلى مدار السنوات بدأت تحظر في العديد من البلدان الأخرى لمنها استمرت في الولايات المتحدة حتى السبعينيات على الرغم من كل الانتقادات الموجهة ضدها، والنتائج الكارثية الظاهرة لها. [مصدر]

عقار MDMA (إكستاسي)

إكستاسي
قبل أن تصبح ”إكستاسي“ حبوباً ملونة تباع في النوادي الليلية لمحبي الحفلات المتهورين، كان هذا العقار علاجاً معتمداً لبعض الأمراض وحتى لمن يعانون من الإدمان!

يعرف اليوم عقار ”إكستاسي“ (أو باسمه العلمي Methylenedioxy-methamphetamine) كواحد من أشهر عقارات الحفلات الراقصة والصاخبة، تتضمن تأثيراته شعوراً غامراً بالسعادة وعاطفية مبالغاً بها بالإضافة إلى جعل الحواس تبدو وكأنه حادة أكثر. بالطبع فهذه الآثار المرغوبة يقابلها الإدمان وتضرر الذاكرة بالإضافة للبارانويا (القلق الدائم) وصعوبة النوم، بل وحتى الوفاة بسبب ارتفاع حرارة الجسم وفقدان السوائل.

لم تكن الأمور دائماً كالآن بالنسبة لعقار MDMA، فبينما يعد اليوم ”عقار شارع“ يمكن مقارنته بالكوكايين والهيروين والميثمفاتيمين، ففي سبعينيات القرن الماضي كان العقار يستخدم كدواء مهم جداً في مجال الطب النفسي، وبالأخص في حالات الاكتئاب والتوحد، وبشكل مثير للسخرية ربما: الإدمان على الأدوية والمخدرات.

بالطبع فالأمور لم تجري كما أُريدَ (مع كون الاكتئاب واحد من أعراض العقار في بعض الحالات والإدمان من أهم الأعراض الجانبية) وسرعان ما تحول العقار إلى الاستخدام الخارجي وحظر قانونياً.

اليوم يعد عقار MDMA محظوراً تماماً في جميع بلدا العالم تقريباً، ولا يمتلك أية استخدامات طبية حالية بسبب أعراضه الجانبية المقلقة، لكن الأمور قد تتغير قريباً مع تجارب حصلت في الأعوام الأخيرة وتضمنت استخدام العقار لمساعدة بعض حالات اضطراب ما بعد الصدمة (Post-traumatic Stress Disorder) الذي عادة ما تصيب الجنود العائدين من المعارك أو الأشخاص الذين يشهدون حالات عنف شديد جداً. [مصدر]

التبغ (السجائر)

اعلان سجائر قديم
تخيل أن يقوم طبيبك بتوصيتك بالتدخين أو حتى التوصية بنوع سجائر محدد لك، إن كنت تعيش في النصف الأول للقرن العشرين فالأمر كان أقرب للواقع من أن يكون خيالاً.

يعرف الجميع اليوم أن التدخين واحد من العادات السيئة والخطيرة بسبب الأضرار الصحية الكثيرة بالأخص على الجهاز التنفسي، فحتى علب السجائر باتت مرغمة -في معظم البلدان- على وضع تحذيرات لأضرار التبغ الصحية بشكل واضح، لكن بالعودة حوالي 100 سنة للخلف فالأمر كان مختلف للغاية، والتدخين الذي يعرف اليوم بكونه آفة سيئة كان منتشراً بشكل كبير للغاية، وحتى أنه كان يمتلك استخدامات صحية وفق وصف البعض في ذلك الوقت.

المعروف عن التدخين (وهذا ما يدركه أي مدخن بالطبع) أن يتسبب بالسعال وضيق النفس وتراجع القدرة على التحمل، كما أنه ضار بشكل أكثر عند المرض وبالأخص لدى من يعانون الربو حيث أن رائحة دخانه فقط قد تتسبب بمضاعفات سريعة لدى البعض، لكن بين العشرينيات والخمسينيات كانت القصة تأتي بشكل مختلف، والإعلانات تدعي (مستعينة بأطباء بالطبع) أن التدخين يساعد المصابين بالربو على التنفس بشكل أسهل ويحسن من حالة السعال والتهاب الحنجرة والأمراض التنفسية. كما استخدم واحد من أشهر أعراض النيكوتين الأساسية: ألا وهو فقدان الشهية، للترويج للسجائر كطريقة صحية لتخفيف الوزن.

كانت تلك الادعاءات التي تبدو سخيفة تماماً ومثيرة للضحك اليوم تأتي لسبب بسيط: صناعة التبغ هي صناعة عالمية كبرى مع مئات ملايين الدولارات من الأرباح، ومقدرة كبيرة على التأثير على التشريعات أو حتى رشوة الأطباء واستمالتهم.

لاحقاً عام 1953 أثبتت الدراسات ارتباط التدخين بالسرطان وبالأخص سرطان الفم والبلعوم والرئة، وبذلك اختفت حملات الترويج للتدخين كعادة صحية وانتقل الأمر للعكس، مع تنامي الوعي حول أخطاره العديدة على الصحة وتأثيراته السلبية التي لا يمكن تجاوزها. [مصدر]

حبوب الميثامفيتامين لتخفيف الوزن

ميثامفيتامين
قبل أن تصبح معروفة كواحدة من أسوأ نوع المخدرات، كانت الأمفيتامينات تستخدم على نطاق واسع في حبوب الحمية وتخفيف الوزن وشكلت وباءً امتد لعقود في الولايات المتحدة الأمريكية.

من بين مختلف أنواع المخدرات المعروفة والمنتشرة اليوم، هناك مخدران يمتلكان السمعة الأسوأ على الأطلاق في مجال مظلم أصلاً بسبب التأثيرات المدمرة للحياة وسرعة الإدمان الكبيرة جداً، العقار الأول سهل التخمين وهو الهيروين الذي تحدثنا عنه في فقرة أعلاه، بينما الثاني هو الميثامفيتامين (في حال كنت من محبي أو متابعي مسلسل Breaking Bad فأنت بالتأكيد تتذكره).

لسوء الحظ فالاستخدامات الأولى لهذه العائلة من العقاقير كانت دوائية بالدرجة الأولى، وبالأخص في مجال إنقاص الوزن حيث أن مفعول الميثامفيتامينات قوي جداً من هذه الناحية.

خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، بلغ استخدام المبثامفيتامين أوجه في الولايات المتحدة، فقد كان المادة الفعالة في العديد من العقارات الشهيرة لتخفيف الوزن، وكان يتضمن في الكثير من الحالات أملاح هيدرو كلوريد الميثامفيتامين (المعروف بكونه الميثافمفاتيمين الكريستالي ذي السمعة السيئة اليوم).

بحلول عام 1962 كان إنتاج الميثامفيتامين في الولايات المتحدة قد نمى كفاية بحيث يكفي لـ43 جرعة سنوية (بوزن 10 ميلي غرام) لكل مواطن أمريكي، وبين مستخدمي العقارات التي تتضمنه كانت النساء تشكلن 85٪ من المستخدمين الإجماليين.

أدى انتشار الميثامفيتامين السريع في الأدوية والعقاقير إلى ظهور أعراضه الجانبية بسرعة كبيرة، فقد كان من الواضح كونه يتسبب بالإدمان ويؤدي تعاطي حبوب الحمية المتضمنة له بكميات كبيرة إلى حالة يوفوريا مشابهة جداً للمخدرات الأخرى، وهنا بدأ الاستخدام يتحول من الحمية إلى استخدامه كمخدر.

أدى الانتقال نحو الاستخدام المعروف اليوم للميثامفيتامين إلى تراجع حاد في صورته العامة، وسرعان ما بدأت شركات الأدوية بالتخلي عنه في أدويتها مع حظر العديد من الحكومات له وتصنيفه كواحد من أخطر المخدرات بجانب الهيروين. [مصدر]

حشو الرئتين

كرات محشية في التجويف الصدري.
فكرة وضع أشياء في التجويف الصدري للشخص للتسبب بانهيار رئته لا تبدو كفكرة علاجية حقاً، لكن لسبب ما فقد كانت موجودة سابقاً.

تشير التقديرات اليوم إلى أن حوالي ثلث البشر مصابون بعدوى غير فعالة من السل، أي أن الفيروس موجود ضمن أجسادهم لكنهم لا يعانون من أية أعراض أو علامات مرضية، لكن في الماضي وبالأخص منتصف القرن العشرين بين الثلاثينات والخمسينات كانت العدوى الفعالة منتشرة للغاية وقتلت ملايين الأشخاص حول العالم مع أعراض السل المعروفة، والتي ربما يعد أشهرها هو السعال الدموي الذي يحصل عند الإصابة الرؤية في المراحل المتأخرة للمرض.

اليوم يعالج السل بمزيج من المضادات الحيوية القوية مع فاعلية جيدة إلى حد بعيد، لكن قبل سبعين إلى تسعين سنة من اليوم كان الأمر أصعب بكثير، وكان السل يعتبر دون علاج فعال حتى.

قاد غياب العلاج الفعال للسل إلى محاولات غريبة وطموحة للحول دون وفاة المصابين به، وواحدة من أغرب هذه العلاجات كانت حشو الرئتين، حيث كان الطبيب يقوم بجراحة بحيث يحشو المنطقة حول رئتي المريض بمادة ما لملئها نسبياً، وكانت مواد مثل الشمع البارافيني والمطاط والشحوم تستخدم لهذه الغاية، وحتى أن كرات البينغ بونغ المعقمة كانت تستخدم أحياناً.

وفقاً للنظرية حينها، يؤدي حشو التجويف الصدري إلى انهيار الرئة المصابة وتوقفها عن العمل بطبيعة الحال، وبينما يستطيع المريض أن يعيش لمدة مع رئة واحدة تعمل كان المطلوب هو أن تشفي الرئة المصابة نفسها ببطء بحيث لا يموت المريض بسبب انتشار السل، ومن الممكن أن يلاقي تحسناً قصير المدى في صحته.

المشكلة طبعاً هي أن حشو مواد غريبة في التجويف الصدري ليس فكرة جيدة حقاً، وحتى في حال نجا المريض من انهيار رئته وسارت الأمور كما هو مرجو، فالعدوى والنزيف الداخلي وتحرك ”الحشوة“ من مكانها كانت عوامل خطورة عالية ساهمت في هجر الطريقة تماماً بحلول الخمسينيات وظهور الأدوية الفعالة للمرض. [مصدر]

استخدام الشمع لتنظيف الأذن

حتى اليوم لا يزال ”تشميع الأذن“ اعتقاداً شائعاً ومستخدماً من الملايين رغم إثبات عدم وجود أي فعالية له من أي شكل وأنه خدعة لا أكثر.

في مقال سابق عن العلوم الزائفة تناولنا شمع الأذن ومصدر هذا الأسلوب ”العلاجي“ المدعى سابقاً، لكن هذا لا يمنع التذكير به كونه كان يعد (ولا يزال يعد من قبل البعض) كممارسة صحية تماماً ويصدق من قبل البعض أن له فوائد طبية حقيقية.

بالمختصر يقوم أسلوب الشمع هذا على النوم على الجانب ووضع شمعة مجوفة على فتحة الأذن وإشعال الطرف الآخر منها. وفق الخرافة، يؤدي احتراق الشمعة في الأعلى إلى خلق فراغ في تجويفها يؤدي إلى سحب الأوساخ والإفرازات من الأذن وبالتالي تنظيفها بشكل أكثر أماناً من التنظيف بالأعواد القطنية.

بالطبع فالطريقة غير فعالة أبداً، وعندما أجريت دراسات حولها كان من الواضح أنها غير مجدية أبداً ولا تعدو عن كونها خدعة لا أكثر.

أصل انتشار الطريقة هو كون الشموع المستخدمة فيها تنتج عند احتراقها مادة قاتمة وذات قوام طري مشابهة لأوساخ الأذن، لذا فالمستخدمون كانوا يظنون أن الأمر نجح عند استخدام شمعة (ولو أن استخدام عشرين شمعة واحدة تلو أخرى سيستمر بإظهار المادة).

مع نهاية التسعينات بدأت هذه الطريقة بالتراجع نسبياً، لكنها لا تزال موجودة اليوم على الرغم من كونها مفيدة في الحروق بسبب الشمع الساخن أو خطر الحريق في حال سقطت الشمعة. [مصدر]

غضاريف القرش

قرش
تصاب أسماك القرش بالسرطات على عكس المعتقد الشائع الذي تسبب باصطياد الكثير من هذه الحيوانات لتناول حساء غضاريفها لعلاج أو الوقاية من السرطان.

واحدة من أشهر الأساطير المنتشرة إلى حد بعيد بين العديد من الأشخاص هي أن أسماك القرش لا تصاب بالسرطان، في الواقع فأسماك القرش تصاب بالمرض بالطبع وبالأخص سرطان الجلد، لكن نسب إصابتها المنخفضة أدت إلى عدة أبحاث عن الأمر خلال السبعينيات والثمانينيات. كانت نتائج الأبحاث أن نسب الإصابات السرطانية المنخفضة لدى أسماك القرش هي نتيجة لمادة في غضاريفها تقوم بتثبيط نمو الأورام الخبيثة إلى حد بعيد، ونتيجة نشر هذه النتائج كانت كما التوقع بالطبع.

بعد انتشار الأخبار عن سبب الإصابات القليلة بالسرطان لدى القروش، بدأت الأسطورة القائلة بكون أسماك القرش محمية تماماً من المرض، ومع كون مصدر مناعته الجزئية تجاهه هو غضاريفها فقد باتت غضاريف القرش واحدة من أكثر المواد المطلوبة بشدة والمرغوبة من المصابين بالسرطان والذين يأسوا من العلاجات المعتادة كالجراحة والأشعة والعلاج الكيميائي.

بدأت ”الأدوية“ المصنوعة من غضاريف القروش بالظهور في الثمانينيات، ومع أكثر من 40 ماركة مختلفة تتضمن كريمات ومراهم وحبوب وحتى حقن شرجية.

بالطبع فالانتشار الواسع للأسطورة لا يعني كونها حقيقية أبداً، فعلى مدار العقود التالية أجريت أكثر من دزينة من الدراسات والأبحاث عن التأثيرات الممكنة للأدوية القائمة على غضاريف القرش بالنسبة لمرضى السرطان، وكما هو متوقع فالنتائج كانت تأتي سلبية في كل مرة ولم يتم إثبات أي فائدة أو تأثير علاجي يذكر.

غياب التأثيرات العلاجية أجبر مصنعي هذه ”الأدوية“ على إعادة تصنيفها كمكملات غذائية، كون هذا القطاع لا يقع ضمن صلاحيات الهيئات الطبية العالمية ولا يتقيد بالقوانين المعتادة. [مصدر]

مقالات إعلانية