in

هل مازلت مقتنعا أن الحياة عادلة؟ أعد التفكير مجددا

هل الحياة عادلة

يقول ألبرت آينشتاين:

”العالم كما خلقناه هو نتيجة لعمليّة تفكيرنا، لن نتمكّن من تغييره إذا لم نتمكّن من تغيير طرق تفكيرنا“.

ينقسم العالم من زاوية معينة إذا ما تأمّلناه، فعلياً، إلى ”دُول“ و”مزارع“ (إسطبلات، حظائر، سمّها ما شئت) ولا شيء بين الإثنين، كما يُشاع في بعض الأحيان.

أن تكون مقيماً في هذه المزارع، صدفةً، لا علاقة لاختيارك وإرادتك في الموضوع، محتجزاً ومحكوماً عليك بالرضوخ والتأقلم مع هذا الواقع ”اللاأخلاقي“ كي لا أقول أنّه غير منطقي، فالحياة لا منطقية على أيّ حال.. هذا ولا يُسجّل منك أيّ اعتراض أو احتجاج، غير شاعرٍ بحجم هذه الإهانة الممارسة بحقّك.

فهنا ستجد نفسك على الأغلب ضمن أحد احتمالين، إمّا أنّك مغيّب الذهن ولم تكن ملاحظاً لما ذكرت، فها أنت الآن تعلم، وبالتالي أنت لا محالة أصبحت قيد الاحتمال الآخر؛ أنّك خاضع، مُذلّ، مستغنٍ عن حصّتك من الحرية وحقّك بها كغيرك، فضلاً عن سائر الحقوق العالمية المنصوصة في الدساتير، والمُفترض أنّها شُرّعت لأجلك ولصون كرامتك!

دعنا من الكرامة، ما أنت سوى ”دابّة“ في إحدى تلك المزارع تساهم في عمليّة الإنتاج ليس أكثر.. دعك من الترّهات الورديّة الساذجة وخطابات الجماهير تلك، التي لعلّك اعتدت على سماعها من أفواه ذوي البزّات المخملية على المنابر وحاشيتهم، تحت مُسمّى الوطنيات والقوميات أو أيديولوجيات أخرى، كما هو حال معظم الأديان اليوم… مصطلحات بالية جوفاء، لا يبتغون بها سوى استلاب وعيك بتبرير مواقفهم، واستقالتهم من القيام بالمهامّ والمسؤوليات الفعليّة المنوطة بهم تجاه أبسط حقوقك البديهية، وإعادة مسارك نحو عملية الإنتاج.

بقرة

فقط ولمرّة واحدة تجرّأ وارتد النظّارة.. في المقلب الآخر من هذا التقسيم، أي أن تكون من المقيمين في الدوّل، لا المزارع، وأعني المواطنين الذين يتمّ إدراجهم تحت خانة ”الإنسان الأعلى“؛ النموذج المثاليّ للفرد الصالح، القُدوة.. يسبغون على أنفسهم تقديراً أرفع من سواهم (لست أعاني من عقدة إضطّهاد، كما لا أعمّم بالحُكم) فرحاً بما أوتيت من فضلهم، مختالاً برفاهيتك وبذخك، والخدمات والثروات الممنوحة إليك—صدفةً أيضاً—متجاهلاً أنّها لم ولا تصلك إلّا عبر سحق واستغلال تلك المجتمعات المصنّفة ما دون مستوى العصر و”الحضارة“، المستنزفة أرضاً وشعباً في سبيل خدمتك وإنعاش حياتك الكريمة بالسلام والأمان..

ثم متناسياً أنّ قدميك ما كانتا لتطأ تلك الأراضي وتنعم بخيراتها إلّا بعد أن تمّ غصبها ممّن كان يقطن فيها أساساً آنذاك، ثمّ ببركة الرّب والمدفع، حدث أن تشيّدت المستعمرات والحضارات، عنوةً، على جثث أولئك السكان الذين ما زالت أصداء حناجرهم تصدح من شناعة ما فُعل وارتُبك بهم، وهياكل جماجمهم المهشّمة في المتاحف تشهد، كذا كتب التاريخ والانثروبولوجيا. فيا لك من إنسان نبيل، أنت الآخر.. إن كنت ترضى!

قلت إنّ الحياة لا منطقية، وأوفّر على نفسي عناء التفكير..

مقالات إعلانية