in

لماذا نستخدم نفس الصوت الصبياني الغريب لمخاطبة كل من الأطفال والكلاب؟

الصوت الصبياني الغريب لمخاطبة كل من الأطفال

هل يبدو لك موضوع هذا الطرح مألوفا؟ أسبق لك أن لاحظت نفسك تتحدث بصوت غريب وسخيف مع طفل صغير، أو جرو صغير كذلك؟ حتى وإن لم تقم أنت بنفسك بالتحدث بهذه الطريقة في حياتك، فلا بد أنك سمعت أحدهم يفعلها، سواء مع كلب أو مع رضيع.

درس علماء اللسانيات واللغة خصائص الطريقة التي يتحدث بها الناس إلى الأطفال الرضع والحيوانات الأليفة، ووجدوا قدرا عظيما من التداخل.

لماذا يستعمل الناس هذه الخصائص؟

فيما يتعلق بالخطاب الموجه للرضع، فإن العلماء يقترحون أنه قد يكون مشجعا على تطوير اللغة لدى الطفل من خلال تسليط الضوء على الإختلافات الجوهرية بين الأصوات، كما من خلال إثارة الإنتباه إلى كيفية نطقها.

قد يكون لاندفاعنا هذا في التحدث مع الأطفال بهذه الطريقة قاعدة بيولوجية ذات نبع تطوري تقوم على تشجيع السلوكات التي تحفز تعلم واكتساب اللغة. إلا أنه لا تستعمل كل الثقافات نفس طريقة الخطاب هذه الموجه للأطفال، كما أن هؤلاء الأطفال في هذه الثقافات يتعلمون اللغات على الرغم من ذلك، فيتعلم البشر اللغة سواء تحدث إليهم أحدهم بنغمة عالية بطيئة أم لم يفعل.

لذا فالتحدث مع الأطفال على طريقة الأطفال لا يساعدهم على تعلم النطق والكلام بشيء، إلا أنه مع بدء هؤلاء بالكلام واستخدام كلمات وجمل طويلة نسبيا، يبدأ البالغون بالتخلي عن تلك النبرة في التحدث إليهم.

مما يبدو، فإن حاجة البالغين إلى التحدث بتلك الطريقة الغنائية الملحنة مع الأطفال ليس نابعا عن الحاجة في التعليم أو التوجيه، بل هو ناتج عن فكرة أن الشخص الذي نحن بصدد التحدث معه لا يفهم ما نتحدث به، ولا يفقه لغتنا.

يبدو أن نفس وجهة النظر بإمكانها شرح الطريقة التي نتحدث بها مع الكلاب، نحن نعلم أنها لن تتمكن من تعلم الكلام، لكننا يبدو أننا لا نستطيع التخلي عن تلك النبرة الصبيانية في التحدث معها هي الأخرى، وبما أنها بإمكانها هي الأخرى أن تتعلم وتفهم العديد من الأمور، فهي لا تبدأ مطلقا في استعمال الكلمات أو الجمل التي يستطيع القيام بها أطفالنا بعد فترة من الزمن.

الأطفال والكلاب

وجدت دراسة حديثة تم إجراؤها من طرف ”توبي بن أديريت“ وزملاؤه، والتي نشرت في مجلة ”وقائع الجمعية الملكية البريطانية“ أن الأشخاص يميلون إلى استعمال نغمات عالية لدى خطابهم الموجه للكلاب حتى عندما يقرؤون جملا في صور تحمل كلابا، وكان هناك فرق كبير بين المبالغة في هذه النغمة لدى مخاطبة الكلاب البالغة والجراء الصغيرة.

قامت هذه التجربة أساسا بمنح عينة من الأشخاص صورا تحمل كلابا وجملا معينة، ثم طلبوا منهم قراءة الجمل وكأنهم يخاطبون الكلاب في الصور، ثم قاموا بتسجيل تلك النغمات الصوتية والجمل، وبعد ذلك قاموا بعرضها على مجموعة من الكلاب من خلال مكبر صوت، ثم سجلوا ردات فعل الكلاب.

بينما استجابت الجراء بشكل كبير وقوي لهذا الخطاب الموجه للكلاب، لم يبد أن الكلاب البالغة وجدت فيه أي تفضيل، وقد يكون سبب هذا كون الكلاب البالغة مستجيبة أكثر للأشخاص التي تعرفها وتألفها، فبذلك يكون هذا الخطاب الصبياني مجديا أكثر مع الجراء.

إلا أن الجدوى ليست كل شيء:

يقول الباحثون في هذا الصدد: ”تقترح هذه الدراسة أن الكلاب قد تظهر في الغالب على أنها مرافقات غير لغوية للبشر الذين يقومون بصورة مستمرة بتغيير نبرات خطابهم معها مثلما يفعلونه مع الأطفال الصغار أو الرضع، كما يبدو أن استراتيجية الكلام هذه تستعمل في سياقات مغايرة عندما يدرك المتحدث؛ سواء شعوريا أو لا شعوريا، بأن المتلقي ليس باستطاعته اتقان اللغة التي يتحدث بها، أو أن لديه صعوبات في ذلك، مثل التحدث إلى الأشخاص الطاعنين في السن أو الأطفال أو حتى إلى شخص أجنبي.“

نحن لا نتحدث إلى الكلاب مثلما نتحدث إلى الأطفال لأننا نراها مثل الأطفال، أو لأنها ظريفة بالضرورة، بل لأننا نراها تواجه صعوبات في فهمنا واستيعاب ما نقوله لها، فقد تساعدها خصائص الخطاب الموجه للكلاب على فهمنا، وحتى لو لم تفعل، فنحن على الأرجح سنستمر في القيام بذلك.

مقالات إعلانية