in

لماذا نرى عيون بعض الحيوانات وكأنها تشع نوراً في الظلام؟

عيون بعض الحيوانات وكأنها تشع نوراً في الظلام

في صغري، وكلما كنت أرى قطةً في الظلام كنت أرى توهجاً في عينيها وكنت أظن أنها تحتوي مادة الراديوم (مادة مشعّة) مما يسبب هذه الوهج، ولكن السبب الحقيقي لتوهج هذه العيون لم يكن الراديوم!

إذا ما سبب هذا التوهج؟

سنجيب بإجابة مختصرة بعدها سوف نستفيض بالشرح: ”تمتاز عيون بعض الحيوانات (القطط، والكلاب، والأحصنة وغيرها…) بوجود طبقة خاصة عاكسة للضوء في مؤخرة كرة العين، ومهمة هذه الطبقة هي امتصاص الضوء بفعالية وكمية أكبر من قبل مستقبلات الضوء الموجودة في العين.“

ما هو بساط المشيمية (Tapetum Lucidum)؟

بساط المشيمية (Tapetum Lucidum)
بساط المشيمية

هي طبقة نسيجية عاكسة للضوء توجد في عيون أنواع مختلفة من الفقاريات واللافقاريات، تقع هذه الطبقة في القسم الخلفي والنهائي من شبكية العين وذلك لدى الحيوانات الفقارية (قطط، وكلاب، وأحصنة وغيرها) وتعمل على زيادة كمية الضوء المتاح للإمتصاص من قبل المستقبلات الضوئية في العين، ولعلكم تتساءلون عن ماهية هذه المستقبلات الضوئية؟

حسناً، إنها خلايا عصبية خاصة تحوّل الضوء إلى إشارات عصبية تنتقل إلى الدماغ لتحدث الرؤية وفق استراتيجية بيولوجية أخرى لسنا بصدد ذكرها الآن.

هل سبق وسمعت بالعصي والمخاريط في العين؟

نحن نعتقد أنك سمعت بها في إحدى مراحلك الدراسية، وظيفة هذه الخلايا هي المساعدة على تمييز مختلف الألوان ومساعدتنا على الرؤية الليلة أيضاً، ولكن ما لا تعلمه هو أن العصي والمخاريط هي عبارة عن نوعان فقط من أنواع المستقبلات الضوئية، وما يخفى عليك أن هناك نوعا ثالثا من هذه المستقبلات موجود في شبكية الثدييات.

عيون بعض الحيوانات وكأنها تشع نوراً في الظلام

بالمختصر، ولكي نساعدك على تخيل الأمر: الـ”Tapetum Lucidum“ هي عبارة عن مرآة في مؤخرة كرات عيون الحيوانات وانعكاس الضوء عليها يجعل العيون تشع بوضوح ليلاً.

ولكن يطلق مصطلح ”تأثير العين اللامعة“ على عيون كل الحيوانات التي تمتلك هذه الطبقة في مؤخرات عيونها، حيث يبدو بؤبؤها متوهجاً لماعاً.

كيف يمكن لهذه الطبقة أن تجعل العين تتوهج في الظلام؟ لماذا تتوهج عيون كل الحيوانات التي تمتلك مثل هذه الطبقة؟ كيف يمكن أن يكون لطبقة تقع في مؤخرة العين كل هذا التأثير؟

الجواب بسيط، تقوم هذه الطبقة بامتصاص الضوء المتجه باتجاه العين وعكسه باتجاه المستقبلات الضوئية مما يؤدي إلى اجتماع الضوء الأصلي والضوء المنعكس سويةً، وهذا يؤدي إلى إعطاء المستقبلات الضوئية فرصة ثانية لامتصاص الضوء بشكل أفضل، لتنتج صورة أكثر وضوحاً في الليل، ولكن لهذا النوع من الرؤية الليلة أثرا سلبيا وهو أن الحيوانات التي تستطيع الرؤية في الليل لا ترى الأمور بوضوح وبشكل صاف، بل تراها بشكل ضبابي نتيجة الإنعكاس والإمتصاص الكبير للضوء، وما ينتج عنه من انبهار وغشاوة.

نحن لا نرى عيون كل الحيوانات تتوهج بنفس اللون في الظلام، على الرغم من أن هذه الطبقة هي طبقة ذات لون خاص، يعود سبب اختلاف اللون المرئي للعناصر المعدنية التي تتركب منها هذه الطبقة وعلى الزاوية التي نرى العين منها، فأشيع ألوان توهج عيون الحيوانات التي نراها في الطبيعة هي: الأبيض مع حواف زرقاء عند الكلاب، واللون الأخضر لدى النمور، واللون الذهبي المُخضر مع حواف زرقاء لدى الغزلان.

عيون بعض الحيوانات وكأنها تشع نوراً في الظلام

تمتلك العديد من الحيوانات خاصة الليلية منها هذه الطبقة وهذا التوهج، وهذا يساعدها على الرؤية بشكل أفضل في الليل مما يعطيها أفضلية طبيعية أثناء الصيد ليلاً، أو أثناء الهرب من الأعداء ليلاً أيضاً، ونحيطكم علماً بأن بعض الحيوانات المائية تمتلك هذه الطبقة أيضاً كالقروش والتماسيح.

يتمكن البشر من رؤية توهج عيون الحيوانات ليلاً، ويتمكنون من التمييز بين ألوان سطوعها المختلفة، كما يستخدمون الكلاب والخيول المدربة في عمليات البحث الليلية كونها ترى بشكل أفضل من البشر في الظلام، كما عمد البشر كذلك إلى صنع طبقة تشبه هذه الطبقة، ووضعها في اللافتات على الطرقات لكي يتمكن السائقون من رؤيتها في الظلام.

بإمكانك تسمية هذه اللافتات بلافتات عيون القطط الليلية.

مقالات إعلانية