in

”ألتقيكم في فالهالا“.. تعرف على جنة إرهابي نيوزلندا التي ذكرها في بيانه

لكي تُقدم على عمل انتحاري ما لابد وأن تمتلك إيمانًا عظيمًا في حياة جديدة بعد بعث مزعوم، فمثلًا انتحاريو الإسلام تداعب حور العين مخيلاتهم أثناء ارتدائهم الأحزمة الناسفة، وكلما اقتربوا خطوة من تنفيذ عمليتهم كلما بدأت باقي أركان جنتهم في المرور أمام أعينهم، من أنهار الخمر وعسل وغلمان يخدمونهم، كل هذا قد يجعل خطواتهم أسرع نحو الموت بلا شك.

وفي الساعات القليلة الماضية تابعنا عملا إرهابيا من نوع خاص، ليس إسلامي ولا مسيحي ولا يهودي ولا حتى بوذي يؤمن بتحقيق الكارما، الحادث المقصود هو هجوم مسلح شنه المدعو (برينتون تارنت) اليميني المتطرف من أستراليا على مسجدين، مما أودى بحياة ما يقرب من 50 مصلي، والهدف وفقًا لوثيقة قام بنشرها على الإنترنت هو طرد المهاجرين من البلاد الغربية بسبب الحوادث الإرهابية والاعتداءات الجنسية التي تسبب فيها غير البيض على حد زعمه، وأنهى بيانه بتوحيه رسالة إلى أصدقائه يعدهم أنه في حال موته في العملية فإنه سوف يلتقيهم في ما أطلق عليه (فالهالا).

الشرطة بالقرب من مسجد النور في (كرايستشيرش) في (نيوزيلندا).
الشرطة بالقرب من مسجد النور في (كرايستشيرش) في (نيوزيلندا). صورة: Matthew Abbott/The New York Times

إذا الأمر لم يقتصر على دافع عرقي فقط مثل تلك الحوادث الموجهة ضد العرب والأفارقة بسبب لون بشرتهم وعرقهم، لكن إرهابي استراليا حركته دوافع معتقداته تمامًا مثل الآلاف من مقاتلي داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

ومع تشابهات كثيرة بين جنة المسلمين وجنة (فالهالا)؛ تتبقى اختلافات أخرى جوهرية، فلا حور عين في (فالهالا) لكن يوجد (أودين) ولا علاقة للجنس بالقصة وإنما تضحية ولا مانع من رفقة محاربات يمتلكن الشجاعة دون البحث عن متعة جسدية.

فالهالا.. الخطوة القادمة

وفقًا للأساطير الإسكندنافية، (فالهالا) هي ”قاعة المقتولين“ باللغة النوردية القديمة Valhöll، وهي عبارة عن قاعة ضخمة مهيبة تقع في العالم الآخر، وهناك يلتقي من لقوا حتفهم في المعارك بأبي الآلهة (أودين)، وهو حسب الميثولوجيا النوردية زعيم آلهة الآسر (مجمع الآلهة)، ليعيشوا في رفاهية ورخاء داخل قصر كبير، القصر يعلوه سقف من الدروع وتقام فيه حفلة عشاء متكررة يوميًا عن طريق ذبح خنزير بري تدب فيه الحياة كل يوم ليعود ويتم ذبحه مُجددًا وهكذا لوليمة أخرى، وكذلك ينعم ضيوف أودين بخمر منشأه معزاة، فيما يقضون وقت فراغهم في رياضة المعارك ضد بعضهم البعض.

أما عن النساء فهنا يأتي دور (الفالكيري)، وهن نساء محاربات من الطراز الذي يبحث عنه المحاربون، الفالكيري مكلفين باختيار الأبطال الذين ماتوا في ساحات المعارك بشجاعة لينضموا إلى (فالهالا)، وفي بعض الروايات يصبحن حبيبات لهؤلاء الأبطال جائزةً لهم على القتال والموت بشجاعة في سبيل الإنضمام لكبير الآلهة أودين.

وتظل الأمور هكذا حتى موعد (راجناروك) Ragnarök أي «مصير الآلهة»، وهي المعركة النهائية التي يقف فيها الـ640 محاربا بجانب (أودين) ضد العمالقة، وخلال المعركة؛ يتم القضاء على الإله (أودين) على يد الذئب (فنرير) ابن الإله (لوكي) –الذي استخدمت شخصيته في أفلام (مارفل) كشقيق للإله (ثور)– وينتقم له ولده (فيدار) من قاتله، ورغم ذلك فالنهاية المعروفة هي فناء جميع الآلهة والعمالقة لينبثق من الخراب الذي سيحدث عالم جديد أفضل من الحالي.

ما هي ديانة برينتون تارنت؟

في الحقيقة عند سؤاله عن ذلك، وهل ينتمي إلى الديانة المسيحية؟ أجاب برينتون: ”الأمر معقد وعندما سأعرف سوف أخبركم“، وللتوضيح فإن الأساطير الإسكندنافية صمدت حتى بعد انتشار المسيحية، ربما لأن الجنة (فالهالا) مادية أكثر من ملكوت يسوع وهو أمر مغري أكثر، وكذلك النوم على قصص آلهة تلك الأساطير من الممكن أن يُنشئ شخص مُولع بمقابلتهم وخوض المعارك معهم عوضًا عن الحياة الروحية التي وعد بها المسيح أتباعه.

وهكذا يبدو أن منفذ الهجوم الإرهابي في نيوزلندا كان يسعى إلى حياة أخرى من المعارك ومقابلات الآلهة ورفقة محاربات (الفالكيري)، ثم التضحية من أجل نشوء العالم الجديد، ولابد أن مجرد التفكير في أن يُصبح أحد الـ640 مقاتل برفقة الإله (أودين) لهو مصير مميز وعظيم يستحق التضحية بنفسه من أجله.

مقالات إعلانية