سليم الأحمد
يشعر معظم الناس بالحرج عند استخدامهم المراحيض العامة نظراً لأنها عامة، ذلك أن الشعور بالخصوصية فيها قد يكون منعدما بعض الشيء، لذا فإن جعلها شفافة تمامًا من شأنه أن يزيد من قلقهم، أليس كذلك؟ حسنًا، على ما يبدو أن العكس هو الصحيح.
تتمتع المراحيض العامة في اليابان عمومًا بمستوى أعلى من النظافة مقارنة بالمراحيض العامة الأخرى حول العالم، إذ يوجد في طوكيو على سبيل المثال نادٍ اجتماعي باسم (بنجيو سوجر) يجتمع أعضاؤه صباح كل يوم أحد بشكل طوعي لتنظيف المراحيض العامة حول العاصمة اليابانية.
غير أنه حتى في هذا البلد يخشى بعض الناس فكرة الاضطرار إلى دخول مرفق عام مظلم كريه الرائحة وقذر وربما غير آمن، ولكن ماذا لو استطعت رؤية مدى نظافة وأمان هذه المنشأة قبل دخولها؟
في وقت سابق من العام الفارط، أطلقت مؤسسة (نيبون) غير الربحية ”مشروع مرحاض طوكيو“ كمحاولة إبداعية لعلاج الرهاب الاجتماعي من استخدام المراحيض العامة.
فوض المشروع 16 مهندسًا معماريًا متمرسًا بمهمة تجديد 17 دورة مياه عامة تقع في الحدائق العامة في منطقة (شيبويا)، وهي واحدة من أكثر المناطق التجارية ازدحامًا في طوكيو. ووفقًا لبيان مؤسسة (نيبون) كان الهدف الرئيسي من هذا المسعى ”أن يشعر الناس بالراحة عند استخدام هذه المراحيض العامة وفي ذات الوقت إنعاش روح حسن الاستضافة فيها لتشجيع زائرين جدد لارتيادها“.
حظيت إبداعات المهندس المعماري (شيجيرو بان) الحائز على جائزة «بريتزكر» بقدر كبير من الاهتمام حتى الآن، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن تصميمه يبدو مخالفاً للسمة الرئيسية للمرحاض الحديث: ألا وهي الخصوصية. فمعظم الناس عندما يفكرون في المراحيض، أول ما يتبادر إلى أذهانهم هو الخصوصية، إلا أن تصاميم هذا المهندس المعماري الياباني في حديقة (هارو نو أوجاوا) ومنتزه حديقة (يويوجي فوكاماتشي) المصغرة ينطويان على جدران شفافة.
وفقًا لمؤسسة (نيبون): ”إن الطبيعة الشفافة لهذه المراحيض العامة الثورية، بهذا التصميم، تسمح للمستخدمين المحتملين برؤية المرحاض قبل الدخول اليه، والتأكد من مصدريّ القلق المعتادين: ’إذا ما كانت نظيفة من الداخل وأن لا أحد يختبئ في الداخل سراً‘“.
تتكون هذه المراحيض العامة المبتكرة من عدة مقصورات متجاورة، ولكل منها لون مختلف، وتعتمد على أحدث تقنيات الزجاج الذكي الـsmartglass لتبديل الجدران الشفافة إلى معتمة عند قفل الباب، وإلى شفافة مرة أخرى عند فتحه.
وذكر بيان مؤسسة (نيبون): ”يتيح هذا للمستخدمين التحقق من الخارج من النظافة وما إذا كان هنالك شخص ما يستخدم المرحاض. وفي الليل، تضيء هذه المنشأة الحديقة مثل فانوس جميل“.
وإلى جانب تصاميم (شيجيرو بان) الشفافة، تم افتتاح ثلاث دورات مياه عامة أخرى صممها المشاركون في مشروع مرحاض طوكيو شهر أغسطس من العام الفارط، ومن المقرر الكشف عن تجديدات المراحيض العامة المتبقية في وقت لاحق من ربيع العام الجاري.
ومن المثير للاهتمام، أن المراحيض الشفافة قد استُخدمت في اليابان من قبل خلال عام 2014، حيث وفرت مدينة (أويتا) مراحيض شفافة تعتمد على مستشعرات الحركة لتحويل الجدران إلى معتمة. ومع ذلك، فقد أشار موقع Kotaku إلى أن استخدام هذا النوع من المراحيض كان محفوفًا بالمخاطر، ففي إحدى الحوادث لم تكتشف المستشعرات أي حركة لمدة 35 ثانية متواصلة، ما أدى لتحويل الجدران إلى شفافة مرة أخرى في الوقت الذي كان يوجد شخص في الداخل.
