in

العالم بالنسبة لمورغان فريمان

مورغان فريمان
صورة لـPatrick Fraser من GettyImages

مورغان فريمان الذي وُلِد في ظروف فقيرة عام 1937 لم يسطع نجمُهُ كممثل إلى أن بلغ الأربعين، عندما ظهر في فيلم Street Smart والذي حازَ على إثره أول جائزة Golden Globe، تلاه ظهور في أفلام مثل The Shawshank Redemption وفيلم Driving Missy Daisy وفيلم Million Dollar Baby وفيلم Bruce Almighty وفيلم Batman Begins وغيرها الكثير.

ممثله المفضل—يقول فريمان—هو سيدني بويتير (ولد عام 1927). يضحك فريمان قائلاً: ”عندما تقابلنا تمحور حديثنا عمّن كان الأفضل بيننا. في النهاية، حُسم الموضوع لصالحي، فقد كنتُ قادرا على الغناء والرقص بينما (سيدني) لم يُجِدْ المواهب الثلاثة“.

في آخرِ أدواره جسد شخصية (نيلسون مانديلا) في فيلم Invictus، يتحدث الفيلم عن قصّة التحالف الذي نشأ ما بين مانديلا وكابتن فريق الركبي الجنوب إفريقي (فرانسوا بينار) الذي لعب شخصيته الممثل (مات دايمون).

”لا تظنّ لوهلة أنّ هذا الفيلم عن رياضة الرّكبي“ يقول فريمان ويستطرد :”لم أعلمْ شيئاً عن هذه الرّياضة ولا زلت لا أملكُ أي فكرة عنها. هذا الفيلم يُجسّد العلاقة بين مانديلا وبينار، كيف وحّدا بلداً وجمعا السود والبيض معاً. كيف تمكّن مانديلا القائد أن يهب شعبَهُ بطلاً. هي قصة عن الرجال بعلاقاتِهم وشجاعتِهم“.

فريمان الذي تطلق مؤخراً وللمرة الثّانية منذ ثلاث سنوات لديه أربعة أبناء ويملك مطعماً وناديان لعزف موسيقى Blues. في عام 2008 كادَ فريمان أن يقضي في حادث سيّارة قرب منزلهِ الكائن في ولاية ميسيسيبي. يقول: ”لا أزالُ أتعايش مع الألم. تأتيني هجمات من آلام ذات منشأ عصبي في كلتا ذراعَيّ، وهي تُزعِجني كثيراً، ومع هذا فأنا أمشي وأعمل ولا تُفارقُ الابتسامة وجهي. إنني بحق إنسانٌ محظوظ“.

لعب دور مانديلا أصعب من لعب دور الإله God:

إنني محظوظٌ للغاية أني أستطيع أن أنادي مانديلا ”صديقي“. أخاطبهُ باسمِه (ماديبا) كما اعتادَ شعبه أن يناديه. قابلته في عام 1993 وكنت على دراية أنني في حضرةِ شخصٍ عظيم.

بعد سنة، أخبرني أنه إذا أرادَ ممثلٌ يوماً ما أن يُجسّدَ شخصيّتَهُ فسيسَرُّ أن أكون أنا هذا الشخص. كان هذا على الأرجح أعظم مديح سمعتُه في حياتي. منذُ ذلك الحين وأنا أبحث عن المشروع المناسب لأداء هكذا دور، حتى تحقّق أخيراً في فيلم Invictus.

مورغان فريمان في فيلم Invictus
مورغان فريمان في دولار مانديلا، وMatt Damon في فيلم Invictus

ما أردت تجسيدَه كان مانديلا الرجل، الإنسان. في المناسبات، كنت دوما إلى جانبه، أتمعنُ في دراسته، كيف يتحدثُ إلى الآخرين وينظر لهم. درست حركاتِهِ مرّاتٍ كثيرة ومِشْيتَه وحركاتِ يديهِ وكيف يصمم على تحقيق أهدافه. ما أخبرَني بهِ في مرّة من المرات والذي كان قمةً في التواضع هو أنه قلق من أن ينساهُ الناس. هل تستطيع أن تتخيلَهُ يُفكر هكذا؟

لقد عنى لي الكثير كيف شعرَ اتجاهَ أدائي لشخصيته. ذهبنا إلى دار السينما لملاقاتِهِ، فجلس وشاهدَ الفيلم بهدوء. في النهاية أشار إلى الشّاشة وقال: ”أعرف هذا الشّخص“. ومن ثم ابتسم في وجهي وغادر. هذا هو مانديلا: رجل الأفعال أكثر من الأقوال.

في خمسِ سنوات، كان مُقدّراً لي أن أكون واحدا من أفضل الطيارين الحربيين في الولايات المتّحدة:

عندما كنتُ صغيراً كان لدي شغفان: التمثيل والطيران. في ذلك الوقت، أن ينْضمّ شخصٌ أسود للقوات الجوية فهذا يعني أنه على الأرجح سينتهي به المطاف مهندساً. كان علي أن أكافح حتى أغدوَ طياراً، أن أكون أفضل من الجيّد بضعفَين، أن أكون أكثر حدّةً من أقراني بثلاثةِ أضعاف وأكثرَ تركيزاً أربعةَ أضعاف زملائي. كان عليَّ أن أُثبِتَ نفسي عشرة أضعافٍ عمّا كانَ ينبغي.

استغرقَني هذا الأمر من عمر السادسةَ عشر حتى عمر الحادية والعشرين وكنت الأفضل من بينِ الجميع. في اختباري الأخير، ركبت قمرةَ القيادة في الطّائرة الحربية T-33 وركب المُدرّبُ إلى جانبي. تأملتُ لوحة الاتصالات والأزرار والعتلاتِ وفكرتُ في نفسي ”هذا هو حلمي.. هذا ما أردتُهُ“. ومن ثُمَّ تأملتُ يدايَ على عجلة القيادة، وفجأة أدركت أن الهدف الكليَّ من هذه الآلة ليس إلا قتل البشر..

مورغان فريمان
مورغان فريمان الطيار الحربي

في عمرِ الحادية والعشرين وبعد أن حققت ما حققت من إنجازات وتدريبات، أدركتُ أنني لا أريد أن أكون طياراً حربياً يقتل الناس. أحلامي كانت عن أفلام الحروب وليس الحروب. أردت أن أُجسّدَ دور طيّارٍ محاربٍ لا أن أكون واحداً. هذه كانت اللحظة التي أدركتُ حقيقةً ما هو هدفي. في نفس اليوم تركتُ القواتِ الجوية.

النجاح على الصّعيد المالي يعني أن تجني أكثر ممّا تُنفِق:

هذا هو تماماً. لا تحبطوا أنفسَكم بسبب المال. بمجرد أنك تخطيت مرحلة جمعِ المال لتبقى على قيد الحياة فأنت فعلياً قد أصبحت إنساناً حُراً. لمْ يكنِ المال يوما دافعا لي، ورغم أنه من الجميل أن يقول الناس أشياءَ جميلةً عن عملِك؛ فالشهرة لم تكنْ يوما هدفاً أردت أن أصبو إليه.

لمْ أتلقى الكثير من النجاح حتى آخر عقدي الرابع، إذن ها هي الواقعة تتحدّثُ عن نفسها. إنني أُمثل لأنني أُريدُ أن أُمثل. أريدُ أن أقومَ بعمل الخير، أريد أن أُخبر قصصا عظيمة على شاشة كبيرة لأولئك الأطفال الصغار مثلي الذين يشاهدون بذهول وآملُ أن يتعلموا منها شيئاً. المال لا ينبغي أن يكون هو الشغف.

لا أؤمنُ بالاستراتيجيات والخطط المعدّة سلفاً والمخاطرات:

إنّي على ثقة أنك ستجدُ قدرَك. عندما كنت في آخر عقدي الثاني وأول الثالث؛ كثيرٌ من الممثلين ذوي الأصول الإفريقية كانوا مندفعين إلى هوليود التي كانت قد بدأت تفتح الأبواب على مصراعَيها. هي كانت الخطة الكُبرى، الاستراتيجيّة الكبرى، هي كانت الشيء الذي كان من المفترض أن تقوم بهِ.

قال لي مُساعدِي حينها ألا أذهب، أن أنتظر حتى تأتي هوليوود إلي. أتتني عروضٌ لأدوارٍ لم تعجبني لأنني شعرتُ أنه يتمُّ اختياري فقط للون بشرتي. بعضهم قد قال لي أن الخيار الأمثلَ الذي كان عليَّ اتخاذَهُ هو أن أقبل بها لكنني لم أقبلْ بهذه الأدوار.

انتظرتُ وانتظرتُ حتى حصلت أخيراً على دور في فيلم Street smart في عام 1987، كنت أكبر عمراً، أكثرَ حكمةً، وكانت قد أتت اللحظة المناسبة.

جاذبيتي هي أعظم هِبة:

مورغان فريمان
صورة لـMorgan Freeman من Getyy Images

تعلمت أهمية أن تكون جذاباً بصورةٍ باكرة. كرجلٍ أسودَ في أميركا الخمسينيات في ميسيسيبي عليك أن تضيفَ شيئاً مميزاً لذاتِكَ حتّى تبقى بعيداً عن المتاعب. الفتنة تتغلب على العدوانية على الدوام وهي شيء ستستخدمُه طوال حياتك. هي الوصفة السرية وهي أكثرُ قوة من أيِّ شيءٍ أعرفُهُ. الكثيرون يمكنهم تحقيق فائدةٍ مرجوة من خلال العمل قليلا على هذا العنصر.

أنا الابنُ الفخور بأُمي:

أمي كانت كثيرةَ التنقل. كنا خمسةَ أبناءٍ في العائلة من أربعة آباء مختلفين. لعلها لم تُفلِحْ في خياراتِها لكنها أعطتني كثيراً من الحب وكبرتُ وكلي إيمان بأنني سأحقق شيئاً مختلفاً.

عندما كنت في نيويورك محاولا أن أحقق حلمي صادفت الكثير من العوائق. لسنتين لمْ أعمل. لم أقدر أن أدفع الأجرة المترتبة عليّ لكنني كنت محظوظاً كفاية لكوني صادفتُ مالكاً أخبرني أنه سيتلقى المال عندما أقدرُ على دفعِهِ. لازلت أذكرُ كيف اعتقدْتُ أن الأمور لن تنجح. تخيلت أنني قد أقود سيارات الليموزين حتى أُجني المال. فكرت في هذا الأمر لعدة أشهر لكن بقيت أتخيل كيف كنت لأشعر لو أنني كنت أقود تلك الليموزين فيظهر لي ممثلٌ أعرفه فيتوجب علي أن أقود السيارة به. كيف كان لهذا أن يجعلَني أشعر؟ أدركْتُ في ذلك الحين أنه عليّ فقط أن أستمرّ ضمنَ هذه الظروف القاسية.

تدرّبتُ على رقص الباليه:

الكثيرون لا يعرفون أني درست الرقصَ لخمسِ سنوات في سان فرانسيسكو ونيويورك. رقصت الكثير من الباليه وتعلّمتُ ضبط النفس الحقيقي على العارضة الحديدية.

صوتي لا يُخطِئُه أحد:

تميّزُ الناس صوتي قبل أن ترى وجهي. هذا ما أردتهُ.. إنه ما يميزني. درست التمثيل في نيويورك، وبالنسبة لي فقد كانت دروسُ الصوتيات والإلقاء والحركات عظيمة الأهمية. أردت أن أملك المهارات الثلاث فبرعتُ في هذه الصفوف. رباطةُ الجأش وطريقةُ الحركة ليست بهذه الأهمية إلا أنه كيف تتحرّك وكيف تقف يمكنها أن تعكسَ فكرة جيدة عنك.

خوفي الأوحد هو المواجهة:

لا شيء آخر يُخيفُني. لا أقدِرُ على المواجهة لذا أتجنبها على كافة المستويات. فأطير وأبحر وأقود سريعا وأركب الأحصنة. لا أخاف الأشياء العظيمة في الحياة. لا أخاف أن أكون وحيداً، لكني لا أحب فكرة الشجار. البعض يستمتع به لكنني لم ولن أحبّذَه قط.

أعطِني أيَّ دور عدا دور (أوثيلو):

بعد سنتين من عملي كممثل، عُرض عليَّ دور (أوثيلّو). كنت أسوأ تجسيد له على المسرح. كنت مذعوراً بسببه، لم أقدِرْ على القيام به وكان عقابي أن أظهر كلَّ ليلةٍ على المسرح وأؤدي بصورة سيئة. ليس للأمر علاقة بأنني لم أعملْ لسنتين؛ بل كل ما في الأمر أنني أديتُ بصورة سيئة. لا لوم على أحد إلا علي.

قد جعلْنَ مني النساء رجلاً أفضل:

أُحب النساء وأحترمهن، وأعجَبُ بهن ولا أخافهن. أحب العمل مع النساء، أحب أن أتعلم منهن، وأحب أن أكون في حضرَتِهنَّ.

الأفلامُ هي أفضل الأساتذة في العالم:

تصل الأفلامُ للأطفال بطريقة لا أحد بقادرٍ عليها. بالنسبةِ إليَّ، بالطبع كان الأمر له علاقة بلون البشرة، ولكنه لم يكن كل شيء. لا أؤمن بالحديث عن سود وبيض, إني أؤمن برؤيةِ ما هو أبعد من هذا الأمر. كمثال، هناك أولادٌ لا يعلمون شيئاً عن (نيلسون مانديلا). أريد لهم حقاً أن يعرفوا من هو وماذا أنجز، وبفيلم Invictus أردت أن أقدمهُ بالشكل الذي يُمكنُ من خلاله أن يفهموهُ.

بالنسبة لي، التاريخُ يعني قصّة. لا شيء أسود أو أبيض. كل شيءٍ رمادي.

مقالات إعلانية