in

كيف يقوم العقل بالتحكم في الألم

التحكم في الألم
صورة: Getty Images

بدأ العلم مؤخرا في البحث حول فكرة السيطرة والحد من الألم عن طريق علاجات مثل ”الإرتجاع البيولوجي – Biofeedback“ والتأمل، ففكرة أن العقل يملك طاقة تؤثر على الجسد يمكن أن تكون جد مفيدة خصوصا لدى الأشخاص المصابين بـ”الألم المزمن“ والذين لا يجدي معهم العلاج الطبي نفعا في غالب الأحيان.

الإستجابة العاطفية للألم The emotional response to pain:

ينتقل الألم من مصدره؛ كالجرح مثلا، إلى الدماغ من خلال طريقين: الأول هو الطريق الحسي (الأعصاب) وهو ما ينقل الشعور الحسي بالألم، أما الطريق الآخر فهو الطريق العاطفي، فينتقل الألم من الجرح إلى ”اللوزة الدماغية – Amygdala“ في الدماغ وإلى ”القشرة الحزامية الأمامية – Anterior Cingulate Cortex“، وهذه هي المناطق الدماغية المسؤولة عن المشاعر عند الإنسان.

تقول الدكتورة ”ناتاليا مورون“ الطبيبة والأستاذة في جامعة ”بيتسبيرغ“ الطبية: ”لربما كنت لا تعي أو تحس بهذا، لكنك في الحقيقة لديك رد فعل عاطفي سلبي إزاء الآلام المزمنة تماما كرد الفعل السلبي الذي ينتابك في حالة الألم الحسي.“

تعمل العلاجات ”العقلية-الجسدية“ التي تتضمن التأمل والإسترخاء في العادة على التأثير على مسارات نقل الألم العاطفية.

غير أن الدكتورة مورون قالت كذلك بأن الكثير من الأطباء لا يدعمون هذه النظرية والطريقة في العلاج، وتضيف: ”عندما يتعلق الأمر بالعلاج الجسدي-العقلي للألم، فإن هذا الموضوع عادة ما يصبح مجادلة، فهو موضوع جديد كليا في عالم الطب.“

العلاقة بينهما تتضح أكثر فأكثر:

خلال دراسة أجراها باحثون في عام 2005 في جامعة ستانفورد، استخدموا خلالها جهاز الرنين المغناطيسي لرؤية موضع نشاط الدماغ في عدة نشاطات مختلفة، لمعرفة أي المواضيع التي يجب علينا التعمق فيها ودراستها أكثر لنتحكم في المنطقة المسؤولة عن الألم في الدماغ، وما هي التقنية التي يمكن أن تكون مفتاحنا لتغيير مفهوم الألم في هذه المنطقة من الدماغ.

تقول إحدى المشاركات في هذه الدراسة تدعى ”لورا تيبيت“؛ وهي منسقة حفلات في سان فرانسيسكو تبلغ من العمر 34 سنة والتي كانت قد تعرضت لإصابة بليغة في ذراعها وكتفها وظهرها بسبب سقوطها أثناء إمتطاء حصان، واصفة ألمها: ”أشعر بأعصابي وعضلاتي كمجموعة حبال متشابكة ببعضها البعض، مع ألم شديد يمر من خلالي، كان إحساسا فظيعا وألما مستمرا مصحوبا بما يشبه التعرض لصعقات كهربائية.“

خلال هذه الدراسة طُلب من لورا أن تقوم بزيادة الشعور بالألم لديها من تلقاء نفسها، وهو الأمر الذي نجحت في القيام به بالفعل! وأظهرت صورة الرنين المغناطيسي ارتفاع مستوى النشاط في منطقة الدماغ، وبعدها طُلب منها أن تقوم بتخفيف الألم بنفسها أيضا، وأظهرت الصورة انخفاضا في قدر النشاط السابق.

تقول لورا عن كيفية تقليل ألمها: ”في بعض الأحيان أتخيل أن الألم يخرج من جسدي ويذهب بعيدا عني، وأحيانا أخرى أستخدم في تخيلي الماء، فمثلا أتخيله يمر من خلالي ويأخذ معه جميع الآلام“، وبعد هذه التجربة علمت لورا أنها قادرة على تخفيف ألمها (بنفسها) بنسبة تصل إلى 30 أو 40%!

تمكين المرضى من التحكم في آلامهم:

بالنسبة للطبيب ”سين ماكي“، مدير ”قسم التحكم في الألم – Pain Managment“ في جامعة ستانفورد بكلية الطب، وأحد الباحثين في هذه الدراسة، فإن نتائج هذا البحث تكشفت عن شيء مدهش بالفعل قد يُمكّن المريض من التحكم في الألم، فيقول: ”في البداية سيقول المريض مستعجبا: آها! لأول مرة في حياتي أستطيع رؤية الألم في دماغي، وأستطيع التحكم به، إنها تجربة مذهلة جدا!“

يعتقد الدكتور ماكي أن ”طب الألم“ يبتعد حاليا عن الفكرة المتزمتة التي تعتقد بفصل العقل عن الجسد الفيزيولوجي إلى فكرة توحيدهما تحت مفهوم أن العقل والجسد شيء واحد.

في النهاية، فإن الكثير من المرضى الذين يعانون الآلام المزمنة يسعون وراء هذا النوع من العلاج مثل ”الإرتجاع البيولوجي“، واليوغا، والتأمل. لكنهم يجب أن يبقوا دائما حذرين وواعين ممن يقوم باستغلال حاجة الناس ويأسهم، وأن لا يبدؤوا أي من هذه العلاجات إلا عند تأكدهم تماما من أن المعالج طبيب حقيقي ومتمرس وأنه مؤهل.

مقالات إعلانية