يعلم الكثيرون عن لوحة (غوستاف كليمت) الشهيرة بعنوان ”شجرة الحياة“ كونها إحدى أهمّ وأجمل اللوحات الفنية عالمياً، لكن ماذا لو علمت أن هذه اللوحة الفنيّة قد سبقتها لوحةٌ حقيقيةٌ تجسّد الحياة الخالدة لشجرةٍ عاشت بمعجزةٍ وسط الصحراء طوال أكثر من 400 عام؟
تعدّ ”شجرة الحياة“ Tree of Life – وهي شجرةً حقيقية في إمارة البحرين تبعد حوالي 10 كيلومترات عن بلدة عسكر، و3.5 كيلومتر غربي جو – من نوع ”الغلف الرمادي“، ويبلغ طولها قرابةَ 10 أمتار، وسطَ ظروف تستحيل فيها الحياة عملياً، فهي تقع ضمن الصحراء الجافّة، ولا وجود لأيّ مصدر مائي واضح قريب، وأقرب وجود لحياةٍ نباتيةٍ إليها يبعد عنها بضعةَ كيلومترات.
لذلك، فإن لغز بقاء هذه الشجرة على قيد الحياة جعلها أسطورة عالمية.
تعود أصول غالبية أصناف نبات ”الغلف“ إلى أمريكا، حيث تملك اسماً شائعاً لجميعها وهو (المسكيت) Mesquites، إلّا أن صنف ”الغلف الرمادي“ تحديداً تعود أصوله إلى قارة آسيا.
وتُعرف هذه الأشجار بقدرتها الهائلة على التأقلم مع جفاف الصحراء والنمو وسط المناطق والظروف القاحلة ذات معدل هطول أمطار منخفض يساوي الـ150 ميليمتر سنوياً.
تمتاز هذه الأشجار بنظامِ جذورها العميق جداً، الذي يبلغ عمقه أحياناً 50 متراً تحت الأرض، وهو ما يمكّنها من امتصاص المياه الجوفية الدفينة.
لكن الظروف التي تحيط بشجرة البحرين مختلفة عن أخرياتها، فالأرض حيث تنمو الشجرةُ ترتفع عن مستوى سطح البحر قرابةَ 9 إلى 12 متر، ومستوى المياه الجوفية في تلك المنطقة يعدّ أكثر ارتفاعاً من مستوى سطح البحر، ويمكننا ملاحظةُ وجود بركٍ من الماء في أماكن ليست بعيدةً جداً عن الشجرة.
كما أن الهواء هناك غالباً ما يكون رطباً، وهذا ما يساعد أشجار ”الغلف“ التي تمتاز بقدرتها الفائقة على اكتساب الرطوبة من الهواء أيضاً، وقد لوحظ وجود شجرةٍ أصغر تنمو شمالي شجرة الحياة على بعد 850 متر.
تخبر القصص المحلية أن ”شجرة الحياة“ قد زُرِعت هناك عام 1583، وعاشت حتى يومنا هذا، أي أربعة قرون ونيّف من الزمن! ورغم عمرها الكبير، لا تزال الشجرة تبدو نضرةً وذات أوراق خضراء فوق هضبة رملية قليلة الارتفاع، ما يكسبها منظراً ساحراً وسط الصحراء القاسية، ويُمكّن من رؤيتها على المدى البعيد.
ونظراً لشكلها الجميل، وعمرها الكبير، وقصة حياتها الغريبة، ونمطها الفريد في المنطقة، تعدُّ هذه الشجرة عنصر جذبٍ شديد للسياح، حيث يزورها قرابةَ الـ50 ألف سائحٍ سنوياً.
تمّ مؤخراً وضع سياج حديدي حولها بغرض حمايتها من المخرّبين، لأنّ العديد من الأشخاص قاموا بالنحت والنقش عليها.