in

مشكلة النحت والمنحوتات في الإسلام

داعش تدمر المنحوتات الأثرية

على خلاف التقاليد الغربية فإن النحت في العالم الإسلامي يمثل شكلاً من أشكال الفن المهملة والضعيفة، وذلك لكون أن القرآن والحديث حرما التماثيل والأصنام وصناعتهما وكذا التمثيل الصوري، وما قد يعثر عليه المرء من منحوتات في الفنون الإسلامية في القرون السابقة يكون في العادة صغيراً ومحمولاً، ومصنوعاً من الزجاج أو المعادن.

أما في عالمنا المعاصر، فيمكننا القول أن الفنانين المسلمين في العصر الحديث قد أصبحوا يشعرون ببعض الحرية في نحت المنحوتات والتماثيل، غير أن معارضة الإسلام لبعض أنواع التمثيل الصوري تبقى حادة وشديدة في بعض الأقسام منه.

ظاهرة الأنيكونيزم:

إن الأنيكونيزم هو الرفض الإسلامي المطلق للتمثيل الصوري أو الشكلي للكائنات الحية، هذا الرفض الذي لا يستمد مشروعيته من القرآن وحده تحت مندرج تحريم عبادة الأصنام، بل من تعاليم النبي محمد نفسه.

من بين الأحاديث البارزة التي تحرم بصريح العبارة التمثيل الشكلي والصوري للكائنات الحية، والتي تبرز في نفس الوقت عاقبة كل من يقترف ذلك نجد: ”عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصوّرون“. رواه البخاري (5606) ومسلم (2109)، ونجد أيضاً الحديث التالي: ”عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم“. رواه البخاري (5607) ومسلم (2108).

كما عُرف عن النبي محمد نفسه تحطيمه للتماثيل والمنحوتات وصور ولوحات, في محاولة منه لمنع عبادة الناس للأصنام، وهو ما كان أمراً شائعاً آنذاك.

التكيف:

منحوتة من الفن الإسلامي
منحوتة من الفن الإسلامي

بينما انتشر الإسلام في العالم؛ حاول التكيف مع مختلف الثقافات والحضارات التي احتك بها أتباعه. على سبيل المثال، قام كل من الأمويين في إسبانيا والفاطميين في مصر بالاستقرار في مناطق حيث كان هناك تاريخ طويل وعريق من تقاليد النحت وصناعة التماثيل بمختلف أنواعها وأشكالها، وبدلا من تدمير أو تحريم تلك التماثيل والمنحوتات؛ قام هؤلاء الفاطميون والأمويون بالتأقلم والتكيف مع المستجد من الأمور، كما قاموا بإدراج تماثيل ومنحوتات –وإن كانت على نطاق صغير– خاصة بهم، وفي سياق غير ديني.

تضمنت هذه الفنون الصغيرة، القابلة للحمل والمصنوعة من الزجاج أو المعادن والسيراميك بعضا من المنحوتات التي تصور وحوشاً جميلة وخيالية، أو تمثلت في تصوير مقاتلين على صهوات أحصنتهم.

منحوتة من الفن الإسلامي.
منحوتة من الفن الإسلامي.

النحت المعاصر في الإسلام الحديث:

بما أن معظم الفن الحديث والمعاصر مجرّد بطبعه، فقد أصبح بإمكان الفنانين المسلمين اليوم خلق أشكال ومنحوتات حديثة وعصرية، وفي نفس الوقت تبقى في حدود تعاليم الإسلام ولا تخرج عنه. من بين هؤلاء الفنانين والنحاتين نجد (ساهاند هيساميان) الإيراني الذي يستخدم أشكالا عدة للتلاعب بالأنماط الهندسية التي ترتبط تقليدياً بالفن الإسلامي.

بالنسبة لبعض المسلمين، فإن حتى النحت التمثيلي أصبح الآن مقبولاً في سياق علماني، حيث يقول الناقد الفني أشرف إبراهيم: ”لا أحد سيعبد صنماً الآن بكل تأكيد. لقد انتهى سبب تحريم التماثيل الآن“.

الأكونيزم الحديث:

لا يشاطر كل المسلمون السيد إبراهيم الرأي، ففي سنة 2006 تم إصدار فتوى في مصر ضد جميع أشكال النحت التمثيلي، بما في ذلك التماثيل التي نحتها المصريون القدماء.

على الرغم من أن الفتاوى تحمل طابعاً شرعياً دينياً ولها قوة القانون في نفوس المسلمين، فإنها غالبا ما يتم تجاهلها، كما أن هذه الفتوى بالذات أثارت بعض المخاوف من أن يتجرأ بعض المتشددون على الذهاب بعيداً حتى تدمير آلاف السنوات من الفنون المصرية القديمة.

تمثال بوذا الذي دمرته حركة الطالبان في أفغانستان.
تمثال بوذا الذي دمرته حركة الطالبان في أفغانستان.

ومما ييثير القلق أكثر هو أن هذه الفكرة ليست غريبة على مثل هؤلاء، ففي سنة 2001 قامت حركة الطالبان في أفغانستان بتفجير تماثيل بوذا الأثرية باستعمال الديناميت ومنه دمرتها تماماً، لقد كانت تلك تماثيلاً يعود تاريخها إلى القرن الثالث والخامس ميلادي.

مقالات إعلانية