in

جند الله المنشقون.. 7 مرات أحرجت فيها الطبيعة سلفيةَ الإسلام

بعد تداول صور حديثة لما سُمي إعلاميًا بهجوم الجراد أو الصراصير الطائرة على البيت الحرام بمكة؛ انقسم المسلمون إلى عدة فرق من أجل تفسير الأمر، البعض منهم رجح أن تلك الظاهرة المتكررة سنويًا هي إعلان عن غضب الله من حكومة المملكة العربية السعودية، بسبب حالة الانفتاح إلى حد ما التي شهدتها البلاد بعد تولي محمد بن سلمان الإدارة الفعلية لها، مثل السماح بتنظيم حفلات موسيقية ودخول مطربين ومطربات لإحيائها في مشاهد نادرة، أو بعض القوانين التي تمس المرأة والتي اعتبرها البعض تحررًا لا يمت للشريعة بصلة، مثل السماح لهن بقيادة السيارات واستخراج رخصة لقيادة الطائرات أيضًا..

فيما رأى آخرون أنه ليس من المنطقي أن يُسلط الله جنده لعقاب المسلمين المتواجدين في الحرم جميعًا بتلك الطريقة فقط للرد على ابن سلمان، وقالوا أن ما يحدث مجرد ظاهرة طبيعية لا تحمل أي مدول لها.

وبالعودة إلى أسابيع قليلة ماضية، ربما قد تجد نفس الفريقين المنقسمين على تفسير ظاهرة ”الجراد“، تجد أنهم لم ينقسموا بتلك الطريقة حينما أسقطت الرياح تمثال بوذا، حيث جزم أغلب المسلمين بأنها جند الله بلا أدنى شك، تحارب الكفر بإهانة رمز ديني كبوذا.

في هذا المقال نستعرض معًا عدة مرات قرر فيها جند الله: من الرياح والصواعق والسيول وأنواع أخرى، الانشقاق عن الصف الإلهي الإسلامي وضرب جبهات ”السلفيين“ من المسلمين، الذين يؤمنون بأن هجوم فئران على كنيسة، أو ضرب صاعقة لبرج يحمل جرس كنسي، أو سقوط تمثال بوذا.. كلها علاماتٌ على أن الله يدافع بنفسه عن كينونته بالضرب بقسوة وبكل الطرق، وهكذا وبنهاية المقال قد يبحث هؤلاء عن الإله الأقوى الذي استطاع رد ضربات إله المسلمين بقوة أكبر مرات عديدة.

1. غرق الكعبة: الطواف سباحة وتقبيل الحجر الأسود غطسا

غرق الكعبة

تعرضت الكعبة للغرق عدة مرات بسبب السيول والأمطار أبرزها عام 1941، حينما اضطر الحجاج للسباحة من أجل إتمام الطواف والغطس لتقبيل الحجر الأسود اقتداءً بالسلف، كما ورد في بعض الروايات أن الصحابي (الزبير ابن العوام) كان قد فعل هذا، ويذكر أيضا أن (البدر بن جماعة) قد طاف بالبيت سباحة أيضاً، وكان كلما حاذى الحجر؛ غاص لتقبيله.

أما عن حادثة عام 41 فقد تمثلت في هبوط سيول المياه على صحن الكعبة وتجمعها حول الكعبة وارتفاعها، لأنه وقتها لم يكن هناك منافذ تصريف مياه كافية في الحرم، لم تكتف السيول بصحن الكعبة فقط بل أغرقت مدينة مكة، التي تقع على حافة سلسلة جبال البحر الأحمر بمنطقة الحجاز.

ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي غضب فيها -إله المطر ربما-، ففي عام 17 هجريا كان أول فيضان يضرب الكعبة، وحينها تسببت شدته في غمر مقام ابراهيم بالماء، وتلى ذلك بعض الفيضانات مثل فيضان عام 80 هجريًا الذي خلف حالات وفاة بين صفوف الحجاج، ويرجع السبب علميًا لوقوع منطقة الكعبة في مكان منخفض عن محيطها، ووفقًا لطريقة التفكير والتفسير السلفية فلا تفسير إلا غضب رب ما لدين آخر مثلًا.

2. صعق المسجد النبوي: والمسلمون يردون بتركيب مانع للصواعق

صعق المسجد النبوي

حدث ذلك تحديدًا عام 1481، إذ سقطت صاعقة على المئذنة الرئيسية الجنوبية الشرقية للمسجد النبوي في المدينة، نتج عنها هدم ثلث المئذنة وانتشار النيران داخل المسجد وإحراق المقصورة والجدران والمنبر وجميع المصاحف والكتب داخل المسجد، ولم يخرج سليمًا من تلك الواقعة إلا القبة الداخلية على القبر وقبة صحن المسجد.

أمر وقتها السلطان (الأشرف قايتباي) بإعادة إعمار المسجد، الذي تكلف أموال طائلة ومجهودات مئات البنائين والحجارين والنجارين والنحاتين أيضًا، تعمدوا حينها بناء القبة بعلو أكبر وسقفًا واحدًا للمسجد يصل إلى 11 متر تقريبًا، قبل أن يستبدل الملوك الحديثون تلك الخطة بتركيب موانع للصواعق تفاديًا لـ”ضربة خاطئة“ أخرى من جند الله.

3. الاستيلاء على الكعبة: جند المهدي المنتظر

الاستيلاء على الكعبة

فوجئ المسلمون في فجر أول محرم 1400 هجري أو 20 نوفمبر 1979 ميلادي في عهد الملك (خالد بن عبد العزيز) بهجوم أكثر من 200 مسلح من 12 دولة مختلفة، تمكنوا من إدخال أسلحة خفيفة ضمن توابيت، حيث ظن أمن الحرم أنها تحوي جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، ثم الاستيلاء في غضون دقائق على الحرم المكي بقيادة أحدهم ويُدعى (جهيمان العتيبي)، مدعين ظهور المهدي المنتظر.

أما عن المهدي نفسه وهو (محمد عبد الله القحطاني)، فقد كان يقف بجانب (جهيمان) أثناء تلك الخطبة الإجبارية التي ألقيت على المصليين، وطلب حينها (العتيبي) من المصليين مبايعة (محمد القحطاني) باعتباره المهدي، وبينما نجح البعض في الفرار تم اتخاذ الباقيين، ويقدر عددهم بمائة ألف تقريبًا كرهائن، وتخييرهم بين المبايعة أو القتل، وبما أنهم نجوا من الموت فقد اضطروا غالبًا للموافقة على البيعة.

ولأن للبيت رب يحميه، فقد ظل الحصار قرابة نصف شهر، قبل أن يرضخ أخيرًا ”علماء“ مكة ويوافقوا على تدخل قوات أجنبية لدعمهم لوجيستيا لفض الحصار، وتحرير الرهائن في معركة خلفت نحو 28 قتيلاً من الإرهابيين و 17 جريح من قوات الأمن والمصلين، وإعدام (جهيمان العتيبي) فيما بعد.

جدير بالذكر أن (القحطاني) والذي كان يستعد لقيادة المسلمين باعتباره المهدي المنتظر، كان قد قُتل في الاشتباكات تلك.

4. الرياح تضرب بقوة: جند الله يستقبلون زواره برافعة

الرياح تضرب بقوة: جند الله يقتلون زواره برافعة

يعود هذا الحادث المؤلم إلى 3 سنوات، تحديدًا في 11 سبتمبر عام 2015، حينما تعرضت مكة إلى أحوال جوية سيئة للغاية تمثلت في عواصف ورياح مهولة نتج عنها سقوط آلة رافعة كانت تستخدمها شركة (بن لادن) الهندسية في أعمال توسيعات الحرم، مما أدى لسقوط نحو 108 قتيل وضعف هذا العدد من الجرحى والمصابين، وفقًا للأعداد الرسمية التي أعلنها الدفاع المدني السعودي.

فيما أصدرت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حينها بياناً توضيحيًا لأسباب سقوط جزء من إحدى الآلات الرافعة بالحرم المكي جاء فيه: ”في تمام الساعة الخامسة وعشر دقائق من عصر الجمعة، ونتيجة للعواصف الشديدة والرياح القوية والأمطار الغزيرة والحالة الجوية على العاصمة المقدسة؛ سقط جزء من إحدى الرافعات بالمسجد الحرام على جزء من المسعى بالمسجد الحرام والطواف“.

5. هدم الكعبة: ضحايا الحروب الإسلامية – الإسلامية

الكعبة

بعد هدم قريش للكعبة أول مرة بسبب حريق اندلع بها حسب ما ترويه لنا المصادر الإسلامية، مرت السنوات حتى تمكن المسلمون من غزو مكة ومن ثم تعاقب الخلفاء الذين تولوا أمر الدفاع عن الكعبة والحرص عدم تكرار حادثة الهدم مُجددًا، ثم إذ بـ(عبد الله بن الزبير) يقرر هدمها للمرة الثانية بعد نهاية حربه مع (يزيد بن معاوية).

بدأت القصة بهرب (بن الزبير) من الخليفة (يزيد بن معاوية) والتحصن بالكعبة في مكة سنة 683، ولكن مع شدة ضرب المنجنيقات للمنطقة؛ لحق بالكعبة الحريق والضرر، مما اضطر (ابن الزبير) أن يهدم ما تبقى من بناء الكعبة، ليعيد بناءها من جديد ”على قواعد إبراهيم“ مغيّرا فيها بعض الأمور.

و بعد تولي (عبد الملك ابن مروان) للخلافة؛ أراد التخلص من (ابن الزبير) فقام بتوجيه حملة عسكرية أخرى إلى مكة بقيادة (الحجّاج ابن يوسف الثقفي)، والذي وصل هناك وحاصرها ثانية عام 692 مكررا سيناريو نفسه حتى هدمها مرة أخرى، وبعد انتصار الأمويين ووفاة ابن الزبير، يُقال أن الحجاج قد أعاد بناء الكعبة مرة أخرى ”على أسس قريش“ معيدا الوضع إلى ما كان قبل تغييرات (ابن الزبير).

ولم تتوقف عادة هدم البيت المحمي من الرب عند ذلك الحد، فقد هدم (أبو الطاهر القرمطي) ملك البحرين وزعيم القرامطة الكعبة عندما هجم على الحُجاج بجيشه، مُخلفًا 30 ألف قتيل تم ردم بئر زمزم بجثثهم، قبل أن يأخذ معه الحجر الأسود وكسوة الكعبة ويضعهما كتحف فنية داخل بيته لأكثر من عشرين سنة كاملة، فيما يعرف بـ«فتنة القرامطة».

**جميع المعلومات الواردة في هذا الجزء من المقال تحكيه لنا المصادر الإسلامية، التي هي بقدر ما هي كتيرة بقدر ما هي متضاربة في كثير من الأجزاء.

6. هجوم الجراد.. والرياح تُعري الكعبة

هجوم الجراد

بالطبع الجميع يعرف تلك الحادثتين كونهما لم يمر عليهما كتير من الوقت.

على الرغم من تكرار ظاهرة الجراد والصراصير سنويًا تزامنًا مع هجرة تلك الأنواع من الحشرات، إلا أن العديد –كما سبق وذكرنا– أرجع ذلك الهجوم إلى غضب الله من آل سلمان حكام المملكة، وربما بعد هذا المقال قد يضعون في اعتبارهم أن الحديث عن ارتباط غضب الله بآل سلمان هو حديث مقتضب للغاية، لا يحمل إلا قصة واحدة أو قصتين من مئات القصص التي واجهت فيها الأماكن المقدسة الإسلامية غضب الطبيعة بشدة.

7. ضرب الإسلام في مخطوطة الأنام

الأحداث المذكوة ليست إلا أمثلة بسيطة للغاية عن كوارث حدثت في مكة والمدينة طالت الكعبة والمسجد النبوي ذاتهما، إذ كشفت مخطوطة قديمة منذ 150 عام تحمل اسم «إفادة الأنام في أخبار بيت الله الحرام» للمؤلف (عبد الله غازي)، عن كوارث طبيعية أليمة أخرى مرت بالأماكن المقدسة الإسلامية في العهد العثماني نتيجة الرعد والبرق والرياح الشديدة التي اختلطت بالسيول.

وبغض النظر عن القول الشهير بأنه للبيت رب يحميه، وأن تقريبًا معظم شركات الأمن والسلامة ربما كانت لتبلو أفضل من ذلك في حماية الكعبة، ولكن هنا يجب أن يقف السلفيون بين تفسير من اثنين، إما أن كل تلك الأحداث مجرد ظواهر طبيعية ومنها سقوط تمثال بوذا والصاعقة التي ضربت الكنيسة في العام الماضي، أو أن هناك دين أكثر صحة من الإسلام وإله أكبر من إلههم وأكثر قوة يبعث للمسلمين والمسيحيين والبوذيين رسائله عبر جنده من الرياح والسيول والأمطار والبشر أحيانًا، وحينها قد يضطر السلفيون إلى تغيير الهتاف الشهير: ”الله أكبر“، ليصبح ”الله أكبر إلى حد ما“.

مقالات إعلانية