in

أغرب قصة في عالم الفورمولا وان: عندما تحطمت سيارة لأن الحائط تحرك من مكانه!

سيارة فورمولا وان

يشتهر غالبا سائقو سيارات الفورمولا وان بأعذارهم الواهية والغريبة التي يتحججون بها للاختباء وراء فشلهم أو ضعف أدائهم على حلبة السباق، من بين هذه الأعذار نجد: ”كانت الرياح قوية“، و”لم يكن ضغط الإطارات مناسبًا“، و”كان سلوك السيارة غير متوقع“، و”هذه الحلبة بالذات ليست من مواطن قوتي“، وفي إحدى المرات في سباق جرت فعالياته سنة 1984 في الولايات المتحدة، حطم أحد الأعذار جميع الأرقام القياسية في هذا الصدد، واحتل الصدارة كأغرب عذر أو حجة عن الفشل تعرفها سباقات الفورمولا وان.

حدث هذا عندما تحطمت سيارة سباق الرياضي (آيرتون سينا) في (دالاس) في الولايات المتحدة في سباق (غراند بري) لسنة 1984، وقد قال (سينا) بأن حادثة تحطم سيارته في اللفة الأخيرة قبل اجتياز خط الوصول كانت لأن: ”حائط الخرسانة تحرك من مكانه“، وهو ما تسبب له في الحادثة وخسارة السباق على حد سواء.

يجعلنا هذا نفكر مليا ونتساءل: كيف يتحرك حائط ضخم من الخرسانة يوضع على جانب المسار من مكانه بكل هذه البساطة؟

خلال عطلة الأسبوع تلك التي جرت فيها فعاليات السباق الآنف، عبر الكثير من السائقين الآخرين عن امتعاضهم من حالة الحلبة التي كانت مهترئة نوعا ما وكانت تملؤها المطبات، حيث تفككت قطع من الإسفلت من المسار ما خلق ظروفا خطيرة على السائقين، الذين يقودون سياراتهم هناك بسرعات خيالية بطبيعة الحال.

غير أن السباق كان مثيرا للغاية ومليئا بالتحديات واتسم بالمنافسة القوية جدا بين المشاركين فيه، ففي مستهل السباق كان السائق (سينا) يحتل المرتبة السادسة وكان بصدد الحلول في المرتبة الرابعة عندما ارتكب خطأً أثناء محاولة تجاوز المتسابق الثالث، فالتفت به السيارة عدة مرات وانتهى بها المطاف متوقفة في مواجهة الاتجاه الخاطئ، اضطر على إثر ذلك (سينا) للانتظار حتى يتجاوزه كل من في السباق حتى يعاود الانطلاق ثم يتوقف عند الورشة بغرض إصلاح الأضرار التي خلفتها تلك اللفات المتعددة على سيارته.

في هذه الصورة يمكنك رؤية (سينا) وهو يحاول تجاوز (بيكي)، سباق (غراند بري) الأمريكي في دالاس سنة 1984.
في هذه الصورة يمكنك رؤية (سينا) وهو يحاول تجاوز (بيكي)، سباق (غراند بري) الأمريكي في دالاس سنة 1984. صورة: Wikipedia

غير أن (سينا) لم يستسلم وعاد لينافس على الصدارة في السباق بطريقة ملحمية في عودة لعلها الأفضل في تاريخ الرياضة، وكاد يشتم رائحة النصر في اللفة الأخيرة قبل خط النهاية، قبل أن تتحطم سيارته للأسف الشديد عندما ارتطمت بجدار إسمنتي.

فاز (كيكي روزبرغ) بذلك السباق، الذي اشتهر لاحقا بما حدث في تلك اللفة الأخيرة.

جلس (بات سيموندس)، وهو المدير التقني، مباشرة بعد السباق مع الصحافة ليتحدث عما جرى مع (سينا)، فقال: ”لقد كان سباق ساخنا للغاية وصعبا جدا. حدثت له الكثير من المشاكل خلال السباق لكنه تجاوزها، حيث التفت به السيارة في وقت مبكر جدا من السباق واضطر إلى شق طريقه مجددا نحو الصدارة، لقد كان يتجه نحو نهاية مجيدة، ثم تحطمت سيارته وتضررت كثيرًا. بعد السباق كان مضطربا ومرتبكا، ولم يكن بمقدوره استيعاب كيف اصطدم بذلك الحائط. كنا جالسين نتحدث ونلخص بإيجاز ما كان قد حدث، فقال: ’إنه أمر مستحيل أن أصطدم بالحائط. لقد تحرك الحائط بدون شك‘“.

استطرد (سيموندس) بالسرد: ”فقلت له: ’أجل، من المؤكد أن الحائط تحرك…‘ لقد كان يتحدث عن كتل هائلة الحجم من الخرسانة… غير أنه أصر على أن الحائط لابد وأنه تحرك من مكانه، وقد كانت ثقتي في الرجل كبيرة لدرجة أنني قلت له: ’حسنًا لنذهب إلى المكان ونتفحص الأمر‘. لقد كنت أعتقد أنه كان يتحدث بدافع الامتعاض وأنه لم يتقبل الخسارة فقط، وعليه قررت أنه كان عليه أن يذهب إلى هناك ويرى بنفسه. لذا مشينا مع بعض إلى عين المكان الذي ارتطم فيه بالحائط الخرساني وتعلمون ماذا رأينا؟ كان الحائط قد تحرك من مكانه بالفعل! لقد كان يتكون من كتل هائلة الحجم من الخرسانة التي وضعت على جوانب الحلبة، وما كان قد حدث هو أن أحدهم ارتطم بإحدى نهايتي الجدار بقوة لدرجة دفع بنهايته الأخرى المتاخمة للحلبة للتقدم بنحو عشرة ميليمترات داخلها. لقد كان يقود سيارته بدقة منقطعة النظير لدرجة أن تلك الميليمترات العشرة كانت كافية بالنسبة له لتحدث الفرق بين الارتطام بالحائط أو تجنبه“.

ويتابع (سيموندس): ”لقد جعلني ذلك أتأكد من قدرة هذا الرجل الكبيرة. لقد كنت أعلم أنه كان جيدا للغاية غير أن هذه الحادثة جعلتني أدرك أنه كان مميزا. ليس فقط فيما يتعلق بالقيادة، بل بدرجة اقتناعه وثقته في نفسه: وكأنه حلل الموقف جيدا ثم قال: لا يمكنني أن أكون على خطأ، لابد أن الحائط تحرك من مكانه السابق“.

مقالات إعلانية