in

الصداقة الأولمبية العظيمة: تعرّف على الصديقين اللذين لم تفرقهما الميداليات الرياضية

غالباً ما تكون الألعاب الرياضية وسيلة فعالة في إظهار الإنسانية ونبذ العنصرية، لكن هذه الحادثة كانت مثالاً صريحاً عن الصداقة التي تجمع بين اللاعبين.

الرياضيون الثلاثة الذين فازوا بالجوائز
لم يرغب اللاعبان اليابانيان بتقاسم الجائزة، لذا عمدا إلى اقتسامها على طريقتها الخاصة. صورة Getty.

في أولمبياد برلين عام 1936، تأهل 5 رياضيين إلى المرحلة النهائية في رياضة القفز بالزانة للرجال، وذلك بعد أن تمكنوا من تحطيم الرقم القياسي العالمي للقفز البالغ 4 أمتار و15 سم. عند حلول الجولة الحاسمة، ومع وجود 25000 متفرج في إحدى أمسيات برلين الباردة، ساد الظلام في الميدان، فكان تشغيل الإضاءة الليلية أمراً ضرورياً. يمكنك رؤية أجزاء من هذه الأولمبياد في فيلم (أوليمبيا) للمخرجة الألمانية (ليني ريفنستال).

توزيع الجوائز على الرياضيين
الرياضيان شوهي نيشيدا (في المقدمة) وسوي أوي بعد أولمبياد برلين للقفز بالزانة. صورة: Getty Images

كان (بيل غرابر) أول الخارجين من المنافسة بعد أن فشل في تسجيل قفزة بارتفاع 4.25 متر، وتمكن (أيرل ميدوز) –وهو أيضاً متسابق أمريكي –من تسجيل قفزة تعتبر عظيمة في ذلك الوقت بارتفاع 4.35 متر. حاول المتسابقون الثلاثة الباقون وهم: متسابق أمريكي ومتسابقان يابانيان من تحطيم الارتفاع الذي حققه (ميدوز) في قفزته العظيمة ولكنهم فشلوا. حاول (ميدوز) قفز قفزة بارتفاع 4.45 ولكنه فشل أيضاً. بدت نتيجة المنافسة واضحة، حيث حصل (ميدوز) على الميدالية الذهبية تاركاً خلفه المشاركين الثلاثة الآخرين للتنافس على الميداليتين الفضية والبرونزية.

فشل المتسابق الأمريكي (بيل سيفتون) في بلوغ الارتفاع المطلوب في تجربته الأولى، بينما نجح المتسابقان اليابانيان، مما يعني أن كل منهما سيحصل على ميداليته، ولكن من سيحصل على الميدالية الفضية ومن سينال الميدالية البرونزية؟

كان الشابان اليابانيين طالبان جامعيان، كان (شوهي نيشيدا) يرتاد جامعة (واسيدو) بينما كان (وسو أوي) يرتاد جامعة (كيو). ولكن الأهم من هذا كله أنهما صديقان، حيث منعتهما صداقتهما من التنافس أكثر، لذا قررا تشارك الأوسمة،  وهو أمر أثار الدهشة العامة.

لكن للأسف لم يتم قبول طلبهما، حيث كان لا بد من أن ينال أحدهما الميدالية الفضية والآخر البرونزية. طلبت لجنة التحكيم من الفريق الياباني أن يقرر من سيحصل على المركز الثاني ومن سيحصل على المركز الثالث، وبعد مناقشة طويلة، اتفق الفريق الياباني على أن (نيشيدا) الذي نجح في تسجيل قفزة بارتفاع 4.25 متر في محاولته الأولى هو الأحق في الحصول على المركز الثاني، بينما (أوي) سيحصل على المركز الثالث وذلك لأنه سجل هذا الارتفاع في محاولته الثانية.

تم منح الميداليتين على هذا الأساس، لكن هذا الأمر لم يرض الرياضيين، حيث قررا حلّ هذا الأمر لوحدهما عند العودة إلى اليابان. فتوصلا إلى حل يرضي الطرفين عند عودتهما إلى اليابان، وهو أن يتم قطع الميداليتين إلى نصفين ثم دمجهما في ميداليتين، أي كل ميدالية مكونة من نصف فضي ونصف برونزي، وأُطلق على هاتين الميداليتين اسم ”ميداليتا الصداقة“.

صورة للرياضيين اليابانيين.
صورة لرياضيي القفز بالزانة شوهي نيشيدا (على اليمين) وسوي أوي (على اليسار) في اليابان عام 1930. صورة: The Asahi Shimbun via Getty Images

توفي (أوي) خلال الحرب في عام 1941، بينما توفي (نيشيدا) في عام 1997. يحتفظ القطاع الخاص بميدالية (أوي) بينما تحتفظ جامعة (واسيدا) بميدالية (نيشيدا). وفي كل الأحوال، وتذكرنا ”ميدالية الصداقة“ هذه بأن الألعاب الأولمبية أتاحت الفرصة أمام للشباب لإظهار شيء أهم من التفوق والمنافسة الرياضية وأكثر إثارة منهما، حتى في أجواء الكراهية التي كانت تسود ألمانيا خلال فترة حكم (هتلر)، وهذا الشيء الهام هو الصداقة.

مقالات إعلانية