in

علماء يكتشفون كائناً حياً بدون دماغ غير أنه يملك 720 جنساً وله القدرة على التعلم!

يطلق العلماء على هذا الكائن الحي اسم ”المخاط“ الغامض.

عفن المخاط المكتشف حديثاً

سمي هذا الكائن الحي تيمناً بفيلم الخيال العلمي الكلاسيكي الذي صدر سنة 1958 بعنوان The Blob، أو ”المخاط“، وهو عبارة عن كائن حي يتحدى فهم العلماء الذين وجدوا أنفسهم في حاجة إلى إعادة تقدير ما يعرفونه حول الذكاء البيولوجي. سيتم كشف الستار عن هذا الكائن وعرضه أمام العامة في باريس بحر هذا الأسبوع.

ما هو الكائن الحي الذي لا يملك فماً، ولا عينين، ولا دماغاً، وله 720 جنساً وبإمكانه رصد وجود الغذاء وهضمه؟ إذا كان تخمينكم صحيحاً فنحن هنا بصدد التحدث عما أطلق عليه العلماء اسم ”المخاط“، واسمه العلمي (فيساروم بوليسيفالوم).

قام العلماء بإنبات المخاط أولا في أواني الاختبار قبل وضعه على لحاء الشجر الذي يتغذى عليه.
قام العلماء بإنبات المخاط أولا في أواني الاختبار قبل وضعه على لحاء الشجر الذي يتغذى عليه.

وفقاً لشبكة CNN وعدة وكالات أنباء ومواقع علمية أخرى، فقد استعرضت حديقة الحيوان في باريس هذا الكائن الحي الغامض في يوم الأربعاء الفارط، بينما تتحضر الحديقة لعرضه على الناس يوم السبت القادم. بإمكان هذا الكائن الحي التحرك بسرعة 5 سنتمتر في الساعة، وبإمكانه شفاء نفسه ذاتياً عندما يتعرض للضرر، كما بإمكانه حل بعض المشكلات على الرغم من أنه لا يملك دماغاً.

معنى اسم هذا المخاط هو كالتالي: ”العفن ذو الرؤوس العديدة“، وقد أثارت قدرته على الانقسام والالتحام مجدداً، وكذا عدد الأجناس الكبير الذي يحتوي عليه حيرة العلماء.

يعتقد أن هذا الكائن الحي أحادي الخلية الخارق للمألوف كان موجودا على الأقل منذ مليار سنة، على الرغم من أنه لم يكتشف إلا في شهر مايو من سنة 1973 على يد مواطنة من ولاية تكساس الأمريكية التي عثرت عليه يتوسع داخل باحة منزلها الخلفية. بينما تم تغطية نبأ اكتشاف هذا الكائن بشكل كبير خاصة في صحيفة (نيويورك تايمز)، فإنه سرعان ما راح طي النسيان –على الأقل حتى أيامنا هذه.

يقول (برونو دافيد)، مدير متحف باريس للتاريخ الطبيعي، في تصريح لوكالة (رويترز) للأنباء: ”إن المخاط كائن حي ينتمي لواحدة من عجائب الطبيعة الغامضة“، واستطرد بالقول: ”إنه يثير دهشتنا لأنه لا يملك دماغاً غير أنه قادر على التعلم…وفي حالة قمت بدمج اثنين منه، فإن الذي تعلم أمراً ما يقوم بنقل معارفه للآخر“.

صور خاصة بوكالة الأنباء الفرنسية حول كشف الستار عن ”المخاط“ في باريس هذا الأسبوع.

سمي هذا الكائن الحي الفريد من نوعه تيمناً بفيلم الخيال العلمي الصادر في الخمسينيات الماضية بعنوان The Blob، الذي نشاهد فيه الممثل (ستيف مكوين) يحارب شكلاً مشابهاً من أشكال الحياة الفضائية، وما يؤكده لنا العلماء حول هذا الكائن، هو أنه ليس بنبات، ولا حيوان، ولا ينتمي حتى للفطريات.

أظهر بحث جديد نُشر في «وقائع الجمعية الملكية البريطانية» أن بإمكان هذا الجنس المكتشف حديثاً تجنب المواد الضارة بينما يتنقل، كما بإمكانه تذكر تجنبها لمدة عام كامل.

لوحظ على هذا النوع من الذكاء الخارج عن المألوف أن بإمكانه حل بعض المشكلات، على شاكلة العثور على أقصر وأسرع طريق للخروج من متاهة ما، وكذا توقع التغيرات المفاجئة في محيطه، والأغرب كان أن العلماء اكتشفوا بأن غذاءه المفضل هو دقيق الشوفان.

يتواجد هذا النوع من العفن اللزج عادة في أرضيات الغابات الأوروبية، ووفقاً لـ(مارلين إيتان) في حديقة حيوانات باريس، فإن لهذا المخاط عدوان اثنان: الضوء والجفاف.

تقول (مارلين): ”يزدهر هذا الكائن الحي في درجات الحرارة التي تتراوح بين 19 و25 درجة مئوية، وكذا عندما تصل الرطوبة لـ80 بالمائة أو 100 بالمائة“، وأضافت: ”الأماكن المفضلة لديه هي أشجار الأكاسيا، ولحاء شجر السنديان وشجر الكستناء“.

قام العلماء في بادئ الأمر بإنبات ”المخاط“ في المخابر في أواني الاختبار قبل جعله على لحاء الأشجار (الذي يتغذى عليه). سيتم عرضه على الناس في الأيام اللاحقة.

لكن ما هو مبدأ عمل هذا العفن الأصفر اللزج؟

بينما تعتبر أشجار الأكاسيا، ولحاء شجر السنديان والكستناء الأماكن المفضلة للمخاط، فيبدو أن دقيق الشوفان هو غذاؤه المفضل، أو على الأقل هذا ما كان العلماء يطعمونه إياه كل هذه المدة.

فيساروم بوليسيفالوم
وفقاً لموقع Science Alert، فإن لهذا الجنس بالتحديد 900 نوعاً من العفن اللزج.

لمعظم الوقت، يعيش (البوليسيفالوم) حياة وحيدة مشابهة للكائنات أحادية الخلايا على شاكلة الـ(أمويبا). وعندما تندمج مع بعضها البعض وتلتحم، تصبح هذه الكائنات قادرة على تغطية مساحات أكبر في بحثها عن البكتيريا بغية هضمها والتغذي عليها.

غير أن هذه العملية ليس بسيطة ولا تمثل تلاحماً اعتباطياً مثلما قد يعتقده المرء، بل أن خلايا هذا الكائن الحي لا تستطيع دمج مادتها الجينية مع بعضها البعض إلا إذا كان كل مخاط على حدى يملك نفس المجموعة الجينية المتوافقة، التي يطلق عليها اسم (مات أ)، و(مات ب)، و(مات س)، والتي يملك كل مخاط على حدى 16 نوعاً منها.

تعتبر المعلومة الأكثر إثارة حول هذا الكائن الحي هو تحديه لفهم العلماء الذين أجبرهم على إعادة تقدير ما يعرفونه عن الذكاء البيولوجي، حيث أن حركة الكائن الحي البطيئة واندماجه مع بني جنسه ليست عشوائية، بل يتم تحديدها من طرف خوارزميات داخل الكيمياء الحيوية خاصته.

في هذا الصدد، يمكننا اعتبار هذا الكائن أبعد من مجرد عفن لزج ذا اسم مثير، حيث أنه بإمكانه التحرك، والتعلم، وتناول الغذاء وهضمه، ونقل المعارف إلى الآخرين من جنسه، دون حتى أن يملك دماغاً!

مقالات إعلانية