in

دخلك بتعرف قرد البابون الذي عمل في محطة السكك الحديدية لمدة 9 سنوات كاملة دون أن يخطئ مرة واحدة

قرد البابون الذي عمل في محطة السكك الحديدية

عندما كان (جايمس) الملقب بـ(جامبر) -أي القافز- يعمل لدى خطوط السكة الحديدية في (كايب تاون) بجنوب إفريقيا، طوّر مهارة فريدة من خلال القفز من عربة قطار إلى أخرى، حتى عندما يكون القطار متحركا.

في أحد الأيام في سنة 1877، أخطأ (جامبر) [وهو إنسان بالمناسبة وليس قردا] في تقدير إحدى قفزاته المعتادة، وسقط على إثرها تحت القطار المتحرك في حادثة أليمة. نجى (جامبر) بأعجوبة من تلك الحادثة غير أنه فقد كلتا ساقيه من أسفل الركبة، ولكونه شخصا ”مقاتلا“ بطبعه، فقد تمكن من أن يصنع لنفسه ساقين خشبيتين وشغل بعدها وظيفة في محطة قطارات (ويتنهاغ)، كما قام حتى بصناعة عربة خشبية لمساعدته على التنقل في الأرجاء لأداء مهامه المعتادة على محطة القطارات، لكن على الرغم من تلك الإضافات المساعدة، فقد كان يواجه صعوبات كبيرة في تأدية عمله.

التقى (جامبر) بعد مدة بـ(جاك البابون) في أحد الأسواق المحلية، حيث كان (جاك) يؤدي أحد العروض المبهرة وهو يقود عربة يجرها ثور، ولشدة إعجابه بمهارات (جاك البابون) وذكائه الخارق للعادة قرر (جامبر) أن يستأجره ليصبح مساعدا له في عمله على المحطة.

وما كان مثيرا للدهشة أن (جاك البابون) لم يجد أية صعوبة في تعلم كيفية دفع عربة (جامبر) الخشبية في الأرجاء حتى يؤدي وظيفته، ثم واصل ليتعلم كيفية تغيير إشارات القطارات، حتى أنه تعلم كيف يسلم المفاتيح لسائقي القطارات لدى توقفهم في المحطة!

(جاك) البابون وهو يدفع عربة (جامبر) في أرجاء محطة القطار لمساعدته على تأدية وظيفته
(جاك) البابون وهو يدفع عربة (جامبر) في أرجاء محطة القطار لمساعدته على تأدية وظيفته.

وسرعان ما أصبحت قيمته كبيرة جدا بالنسبة لـ(جامبر)، وكانت المشكلة الوحيدة حياله، هو أنه كان ”بابونا“ فقط.

علّم (جامبر) في نهاية المطاف (جاك البابون) كيف يستعمل إشارات القطار عبر رفع إصبع أو اثنين ثم سحب العتلات المناسبة للإشارة المناسبة، كما كان (جاك البابون) قد تعلم الكثير من الأمور من خلال مشاهدة (جامبر) وهو يقوم بها، على غرار تسليم المفاتيح للسائقين، فكلما توقف قطار في المحطة كان السائق يصدر أربعة صافرات مشيرا إلى حاجته في تسلم المفاتيح، وبمجرد سماعه للصافرات، كان (جامبر) يحمل المفاتيح ويتحرك ببطء كعادته متجها نحو قاطرة القيادة ليسلم المفاتيح للسائق، فتعلم (جاك البابون) هذه المهمة عبر مشاهدتها فقط، وبعد أربعة أيام كان لينجزها بمفرده دون الحاجة لتعليمات أو مساعدة من (جامبر).

في نهاية المطاف، أصبح (جاك البابون) قادرا على تسيير إشارات القطارات لمفرده تحت إشراف (جامبر)، كما أصبح مشهورا للغاية على المستوى المحلي، وكان الناس يأتون للمحطة من كل نواحي مدينة (كايب تاون) لمشاهدة قرد البابون وهو يعمل على محطة السكك الحديدية.

غير أن فكرة ”قرد“ يدير محطة السكك الحديدية كانت مدعاة لقلق البعض، وقام على إثرها أحد المواطنين القلقين بإخطار السلطات المعنية، وعلى ما يبدو فقد كان الكثيرون في مكاتب إدارة السكك الحديدية يعلمون أنه كان لـ(جامبر) مساعد، غير أن واقع أن هذا المساعد كان ”قردا“ لم يستقطب اهتمامهم، لأنهم على الأغلب لم يصدقوا ذلك.

(جامبر) و(جاك البابون) يعملان على تغيير خطوط السكك الحديدية.
(جامبر) و(جاك البابون) يعملان على تغيير خطوط السكك الحديدية.

ومع تزايد الشكاوي، تم إرسال أحد المسؤولين في شركة السكك الحديدية على الفور إلى المحطة حيث يعمل (جامبر) من أجل معاينتها واكتشاف ما إذا كانت أقاويل توظيفه لقرد بابون صحيحة، لكنه عندما وصل ورأى أن ما يشاع كان واقعا، امتعظ كثيرا، وراح (جامبر) يتوسل إليه أن يبقي على وظيفته هو و(جاك البابون) وعرض عليه فكرة اختبار مهارة (جاك) ليحكم عليه بنفسه ما إذا كان مناسبا للعمل كمساعد أم لا، وباعتقاده أنه لا مجال في أن يتمكن ”قرد“ من إدارة محطة قطارات، قبل ذلك المفوّض اختبار (جاك القرد) لا لشيء إلا لإسكات (جامبر).

قرد البابون الذي عمل في محطة السكك الحديدية
(جاك) البابون يعمل على عتلات تغيير اتجاه السكك الحديدية في محطة القطار تحت إشراف (جامبر).

أمر المفوض أحد المهندسين بإطلاق صافرات وصول القطار وبقي يشاهد ما كان لـ(جاك البابون) أن يفعله، ولشدة انبهاره عندما قام (جاك) بتغيير الإشارات الصحيحة تماما وأبقى على نظره مركزا على القطار حتى يتأكد من عدم اقترافه لخطأ ما، سمح لـ(جامبر) بالإبقاء على وظيفته، كما جعل (جاك البابون) موظفا رسميا وخصص له راتبا ثابتا يقدر بعشرين سنتا في اليوم، ونصف زجاجة بيرة في آخر الأسبوع مقابل عمله الذي استمر للسنوات التسعة التالية.

ومما يثير الدهشة أكثر، هو أن (جاك البابون) لم يقترف أي خطأ منذ عمله على محطة القطارات تلك.

بعد تسعة سنوات من عمله في محطة السكك الحديدية، أصيب (جاك البابون) بمرض السل ومات متأثرا به، وتبقى جمجمته محفوظة إلى يومنا هذا في متحف (ألباني) في (غراهامستاون) في جنوب إفريقيا.

مقالات إعلانية