in

دخلك بتعرف ذلك الامتحان الذي يقام في كوريا، والذي يعطّل حياة الأمّة ويشلّها ليوم كامل

طلبة كوريون يؤدون اختبارات مهمة في حياتهم

في كل سنة من شهر نوفمبر، يخضع أكثر من نصف مليون طالب ثانوية في كوريا الجنوبية لاختبار العمر، ألَا وهو اختبار (سونيونغ) أو ما يدعى بـ«اختبار الأهلية لمزاولة الدراسة الجامعية» CSAT، حيث يتضمن جلسة من ثماني ساعات قاسية من الامتحانات المتتالية، والتي تتضمن كلا من اللغة الكورية والرياضيات واللغة الإنجليزية والدراسات الاجتماعية والتاريخ والعلوم.

يعد هذا الاختبار أهم اختبار يخضع له أي طالب كوري، حيث أن أداءه فيه سيحدد الجامعة التي سيلتحق بها، ممّا سيؤثر بدوره على حظوظه في طبيعة الوظيفة التي سيشغلها، والمكان الّذي سيعيش فيه، وحتى زواجه وارتباطاته، وهو اختبار هام للغاية لدرجة أنّ السلطات تعمل على توفير أفضل الظروف للطلاب بأكبر قدر ممكن لجعل اليوم الذي يُجرى فيه يسيراً عليهم.

في هذا اليوم تحديداً، تكون الأولوية للطلاب من بين كل أبناء الأمة… في يوم الامتحان، يتم تأخير ساعة بدء الأعمال والنشاطات الأخرى في البلد بساعة عن الأيام العادية حتى يقل الازدحام المروري وتكون الطّرقات متاحة للطلاب بشكل كامل كي يتوجهوا إلى مراكز إجراء امتحانهم هذا.

في بعض الأحيان، تصطحب الشرطة بعض الطلبة إلى مراكز الامتحانات، أمّا مراكز التسوق والمصارف وأسواق البورصة فجميعها تفتتح متأخرةً عن الساعات المعتادة.

أثناء اختبارات الإصغاء، تبقى الطائرات قابعة في المطارات كي لا ينزعج الطلبة الكائنون قريباً من المطارات من الضجيج الصادر عنها، ممّا يعني أنّ البلاد تدخل في تلك الأوقات في شلل تام، وأيضاً تصطف حشودٌ غفيرة من الناس –الّذين غالباً ما يكونون طلَبةً ومدرّسين– أمام مراكز الامتحانات، تغني وتردد الترانيم، وتقدم الشوكولا للطلبة وتتمنى لهم حظاً طيباً، بينما يتجمع الأهل القلقون على أبنائهم في الكنائس والمعابد، متصفحين صورهم، ومصلّين لنجاحهم.

يولد الضغط الذي يمارسه هذا الامتحان قدراً مخيفاً من الإرهاق والإكتآب بين الطّلبَة، ممّا يرفع من معدّلات الانتحار بينهم، تقول (لي يون سو) ذات الـ19 ربيعاً: ”لا يكون أداء أكثر الطلاب جيداً في الامتحانات الفعلية مقارنةً مع أدائهم في الامتحانات التدريبية، والأمر يعود إلى الضغط الهائل الذي يرافق هذا الامتحان، فحتى لو كان أداء الطلاب جيداً في الامتحانات التدريبية، سيفشلون في الامتحانات الفعلية بسبب هذا التوتر الحاصل“.

تكون المنافسة محتدمة بين الطلاب ذلك أنه لا توجد سوى بضعة جامعات مرموقة في البلاد، يقول الطالب (هان جاي كيونغ) ممازحاً: ”فرص أن تلتحق بإحدى هذه الجامعات المرموقة كفرص أن تتعرض يوماً ما لضربة صاعقة“.

طلبة كوريون يشجعون زملاءهم المقبلين على ”اختبار العمر“ في مدخل مركز الامتحان.
طلبة كوريون يشجعون زملاءهم المقبلين على ”اختبار العمر“ في مدخل مركز الامتحان.

هناك الكثير من الضغوط الاجتماعية التي تُفرَض على الطّلاب كي يتمكنوا من الالتحاق بأفضل الجامعات، لذلك فإن كثيراً منهم يفشلون في الامتحان مرّاتٍ عدة، ممّا يُشعِرهم بالخزي كما لو أنها إشارةٌ لكونهم ليسوا أذكياء بما فيه الكفاية، وعدم قدرتهم على تحقيق ما يصبون إليه أو تحقيق تطلعات أهاليهم يقودهم غالباً إلى انهاء حياتهم، لذا يعتبر التحضير لهذا الامتحان ”مسعىً يستهلك الحياة“.

تقول (لي يون سو): ”من السادسة مساءً إلى العاشرة مساءً، تكون لدينا جلسات دراسية ما بعد المدرسة، نراجع ما تعلّمناه في اليوم نفسه ونحضّر لليوم التالي. في أيام العطل يقوم البعض منا بخمس أو ست جلسات من الدروس الخصوصية، لقد أقرّت الحكومة بأنّه على المراكز التعليمية أن تغلق بحدود العاشرة مساءً، لكن البعض منها لايزال يخرق القانون، موصدة الأبواب ما بعد العاشرة مساءً، حيث تقيم جلسات تحضير للدخول في الحياة الجامعية“.

تستدرك (لي يون) بأسف وتقول: ”أعتقد أنّ الكوريين يعانون من مرض مميز هو مرض الانشغال، فالطلاب يستمرون بالدراسة ولا يملكون أي حياة خارج كتبهم. لقد أصبحت المدارس كالسجون. أعتقد أنّ هذه الميزة تخص الكوريين فقط، وأعتقد أنّ الأمر ذاته يمكن إسقاطه على البالغين وساعات عملهم“.

مقالات إعلانية