in

عشرة أحداث تاريخية لم تتفق حول قصتها حتى البلدان الصديقة

حرب الفيتنام
صورة: James Dung/Wikimedia

يفيد القول المأثور أن التاريخ دائما ما يكتب من طرف المنتصر، لكن ماذا يحدث لو لم يتفق كلا المنتصرين حول ما سيكتب في صفحات التاريخ هذه؟

عبر مر العصور، تم صقل وتغيير شكل عالمنا الحديث في العديد من المرات والمناسبات عن طريق الصراعات والمعاهدات الدولية والأحداث الرياضية التي خلفت آثارها البارزة على الأمم المشاركة فيها، فبينما من الطبيعي توقع أن لا تتفق دولتان عدوتان على غرار إيران وإسرائيل مثلا على هذه الأحداث، قد يذهلك معرفة العدد الهائل من الأمم الصديقة التي لكل منها وجهة نظرها الخاصة حول العديد من اللحظات المشتركة في تاريخها، لحظات مثل:

10. بالكاد يتذكر البريطانيون الحرب التحررية الأمريكية:

الحرب التحررية الأمريكية
صورة: Emanuel Luetze

يتم تلقين الحرب التحررية الأمريكية في صفوف التاريخ في المدارس الأمريكية، هذه الحرب الملحمية بين الولايات المتحدة ”الفتيّة“ ضد عظمة الإمبراطورية البريطانية الشامخة، وأسطورة تأسس أمريكا والجحيم الذي ولدت منه هذه الأمة الجديدة.

هي ملحمة طويلة مليئة بالمآسي يلعب فيها الملك ”جورج الثالث“ دور الشخصية الشريرة، وجورج واشنطن في الطرف الآخر مع عصبته من الثائرين الطموحين الذين دفعول الغالي والنفيس من أجل أن يرفعوا راية الأعلام والأعمدة بفخر فوق سماء دولتهم الحديثة، ومع الإستقلال كحلقة نهائية لهذا المسلسل الملحمي.

إلا أنه في السنوات التي تلت استقلال الولايات المتحدة، أعيد تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا ومع مرور الوقت صار كل من البريطانيين والأمريكيين أصدقاء، لكنه مازال لهذه الحرب وقعها على كل من الأمتين، في الحقيقة بالكاد يتذكر البريطانيون اليوم هذه الحرب، على الرغم من كونهم آنذاك قد خسروا واحدة من أكبر مستعمراتهم، والمشكل هو أن خسارتهم لهذه الحرب لم تبد وكأنها أثرت فيهم على الإطلاق، فلم تتوقف إمبراطوريتهم من النمو، واستمر تطور الثورة الصناعية واستمرت عجلة الإقتصاد في الدوران.

لذا فإن حصص التاريخ في بريطانيا بالكاد تزعج نفسها بذكر هذه الحرب، وأن حدث وتم تلقينها فإنه يتم استعمالها كمدخل أو مقدمة للثورة الفرنسية، وهي الحدث الأقرب والأقوى الذي أثر في قارة أوروبا كلها أكثر من بعض المجادلات والمناوشات حول دفع الضرائب من عدمه في قارة بعيدة.

9. يعتقد كل من الأمريكيين والكنديين أنهم انتصروا في الحرب التي نشبت بينهما في سنة 1812:

حرب امريكا وكندا
صورة: Edward Percy Moran

تعد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا دولتان شقيقتان، مع كون أمريكا الشقيق الأكبر الهاوي للمغامرات، إلا أن حربا كانت قد نشبت بينهما في سنة 1812، وهي السنة التي قررت فيها كل من الولايات المتحدة وكندا (التي كانت آنذاك مستعمرة بريطانية) الإستيلاء على أراضي شقيقتها الأخرى، وقد كانت الحرب التي نشبت بينهما فوضوية وبدون معنى ولم تنته بانتصار أي من الطرفين، إلا أنه وبطريقة ما؛ استغل كلا الطرفان هذه ”المشاجرة“ ليؤسس كل منهما عليها أسطورة تمجده، والغريب في الأمر أن كلا من البلدين يحتفل بحرب سنة 1812 هذه كونها حرب رابحة له.

لايزال الأمريكيون يتذكرون تلك الليلة ويتذكرون علمهم يرفرف بنجومه اللماعة في السماء بعد ليلة طويلة من القصف، كما أنه يتم تعليمهم في المدارس بأن الحرب بدأت في اللحظة التي لقنت فيها الولايات المتحدة بريطانيا درسا في الصرامة ورباطة الجأش.

أما الكنديون في الجهة المقابلة، فإنه يتم تلقينهم في المدارس على أن تلك الحرب كانت المرة الوحيدة التي قاموا فيها بهزيمة الشقيق الأكبر وهو الولايات المتحدة بعد أن حاول غزوهم.

لكن ماذا عن البريطانيين؟ الشعب الذي حكم كندا وساعدها على حرق البيت الأبيض؟ ومرة أخرى بالكاد يتذكرون ذلك، حيث أنهم كانوا مشغولين جدا بهزيمة نابليون الأمر الذي أنساهم أمر القارة الجديدة. وبالحديث عن نابليون…

8. يعتقد البريطانيون أنهم هزموا نابليون، لكن للروس رأي آخر:

نابليون
صورة: Adolph Northen

إن اعتبار كل من روسيا وبريطانيا دولتان صديقتان أمر مبالغ فيه قليلا، إلا أنهما على الأقل ليستا عدوتان.

غير أن قصص كل منهما حول حرب نابليون لا تتوافقان، وأصبح الأمر رهنا بالبلد الذي تتلقى فيه تعليمك، فتتباين القصص بين هزيمة نابليون على يد ”ويلينغتون“ الداهية، وبين تضحية الآلاف من الجنود الروس في سبيل ذلك.

قبل أن تتم هزيمة نابليون في معركة ”واترلو“ في سنة 1815، كان قد تمت هزيمته من قبل في معركة ”لايبزيغ“ في سنة 1813، وقد كانت هذه الهزيمة الأخيرة بسبب أمرين بارزين: غطرسة نابليون وروسيا.

لقد كان نابليون قبل عام من هذه المعركة الحاكم الفعلي والوحيد لأوروبا كلها، إلى أن قرر مهاجمة روسيا وانقلبت كل الأمور رأسا على عقب بالنسبة له، حيث أنه خلال ستة أشهر جهنمية، تقلصت أعداد جيشه العظيم ”Grande Armee“ من 650 ألفا إلى أقل من مائة ألف جندي، وقرر جيشه الإنسحاب بعد أن فعل فيه الشتاء الروسي والجنود الروس فعلتهم، والذين قاموا بمطاردته على طول القارة الأوروبية ناشدين الإنتقام، وقد كان هذا الضغط الرهيب هو ما تسبب في هزيمة الإمبراطور في سنة 1813 وفراره إلى ديار المنفى.

بينما قد تسمع البريطانيين يقولون أن هزيمته الثانية على أيديهم هي ما أدت إلى الإطاحة به؛ يرى الروس أن معركة واترلو هي اللكمة غير الضرورية التي تلت الضربة القاضية التي أطاحت بخصمهم والتي نفذوها فيه بإحكام.

7. يعتقد الأمريكيون أنهم هم من هزموا اليابانيين في الحرب العالمية الثانية، إلا أن للروس وجهة نظر أخرى:

الحرب العالمية الثانية
صورة: Haldei/Wikimedia

على الرغم من كون الجدل القائم حول من كان له الدور الأكبر في هزيمة ألمانيا النازية: أكان ذلك بفضل الحلفاء أم بفضل السوفييت، إلا أن هذا النوع من الجدال لا يبدو وكأنه يوجد أصلا فيما يتعلق بالإمبراطورية اليابانية آنذاك.

شهدت نهاية الحرب العالمية الثانية سحق قوات الحلفاء لليابان، الأمر الذي بلغ ذروته بقصف الولايات المتحدة الأمريكية لهيروشيما وناغازاكي بالقنابل الذرية.

إجتمعت نخبة القيادات العسكرية اليابانية يوم قصف ناغازاكي لمناقشة إحتمال الإستسلام، فهل يعتبر هذا نصرا أمريكيا خالصا؟

حسنا، كان الأمر ليحسم كذلك لو لم تكن هناك وجهة نظر مختلفة.

تفيدنا وجهة النظر هذه بأن السبب الحقيقي وراء استسلام اليابان هو بسبب أن الروس قرروا وأعلنوا الحرب عليها، ولم يكن بسبب القنابل النووية التي سقطت عليها من طرف الأمريكيين.

أعلن الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين الحرب على اليابان في الثامن من شهر أغسطس سنة 1945، وبحلول صبيحة يوم التاسع من أغسطس كانت القوات الروسية قد سحقت القوات اليابانية في منشوريا واحتلت جزيرة ”ساكالين“، وفي غضون عشرة أيام فقط كان الروس على استعداد للإستيلاء على “هوكايدو” قبل ضرب البر الياباني الرئيسي، وعلى إثر هذا قامت اليابان بالإستسلام.

على الرغم من كون هذه المعلومات لا تدرّس في المدارس الحكومية الروسية، إلا أن لها صدى واسعا وشعبية كبيرة في العالم الروسي السوفييتي.

6. يدعي كل من البريطانيون والألمان فوزهم في معركة ”دانكيرك“:

معركة ”دانكيرك“

مع رائعة كريس نولان السنمائية التي تصور هذه الواقعة، تمت إثارة الكثير من الإنتباه لهذا الحدث المحوري في سير الحرب العالمية الثانية، فلطالما رآها البريطانيون كمثال رائع عن كيفية إفتكاك النصر من بين براثن الهزيمة، والحقائق تدعم هذا المثال، حيث أن رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ”وينستون تشرتشيل“ كان قد توقع أن يتم إنقاذ ثلاثين ألفا من قواته في ذلك اليوم؛ علما أن العدد الكامل للجنود المشاركين في المعركة كان ثلاثمائة وثلاثون ألفا.

بينما لاقى حوالي سبعون ألف جندي بريطاني حتفه في ذلك اليوم، قتل حوالي ثلاثون ألف جندي ألماني كذلك، وتحولت بذلك المعركة التي كان متوقعا أن تتسبب في مذلة وهزيمة نكراء لجيوش الحلفاء إلى نصر غير متوقع ونقطة تحول في سير الحرب لصالحهم.

إلا أن الأمور لم تكن واضحة للغاية آنذاك، ومن المثير للعجب هو إدعاء كلا الخصمين من دول المحور والحلفاء بأن النصر كان لهم في معركة دانكيرك، بل أنها كانت ليحفظها التاريخ كواحدة من أعظم إنتصارات حققوها.

وصف هيتلر بنفسه المعركة بكونها: ”أعظم إنتصار ألماني على الإطلاق“، وفي نفس الوقت، كانت صحيفة الـ”نيويورك تايمز“ تدّعي: ”إنها نصر ساحق“.

يتعدى هذا الأمر والتناقض مجرد حملة ترويجية بحتة، حيث أنه وبالفعل إعتقد كل من دول المحور ودول الحلفاء بأنهم إنتصروا في موقعة دانكيرك، وبينما زال الإدعاء الألماني مع خسارة ألمانيا الحرب، يبقى مثيرا للإهتمام إرتباك على المستوى العالمي من هذا النوع.

5. لا يعتبر الفيتناميون الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية مثيرة للإهتمام:

حرب الفيتنام
صورة: James Dung/Wikimedia

كان لدخول الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب مع فييتنام وقع كبير دولي، فهي حرب تحولت إلى كارثة إهتز على إثرها العالم، حيث قتل فيها حوالي ستون ألف أمريكي، مع ملايين من الضحايا والقتلى الفيتناميين.

في الولايات المتحدة أشعلت هذه الحرب الثقافة المضادة وولّدت مرحلة من البحث عن الهوية والروح دامت لعقود، وحتى الآن مع إعادة تأسيس العلاقات الودية مع فييتنام وتقلد الحرب الأمريكية العراقية وسام أقل الحروب شعبية في العالم، لا تزال هذه الحرب الفيتنامية تلقي بظلالها على الأمة الأمريكية.

لذا وفي خضم كل مما سبق، ماذا يرى الفيتناميون في هذه الحرب؟ بصراحة، لا يرون فيها أمرا جللا.

كانت ”الحرب الأمريكية“؛ كما تسمى في ”هانوي“، مدمرة بالفعل، لكنها كانت مجرد حرب من الحروب العديدة التي خاضتها فييتنام خلال القرن العشرين، حيث أن الفيتناميين تم إجتياحهم من طرف اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، وقاتلوا الفرنسيين الذين قدموا إليهم بمجرد رحيل اليابانيين، وبمجرد إنتهاء الحرب الأمريكية، إنطلق الفيتناميون في مغامرة حربية أخرى من خلال إحتلالهم لـ”كمبوديا“، كما أنهم تورطوا حتى في حرب مع الصين في سنة 1979.

في خضم كل سفك الدماء هذا، لا يسعنا إلا أن نعتبر ما يطلق عليه الأمريكيون اسم ”حرب فييتنام“ مجرد فصل من سلسلة طويلة بعنوان ”الفيتناميون يتعرضون للقتل“، وفوق كل ذلك، هناك ثقافة في أوساط الفيتناميين ممن لم يعايشوا الحرب بتجاهلها، حيث أن الكثيرين ممن تتراوح أعمارهم في الثلاثينيات لا يبدون أي إهتمام في المواضيع المتعلقة بالحروب.

4. لا يكترث الألمان لكأس العالم لكرة القدم المقامة في سنة 1966:

كأس العالم لكرة القدم المقامة في سنة 1966
صورة: AP/Wkimedia

دعونا نبتعد قليلا عن أجواء الحروب ومناخها، لنلق نظرة على المعركة الثالثة الأكثر شهرة بين ألمانيا وبريطانيا، إنه نهائي كأس العالم لكرة القدم، فإذا كنت قد زرت بريطانيا من قبل ستعرف قيمة هذا النهائي وأهميته بالنسبة لهم.

تكاد تعتبر هزيمة ألمانيا الغربية بنتيجة أربعة لإثنان على يد بريطانيا نصرا أسطوريا، فكل أربع سنوات تتم عرض لقطات من هذه المباراة على مختلف القنوات التلفزيونية البريطانية، كما أنه في كل مرة يدخل فيها الفريق الإنجليزي في منافسة كروية يتم بث أغنية ”الأسود الثلاثة“ التي تم تأليفها في سنة 1996 إحتفاء بتلك المباراة، باختصار، ترتقي هذه المباراة إلى مصاف الملاحم على غرار ”دانكيرك“.

إلا أنه هناك مشكلة واحدة فقط، بالكاد يتذكر الألمان ذلك، بينما لا يزال البريطانيون يحتفلون بهزيمتهم لغرمائهم التقليديين في كرة القدم، لا يرى الألمان فيهم غريما حتى، حيث أن مناصري الفريق الألماني لكرة القدم يرون في هولندا غريمهم التقليدي بل ويعتبرون البريطانيين أصدقاء، وفيما يخص نهائي سنة 1966 نفسه، فيرى فيه الألمان لحظة مهمة في تاريخهم تمثل بداية خروجهم من ظل النازية الذي ظل يخيّم عليهم لسنوات طويلة.

3. يرى البريطانيون في خروجهم من الهند نجاحا، بينما يرى الهنود في ذلك مقدمة لكارثة:

الهند وبريطانيا حرب

عندما حان الوقت لتتخلى القوى الكلاسيكية آنذاك في العالم عن مستعمراتها، كان أمامها إختياران إثنان: إما أن تخرج بطريقة سلمية، أو من خلال حروب ضارية، وكما حدث مع كل من فييتنام والجزائر، كان خروج فرنسا عنيفا للغاية لإتخاذها الخيار الثاني.

أما البريطانيون، فقد إتخذوا الخيار الأول أثناء خروجهم من كل مستعمراتهم تقريبا، فعندما إنسحبت الإمبراطورية من الهند، كان ذلك مسالما لدرجة أطلقت خلاله بضع رصاصات تكاد تعد على أصابع اليد، مع سبع ضحايا فقط، وبمقارنتها مع إنسحاب القوى الأوروبية الأخرى من مستعمراتها، يعتبر خروج بريطانيا من الهند نجاحا بشكل عام.

إلا أن البعض في كل من الهند وباكستان يرى الأمر من منظور مختلف، حيث أنهم يحمّلون الخروج السلمي لبريطانيا الرعب الدموي الذي حصل خلال الإنقسام بين البلدين.

للتنويه، لقد قام البريطانيون برسم الحدود الجديدة الفاصلة بين الهند الهندوسية وباكستان المسلمة، إلا أنهم لم يعلنوا عنها إلا بعد يوم من خروجهم من الهند وإعلانهم إستقلالها.

يعتقد البعض أن هذا الخطأ هو المتسبب الرئيسي في إشعال نار الفتنة والحرب التي نخرت الدولتين الجارتين لمدة طويلة من الزمن، والأرقام والإحصائيات خير دليل على فضائع العنف الذي حصل هناك؛ تم ترحيل حوالي 15 مليون شخص، ولاقى حوالي مليونا شخص حتفهم في مستويات من العنف لم تشهد لها البشرية مثيلا إلا بعد نشوب الحرب الرواندية.

حتى بالنسبة للهنود الذين لا يلومون البريطانيين على ذلك، يجدونه من الصعب التفكير في الخروج المسالم لهؤلاء من الهند دون أن تسيطر على تفكيرهم فكرة الدمار الأسود الذي تخلل الإنقسام.

2. لتركيا رأي مختلف حول الإبادة الأرمينية عن رأي حلفائها:

الابادة الارمينية

في سنة 1915، إلتجأت الإمبراطورية العثمانية المنهارة لغطاء الحرب العالمية الأولى لإطلاق أول حملات الإبادة في القرن العشرين، وذلك باستعمال تكتيكات حربية شبيهة بتلك التي اتبعهتها ألمانيا النازية، وقد قامت الإمبراطورية بالتحديد باستخدام ذلك لأبادة مليون ونصف أرميني.

تعرف حملات الإبادة هذه في مجتمع المؤرخين بجرائم الإبادة الأرمينية؛ والتي من المؤكد أن لتركيا الحديثة نظرة مختلفة حولها عن تلك التي لحلفائها في أوروبا والأمريكيتين.

لكن قد تفاجئك معرفة النقاط التي اختلفت فيها معهم تحديدا؛ في سنة 2014، قام الصحفي التركي ”بايراكتار بورا“ بتلخيص موقف تركيا من المجزرة الأرمينية في مقال نشره على موقع أورونيوز.

لقد إحتج أنه بينما لا ينكر الأتراك وقوع جرائم الإبادة الفادحة تلك في حق الأرمينيين، إلا أنها لا تختلف سوءا عما كان يحدث لهم أيضا في نفس الوقت، حيث أنه بين سنتي 1864 و1922 تم قتل حوالي 4.5 مليون تركي عثماني، وخلال الحرب العالمية الأولى قتل الكثير والمزيد منهم عندما قامت روسيا باجتياح أراضيهم، بينما تشرد خمسة ملايين آخرين منهم وصاروا لاجئين.

ففي نظر الأتراك، كان عليهم الإعتراف بما حدث للأرمينيين كما أنهم لم ينكروا أن ذلك لم يكن وصمة عار على تاريخهم، إلا أن ذلك كان زمن حرب ولم يختلف بأي شكل من الأشكال عما كان يحدث لشعبهم أيضا، فكل الأطراف المشاركة في الحرب آنذاك كانت ترتكب حصصها من هذه الجرائم بشكل متساو.

1. تعتقد كل من فرنسا وبريطانيا أنهما اتخذتا موقفا مبدئيا لأجل بولندا، إلا أن البولنديين يعتقدون أنهم تعرضوا للخيانة:

هتلر
صورة: Deutsches Bundesarchiv/Wikimedia

في الثالث من سبتمبر سنة 1939، أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا الحرب على ألمانيا النازية، وقد كان بين الدولتين ودولة بولندا؛ التي غزتها قوات المحور قبل يومين من ذلك، معاهدة.

وقد كان غزو بولندا هو اللحظة التي قررت فيها قوات الحلفاء أن تضع أقدامها على الأرض بثبات وتقف ندا للند لهتلر معلنة الحرب عليه، بعدما كانوا قد لعبوا أدوار المتفرجين بالسماح له بغزو أمما أقل شأنا مثل ”تشيكوسلوفاكيا“.

فإن كان أي من الفرنسيين أو البريطانيين يتذكر ذلك اليوم فهم بدون شك يعتقدون أن بولندا ممتنة لهم لأنهم وقفوا بجانبها ضد هيتلر، إلا أنهم مخطئون في ذلك تماما حيث أن العديد من البولنديين اليوم يعتقدون أنهم قد تعرضوا للخيانة من طرف البلدين.

ويتصعد هذا الشعور بالخيانة خاصة في ”وارسو“ أين لا يعتقد الناس من نخبة المجتمع أن موقف فرنسا وبريطانيا كان مبدئيا، بل يرون فيهما ”أشباه الأصدقاء“ الذين قاموا بإصدار بعض من الضجيج بدلا من القيام بأفعال حقيقية كتسليح البلد مثلا وإمداده بالمؤونة ليصمد أمام الإجتياح النازي، أو حتى التدخل في ذلك عسكريا وإنقاذ بولندا من هذا الإجتياح الذي أودى بحياة 65 ألفا من مواطنيها؛ وهذا بدون ذكر الملايين الذين قتلوا تحت الإحتلال النازي والسوفييتي الذي تلى ذلك.

إلا أنه وعلى الرغم من كون هذا مستبعدا في بولندا، مازال الكثيرون يعتبرون البريطانيين أبطالا.

إن استخلصنا شيئا مما سبق، فهو مقدار الإزعاج الذي قد تسببه محاولة فهم الأحداث التاريخية، حتى بين الدول الصديقة.

مقالات إعلانية