في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» قمنا بالخوض في مجموعة ماركة (مايدنفورم) للألبسة الداخلية النسائية في مركز الأرشيف الوطني في المتحف الوطني للتاريخ الأمريكي، لنقدم لكم قصة مثيرة عن حمام شارك في الحرب العالمية الثانية وساهم في تغيير الكثير من أحداثها البارزة.
قد تتساءل الآن عزيزي القارئ ما الذي يجمع بين الحمام وحمّالات الصدر النسائية، أو ما الذي يجمع بين الحرب ومصنع لحمّالات الصدر؟ والجواب هو سترة واقية ليرتديها الحمام المشارك في الحرب.
كانت «سترة الحمامة» عبارة عن سترة واقية تم تصميمها من أجل حماية الحمام الزاجل أثناء قفزه المظلي من الطائرات وهو مشدود بإحكام إلى صدر الجندي المظلّي خلال الحرب العالمية الثانية، وبمجرد أن تطأ قدما الجندي الأرض خلف خطوط العدو، يقوم بإطلاق العنان للحمام الزاجل حتى يستطيع الطيران إلى وجهاته المحددة من أجل إيصال رسائل مهمة للغاية.
وما علاقة كل هذا الأمر والحرب والحمام بمصانع إنتاج حمالات الصدر؟
تم تصميم سترة الحمام الزاجل وصناعتها من طرف شركة صناعة حمالات الصدر (مايدنفورم) السابق ذكرها في مقدمة المقال، ففي الثاني والعشرين من ديسمبر 1944 وافقت شركة (مايدنفورم) على صناعة 28500 سترة خاصة بالحمام الزاجل لفائدة الحكومة الأمريكية، وهي بذلك قد غيرت مسار إنتاجها –على غرار جميع الشركات والمؤسسات تقريباً آنذاك– من الإنتاج السلمي إلى الإنتاج الحربي وصناعة كل ما هو لازم وضروري لدعم آلة الحرب، وبالإضافة إلى سترات الحمام الزاجل؛ قامت شركة (مايدنفورم) كذلك بصناعة المظلات اللازمة.
يعتبر هذا من أوائل نماذج سترات الحمام الزاجل الذي يعود تاريخه إلى التاسع عشر من يونيو سنة 1944، تمت صناعة السترة من مواد مسامية تسمح بنفوذ الهواء، مع نسيج صوفي مشدود أكثر تحت الحمامة من أجل تجنب أن تقوم مخالبها بتمزيق السترة.
تضمنت السترة كذلك رباطاً قابلا للتعديل خاصا بالجندي المظلي الحامل للحمامة حتى يتمكن من شده حول صدره، وتمت خياطة شكل السترة على شكل جسم الحمامة بالضبط، تاركة فقط رأسها وعنقها ونهايات أجنحتها وذيلها وأرجلها خارجاً.
كانت السترة تربط إلى الجزء الخارجي من سترة الجندي المظلي مثلما يمكنك رؤيته في الصورة أدناه.
كانت الحمامات تنقل رسائل متنوعة داخل كبسولات صغيرة تربط إلى سيقانها. كانت هذه الكبسولات تتضمن رسائل نصية، وعينات من الدم، أو حتى كاميرات صغيرة.
معظم الأوقات؛ كانت هذه الحمامات الزاجلة الشكل الوحيد من أشكال الاتصال خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت كذلك تمثل أكثر أشكال التواصل أمانا وثقة، والتي كان يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، كما كان الحمام الزاجل كذلك أقل أشكال التواصل التي يتم اعتراضها، حيث وصلت أكثر من 95 في المائة من الرسائل التي نقلتها إلى وجهاتها بنجاح.
بفعل الحاجة الملحة لها خلال زمن الحروب من أجل التواصل، تم تدريب حوالي 56 ألف حمامة زاجلة من أجل أداء مهمات حربية خلال الحرب العالمية الثانية، وقد كانت تلك الحقبة أكثر فترة يستعان فيها بالحمام الزاجل في التاريخ.
معدل سرعة الحمامة هو ثمانون كيلومتر في الساعة، وكان متوسط مسافات رحلاتها أثناء الحرب لا يتعدى 40 كيلومتر، على الرغم أنها تستطيع التحليق على مسافة تصل إلى 3500 كيلومتر.
لقد ساهمت هذه الحمامات المقاتلة في الكثير من النجاحات التكتيكية، كما ساهمت في إنقاذ حياة الكثيرين، وقد تلقت 32 حمامة زاجلة ميداليات تشريفية جزاء عن خدمتها في الحرب العالمية الثانية، وكان من بينها حمامة أطلق عليها اسم (جي آي جو) G I Joe، وهو حمام ذكر نقل رسالة تتضمن إلغاء مهمة قصف، وبنجاحه في ذلك؛ كان قد أنقذ حياة أزيد من 1000 جندي من جنود الحلفاء.
تتضمن مجموعة (مايدنفورم) في المتحف الوطني للتاريخ الأمريكي كذلك الحمامة (كايزر)، وهو حمام ذكر ألماني تم أسره من طرف الحلفاء وأخذ لإعادة تدريبه في حصن (مونموث) في (نيوجيرسي)، والذي استخدم من أجل تدريب الحمام الزاجل الخاص بالجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، كما يوجد كذلك الحمام (آنزيو بوي) والحمامة (غلوبال غيرل)، والحمام (شير أمي) من الحرب العالمية الأولى الذي مُنح وسام صليب الحرب الفرنسي نظيراً لخدمته في الحرب.