مدرسة هندية جديدة تمنح الأولوية لسعادة طلابها عوضاً عن تقييمهم على أساس العلامات

تشترك معظم المدارس الثانوية حول بقاع العالم بالتصميم الهندسي نفسه، إذ تتكون المدرسة عادةً من رواق طويل يصل بين عدد من الصفوف ومدخلان أماميٍ و خلفيٍ، بالإضافة إلى مقصفٍ لتقديم الأطعمة والمشروبات، وقاعة رياضة.

تتطلع إدارة المدرسة الداخلية الجديدة (ريفربند) Riverbend التي تقع في مدينة (تشيناي) إلى تغيير هيكلة المباني المدرسية التقليدية بالإضافة إلى إعادة النظر في المناهج الدراسية المتّبعة، فبدلاً من وجود مبنى ضخم مركزي وحيد للمدرسة، سيتم إنشاء عدة مباني صغيرة صُممت للتركيز على موضوع معين يتعلق بمواد دراسية مماثلة، وبالتالي ستكون هناك وحدة للرياضيات وأخرى لريادة الأعمال والآداب والفن والتاريخ، بالإضافة لوحدة خاصة بالتربية البدنية وغيرها.

ويعتبر الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه المدرسة هو إعطاء الأولوية لزيادة سعادة وبهجة طلابها الثانويين والإعداديين بدلاً من تقييمهم على أساس علاماتهم ودرجاتهم.

تابع معنا عزيزي القارئ قراءة هذا المقال لتتعرف أكثر على هذه المدرسة كما سيصورها لنا المهندس الرئيسي المشرف على بنائها (دانيش كوراني)، الذي أكد لنا أن عملية البناء ستبدأ في هذه السنة لتنتهي في عام 2020.

ضمن إحدى المناطق الريفية الموجودة على ضواحي بلدة (تشيناي)، ستستقبل مدرسة (ريفربند) أول فصل دراسي مكون من 300 طالب وطالبة بالإضافة إلى أعضاء الهيئة التدريسية والطاقم الإداري في عام 2020.

سيقضي الطلاب فصلهم الدراسي متنقلين بين مدرستهم الداخلية ومنازلهم، حيث يبقون في المدرسة طيلة أيام الأسبوع ويعودون إلى بيوتهم في العطلة.

تم تصميم هذه المدرسة النموذجية من قبل الشركة الهندسية المتخصصة ببناء المباني التعليمية (كوراني) Kurani، ومقرها مدينة (نيويورك) الأمريكية.

صمم فريق شركة (كوراني) الحرم المدرسي ليبدو كالقرية، إذ يتوسط المشروع ساحة عامة تتوزع حولها الصفوف الدراسية بشكل دائري، ويوجد خارج هذه الدائرة مقر سكن الطاقم التدريسي والطلابي، بالإضافة إلى أراضي زراعية حول المباني السابقة، حيث يمارس الطلاب فيها النشاطات الزراعية والبيئية.

أثناء تصميم مدرسة (ريفربند)، تطلعت الشركة المؤسسة إلى دراسة مطولة أجرتها جامعة (هارفارد) تابعت فيها تصرفات الناس خلال القرون الثمانية ماضية، والتي نصت على أن العلاقات الاجتماعية القوية بين الأفراد تساهم في حياة أكثر سعادة.

سيتضمن الحرم المدرسي العديد من المساحات المشتركة التي سيطلق عليها اسم “مخابر الحوار” حيث يمكن للطلاب الجلوس فيها ومناقشة المسائل والمواضيع مع زملائهم ومدرّسيهم في أي وقت.

سيكون متاحا للطلاب في هذه المدرسة النموذجية اختيار منهاجهم وجداولهم الخاصة بأنفسهم.

اعتقد كل من (فيفك) و(كيران) و(انديرا ريدي) -وهم مؤسسو هذه المدرسة وعلى اطلاع واسع بالأعمال الريادية الحرة- بأن الطلاب سيبدعون وينخرطون في العملية التعليمية بشكل أكبر في حال اختيار تعلم الأشياء التي يحبونها بأنفسهم.

بدلاً من حفظ المعادلات والمسائل الرياضية والعلمية، سيعمل الطلاب على مشاريع واقعية لإيجاد حل جذري وحقيقي لبعض مشكلات العالم، كمشكلة تأمين الغذاء وتطوير الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بالسكن والصحة العالمية.

يمكن للأطفال أن يتعلموا ما يحلوا لهم، مثل كتابة الرموز البرمجية لتصميم البرامج المختلفة، أو تعلم بناء صاروخٍ، أو كتابة مسرحيةٍ وغيرها.

يخبرنا (كوراني) عن مستقبل المدرسة بقوله: ”بات واقع تصميم المدارس حول العالم أمراً مفروغاً منه، إذ يظن معظم الناس أنها مجموعة من الأروقة والصفوف الدراسية، لكن إذا أردت تغيير النظام التعليمي المتبع والتركيز على تطوير شخصية الطالب وسعادته وذكاءه العاطفي، سيتوجب عليك طرح سؤالٍ مهمٍ للغاية يتعلق بتغيير تصميم المدارس التقليدي ألا وهو: ’ما هو نوع الفضاءات التي يجب تقديمها للأطفال؟‘“

يضم الحرم المدرسي أيضاً العديد من المميزات الأخرى: كوجود أماكن مخصصة للتأمل، ومطبخ مدرسي لتعليم الطلاب الطبخ، واستوديوهات لتسجيل الأغاني الموسيقية، وصالات لتعلم الرقص، بالإضافة إلى محلات تجارية تخول التلاميذ إنشاء أعمال تجارية خاصة بهم أثناء تواجدهم في المدرسة.

ولا ينتهي جمال الأمر عند هذا القدر فحسب، إذ تتميز مدرسة (ريفربند) بإبداع هندسي مختلف تماماً عن باقي المدارس التقليدية، فجميع الأبنية ذات زوايا منحنية لتشجع الطلاب على زيادة علاقاتهم الإجتماعية بحشدهم سويةً أينما كانوا، بالإضافة إلى كونها مكونة من طابقين على الأكثر، لأن المهندس (كوراني) يعتقد بأن هذا التصميم سيزيد من ألفة الحرم المدرسي مما سينعكس إيجاباً على راحة الطلاب.

لم تقرر (ريفربند) بعد فيما إذا كانت ستعتمد نظام الدرجات لتقييم مؤهلات الطلاب، والتي ستؤدي حسب تعبير (كوراني) إلى نشر منافسة غير صحية وغير أخلاقية بين الزملاء، ولن تُعتمد الإمتحانات التقليدية فيها كذلك الأمر.

ستتبع المدرسة منحىً تدريسي جديد سائد في الولايات المتحدة الأمريكية ويدعى ”التعليم الشخصي“

لن يعتمد المدرّس نظام المحاضرات التقليدي، بل سيلعب دور الوسيط أو المساعد في اختيار الطلاب لنوعية المواد التي سيتعلمونها.

سيتم تأسيس معهد بحث داخل المدرسة ليختبر فعالية التقنية التعليمية الجديدة المتبعة في (ريفربند)، ومن المخطط تعميمها لاحقاً لكافة المعلمين حول العالم في حال نجاحها.

الهدف الأكبر للمدرسة هو تغيير طريقة التعليم التقليدية وبناء جيل جديد أكثر سعادة وإنسانية.

ختم (كوراني) حديثه قائلاً: ”لن يكون التركيز على حشو أدمغة طلابنا بالمعلومات فقط واختبارهم بها خلال فترة الامتحانات بدون تعريفهم بأهميتها أو بسبب تعليمها لهم، بل سنعمل على الحياد عن المناهج التربوية التقليدية، حيث أننا نود إنشاء جيل خيّر ومفيد لمجتمعاتنا“.