إن المدن تحت الأرض استخدمت كثيراً خلال التاريخ البشري وكان الغرض الرئيسي من استخدامها هو كملاجئ خلال الحرب وغيرها من الأخطار، وضم العديد منها بنية تحتية على أكمل جاهزية كالمدراس والكنائس …إلخ.
من المخابئ التاريخية إلى ملاجئ خلال الحرب الباردة؛ سنستكشف سوية في هذا المقال بعد من أكثر المدن غموضاً تحت الأرض.
– ديرينكويو Derinkuyu:
إن طبيعة الصخور البركانية في منطقة كابادوكيا في تركيا جعلها موطناً لعدد من المدن تحت الأرض، لكن أكبرها وأجملها هي مدينة ديرينكويو.
يعود تاريخ هذه المدينة الأشبه بالمتاهة إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وعلى الأرجح أنها استخدمت كملجأ خلال فترات الحرب، هذا المجمع المؤلف من 18 مستوىً داخلياً ضم مطابخ وحمامات وغرف كثيرة وخمارات ومطابخ ومساحته الكبيرة كافية ليعيش فيها 20 ألف شخص، وعند التعرض لهجوم كان يمكن لكل مستوى في المدينة أن يغلق بمجموعة من الأبواب الحجرية المتراصة.
يعتقد الباحثون أن الحثيين أو الفريجيين هم أول من بنوا تلك المدينة، إلا أن المسيحيين في العهد البيزنطي قاموا باستصلاحها وتوسيعها تاركين خلفهم عدد من اللوحات الجدارية والكنائس الصغيرة.
على الرغم من كبر هذه المدينة لم يعاد اكتشافها حتى ستينيات القرن الماضي عندما عثر مواطن محلي على أنفاق للمدينة تحت منزله.
– ناورس Naours:
تقع مدينة ناورس تحت الأرض في شمالي فرنسا، والتي تتألف من 3 كيلومترات من الأنفاق وأكثر من 300 غرفة مبنية تحت هضبة الغابات بعمق يصل لأكثر من 30 متراً.
يعود تاريخ هذا الموقع للقرن الثالث الميلادي الذي كان محجراً رومانياً توسع فيما بعد ليصبح قرية تحت الأرض، التي استخدمت من قبل السكان كملجأ في زمن الحرب في العصور الوسطى، حيث يمكن أن تتسع لـ3000 شخص وتحوي على كنائس واسطبلات وأفران وآبار، لكن تم إغلاقها لعقود ثم أعيد فتحها في القرن التاسع عشر كموقع سياحي حيث يمكن للزوار مشاهدة أكثر من 2000 لوحة وكتابة على الجدران خلفها أجدادهم.
– فيليتشكا:
تعرف أيضاً باسم ”كاتدرائية الملح (تحت الأرض)“، يعد منجم فيليتشكا سالت في بولندا مجمعاً ضخماً تحت الأرض حيث يحتوي على العديد من الممرات والغرف والتماثيل، ويعود تاريخه لفترة عام 1200 عندما قام عمال المناجم بالتنقيب عن الملح الصخري تحت سطح الأرض. وفي القرون التي عقبت ذاك التاريخ اتسع هذا المنجم وأصبح يضم صالات عرض وأنفاق امتدت لأكثر من 300 متر تحت الأرض، كما قام العمال بنقش تماثيل ولوحات مدهشة في هذا المنجم، منها نسخة طبق الأصل للوحة العشاء الأخير لدافنشي.
توقف هذا المنجم عن العمل في عام 2007، لكنه لا يزال من المعالم السياحية الشهيرة في بولندا.
– المدينة تحت الأرض في بكين:
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؛ وبسبب الخوف من الحرب النووية، أمرت الحكومة الصينية ببناء ملجأ ضخم تحت الأرض في بكين (الذي عرف باسم ديكسيا تشنغ)، حيث يستطيع هذا الموقع الذي حُفر يدوياً حماية مليون شخص لمدة تصل إلى أربعة أشهر، حيث أن غرفه كانت مقاومة للانفجارات وممراته ضخمة بحيث أن بعضها يتسع لتمر الدبابات عبرها، وضم الموقع العديد من المدارس والمستشفيات والحمامات والمخازن والمطاعم، كما ضم صالة تزلج ومسرح سينما يتسعان لألف شخص.
لم يتم استخدام هذا الملجأ قط، لكنه لا زال تحت شوارع المدينة بكين، واستُصلح وفُتح كموقع سياحي في أوائل عام 2000.
– بيترا (البتراء):
هي مدينة أثرية منحوتة في صخور جبال جنوب الأردن، حيث كان هذا الموقع موجوداً منذ فترات قبل التاريخ لكنه وصل لذروته منذ 2000 سنة عندما قام النبطيون بتوسيع الموقع وإعادة بنائه، فبنوا قاعات ومقابر ومعابد. وتعتبر الخزنة من أكثر الصروح روعة في ذاك الموقع الأثري، التي تتضمن واجهة مزخرفة طولها 40 متراً تقريباً.
كانت بيترا موطناً لما يقارب 20 ألف شخص، لكن تم هجرها في القرن السابع ولم يتم اكتشافها من قبل الأوربيين قبل عام 1800 ولاتزال الحفريات فيها مستمرة حتى الآن، حيث يعتقد أن أغلب أجزائها ما يزال تحت الأرض وغير مكتشف.
– البرلنغتون:
بني هذا الموقع بأمر من الحكومة البريطانية في فترة الحرب الباردة خوفاً من وقوع حرب نووية، حيث يقع على عمق 30 متراً تحت قرية كورشام وتبلغ مساحته 141٫640 متر مربع، يتألف هذا القبو من أنفاق وممرات وغرف حجرية ويحتوي على كافتيريات ومكاتب وأماكن مخصصة للنوم ومرافق طبية.
صمم هذا الموقع لإبقاء رئيس الوزراء البريطاني وحوالي 4000 من الموظفين الحكوميين الرئيسيين على قيد الحياة أثناء حالة الطوارئ. كما احتوى على استوديو تابع لإذاعة BBC ليتمكن رئيس الوزراء من مخاطبة جمهوره، وعلى الرغم أنه لم يستخدم قط إلا أنه لم يتم رفع السرية عنه حتى عام 2004.