in

رحلة إلى عالم الأحلام الصافية

الاحلام الصافية

انتشر مؤخرا مصطلح ”الأحلام الصافية“ وأصبحنا نقرأ بين الحين والآخر تجارب أشخاص يصفون فيها كيف استطاعوا اقتحام هذا العالم والسيطرة عليه. وجد هذا الموضوع كثيراً من المهتمين به، بالطبع ولم لا؟ فمن منا لا يريد أن يجرب الطيران؟ أو أن يصبح بطلاً خارقاً؟ أو حتى أن يرى شخصاً عزيزاً عليه؟ كل هذا وأكثر متاح لك عزيزي في الأحلام الصافية. لكن بالرغم من شيوع هذا المصطلح وكثرة الحديث عنه، لو سألتك ما الحلم الصافي ربما لن تستطيع أن تجيبني بجملتين واضحتين وقد يتبادر لذهنك فيلم Inception، لكن لا بأس فنحن الآن على وشك أن ندخل هذا العالم الغريب.

الحلم الصافي هو فرصتك لتلهو بالقدرات الاستثنائية المدفونة في الأجزاء التي لا تستخدمها من دماغك. بغض النظر عن كونك بطلاً خارقاً في الحياة الواقعية أم لا، الحلم الصافي يتيح لك جعل أعمق مناطق دماغك ذات فائدة لك أثناء نومك. يمكنك أن تكون لا أحد أثناء استيقاظك وبطلاً خارقاً أثناء نومك. جميع عقبات الواقع يتم تجاهلها بينما تقوم برحلات نحو الشمس أو باطن الأرض، أو يمكنك القيام بأكثر تجاربك العلمية جنوناً على ألدِّ أعدائك.

الاحلام الصافية
صورة لـ Andrew Albright من فليكر.

الباحثة في موضوع الأحلام الصافية ”بيفرلي دو ورسو“ تعرف كل شيء يخص هذا الموضوع. لطالما كانت متحكمة بالأحلام منذ سنّ السابعة، وعملت مع عالم وظائف النفس ”ستيفين لابيرج“ مؤسس معهد الأحلام الصافية.

بيفرلي دو ورسو
بيفرلي دو ورسو

كانت أول شخص يتم له تسجيل نشوة جنسية خلال حلم. خلال أحلامها الصافية تذوقت النار، ذهبت إلى الشمس، وتغلبت على عوز الإلهام الذي كان يواجهها في الكتابة. لقد قامت بعمل كل شيء. وهذه مقابلة معها تجيب فيها على أكثر الأسئلة التي تخص هذا الموضوع شيوعاً.

ماذا يعني ”الحلم الصافي“؟

مع أنه يسمى صافياً إلا أنه بالحقيقة أقرب إلى ما يكون حلماً ”واضحاً“. حتى تستطيع أن تدخل حلما صافياً يجب أن تعلم أنك تحلم طوال الوقت. لا بد أنك تتمتم الآن ”هذا فقط؟“. نعم، لا يجب أن تتحكم بأي شيء في حلمك، مع أن التحكم هو ما يطمح إليه الحالمون المبتدئون.

الناس ينجذبون للأحلام الصافية لأنهم يريدون القيام بما يستحيل عليهم فعله في الواقع. مثلا، تذوق النار، والطيران نحو الشمس. العديد من الحالمين المتمرسين يدركون مدى فائدة الأحلام الصافية، حيث تمكّنك اكتشاف حدود قدراتك الشخصية أو حدود الكون بأسره.

ما هي أفضل طريقة لتصبح متحكماً بأحلامك؟

أفضل طريقة لتصبح متحكماً هي بأن تكون أكثر وعياً وانتباهاً لكل التفاصيل، فعندما تلاحظ أشياء خارجة عن المألوف ستدرك حينها أنك تحلم. من أجل تسهيل هذه العملية تستطيع تطوير عادة أن تعاين البيئة المحيطة بك خلال اليوم. العادات الذهنية التي تمارسها خلال اليوم تميل لأن تستمر خلال الأحلام عندها تستطيع ملاحظة اختلاف شيء ما بمجرد أن تبدأ بالحلم. عندما يصبح الشخص شفافا يصبح لديه مستويات عالية من الوعي وبالطبع هذا من أهم فوائد الأحلام الصافية.

ما هو تفسير ظاهرة الأحلام الصافية؟

أطير إلى الشمس

حسناً، لجعل هذا أكثر سهولة سأطرح مثالاً بسيطاً، كنت ألهو في أحد الأحلام الصافية وقد صدف أنه في مكان للتخييم، بما أنني أعلم أنه حلم إذا لما لا أجرب القفز في النار، لم أحترق ساعتها وكنت ألعب بألسنة اللهب. ثم قررت أن آكل النار. وضعتها في فمي وأتذكر إحساسي بكونها مالحة! لقد قمت بالتعدي على جميع الحواجز المنطقية بالفعل، لذا قررت أن أطير إلى الشمس، بدأت الطيران مثل سوبرمان، أسرعت أكثر وأكثر، وكلما اقتربت من الشمس لم أستطع رؤية أي شيء. ولا أن أشعر بجسمي، لكنني أحسست باهتزازات و أصوات وضوء، من الواضح أنّ الشمس كانت تشع كثيراً من الضوء، وأنا بقيت في هذه الحالة التي لا أستطيع وصفها بدقة.

الآن كما ترون محاولة فهم الحلم الصافي وتفسيره تختلف تماما عن باقي الظواهر المعتادة.

بصفتك متحكمة تشاركين أحياناً بمسابقات التحكم بالأحلام، ماذا يحصل في هذه المسابقات؟

قام أحد أصدقائي بتأسيس الجمعية العالمية لدراسة الأحلام، وشاركت فيها منذ البدء قبل نحو 26 عاماً. تعقد هذه الجمعية مؤتمراً سنوياً، ويستمر لأسبوعين. خلال المؤتمر يتم تقديم أوراق بحث، وعقد ورشات عمل، وعمل مسابقات.

أحد هذه المسابقات هي مسابقة ”محتوى الصورة“. قبل بدء المؤتمر يقوم شخص مجهول بجمع آلاف الصور حيث يتم اختيار أحدها عشوائياً فيما بعد. ثم يقوم عرّاف (شخص يدعي امتلاكه قدراتٍ ذهنية) بإرسال هذه الصورة إلى جميع الحالمين المشاركين في المسابقة في ليلة محددة. في اليوم التالي تُعرض الصورة على المشاركين كي يروا مدى الترابط بين محتواها ومحتوى أحلامهم. بالطبع هناك حكّام ويمكن للمشاركين معرفة أحلام بعضهم ومقارنتها. وأخيراً يوجد ثلاثة فائزون في هذه المسابقة.

هل كنتِ في حلم مشترك من قبل؟

حسناً، لدي كثير من التجارب في محاولة القيام بحلم مشترك. يجب أن تقوم بالتجهيز له مسبقاً، تتفق مع شخص على الالتقاء في مكان ما، مثلا جزر الباهاما، ثم لاحقا بينما يكون كلانا يحلم نقوم بالسفر لذلك المكان. عندما تصل يجب أن تخبر شريكك بسر ما، بعد أن تستيقظان تستطيعان التأكد من نجاح اللقاء بالسؤال عن الأسرار التي أخبرتما بعضكما بها في الحلم. لكنني لم أنجح في القيام بهذا حتى الآن.

كثير من الناس يعيشون خيالاتهم في الأحلام، هل هذا كافٍ ليحل محل نفس الخيالات في الحياة الحقيقية؟

نعم، خيالات الأحلام غالبا ما تكون أكثر متعة. هناك الكثير من الأشياء التي تستطيع فعلها في الأحلام وليس في حياة اليقظة. لا تستطيع مثلا تذوق النار، الطيران إلى الشمس، أو ممارسة الجنس مع غرباء من غير عواقب وخيمة. لكن تستطيع القيام بكل هذا في أحلامك.

هل اختبرتِ الجنس في أحلامك الصافية؟

الاحلام الصافية
اختبار الجنس في الأحلام الصافية

نعم، مرات كثيرة. في مرحلة ما حاولنا تسجيل نشاط جنسي خلال حلم شفاف في مختبر النوم في جامعة ستانفورد. كنت موصولة بأقطاب كهربائية عديدة منها أقطاب مهبلية. هدفي كان ممارسة الجنس في الحلم والوصول إلى النشوة الجنسية.

حلمت بأنني أطير فوق حرم جامعة ستانفورد ورأيت مجموعة من السياح. نزلت إلى الأسفل ونقرت على كتف شاب في الحلم كان يرتدي بدلة زرقاء. استجاب على الفور هناك على الممشى. مارسنا الجنس، وقمت بإرسال إشارة عند بدء العملية والوصول إلى النشوة إلى المختَبِر. لاحقاً قمنا بنشر هذه التجربة في مجلة علم الوظائف النفسية كأول حالة مسجلة لنشوة أنثى في حلم.

كيف يمكن للحلم الصافي أن يكون علاجاً؟

دعيني أطرح عليك مثالا. في بداية الثمانينات كنت أعمل على تجهيز أطروحتي للدكتراه. كنت قد أنهيت الساعات الدراسية المقررة واخترت موضوعاً، لكنني لم أبدأ بالكتابة. فعليا لم أكن أعمل على أطروحتي. أحد أصدقائي قال لي ”حسناً، لما تتغلبين على مشاكلك في الكتابة في أحلامك؟“

فكرت بأنني قد أجرب هذا. في أحد الأحلام كنت في غرفتي، لكن حهاز الحاسوب الخاص لم يكن في مكانه، بدلاً من أن يكون على يسار الغرفة كان على اليمين، لذلك علمت أنه كان حلماً. أول شيء حصل معي أنني أصبحت مشلولة تماماً. بالرغم من معرفتي أنه حلم إلا أنني لم أستطع الحركة، كل ما أردت فعله هو الذهاب إلى جهاز الحاسوب لأبدأ الكتابة، ضللت أخبر نفسي، ”هذا الحلم لي. أنا في حلم. يجب أن أكون متحكمة في هذا.“ ذهبت إلى الحاسوب كما لو كنت أمشي بالحركة البطيئة. كان في الكرسي فوهة تقود إلى الجحيم. كان هذا مرعبا لكنني جلست وتركت نفسي أقع نحو حفرة في الجحيم. بعد هذا استيقظت. ومنذ تلك الحادثة لم أعد أواجه متاعب في الكتابة.

ما هي الفوائد الروحانية للأحلام الصافية؟

بالتأكيد ستجعلك شخصاً أكثر استنارة. أنت تتعلم أن تكون في اللحظة الحالية وأن تنتبه لمحيطك وأن تستوعب الأشياء بدون أن تكون مشتتاً بسبب الأفكار العشوائية أو الماضي أو حتى المستقبل. وهذا ما يعلمك إياه أكبر المعلمين الروحانيين حالياً: أهمية أن تكون في اللحظة الحالية. وهذا ما كان يقوم به الحالم المتحكم منذ البداية. فهم جميعاً مدركون للحظة الحالية بأكثر من مجرد جسدهم الفيزيائي، لأن قدراتهم اتسعت لتشمل ذاتاً أعلى.

هل هناك أي دراسات لمعرفة مدى التغيرات في الشخصية قبل وبعد الحلم الصافي؟

بالطبع. هناك أشخاص يبحثون في ميزات الحالمين. إحدى الدراسات التي أذكر مراجعتها من أجل مجلة علمية كانت عن الحالمين وقدرتهم على ملاحظة الأشياء في نماذج عمى التغير (عدم ملاحظة الفرق بين الوضع السابق والحالي) وعمى عدم الانتباه (العمى عما هو خارج مجال الانتباه) حيث كانت ملاحظتهم أسرع من معظم الناس.

الحالمون عادة ما يكونون أفضل في ملاحظة الأشياء بسبب تزايد الوعي لديهم كما أشرت سابقاً.

افترضي أن الناس اعتقدوا أنهم يحلمون وبدؤوا التصرف بجنون، هل بإمكان الأحلام الصافية أن تكون خطيرة؟

لا، هذه ليست بالمشكلة أبدا. حسب التعريف، الحالمون المتحكمون يعلمون أنهم في حلم، لذلك لن يرتبكوا حيال ما إذا كانوا في حلم أم يقظة. لكن الحالمون العاديون قد لا يستطيعون التمييز بينهما. لذلك الأشخاص الذين ما زالوا في البدء يجب أن يأخذوا الموضوع برويّة وألّا يقوموا بتصرفات كابتلاع النار أو القفز من تلة لرؤية ما سيحدث. لا أعتقد أن متحكم خبير سيقوم بالقفز من تلة من غير أن يتأكد أولاً من مقدرته على أن يطفو في الجو.

هل تجعلك الأحلام الصافية متعبة؟ هل شعرتِ بأن كونك متحكمة في أحلامك يمنعك من الحصول على القدر الكافي من الراحة؟

معظم الناس يدّعون هذا، لكن أعتقد أن العكس هو الصحيح. هناك بعض الأهمية للأحلام العادية، لكن هذه هي الأحلام المتعبة بحق. مثلا، من قد يود أن ينفصل عن حبيبه في المدرسة الثانوية والشعور بالتعاسة مجدداً؟ من يود أن يقوم بتقديم امتحان ما وبعد ذلك يقلق بسبب النتيجة في حين أنه تخرج من المدرسة منذ سنين؟ الأحلام الصافية ممتعة ومنعشة، إنها تعطيني الطاقة لأستيقظ وأنا أشعر بالنشاط. حقاً يجب أن تقوم بتجربتها!

مقالات إعلانية