in

أحبك.. أمي

احبك امي صورة لناصر ثامر
صورة لناصر ثامر

قالت لي أُمي ذات يوم بنبرة معاتبة قليلاً: ”أنت تخرج كل يوم مع أصدقائك أو مع حبيبتك، ولا تأتي إلا بعد منتصف الليل، أعلم أن هذا من حقك فأنت شاب، ولكنّي أيضا بحاجة إلى أن أخرج، انفه عن نفسي قليلا، وليس لي أحد سواك، فأنت كل ماتبقى لي بعد وفاة والدك.“

ثم أضافت: ”غدا، سوف يكون يوما مخصصا لي بالكامل، بدايةً سنذهب للصلاة والدعاء، وسأدعي الله أن يحفظك من كل مكروه، وبعدها سنجلس وستحدثني عنك وعن ما يحصل في حياتك، فأنا مشتاقة جدا لأستمع لك، ولأنظر إلى وجهك وأنت تتكلم.“

كنت فرحا جدا لطلبها، وكشفت عن أسناني مبتسما معبرا عن سعادتي، وكأن هذا الطلب كان هدية من السماء لي، لأني كنت جدا مشتاق لوالدتي، وأعلم أن لي رغبة كبيرة جدا في الحديث معها، ففي قلبي الكثير من الكلام الذي أودّ كثيرا أن تستمع له وهي تنظر إِلَيَّ كعادتها بتلك النظرة التي اختصّت بها وحدها، نظرة الحب ولكن ليس كأي حب، الحب الذي يجعل منك طفلا صغيرا مدللا مهما مرت بك السنين.

تسائلت في قرارة نفسي: لماذا لم أفكر بتخصيص جزء من وقتي لأمي؟ في حين أني أغمر كل هذا الاشتياق لها؟!

بدايةً لم اجد جوابا شافيا لسؤالي، ولكني فجأة أحسست بغصّة في حنجرتي وبدأت دموعي تتدفق كسيل من مقلتيَّ، بكيت كثيرا كطفل، وكنت أحس بحرارة دموعي على خدي، استمريت ببكائي لدرجة أن الصداع بدأ يدب في رأسي.

نهضت من حلمي ومسحت دموعي التي تركت أثرها على خديّ وأغرقت مخدتي، وتذكرت أني منذ فترة لم اشتري باقة من الورود لأضعه على قبرها! كعادتي طوال كل هذه السنين الخمسون؛ اتصلت بحفيدي الاكبرK كونه يحب جده ولا يرد له طلبا، وسألته أن يأخذني غدا بسيارته لنشتري الورود ونزور قبرها.

مقالات إعلانية