in

من شابه نبيهُ فما ظلم: كيف سار معظم حكام الأمة على خطى الأنبياء والتابعين

قائد اسلامي
صورة: adoc-photos/Corbis من خلال Getty Images

”أحَرام على حُكامنا الدوح… حلال للأنبياء من كل جنس؟“، حسنًا، لم تكن تلك تحديدًا كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي التي وصف بها حال الأمة العربية، ومدى معاناة أبنائها لنَيل خيراتِ بلادهم، على الرغم من سهولة ذلك بالنسبة لمن هم في السلطة، والذين بدورهم يعقدون صفقات مع جنسيات أخرى على حساب الشعوب، فقد وضعت أمامهم تلك الخيرات المنهوبة ليستمتعوا بها.

لكن ما دخلُ ذلك بالأنبياء هنا؟ ولماذا يسعى كاتب المقال إلى استحضارهم بتلك الأبيات؟ وكيف ارتبط الهجوم على الحكام الذين قصد أحمد شوقي عتابهم على إعطاء ”دوح“ بلادهم للغرب، بالأنبياء الذين عاشوا منذ زمن طويل؟ فتلك حجة لم يضعها من يقرأ التاريخ في الحسبان من قبل سواء كان مؤيدًا أو معارضًا.

في السطور التالية، سنستعرض سويًا كيف سار معظم حكام الأمة على خطى الأنبياء والتابعين، حتى ضلوا الطريق (في نظر شعوبهم)، بالرغم من أن تلك الشعوب نفسها تمجد وتثني على نفس الطريق (الضال) عندما سار فيه الأنبياء من قبل. لذا سنبدأ رحلتنا سويًا تارة مع حاكم وتارة أخرى مع نبي أو تابع من التابعين، لنرى هل أخطأ أحدهما أو كلاهما أم أخطأنا نحن؟

عبد الناصر ونبي المسلمين.. القاهرة–قريش

حكم جمال عبد الناصر جمهورية مصر العربية منذ 1954 إلى 1969، واتفق كل من معارضيه ومؤيديه على تفاصيل خططه واختلفوا في كيفية تأويلها.

يرى معارضو عبد الناصر أن الرجل قد أصابه جنون العظمة والقيادة، لأنه ساق مصر إلى مصير مظلم انتهى بقبضات عسكرية متتالية رفضت ترك سدة الحكم، حيث قرر استهلاك موارد وطنه لنيل رضا جيرانه على الرغم من عدم قدرته حينها على تحقيق أبسط خططه، من وحدة عربية على الأقل.

ذهب عبد الناصر بجيشه إلى معاداة جميع الدول الغربية تقريبًا، داخل وخارج قواعد الجمهورية، وسط انهيارٍ تام للعملة المصرية وضعف في الإمكانيات الحربية تشهد عليه نكسة عام 1967، وبدلًا من العدول عن قرار التمسك بقيادة الأمة؛ قام بتثبيت أركان القوات المسلحة في جميع مؤسسات الدولة، الأمر الذي صعّب عملية نقل السلطة طيلة 65 عام تقريبًا حتى يومنا هذا. إذًا، كانت تلك وجهة نظر من يعارضون عبد الناصر فماذا عن المؤيدين له؟

يمكنك استنباط عريضة دفاعهم عنه ببساطة من السطور الماضية، فالدفاع عن استقلال الجيران واجب قومي، حتى ولو سبب ذلك عثرات اقتصادية وأمنية، بل أنه ضرورة لحماية الأمن الداخلي ذاته.

هناك شيء آخر اتفق على روايته كلا الطرفين، واختلفا في تقييمه، ألا وهو نقل ملكية الأراضي من الإقطاعيين إلى فلاحي مصر بالقوة، بالطبع لم تكن كل تلك الأراضي تعود إلى الفلاحين، ولكن فساد بعض من حاشية الملك سهل على مناصري عبد الناصر تقبل الأمر كعقوبة جماعية لأعداء ثورة 1952 ضد الحكم الملكي، فيما يرى معارضو ناصر أن تلك كانت ضربة غير عادلة، لكل من كان يمتلك رقعة زراعية ما، حتى ولو كان يمتلك ما يثبت أحقيته لها.

في النهاية كملخص للقصة، أنهى جمال عبد الناصر المَلَكية في مصر دون مواجهات عسكرية بصحبة مجموعة من الضباط الأحرار، حيث قام بتحويل ممتلكات الملك وحاشيته إلى ملكيات تابعة للدولة –كتحويل القصور إلى مبانٍ حكومية وأخذِ الأراضي من الإقطاعيين وإعطائها لشعبه البسيط الذي أيد حركته، ثم بدأ في البحث عن مجد قومي وتوسيع رقعة الموالين له خارج مصر، واعترت فترة حكمه حروبًا عدة جعلته متهمًا في نظر الأجيال الحديثة خصوصًا.

هل تذكركم القصة السابقة بشئ ما؟

لنروي مثلًا الملامح العامة لقصة ”فتح“ مكة وما بعدها.

حينما حقق محمد نبي الإسلام حلمه في العودة إلى مكة كحاكمٍ وليس كمواطن، تحقق ذلك دون مواجهة تذكر بعد إجبار أهالي قريش على الاستسلام بمحاصرة مكة، غير ذلك الاشتباك الطفيف الذي حدث بين خالد بن الوليد وبعض من رجال قريش، والذي نتج عنه 14 قتيلًا من الطرفين وفقًا للروايات الإسلامية، وبعد ساعات قليلة من تسلم محمد لمقاليد الحكم شرع في تحطيم الأصنام والرسومات التي تعود إلى ثقافة أهل قريش كاملة، أما عن مصير الأراضي التي كانت مُلكًا للكفار فقد تحدد فيما بعد.

ذُكرت كيفية التعامل مع الأراضي المنهوبة في المعارك في كتاب ”الكنز الثمين“ لابن العثيمين، فبعد انتصار المسلمين يكون مصير تلك الأراضي إما بتوزيعها على المشاركين في الغزو أو تركها لأصحابها على أن يدفعوا عنها خراجًا يحدده ولي الأمر، فيقول محمد بن صالح العثيمين في كتابه سابق الذكر: ”إذا فتح المؤمنون بلدًا ملكوا الأرض لقوله [يقصد الله في سورة الأحزاب] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}“، كقياس على ما يجب فعله بممتلكات الفئة المهزومة، هذا ما فعله نبي الإسلام في خبير، فيما فضل عمر بن الخطاب أن يُبقي الأرض لأصحابها مقابل دفع الخراج الذي يقدره هو في حادثة أخرى.

إذًا، أين أخطأ عبد الناصر؟

ربما في توسيع رقعة الدفاع عن القومية العربية على حساب بناء الدولة داخليًا؟ لنرى..

بعد مرور أقل من نصف شهر على ”فتح“ مكة، علم محمد أن قبيلتي هوزان وثقيف قررتا وضع خطة للإيقاع بالمسلمين خشية علو شأن الدعوة الإسلامية والتأثير عليهم، فتصرف بسرعة وأعد جيشه وقاتل تلك القبائل في وادي حنين، حتى انتصر بالفعل بعد معركة صعبة كلفت المسلمين الكثير من الضحايا في بدايتها، لدرجة أنهم كادوا أن ينسحبوا من المعركة، وغطت الغنائم التي حصلوا عليها تكاليف تلك الحرب.

هذا بالضبط ما حدث مع جمال عبد الناصر حينما قررت الدول الإستعمارية التي كانت تحتل العديد من الدول العربية وقتها مواجهته والحد من قدراته حتى لا تتفشى مفاهيم القومية التي كان يدعو لها وتصعب عليهم المهام في مستعمراتهم، حيث شرع عبد الناصر في تأييد المقاومة ضد المُحتل في كل بقاع الوطن العربي تقريبًا ومدها بالسلاح والجنود أحيانًا، أما الغنائم فبالتأكيد لم يكن باستطاعة عبد الناصر سرقتها من جيرانه. والآن لنسأل مجددًا.. أين أخطأ عبد الناصر؟

اقتصاديًا، هل سرق حكامنا فن إدارة الأزمات من عمر بن الخطاب؟

نتحدث هنا عن عام الرمادة أو كما يُطلق عليه البعض عام المجاعة.

حيث يقول عبد الرحمن بن كعب بن مالك: ”كانت الرمادة جوعًا شديدًا أصاب الناس بالمدينة وما حولها، حتى جعلت الوحوش تأوي إلى الإنس، وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها، وإنه لمقفر“، ويقول الحافظ ابن كثير: ”وقد روينا أن عمرًا عسَّ المدينة ذات ليلة عام الرمادة، فلم يجد أحدًا يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على غير العادة، ولم ير سائلاً يسأل، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: ’يا أمير المؤمنين، إن السؤَّال سألوا فلم يُعطوا، فقطعوا السؤال، والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون‘“، لن نسرف في شرح تلك النقطة فأنت غالبًا تستطيع رؤية تلك المظاهر يوميًا في شوارع بلادنا الآن.

إذًا فقد واجه عمر أزمةً ماليةً طاحنة، وكذلك أزمة في الموارد الغذائية بسبب قلة الأمطار لعام كامل، فماذا فعل؟

اعتمد في خطته الإقتصادية على نقاط بسيطة تتمثل في إنفاق كل ما تملكه الدولة من طعام ومال على جميع السكان، ثم طلب المعونة من الأماكن المجاورة –مثل مصر التي كانت تحت الحكم الإسلامي حينها، ثم دعى المسلمين إلى الحل الأخير وهو التضرع والابتهال وصلاة الاستسقاء، عسى أن يجلب الله الأمطار التي منعها عنهم، وظلت المجاعات تجتاح الدولة حتى نهاية الأزمة بعد تسعة أشهر كاملة.

ملحوظة هامة الذكر: في نفس ذلك العام، واجه المسلمون طاعون عمواس وفشلت المنظومة الصحية البدائية في تلك المعركة، حيث توفي بسببه ما يقارب 30 ألف شخص في الشام.

لوحة لـsyarul/Deviantart

لنراجع معًا ما حدث ونقارنه سريعًا مع قرارات بعض الحكام العرب في عصرنا الحالي. استنفاذ المصادر وطلب المعونة من بلدان أخرى والتضرع إلى الله قديمًا، يقابلها استهلاك للموارد وطلب للمعونة من بلدان أخرى كجلب قروض من البنك الدولي، بالإضافة إلى التضرع إلى الله حديثًا. يُمكنك التأكد بأنه لولا المساعدة التي قدمتها مصر (التي كانت تحت إمرة المسلمين) لعمر حينها لكان ابن الخطاب قد ورّث مَن بعده دَينًا خارجيًا مُنقطع النظير.

قد يطرأ على ذهنك سؤال مهم في هذه المرحلة، هل كان عمر فعلاً  قليل الحيلة؟ الإجابة بمنتهى الحياد هي ”لا“. ينطبق هذا كليًا على حكام الأمة الآن.

أمنيًا، هل أخطأ عبد الفتاح السيسي في فض اعتصام رابعة؟

سنذكر هنا واقعتين متشابهتين للغاية، يرفض معظمنا إحداهما فيما يرى الأخرى من السيرة الأمنية الحكيمة لابن عم النبي محمد.

بالعودة إلى تفاصيل اعتصام جماعة الإخوان المسلمين الذي استمر منذ 21 يونيو 2013 وحتى 14 أغسطس من نفس العام، سوف تجد أن مصر حينها انقسمت إلى ثلاثة أقسام، قسم أول مُعارض لاستمرار الجماعة في حكم البلاد واختلفت الأسباب بين رفض المصريين لتغيير هويتهم، وتردي الأوضاع بعد نهاية حكم الرئيس المُتنحي محمد حسني مبارك، القسم الثاني يجد نفسه مُعارضًا أيضًا لاستمرار الإخوان في الحكم، ولكنه يرفض تحرك القوات المسلحة لخلع رئيس منتخب وهو محمد مرسي، أما القسم الثالث وهو أفراد جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم.

من المُنصف القول بأن الغالبية العظمى من الجماهير حينها أرادت وبقوة رحيل الإخوان عن الحكم، وبعد تقديم أحد الحلول الديمقراطية بإجراء انتخابات رئاسية مُبكرة، والذي تم رفضه من الحاكم نفسه (محمد مرسي)، أصبح الاعتصام يُشكل ضررًا على قاطني مدينة نصر، حيث تم إغلاق الشوارع بشكل كُلي تقريبًا، ولم يسمح إلا للأفراد فقط بالتجول دون مركباتهم وسط حالة غير طبيعية من استمرار الإزعاج القادم من الشوارع التي يعتصم فيها مؤيدو مرسي.

بدأت السُلطة المؤقتة في اتخاذ قرارات من شأنها إقناع المعتصمين بفض اعتصامهم، وهي: توزيع منشورات تهدف لبث الطمأنينة في قلوب من أراد الرحيل، ومن ثم إغلاق المنافذ على الاعتصام لمنع دخول الإمدادات الغذائية إلى المعتصمين. انتقل بعدها الأمر من اعتصام في تقاطع شارع إلى حرب في سيناء، نتج عنها العديد من القتلى ضمن صفوف أفراد الجيش والشرطة، هذا ما صرح به أحد قيادات الجماعة البارزين محمد البلتاجي وعرفه على أنه رد فعل لسقوط حكم مرسي قائلًا جملته الشهيرة: ”ما يحدث الآن في سيناء سوف يتوقف حينما يعود الرئيس إلى سُدة الحكم مجددًا“ –يمكنكم مراجعة يوتيوب لمشاهدة الإعتراف، لذا وفي تلك  المرحلة فقط قرر المسؤولون فض الإعتصام بالقوة، وأنتم تعرفون ما حدث حينها في احتفالات عيد الفطر، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى بعد التعدي عليهم بقنابل الغاز والرصاص أثناء قراءتهم للقرآن وتأديتهم لصلاة العيد. زعم الإخوان أن المعتصمين يقدرون بالآلاف، إلا أن المصادر الرسمية نفت ذلك وقلصت الرقم للمئات منهم فقط.

والآن لنذهب في رحلة بعيدة إلى اعتصام الحروراء، بالتحديد في عهد ولاية علي بن أبي طالب، حيث قررت مجموعة من المسلمين المتشددين للغاية التجمع بالآلاف لعزل علي من منصبه، معللين ذلك بأنه لا يحكم بما أنزل الله، فكيف تصرف علي؟

في البداية قرر مناقشتهم عن طريق بعض الرُسل مع وعد بالأمان في حالة فض الاعتصام، ثم أمر جيشه بوضع طوق حول المدينة حتى لا تتسلل الفتنة لخارجها، وظل الأمر كذلك حتى سلك المعتصمون طريقًا مغايرًا باستخدامهم للعنف وقتل أحد أتباع علي في المدينة، فما كان منه إلا أن أمر جيشه بالتحرك وقتل جميع من في الاعتصام، وتكمن الصدفة في أنهم كانوا حينها يقرأون المصاحف ويقومون الليل، حتى أن جيش علي تردد وعاد إليه، فأخبرهم أمير المؤمنين أن هؤلاء ما هم إلا خوارج حذّر منهم النبي قديمًا، وبالفعل تم فض الإعتصام وتم القضاء على الآلاف من حفظة القرآن في أحد الوقائع الشهيرة في التاريخ الأمني للدولة الإسلامية.

إقرأ مجددًا تلك الفقرة وحاول استخراج الإختلافات بين طريقة فض اعتصامي رابعة العدوية والحروراء.. إن استطعت.

للعدالة وجوه أخرى.. المحسوبية

هل حقًا لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعوا يدها؟

تبدو الإجابة واضحة عندما تُراجع تفاصيل ما حدث بعد مقتل عمر بن الخطاب بدقة.

بدأت الأحداث عندما تم أسر أبي لؤلؤة المجوسي وتحويله إلى عبد، ومن ثم السماح له بالإقامة برفقة سيده المغيرة بن شعبة في المدينة المنورة نظرًا لحرفيته في العديد من المجالات مثل الحدادة والنجارة وأعمال البناء.

قرر ذلك العبد أن يقوم برفع شكوى إلى عمر طالبًا فيها أن يتم تقليل ما يقدمه إلى الدولة من خراج (نعم، عبد أسير يستخدمه المسلمون في كل الأعمال تقريبًا، ويقوم بتقديم ما يُعتبر ضرائب في عصرنا الحالي وأراد تقليل تلك النسبة)، ولكنه لم يلق أي اهتمام من طرف ابن الخطاب، حينها قرر قتله دفاعًا عن ما تبقى له من حريته.

لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فالمشكلة الكبيرة تتمثل فيما فعله ابن الخليفة المقتول عبيد الله بن عمر بن الخطاب، حينما لم يكتف بالقصاص لوالده بقتل أبي لؤلؤة، ولكنه قام بقتل ثلاثة أشخاص آخرين من بينهم ابنة أبي لؤلؤة المجوسي الصغيرة، وعندما طالب البعض عثمان بن عفان بمحاكمة عبيد لاقترافه ذلك الفعل الشنيع، رفض ذلك وقام بإطلاق سراحه.

وهنا نستطيع استحضار آلاف الأمثلة من عصرنا الحالي، مثل العديد من القضايا التي تم إغلاقها وعدم محاكمة المتهم نظرًا لكونه أحد أبناء كبار الدولة مثلًا. فهل كان عثمان ظالمًا أم أن حكامنا يسيرون على خطى صحابي جليل في تقليدٍ متعارف عليه منذ قديم الزمان؟

الحُجة الدائمة.. الخطط الخمسينية ووعود الجنة وتداول السُلطة

هناك نقطة أخرى قد تجد فيها ما يشبع رغبتك في ربط التشابهات بعضها ببعض، وتتمثل في طلبات غير منطقية تطلب منك في مقابل وعود مستقبلية لا يُمكنك طلب تحقيقها في وقت قريب، فمثلًا هناك من يحاول إقناعك أن جميع القرارات التي ترفضها اليوم هي فقط مجرد خطوات على طريق طويل في الإصلاح، يمتد إلى خمسين عام على الأقل، ومن ناحية أخرى هناك من طلب منك القتال معه واقتسام الغنائم برفقته وأسر الفتيات وحصد العبيد والرق من ديار الكفار، والصبر على مجاعة هنا وفقدان الأحباء هناك والمشقة في بناء دولة بصدام تلو صدام، وكل ذلك أيضًا مجرد خطوات في طريق مستقيم نحو جنة الخلد، حيث تجد هناك كل ما تركته في الحياة الدنيا من صحة ورغد العيش، وبالطبع الجميلات في انتظارك كذلك.

وفي نهاية المقارنات التي ولو أردنا إبراز المزيد منها فإنها لن تنتهي، فإن أكبر أمثلة تشابه حكام اليوم وأنبياء وصحابة الأمس البعيد تراها واضحًة في كيفية تداول السُلطة، فالحاكم في معظم دول أمتنا حاليًا لن يترك عرشه إلا في حالة من الثلاث الآتية: أن يخلفه وريث يحدده بنفسه أو أن يُقتل أو أن يموت ميتة طبيعية، وهذا بالضبط ما حدث في العصر الأول للدولة الإسلامية كاملًا.

بعد قراءتك لهذا المقال ربما ستجد نفسك في حيرة بين ثلاثة اختيارات، أولًا أن يكون الكاتب أحد هؤلاء ممن يبحثون عن رضا حاكم ما فشرع في تشبيهه بنبي أو بصحابي، أو ربما من كتب هذا هو مُلحد يسعى لزعزعة الإيمان التاريخي لبعض المُسلمين بتمثيل أساطيرهم بحكام اليوم، والذين ينظر معظم الناس إليهم بنظرات اللوم والعتاب على مئات الخيبات من وجهة نظرهم، ثالثًا.. نعم هو الاختيار الصحيح وسيكون عليك قراءة المقال مجددًا لكي تعرف ما أقصد، وأخيرًا فمن شابه نبيه فما ظلم.

مقالات إعلانية