in

ألطف الأعمال التي قام بها الغرباء تجاهنا.. يقص علينا متابعو «دخلك بتعرف» عن القناص، وبشار، والأطفال

في الشرق الأوسط، وكعادة تلك المنطقة، لا يُمكنك توقع إجابات عادية للأسئلة التي يتكرر تداولها عبر العالم كله، حتى ولو كان السؤال بسيطاً مثل: ”ما هو ألطف عمل قام به شخص غريب تجاهك؟“، سوف تتفاجأ بأن تكون إحدى الإجابات عن حماية طفلة من قناص ما، في الوقت الذي ربما كانت لتتغير تلك الإجابة إذا ما تغير موطن صاحبها إلى شيء أقل إثارة، مثل إنقاذها من الاختناق بعد ابتلاعها للحلوى مثلًا.

وجهت صفحة «دخلك بتعرف» هذا السؤال إلى متابعيها، ولنُبحر سويًا في طريق الردود المؤثرة والعاطفية والصادمة معًا:

ملاحظة: جميع الصور المرفقة داخل هذا المقال هي صور غير حقيقية وغير مرتبطة بالأحداث.

القناص والغريب اللطيف:

قناص

تحكي (رنا) عن ألطف الأعمال التي قام بها غريب تجاهها أو تجاه طفلتها بالتحديد فتقول: ”بدي امرق من شارع في قناص قام شب حملي بنتي وخباها بين إيديه وقلي رح اركد واركدي وراي ومرقنا كل الشارع وهوة ضامم بنتي ومخبي جسما وراسا.. الله يوجهلو الخير وين ماكان هلأ“.

في الواقع؛ قد تكون جنسية (رنا) وطفلتها أي جنسية عربية بما أن سيرة القنص والرصاص هي من القصص المعتادة في بلداننا، وعلى الرغم من رد (محمد خطيب) المُشكك في نوايا هذا الشاب الذي قام بحماية الطفلة حينما قال: ”بركي كان القناص من جهة يلي عم تقطعوا فيها الشارع، هيك بنتك بكون استعملها درع“، والذي واجهه الكثيرون بالنقد اللاذع من تحويل البطولة إلى قصة مكر وخداع كاذبة، إلا أن العقل والمنطق يضعان بطلنا المجهول في مصاف أشهر الغرباء الذين هم على استعداد للقيام بشيء لطيف تجاه الضعفاء.

وبالتأكيد تلك القصة سوف تظل عالقة في أذهان الأم والطفلة طوال العمر، فيما نتمنى أن يكون الشاب المذكور ما يزال على قيد الحياة، عسى أن يقرأ مقالنا ويعلم أنه قد صنع ذكرى لطيفة لأحدهم، ولنا كذلك.

الأطفال لا ينسون اللُطف:

طفلة تنزع عينة من الدم

تحكي (أسماء الحسين) هي الأخرى قصة لموقف لطيف تقبع الطفولة داخل طياته، ولكن هذه المرة الطفلة هي الشخص الغريب الذي أخذ على عاتقه القيام بعمل مميز للغاية، إذ تقول: ”كنت عم اسحب دم لطفلة وقلتلا إزا ما بتتحركي وما بتعذبيني رح جبلك اكلة طيبة… طبعا هي كشة مشان ما تلبكني، سحبتلها وخلصنا وطلعت هية واهلها، تاني يوم جاية لعندي من المدرسة هية ورفقاتا وجايبينلي شوكولا قال انتي نسيتي بس انا مانسيت“.

بالطبع هذه القصة اللطيفة تجعلنا نفكر أكثر من مرة في وعودنا العديدة التي قدمناها للأطفال بلا اهتمام أو نية جدية لتنفيذها، وفقط تخيل أن كل طفل يتذكر الوعد الذي قطعته له ويعلم أنك لم تنفذه، حينها سيبقى حالك مثل ما اختتمت به أسماء قصتها: ”خجلتني كتير“.

اللُطف على طريق اللجوء:

تحت المطر الغزير

ومن العرب إلى الغرب يقص علينا (ميشيل) تفاصيل لحظة مؤثرة من رحلة اللجوء الشاقة التي خاضها مع صديق له: ”برحلة اللجوء الشاقة، إمرأة صربية شافتنا أنا وصديقي معترين ومتشتشين تحت المطر وصرلنا سبع ساعات منمشي تحت المطر وما في موتيل قبلان يستقبلنا، اجت حنت علينا واخدتنا على بيتها وعطتنا جواكيت وشمسية، وصارت تبكي وتدعيلنا وتتمنى لو كان فيها تقدملنا أكتر لنكمل رحلتنا“.

ولا أعرف لماذا جال في خاطري تلك الفتاة الشقراء التي قُتلت في المغرب منذ أسابيع، فقد قرأنا عن سيرتها الإنسانية التي تحمل بعض من مثل تلك القصص في رعايتها للاجئين، وتخيلت أنها كانت كذلك مشتتة في لحظاتها الأخيرة، حينما قدم إليها المتطرفون حبكة نهاية رحلتها بكل أسف.

غرباء المستشفى:

في المستشفى

فتاة أخرى تسرد لنا واقعة بعنوان «نفس الظروف تجعلك تُقدر المحيطين بك»، فتقول: ”وقت كنت بالمشفى مع ماما الله يرحمها جماعة ما بعرفن ولا بيعرفوني ضليت شهر تقريبا وهنن بعد ما طالعو امن ضلو يطمنو عني، ولان بيتنا بمحافظة تانية كان يغسلولي تيابي ويجيبولي ياهن، وحتى يطبخو، وكل يوم يجي حدا منن يجبلي أكل مع ان ما طلبت منن أبدا“.

بالطبع لا يستطيع الجميع تدبر حالهم داخل المستشفيات بسهولة، خاصة مع الحالات الطارئة التي يتعرضون لها مما يجعل ترتيبهم لأمورهم صعباً للغاية، لذا بعض المساعدة الصغيرة قد تكون إيجابية للغاية، وإن كانت تلك المساعدة في الموقف السابق أكثر بكثير من المتوقع.

لا تعطني موقفًا لطيفًا.. ولكن علمني كيف أصطاد:

صياد عجوز

يختصر هذا العنوان قصة (محمد السدري) التي يقول فيها: ”بعد غياب الأهل مريت بنوع من العزلة والاكتئاب والتعب والذكريات ما كانت تفارقني وتأخذ كل وقتي، كنت أروح على البحر وهواء اركيلتي يملي صدري.. تعرفت على صياد كبير بالعمر، وهالصياد كل يوم شوفوا موجود كان يشغلني بأحاديثه وينسيني همي.. مرت الأيام وصار يتغيب من يوم ليوم، سألته عن السبب وقال إنه تعب من البحر وصار عمره كبير، سألته ليش ساعدتني.. قالي أنا بيوم من الأيام كنت مثل حالك بالضبط وساعدني رجل كبير بالسن كان يشتغل صياد وشغلني معه بعد ما كنت فقير، وصرت عايش بفضله إلى أن زوجني بنته ومات.. بعدها صارت هوايتي لما كبرت انو أصيد على الشاطئ حتى لو ما صدت شي المهم أنو أكون جنب البحر، سألته انو ليش ساعدتني وحاولت تنسيني مشاكلي.. المهم قالي على مر السنين كثير أشخاص أجو مثلك وقال كثير منك مروا علي، الحياة صعبة ونحتاج شخص يواسينا ويوقف معنا، لأن بغير ذلك الوحدة والذكريات والألم رح يقتلنا، وهذا أقل شي أقدر اساويه لرجع دين الشخص اللي عشت من ذراعه بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.. المهم الحاج موجود وبين فتره وأخرى بروح شوفو“.

احذر لطيفاً لئيماً:

سيلفي مع الغرباء

وأنت تقرأ كل تلك المواقف اللطيفة؛ احذر أن يكون العمل اللطيف بالنسبة لك موجعاً لغيرك في نفس الوقت، فليس دائمًا ما يكون الغريب لطيفًا بحق مثل عمله اللطيف، فهذا ما حدث مع (محمد فارس) الذي يقول: ”بنص الصيف الماضي كنت عالكورنيش عم اشرب قهوة لحالي.. اجت بنت بحياتي ماشايفها وقالتلي ممكن ناخد سيلفي.. هون حسيت حالي (جاستن تيمبرليك) أو (جورج مايكل).. بس لما سألتها ليش قالتلي متخانقة مع حبيبي وشفتك شخص مناسب اني اتصور معو مشان غيظ حبيبي.. يلعن حظي شو كنت مفكر.. المهم كان عمل لطيف جداً كونها كانت بنت حلوة وظريفة“.

مواقف لطيفة سريعة:

بالطبع لم تخلُ الإجابات من القصص السريعة، مثل الموقف الذي تعرضت له (كريستينا) –شابة سورية– حيث قام شخص غريب في اسطنبول بدفع كلفة استئجار عربة حمل الحقائب لها بالمطار ثم اختفى، أو (تيدورا) التي قصت موقفًا سريعًا عن غريب قدم إليها بسكويت لتأكل بعدما علم من خلال مكالمة هاتفية أجرتها داخل حافلة بأنها جائعة وتتلهف لتصل من أجل تناول الغداء.

تقص علينا (لين حداد) موقفًا لطيفًا لأحد التجار وتقول: ”اشتريت غراض كتير من محل ما بعرفو… حاسبت وما ضل معي مصاري ع التكسي فقلت برجع غرض… بس صاحب المحل مارضي رجعو.. وطلبلي التكسي وحاسبو، خجلني والله“.

فيما يعود (بادي) إلى قصص الرصاص مجددًا، فيحكي عن موقف أعتقد أنه متكرر في كل البلدان التي شهدت ثورة وتظاهرات وكر وفر بين قوات الشرطة أو المسلحين والمحتجين فيقول: ”مرة صارت اشتباكات والرصاص معبي الدنيا، اجا صحلي زلمة وفوتني لعندو ع بيتو وشربني شاي لحد ما وقف الضرب وخلص عالاخر، ووصلني عالبيت بسيارتو الله يجزيه الخير“.

لطيف وطريف:

وكذلك بعض التعليقات الساخرة الدرامية في نفس الوقت مثل (علي) الذي يقول: ”لما كنت بتركيا فيه حدا سرق مصاريي كلن بس تركلي 100 دولار بالجزدان كرمال ما فلّس عالاخير.. يكتر خيرو طلع فيه شوية ناموس“، وهشام الذي اختار شخصاً غريباً مميزاً للغاية ليحكي عن عمل لطيف قام به من أجله فقال: ”بشار الأسد.. هدم حيّنا بالطيران لاعادة إعماره من جديد بنظام أوروبي.. الله ع أخلاقك يابو البيش“. ولطفي الذي لم ينس أدمن «دخلك بتعرف» حينما قال: ”أخبرني 20 معلومة عن العلويين.. كثر الله خيره“.

في النهاية؛ نحن لا نُشجعك بسؤالنا هذا فقط على أن تحكي قصص الغرباء اللطفاء، ولكننا نُريك بأن من أقل الأشياء لأكبرها قد تصنع ذكرى مميزة لأحد الاشخاص الذين كانوا بحاجة إلى مساعدتنا في وقت ما، وإذا لم تقابل شخصًا غريبًا يصنع لك مثل هذا العمل اللطيف، فكذلك أنت يُمكنك أن تُصبح الغريب الذي يقدم إلى الناس أعمال لطيفة.. أليس كذلك؟

مقالات إعلانية