in

حضور الحفلات والموسيقى الحية ودورها الإيجابي على الصحة النفسية

حضور الحفلات والموسيقى الحية
صورة: Niels Epting/Flickr

قد يبدو لنا لوهلة ما أنّ الكثير من العلوم النوعية تؤكّد من خلال أبحاثها صحة ما كان جائلاً ومعروفاً سابقاً بالنسبة لنا من خلال خبرتنا المكتسبة من الحكم الشعبية المتداولة، ولكن هذا لا يجعل من هذه البحوث زائدة عن الحاجة وغير مفيدة، بل على العكس تماماً فهي تُمهّد لنا السبيل لإجراء تحقيقات أكثر تفصيلاً في أسباب وآثار محددة والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى فهم أكثر دقة للمظاهر العامّة.

على سبيل المثال، أُجريت دراسة جديدة في أستراليا وفقاً لتقارير أعدّتها شبكة ”CNN“ الإخبارية، والتي أكّدت بالفعل ما كنّا نعرفه مسبقاً عن المقولة الشهيرة: ”إذا كنت تريد أن تصبح أكثر سعادة، فما عليك سوى أن تخرج وتتنزه أكثر“.

على وجه التحديد، يتوجب عليك الخروج وحضور الحفلات والمهرجانات الموسيقية والرقص بما تتقنه من أنواعه المختلفة، ووجد الباحثون الأستراليون أنّ ”الأشخاص الذين يشاركون بنشاط ويتفاعلون مع الموسيقى من خلال الرقص وحضور المناسبات مثل الحفلات والمسرحيات، يمتلكون مستويات أعلى من الرفاهية الشخصية مقارنة بغيرهم“.

بعض الطقوس الإلحادية
صورة: Angelica Alzona

عرّفت الدراسة التي أُجريت في آذار من عام 2017، والتي اندرجت تحت عنوان ”إذا كنت سعيداً وأنت على دراية بذلك، فجلُّ هذا نتيجة حضور الحفلات والترفيه الذاتي“، العبارة الأخيرة بأنّها ”المصطلح النفسي العلمي لسعادة المزاج العام، والتي اتصفت بالإيجابية، والإستقرار، والإتّساق مع مرور الوقت“.

الرفاهية الذاتيّة (SWB)، على الرغم من أنّ قياسها يتم تحديده شخصياً ويختلف من شخص لآخر، إلى أنّها تشكّل دوراً هاماً في مساعدة علماء النفس على تحديد وانتقاء العلاج الفعّال للإكتئاب وحالات اضطراب المزاج، حيث تشكل المشاركة في الفعاليات الموسيقية واحداً من هذه العلاجات، في حين أنّ إنتاج الموسيقى وتشجيع استكشاف الشخص لذاته، بالإضافة إلى التعبير العاطفي واحترام الذات والثقة بالنفس، والتفاعل مع الموسيقى من خلال التشجيع، يُعد من أبرز السمات التي تميّز الأشخاص ذوي المزاج الجيد من حيث النشاط والتكافؤ الإجتماعي.

بكل بساطة، ليس الإستماع إلى الموسيقى المسجّلة بنفس فوائد حضور الحفلات الموسيقية، في حين أنّ التطورات التكنولوجية الحديثة وخدمات البث زادت من توافر الموسيقى وتداولها بين الأيادي وإمكانية الوصول إليها، فالمشاركة في الحفلات يتعدّى مردوده التفاعل الخامد مع الموسيقى.

وبمعنى آخر، أظهرت المشاركة النشطة في الحفلات الموسيقية والتمثّل بكونك أحد المعجبين، أو كفرد من الجمهور المتفاعل نتائجاً إيجابية وفوائداً أكثر، وذلك بسبب تواجد العنصر الإجتماعي في مثل هذه الفعاليات، فالإستماع إلى الموسيقى بشكل منفرد يساعد في تحسين الصحة النفسية والبدنية والراحة العاطفية، في حين أنّ المشاركة في الحفلات الموسيقية والإختلاط الإجتماعي يرتبط بتجارب إيجابية أقوى، ويجني بدوره فوائداً علاجية أكثر.

وفقاً لتصريح على موقع ”Live For Live“ فأنّ: ”الموسيقى الحية تخفف من مستويات الإجهاد، وتزيد من الروابط الإجتماعية وتقلل من مستويات الألم“، وأشارت الدراسة بدورها إلى أهمية هذه الفعالية وجعلها كمصدر لتمويل الموسيقى الحية لدورها الكبير في تحسين الصحة العقلية، إلّا إذا كنت تعيش في مدينة تستضيف الكثير من الحفلات المجانية، فالمواظبة على حضور الفعاليات الموسيقية ستؤدي في نهاية المطاف إلى تكاليف مالية باهظة، فعلى سبيل المثال لاحظ الباحثون في أستراليا: ”أنّ حضور الحفلات الموسيقية مكلف جداً، وقد يكون امتيازاً لذوي الدخل المالي الأعلى“.

قامت ”سوزان بيري“ في موقع ”minnpost“ بتلخيص بعض القيود الأخرى للدراسة، مثل عدم توفّر بيانات عن وتيرة الحضور، وأنّ ذلك ”لا يفرّق بين الأشخاص الموهوبين وغير الموهوبين موسيقياً“، ومع ذلك فإنّ فائدة واحدة من بين الكثير لحضور الحفلات الموسيقية يجب عليها أن تكبح الموانع وتزيل العواقب التي تقف في طريق زيادة مستوى الرفاهية الشخصية.

وأخيراً أضافت بيري بقولها أنّ الراقصين بدورهم يميلون لأن يكونوا أكثر سعادة مقارنةً بغيرهم، وكذلك أولئك الذين يغنّون وينشدون مع الآخرين خلال الحفل يكونون أكثر احتمالا للبقاء سعداء من الآخرين.

مقالات إعلانية