in

ما علاقة جيناتك بتحصيلك العلمي والدراسي!؟

الجينات

كثيرا ما يخبرك من حولك بأنك تشبه والديك، فلون شعرك كلون شعر أمك، وشكل أنفك أشبه بشكل أنف أبيك، وماذا عن عينيك الزرقاوين! لابد أن احدا من عائلتك يتمتع بهما ايضا، يسمى كل ذلك بالصفات الوراثية. لكن هل فكرت يوماً أنه من الممكن للوراثة أن تؤثر على تحصيلك العلمي والأكاديمي! هل فكرت أن ما حققته من دراسة لطالما كان محدداً من طرف جيناتك! هذا ماتوصل له علو الوراثة السلوكي مؤخراً. لتتعرف على ذلك أكثر تابع هذا المقال…

نشرت مؤخراً مجلة Nature العلمية واحدة من أهم الدراسات الجينية التي قام بها العلماء لحد الآن، حيث حددت مجموعة عالمية من الباحثين مكونة من 253 عالماً 74 ”متغيراً جينياً“ مرتبطا بعدد السنوات التي يقضيها الفرد في اكمال دراسته. وصرح أحد رواد هذه الدراسة ”دانيال بنجامين” (أستاذ مساعد في مركز الإقتصاد والدراسات الإجتماعية في جامعة USC Dornsife للعلوم والفنون) قائلا:

هذه الدراسة قد أسست بناءً على عمل سابق لنا قمنا من خلاله بدراسة 10000 فرد، ووجدنا كحاصل ثلاث متغيرات جينية مرتبطة بالتحصيل العلمي. أما في دراستنا الجديدة فقد تسنى لنا العمل على عينة أكبر من الأشخاص (300 ألف شخص)، وبهذا أصبحنا قادرين على تحديد عدد أكبر من المتغيرات الجينية.

يقول بنجامين بأن العوامل الجينية والبيئية مجتمعة معاً توضح اختلاف نسبة التعليم ومدته عند الفرد، حيث أن للجينات تأثيراً جزئياً على القدرات المعرفية الفطرية وعلى سمات شخصية الفرد مثل ”المثابرة“ وذلك ما يؤثر على عدد السنوات التي يقضيها في المدرسة. إذن التحصيل العلمي يتأثر بالجينات والبيئة معاً. فالمتغيرات الجينية التي وجدناها توضح جزءاً صغيراً وليس كلياً من الفروقات بين الأفراد في التعليم.

تفاصيل الدراسة

في تفاصيل أكثر عن الدراسة صرح قائلا أن العلماء قاموا بجمع النتائج من 64 قاعدة بيانات شملت عينات من 15 دولة مختلفة. وقد قارن الباحثون المتغيرات الجينية المرتبطة بعدد السنوات الكلية التي يقضيها الفرد في التحصيل العلمي وكانت الدراسة محصورة على اشخاص من أصول واحدة (أوروبية). وقد تبين أن التأثير الكلي للمتغيرات الجينية الأربع وسبعون التي تم تحديدها صغير، حيث يفسر أقل من 1% فقط من الاختلاف في التحصيل العلمي بين الأفراد.

وعلق بنجامين قائلا:

بالنسبة للمتغير الجيني الأكثر تأثيراً فإن وجود نسخة منه لدى أشخاص معينين يجعلهم في حاجة لحوالي تسعة أسابيع اضافية من الدراسة أكثر ممن يمتلكون نسختين منه. وهنا نجد أن تأثيره مهم بالرغم من صغر نسبته.

تقترح نتائج الدراسة بأن التأثيرات الجينية على التحصيل العلمي تنتشر بين آلاف إن لم تكن ملايين المتغيرات الجينية التي لم تحدد بعد، وعن طريق دمج هذه النتائج مع بيانات سابقة وجد الباحثون أن العديد من الجينات المرتبطة بالتحصيل العلمي هي عوامل مؤثرة على تطور الدماغ البشري حتى قبل الولادة.

أضاف أحد الباحثين في الدراسة ”بيتر فيستشر“ (أستاذ في مؤسسة Queensland Brain) قائلا:

ان الاختلاف الجيني الصغير الذي وجدناه من الممكن ان يساعد في النهاية على فهم السبب في كون بعض الاشخاص أكثر رفضاً للتحصيل العلمي من غيرهم.

وقد تطرق فريق العلماء المتكون من باحثين في الطب وعلماء النفس إلى ما إذا كانت المتغيرات الجينية المرتبطة بالتحصيل العلمي تتداخل مع متغيرات جينية أخرى مرتبطة بنتائج لها علاقة بالصحة، ووجدوا أن بعض الجينات تتنبأ بخطورة الاصابة بأمراض عديدة مثل الألزهايمر، اضطراب ثنائي القطب وانفصام الشخصية.

وفي النهاية لايزال الأمر فرقاً حتى يومنا هذا، حيث أن المعركة بين الجينات والظروف البيئية المحيطة لم تحسم بعد. فمنا من تتغلب ظروفه القاسية على جيناته التعليمية وآخرون يبذلون جهداً إضافيا لتحقيق ما يفوق المستوى المحدد لجيناتهم.

بعد معرفتك بكل ذلك، الآن أصبح بإمكانك أن تلقي بعض اللوم على والدك عندما يوبخك على تدني درجاتك الدراسية، أو عند كرهك لأحد المقررات، فربما يعود الأمر لجيناته وليس لرغباتك.

مقالات إعلانية