in

هل سمعت بدوائر الجنيات في ناميبيا من قبل؟ وما سبب هذه الظاهرة الغريبة؟

صورة: Alamy

تقول الأسطورة إنها آثار لأقدام الآلهة، بينما يعتقد آخرون أنها علامات تشير لهبوط أجسام طائرة مجهولة، وللعلماء أيضاً نظرياتهم الخاصة في هذا الخصوص، لكن الحقيقة هي أن لا أحد حتى الآن، يمكنه الجزم بكيفية ظهور هذه الدوائر الغامضة التي تنتشر عبر صحراء ناميب الساحلية.

منظر جوي لدوائر ناميبيا الغامضة. صورة: Wikipedia

دوائر الجنيّات هي عبارة عن فجوات دائرية الشكل موزعة بشكل يبدو موحداً في الأراضي العشبية القاحلة عبر صحراء ناميب، فتبدو بالنسبة للناظر من الجو مثل نقاط (البولكا) المعروفة التي ترسم عادةً على الأقمشة.

حتى عام 2014، اعتُقد أن هذه الظاهرة تحدث فقط على طول صحراء ناميب في جنوب إفريقيا، ولكن فيما بعد، اكتُشفت تكوينات متطابقة تقريبًا بالقرب من بلدة «نيومان» غرب أستراليا. ومع ذلك، تظل دوائر الجنيّات في ناميبيا الأكثر شهرة وإبهارًا للعلماء الذين درسوها منذ السبعينيات. تكثر النظريات حول تكوينها والغرض منها، ولكن حتى الآن لم يتمكن أحد من الإتيان بنظرية لا تدع مجالًا للشك، تمثل إجابة على هذا اللغز الذي دام عقودًا.

كانت تلك الدوائر محط جدل كبير بين العلماء، ولعدة عقود من الزمن. صورة: Danita Delimont Creative/Alamy Stock

يصف (يوجين ماريه) مدير الأبحاث في «معهد جوبابيب–ناميب للأبحاث» دائرة الجنيات الإعتيادية بأنها ”بقعة دائرية عارية، لا شيء عليها، تحيطها حلقة من الأعشاب حولها. عندما تنظر إليها من الجو أو من نقطة عالية، فإنها تبدو تقريبًا مثل بقع الحصبة“.

حاول العلماء شرح سبب وجود هذه الدوائر القاحلة لعقود من الزمن، وعلى الرغم من أن العلم قد تطور بشكل كبير منذ السبعينيات، ما زلنا نواجه مشكلة في فهم هذه الظاهرة الطبيعية الغامضة. كما يقول البروفيسور (ماريه): ”نحن نتعامل مع شيء يفترض أن يكون من السهل شرحه، ومع ذلك فإن العثور على تفسير مقبول بحيث يمكنك إظهار السبب الحقيقي والدقيق لهذه الظاهرة، هو أمر صعب بشكل مدهش“.

دوائر الجنيات في سهول غريبيس.

بصرف النظر عن التفسيرات الروحانية والخيالية العلمية كالحديث عن أن الجنيات ترقص في الدوائر وتمنع نمو الغطاء النباتي، أو أن أجساماً طائرة مجهولة تهبط في الصحراء ليلاً مخلفةً إياها، هناك العديد من التفسيرات المعقولة للسبب وراء ظهور دوائر الجنيّات.

بعض العلماء مقتنعون بأن للأمر علاقة بالنمل الأبيض الذي يستوطن صحراء ناميب، وقد أظهرت الأبحاث بالفعل أن ثمة مستعمرات للنمل الأبيض تحت معظم هذه الدوائر القاحلة التي تحدها النباتات. تقول النظرية أن مستعمرات النمل الأبيض تغزو وتحتل بعضها البعض، ولكن عندما تلتقي المستعمرات ذات الحجم المتماثل، فإنها لا تستطيع القضاء على بعضها، لذا تخلق هذه الفجوات ”الخالية من النمل الأبيض“ بينها.

دوائر أخرى في غطاء ناميب راند الطبيعي، حيث حيّرت تلك الدوائر العلماء ولم يتفقوا على تفسيرٍ واحد لوجودها. صورة: N. Juergens / AAAS/Science

نظرية أخرى معقولة هي أن دوائر الجنيّات ناجمة عن تنافس النباتات على المياه النادرة التي تسقط في صحراء ناميب كل عام. تساعد النباتات أقرب جيرانها من خلال خلق الظل والحفاظ على المياه على سطح التربة، ولكنها تعيق نمو النباتات الأخرى البعيدة عن طريق مد جذور طويلة لمسافة أبعد واستخراج المياه من التربة.

هناك أيضًا من يعتقد أن دوائر الجنيّات في ناميب مرتبطة بطريقة ما بشجيرات الفربيون السامة التي تنمو هناك، حيث تم العثور على بعض بقايا هذه النباتات في تلك الدوائر. لكن في الواقع، لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كانت أي من هذه النظريات صحيحة، أو ما إذا كانت الإجابة هي مجرد مزيجٍ من هذه النظريات.

تعكس هذه الدوائر سلوك الحيوانات والنباتات في المنطقة. صورة:
robertharding/Alamy Stock Photo

وجدت الأبحاث التي أُجريت على دوائر الجنيّات الأحدث في أستراليا أن لا علاقة للنمل الأبيض بظهور البقع القاحلة، بل ربما نتيجة عمليات غير حيوية (كالتجوية الميكانيكية) للتربة الناتجة بفعل الأمطار الغزيرة خلال الأعاصير والحرارة الشديدة والتبخر.

يشرح الدكتور (ستيفان جيتزين) من «جامعة غوتنغن»: ”إن فجوات الغطاء النباتي التي يسببها النمل الأبيض لا تزيد عن نصف حجم دوائر الجنيّات، وهي أقل انتظاماً“. ويضيف: ”في معظم الحالات في أستراليا، لم نعثر حتى على أي مستعمرات للنمل تحت الأرض من شأنها أن تمنع نمو الأعشاب“.

لم يُحلّ لغز دوائر الجنيّات بعد، وعلى الرغم من أن العلماء قد أحرزوا بالتأكيد تقدمًا منذ سبعينيات القرن الماضي، فقد لا نعرف حقًا السبب وراء هذه التشكيلات الغامضة.

مقالات إعلانية