in

11 حقيقة حول المجالدين الرومان تسمع بها لأول مرة

مجالد

لطالما أسر المجالدون في روما قديما مخيلة عشاق التاريخ وذلك لسبب وجيه بالطبع، لقد جسد هؤلاء الرجال والنساء بأسلحتهم ودروعهم وخوذهم كل ما هو جيد وكل ما هو سيئ في الإمبراطورية الرومانية. أُنفقت مبالغ مالية هائلة من أجل تشييد مسارح بأبعاد ضخمة حتى بمعايير زمننا الحاضر، وهي مسارح لن يرى لها العالم مثيلاً لمدة 1500 سنة مستقبلاً.

في هذه المسارح، مسارح العظمة والخلود، تفرجت حشود غفيرة بما في ذلك نبلاء وأباطرة وقياصرة المجالدين وهم يتقاتلون بمهارة وشجاعة منقطعة، غالبا ما كان القتال يستمر حتى الموت.

بفضل بعض الأعمال السينمائية في هوليوود وبعض كتب التاريخ ذات الشعبية الكبيرة، أصبح لدى معظم الناس فهم جيد للمجالدين، من كانوا وما حققوه في حياتهم. وبما أن مسرح الكولوسيوم العظيم مازال منتصبا إلى يومنا هذا في قلب روما، فنحن نملك فكرة جيدة حول حجم ومكانة هذه الألعاب الدموية في التاريخ الروماني. لكن هذا لا ينفي أنه مازال هناك الكثير من الأمور التي مازال الباحثون في مجال التاريخ الروماني وفي هذه النقطة بالذات يدرسونها حول بعض التساؤلات على غرار: كم كان حجم المجازفة في كون المرء مقاتلا مجالدا؟ هل كانت حقا وظيفة أسوء من الخدمة في الجيش أو العمل في الحقول؟

في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات والكثير من غيرها، تحضر عزيزي القارئ لتستمتع بهذه الحقائق الإحدى عشر حول المجالدين الرومان القدماء التي قد تسمع بها لأول مرة:

11. أقيمت أولى مباريات المجالدة في الجنائز، وكان ينظر إلى سفك الدماء على أنه فأل خير:

كانت المجالدات الأولى تقام في جنائز (إرتوريا) قديماً.
كانت المجالدات الأولى تقام في جنائز (إرتوريا) قديماً.

لا يعلم أحد عن يقين الزمن الدقيق الذي بدأت فيه مباريات المجالدة في تاريخ روما القديمة، لكن ما نحن متأكدون منه أنها سبقت زمن الجمهورية الرومانية بعدة عقود، وكانت في الأصل تمثل جزءا من طقوس الجنائز.

كان المنتحبون يقيمون هذه المبارزات لتعطيهم دروسا في الخلود والفناء كما كانت في نفس الوقت ترفه عنهم وتسلّيهم. كان الرومان من الشخصيات البارزة والثرية يتركون في تركاتهم أموالا معتبرة ويوصون بأن تنفق من أجل تنظيم ألعاب مجالدة في جنائزهم من أجل تخليد أسمائهم، وعبر السنوات، أصبحت ألعاب المجالدة أكبر حجما وصارت المبالغة فيها أكثر. في إحدى المرات، توفي أحد أعضاء مجلس الشيوخ الروماني في سنة 216 قبل الميلاد وأوصى بأن تنظم 22 مبارزة مجالدة طوال ثلاثة أيام متتالية لتخليد وفاته.

10. كان يوليوس قيصر واحدا من أوائل المواطنين الرومان الأثرياء الذين أنفقوا مبالغ طائلة على المجالدين وألعاب المصارعة:

سرعان ما علم الرومان بأهمية ألعاب المجالدة لنيل الشهرة والدعم الشعبي.
سرعان ما علم الرومان بأهمية ألعاب المجالدة لنيل الشهرة والدعم الشعبي.

تحت إشراف (يوليوس قيصر)، أصبحت الألعاب الممولة من طرف الدولة تجارة مزدهرة في روما قديماً. أنفق قيصر مبالغ طائلة من الأموال، التي قام باقتراض معظمها من أصدقائه أو حلفائه السياسيين، من أجل إقامة ألعاب المصارعة والمجالدين، وكان يدعي أن ذلك كان من أجل تخليد ذكرى والده وشقيقته لكن الواقع واضح أنه كان يقوم بذلك من أجل زيادة شعبيته بين الشعب الروماني.

وقد كانت هذه الحيلة التكتيكية تأتي بثمارها، لأنه لطالما كان بإمكانهم مشاهدة الرجال وهم يجبرون على القتال حتى الموت أمام أعينهم بصورة معتدلة، كان معظم المواطنين الرومان البسطاء أكثر من سعداء لأن يغفلوا عن استحواذ قيصر على السلطة واحتكاره لها في شخصه وإبعاد مجلس الشيوخ عن الساحة السياسية وتحويل روما من جمهورية إلى دولة ذات حكم أوتوقراطي ديكتاتوري.

9. بحلول القرن الثاني للميلاد، احتضن الحكام الرومان قتال المجالدين على أنه طريقة مثالية للإبقاء على الجموع الغفيرة سعيدة وساكنة وخاضعة:

كانت حشود غفيرة من الشعب الروماني تتهافت على المسارح من أجل مشاهدة ألعاب المصارعة والمجالدين وهم يتقاتلون حتى الموت وكانوا في خضم ذلك ينسون معاناتهم وفقدانهم لحقوقهم.
كانت حشود غفيرة من الشعب الروماني تتهافت على المسارح من أجل مشاهدة ألعاب المصارعة والمجالدين وهم يتقاتلون حتى الموت وكانوا في خضم ذلك ينسون معاناتهم وفقدانهم لحقوقهم.

لقد كان الشاعر الروماني (يوفينال) الذي عاش في القرن الثاني للميلاد هو أول من أتى بمصطلح ”خبز وسيرك“. تماما مثل الكثيرين من أقرانه، لقد كان دائما ما ينتقد مباريات المجالدة والألعاب الرومانية الشعبية الأخرى. بينما شعر بعض الرومان أن ألعاب المصارعة والمجالدة كانت وسيلة لتخليد فضائل روما وقيمها، التي كانت تتجلى في الشجاعة، والقوة والمهارة في القتال، فإن الآخرين منهم على شاكلة (يوفينال) كان يؤمنون بأنها كانت ببساطة وسيلة في يد الحكام من أجل تسهيل التحكم في الحشود. من خلال التعرض للإلهاء على يد المجالدين، كان شعب روما سرعان ما ينسى انعدام حريته وفقدانه لحقوقه والاضطهاد الذي يتعرض له تحت حكم الإمبراطورية.

8. لم يكن جميع المجالدين يجبرون على القتال، حيث عندما كان أعداد السجناء والعبيد تتضاءل في روما، كان المتطوعون يتقدمون لتسلية الشعب والقتال في الحلبة:

حارب رجال أحرار كمجالدين في الحلبة، وذلك من أجل الثراء والشهرة.
حارب رجال أحرار كمجالدين في الحلبة، وذلك من أجل الثراء والشهرة.

على مر عدة سنوات، لم تكن روما في حاجة لتجنيد المجالدين كما لم تعاني نقصا في أعدادهم، حيث أن الحروب التي كان الجيش الروماني يخوضها والتي كانت تدوم لعدة سنوات كانت تمد روما بدفعات مستمرة من السجناء والعبيد، فكانت النساء يخدمن كعبيد في المنازل والقصور، بينما كان الرجاء الأصحاء والأقوياء في سن القتال يجبرون على أن يصبحوا مجالدين.

لكن لم يكن جميع المجالدين عبيداً. ابتداء من منتصف القرن الأول للميلاد، تطوعت أعداد كبيرة من الرجال الأحرار للقتال في الحلبة. كان معظم هؤلاء جنوداً سابقين، وكان بعضهم من النبلاء، فكان الجنود السابقون يقاتلون من أجل المكافآت المالية بينما كان النبلاء يقاتلون من أجل إثبات قوتهم ورجولتهم وهذا حتى ينالوا الشهرة.

7. كانت المجالدة اختياراً حكيما فيما يتعلق بالحياة المهنية للمواطن الروماني، خاصة بالنسبة للجنود السابقين الذين كانوا يعانون من وطأة الديون:

مجالدون
كان الكثير من المجالدين الأحرار جنودا متقاعدين، وكانوا يقاتلون من أجل المال غالباً.

يقدر أنه بحلول زمن الجمهورية الرومانية الأخيرة، كان حوالي نصف المجالدين عبر روما كلها رجالا أحراراً. على الرغم من المخاطر التي تمليها هذه الحرفة، فأن تضع قدمك داخل الحلبة كان أمرا جذابا في نظر البعض. غالبا ما كان مسموحاً للمجالد الاحتفاظ بأي جائزة مالية يحصل عليها، كما كان مسموحا له الاحتفاظ بأي هدايا ترمى له من طرف جموع المتفرجين. أضف إلى ذلك أنهم كانوا يتحصلون على المبيت والطعام الجيد وربما كانوا يحصلون بعد أدائهم الجيد على وظائف مدرة للمال على شاكلة حراس شخصيين للنخبة.

على سبيل المثال، كان الروماني الشهير (مارك أنطوني) يجند حراسه الشخصيين من مخيمات المجالدين بدلا من الجيش، وكان يدفع لهم بسخاء نظيراً لخدماتهم وولائهم.

6. قاتل بضعة أباطرة رومان في حلبة المجالدة، بما في ذلك الإمبراطور (كومودوس)، على الرغم من أن هذا الأخير كان جباناً:

تمثال كومودوس
كان (كومودوس) يحب ألعاب المجالدة.

كان أشهر الرجال الأحرار الذين أحبوا النزول إلى الحلبة والقتال كمجالدين بالطبع هو الإمبراطور الروماني (كومودوس). بعد وفاة والده الإمبراطور والفيلسوف (ماركوس أوريليوس)، حكم (كومودوس) روما من سنة 180 ميلادي إلى غاية سنة 190. على خلاف والده، لم يكن (كومودوس) قائداً حكيماً، وبدل ذلك كان منحلاً ومنحرفاً. لقد كان (كومودوس) يعشق المجالدين ومبارياتهم وكان يرغب في تذوق عظمتهم بنفسه، غير أنه كان جباناً، لذا كان يفضل قتال الأقزام أو المعاقين أو بعض الحيوانات غير المؤذية على شاكلة الزرافات والحمار الوحشي. في نهاية المطاف، قادته خططه في التدبير لألعاب مكلفة وضخمة ومترفة إلى تعرضه للاغتيال.

5. إلى يومنا هذا، مازال المؤرخون يعتقدون أن الإمبراطور (كومودوس) كان في الواقع ابناً غير شرعي لأحد المجالدين، وليس ابن الإمبراطور (ماركوس أوريليوس):

تجسيد خيالي للإمبراطور الروماني (كومودوس).
تجسيد فني سينمائي للإمبراطور الروماني (كومودوس).

كان الإمبراطور الروماني (كومودوس) مهووساً بالمجالدين. بما أن والده الإمبراطور (ماركوس أوريليوس) كان فيلسوفاً ورجلا حكيماً، قاد هذا الأمر إلى الكثير من الشائعات التي حامت حول أصل (كومودوس). هل حقاً يمكن أن يعزى حبه للحلبة والمجالدين إلى واقع أن والده الحقيقي كان مجالداً طارح والدته الفراش في يوم من الأيام؟

مما لا شك فيه أن المؤرخ الروماني القديم (كاسيوس ديو) يؤمن بشدة بهذا الواقع، وفقاً له كانت (فوستينا) الزوجة الثانية للإمبراطور (ماركوس أوريليوس) تحب رفقة الرجال الشباب والأقوياء، ومنه عندما كانت مقيمة في مدينة (كاييتا) الساحلية في إحدى المرات، يقال أنها استمتعت بعلاقة خارج نطاق الزوجية مع مجالد قوي، ويقال أن (كومودوس) كان نتاج هذه العلاقة غير الشرعية.

4. تظهر رسومات غرافيتي –جدارية– قديمة في مدينة (بومبي) كيف كانت النساء والفتيات مولعات بالمجالدين المشهورين:

غالبا ما كان فنانو الغرافيتي القدماء في روما يخلدون صور مقاتليهم المفضلين من المجالدين.
غالبا ما كان فنانو الغرافيتي القدماء في روما يخلدون صور مقاتليهم المفضلين من المجالدين.

حتى لو كانت الإمبراطورة (فوستينا) قد أقامت بالفعل علاقة غرامية غير شرعية مع مجالد، فإن هذا لا يعتبر بالأمر الجلل في تلك الأزمنة. في روما قديماً، كان الكثير من المجالدين يعتبرون رموزاً للجنس. يظهر هذا الأمر بشكل واضح في أعمال غرافيتي (رسم على الجدران) في مدينة (بومبي) القديمة، فورد في إحدى الرسومات كيف أن أحد المجالدين كان ”مصدر سرور جميع الفتيات“، بينما كان آخر ”يمسك بالفتيات ليلاً في شباكه“. كانت النساء والفتيات الشابات من الطبقة المتوسطة يزينّ غرف نومهن بصور لمجالديهن المفضلين، وكن يشعرن بسعادة غامرة لدى رؤيتهم يقاتلون في الحلبة. كانت النساء من الطبقة النبيلة والثرية يطلبن حضور مجالديهن المفضلين إلى غرفهن حتى يستمتعن برفقتهم.

3. كان المجالدون رموز جنس قديمة، وكانت دماؤهم وعَرَقهم تعتبر نواعيظ وكانت تباع تبعاً لذلك:

كانت النساء —والرجال— مولعين بالمجالدين ذوي العضلات المفتولة.
كانت النساء —والرجال— مولعين بالمجالدين ذوي العضلات المفتولة.

بنيت تجارة كاملة حول الجاذبية الجنسية للمجالدين، فكان المجالدون من فئة (الثراسيين)، الذين كانوا لا يرتدون سوى سراويل قصيرة، يعتبرون رجوليين بشكل خاص، وذلك يرجع بسبب كبير لكونهم لم يكونوا يرتدون الكثير من الملابس في الحلبة.

كان بعض التجار ومحبي الأعمال الحرة يضعون عرق المجالدين في عبوات ثم يبيعونه ويروجون له على أنه ناعوظ –محفز جنسي– قوي. قيل آنذاك أيضاً أن النساء من النبيلات كن يطلبن أن يتم غمس دبابيس شعورهن وبعض قطع جواهرهن في دماء المجالدين الشجعان، وكان ذلك يعتبر فأل خير ومحفزاً جنسياً وجالباً للخصوبة.

2. كانت قوة الرجل وطوله هو ما يحدد غالبا فئة المجالدين التي سيتم تصنيفه فيها ليقاتل ضمنها:

كان هناك أكثر من 12 نوعاً مختلفاً من المجالدين، وكان كل نوع وفئة يحوز على أسلحة ومهارات خاصة به.
كان هناك أكثر من 12 نوعاً مختلفاً من المجالدين، وكان كل نوع وفئة يحوز على أسلحة ومهارات خاصة به.

سواء كانوا عبيدا أم رجالاً أحراراً قرروا القتال في الحلبة طوعاً (سواء من أجل المال أو المجد أو الشهرة)، كان كل مجالد مستقبلي يتم تعيينه أولاً في فئة مجالدين معينة. كان هذا الأمر في الغالب وفقاً للبنية الجسمانية للرجل. على سبيل المثال، كان الرجال الأقوياء والضخام يعينون في فئة (ديماكاريوس)، وهم مجالدون يقاتلون باستخدام سيفين اثنين، وكانت غالبية المجالدين تقع في فئة (الثراسيين) الذين كان يتم تدريبهم وتحضيرهم على القتال بسيف بسيط ودرع صغير لا غير. أما العبيد من غير المحظوظين فقد كانوا يعينون في فئة (الريتياريوس)، وهي فئة من المجالدين يتم تجهيزهم وتدريبهم على القتال باستخدام شبكة ورمح ثلاثي الرؤوس. وقد كانت الحشود تعشق هذه الفئة بالتحديد، لكن المجالدين فيها كانوا في خطر كبير ذلك أنهم في حالة ما أخطأوا خصومهم أثناء الإلقاء بشباكهم، كانوا في معظم الحالات يصبحون أهدافاً سهلة.

1. كانت رؤيتك لمجالد في منامك تعتبر فأل خير، وكانت تعتبر طريقة جيدة ترى بها النساء على وجه الخصوص أزواجهن المستقبليين:

تمثيل قديم لمجالد قديم.
تمثيل قديم لمجالدين رومان.

بالنسبة للكثير من عشاق المجالدين ومبارزاتهم، كانت فئة الـ(بروفوكاتوريس) هي الفئة الأكثر جذبا للاهتمام والأكثر جاذبية، يعني اسمهم حرفياً ”المتحدين“ —من التحدي— وكانوا يعتبرون خيرة المقاتلين. كان يتم الإبقاء على هؤلاء الرجال في الغالب للعروض الأكثر أهمية، وهي التي تتجلى في إعادة تمثيل أكثر الانتصارات العسكرية للدولة شهرة.

تماما مثل فئات المجالدين الأخرى، كان (البروفوكاتوريس) أحيانا يقاتلون بعضهم البعض مما كان يضمن عرضاً رائعاً للجمهور. وفقاً للخرافات الرومانية والمعتقدات القديمة للشعب الروماني، كان كل رجل شاب يرى في منامه بأنه يقاتل مجالدا من هذه الفئة مقدراً له أن يتزوج امرأة جميلة، لكنها ستكون امرأة تحب مغازلة الآخرين.

مقالات إعلانية