in

رقائق الذرة اختُرعت أول مرة لعلاج ”مرض“ الاستمناء! تعرف على القصة الكاملة وراء ذلك

خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، جعل العالم الغربي من نفسه عدوا للاستمناء ومداعبة الذات، وتهجّم على كل من كان يحاول القيام بذلك، وكانت الثقافات المسيحية السائدة آنذاك قد أدانت هذا السلوك مسبقا واعتبرته ”لعنة“ وسوء استعمال للحاجة الجنسية، لكن تكالب تلك الحملات الشرسة على هذا السلوك الطبيعي للغاية خلق نوعا من الهوس بالنسبة للأشخاص الذين زاد تعلقهم به، تحت مبدأ كل ممنوع مرغوب.

كما أُلفت الكثير من الكتب والمؤلفات التي لم يرد ذكر هويات مؤلفيها والتي كانت جميعها تتفق على أن الاستمناء عادة سيئة ومنحطة وغير أخلاقية، وكان بعضها يدعوها بأنها ”تلويث للذات“، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك باعتبارها مرضا، وانحرافا، وسرعان ما تحولت صفة الاستمناء السائدة من فشل أخلاقي إلى مرض عقلي وجسدي تهافت ”الأطباء“ آنذاك ليعالجوه كل على طريقته الخاصة، وعلى حسب فهمه ومنظوره الخاص للأمر.

في الولايات المتحدة الأمريكية الفتيّة آنذاك، كان واحدا من أكثر الأصوات المتعالية المناهضة للاستمناء هو طبيب من ولاية (ميتشيغان) يدعى (جون هارفي كيلوغ)، كان هذا الطبيب غير مرتاح نوعا ما حول الجنس والعلاقات الجنسية بشكل عام، وكان يعتبرها مضرة على جميع المستويات الجسدية والعاطفية والروحية، وكان شخصيا يمتنع عن إقامة العلاقات الجنسية، ولم يشارك الفراش قط مع زوجته، حيث كان هو وزوجته ينامان في غرفتين منفصلتين وتبنيا جميع الأطفال الذين ربوهما -على الأغلب قضى شهر العسل مستمتعا بكتابة واحد من كتبه المناهضة للجنس-.

صورة (جون هارفي كيلوغ)
صورة (جون هارفي كيلوغ).

كان (كيلوغ) يرى أن حتى الجنس مع زوجتك له مضار سيئة، أما بخصوص الاستمناء فكان بالنسبة إليه آفة كبرى، فقال: ”إذا كان الجنس غير الشرعي خطيئة كبرى، فإن تلويث الذات هو جريمة مضاعفة“، وذكر هذا الاقتباس حول رأيه في الجنس والاستمناء في كتابه بعنوان: (حقائق للكبير والصغير: تقبّل التاريخ الطبيعي ونظافة حياة عضوية)، هذا الكتاب الذي فصّل فيه (كيلوغ) تسعة وثلاثين عرضا مختلفا من أعراض المعاناة مع ”مرض“ الاستمناء، بما في ذلك الأمراض العامة، وسوء النمو، والتقلبات المزاجية، والخجل المفرط أو الوقاحة المفرطة، واعوجاج القوام، والمفاصل الواهنة، والولع تجاه الأطعمة المتبّلة والحارة، وحب الشباب، وخفقان القلب، والصرع.

وكان الحل الذي قدمه (كيلوغ) لعلاج كل تلك المعاناة هو عبارة عن حمية غذائية صحية وجيدة، وكان يعتقد أن اللحم أو بعضا من الأطعمة الموسمية كانت تزيد من الرغبة الجنسية والتهيج الجنسي، وكان يعتقد أن بعض الأطعمة على غرار الحبوب والحبوب المجففة كاللوز كان بإمكانها خفض تلك الرغبة وقمعها.

وبينما كان يعمل مديرا في مصحة (باتل كريك) في ولاية (ميتشيغان)، راودته بعض الأفكار المتعلقة بعدد من عادات الأكل الصحية التي قد تشفي الناس من مرض تلويث الذات أو الاستمناء، وأصبحت فيما بعد اثنتان من هذه الأفكار عادات إفطار صباحية شائعة، ولحسن الحظ لم تنجح الفكرة الثالثة.

ابتكر (كيلوغ) غذاء ”صحيا“ للمرضى الذين كانوا يعانون من الاستمناء يتكون من الشوفان والذرة المطهوة داخل البسكويت، وأطلق عليه اسم (غرانولا) Granula بحرف الـU، وقد كان ذلك ربما أسوأ اسم قد يتخيله المرء، حيث أنه كان رائجا آنذاك طعام مشابه تماما ويحمل نفس الاسم الذي كان يصنع ويباع من طرف شخص اسمه (كايلب جاكسون) أحد خبراء الحميات الغذائية كذلك، وتحت طائل التهديد بالمتابعة القضائية سارع (كيلوغ) إلى تغيير اسم منتوجه إلى (غرانولا) Granola وبدل حرف الـU اتخذ حرف الـO.

كومة من الـ(غرانولا)
كومة من الـ(غرانولا)

طور (كيلوغ) كذلك اختراعا آخرا يهدف من وراءه إلى ضمان أمعاء نظيفة، وكان ذلك عبارة عن حقنة شرجية تضخ المياه خلال الأمعاء ثم تعقبها ببعض من اليوغرت، وكان نصف تلك المقادير يتم إيصاله إلى الأمعاء خلال الفم، والنصف الآخر خلال المستقيم وفتحة الشرج، وهذا هو الاختراع الذي لم ينجح لحسن الحظ.

قام لاحقا (كيلوغ) بتطوير حبوب إفطار باستعمال رقائق حبوب مختلفة، بما في ذلك رقائق الذرة، كوجبات إفطار صباحية صحية وجاهزة للاستعمال، وأهم شيء كونها مضادة للاستمناء.

اشترك في مشروعه الأخير هذا مع شقيقه (ويل) محافظ حسابات المصحة التي كان يعمل بها من أجل صناعة وكذا التسويق لمنتوجه الجديد هذا.

لم يكن (ويل) على نفس القدر من الاهتمام بصحة الغذاء ونقاوته وكان له حس أكبر بالتجارة والعمل الربحي، وكان قلقا من أن لا يتمكنا من بيع المنتوجات، وهو ما حصل فعلا.

اقترح (ويل) على شقيقه (هارفي) إضافة السكر لرقائق الذرة حتى يجعلها مستساغة أكثر للزبائن مما قد يرفع من مبيعاتها، لكن (جون) رفض هذا الاقتراح رفضا قاطعا، وفي نهاية المطاف انفصل الشقيقان وراح (ويل) ينتج ويبيع منتوجه الخاص من رقائق الذرة المحلاة، وهو ما صار يعرف لاحقا بشركة (كيلوغز) Kellog’s.

نشبت عداوة ضارية بين الشقيقين دامت لعقود كاملة، أما بالنسبة لمحبي الاستمناء الذين كانوا يستمتعون برقائق الذرة هذه ولازالوا يستمتعون بها، فأغلبهم يعتقد على الأرجح أن إضافة السكر كانت فكرة صائبة، خاصة بما أنها لم تكن تؤدي الوظيفة التي أنشئت لأجلها في المقام الأول: وهي إحباط الاستمناء.

بالإضافة إلى رقائق الذرة وحقن ضخ اليوغرت في الأمعاء، أتى (كيلوغ) كذلك بالكثير من الوسائل المتطرفة ”لعلاج“ الأفراد الذين كانوا يعانون من عادات استمناء سيئة بشكل خاص، فبالنسبة للذكور، اقترح خياطة القلفة بواسطة سلك فضي من أجل منع الانتصاب في المقام الأول، وبالنسبة للإناث، فقد كان ينادي بتطبيق حمض الكربوليك على البظر للتسبب له بحروق ومنع لمسه، وهو الأمر الذي يقال أنه مارسه خلال الكثير من المرات.

مقالات إعلانية