in

دخلك بتعرف بنادق المقابر وطوربيدات التوابيت، فكرة لامعة لحراسة جثث الموتى والدفاع عنها

إنها أدوات فعالة لحماية القبور على مدار الساعة!

بندقية المقابر

كانت هذه البندقية غير مألوفة الشكل الظاهرة في الصورة أعلاه، والتي يتم عرضها اليوم في متحف (مورنينغ آرت) في مقبرة (آرلينغتون)، في يوم من الأيام تبقي على سارقي جثث الموتى بعيدين عن المقابر، وكانت تمنعهم من استخراج جثث الموتى. كانت البندقية توضع بالقرب من قدم القبر، وكانت شبكة من أسلاك التعثّر والتشغيل توجه السلاح ناحية الاتجاه المناسب عندما يتعثر عليها الدخلاء، فكانت تطلق النار على هؤلاء آخذة إياهم على حين غرة.

ظهرت الحاجة إلى هذا النوع من حماية جثث الموتى والدفاع عنها في القرن الثامن عشر عندما كان الطلب على الجثث البشرية مرتفعا جدا مقارنة بالعرض الهزيل في كليات الطب. في تلك الحقبة، كان إمداد كليات الطب الوحيد بصورة قانونية يتم بواسطة جثث المحكوم عليهم بالإعدام والمشرّحون بأمر من المحكمة نفسها.

لم يكن هذا الأمر يمثل أية مشكلة خلال العصور الوسطى عندما كان المئات يعدمون شنقاً بسب تهم وجرائم تافهة، مما كان يمد طلبة الطب والجراحين ما يحتاجونه من الجثث لإجراء الدراسات عليها، غير أنه بتغير الأوقات والأزمنة، هُجرت الطرائق البربرية في العقاب والعدالة، وانخفض عدد المجرمين الذين كان يحكم عليهم بالإعدام بصورة درامية، مما خلق نقصا فادحاً في عدد الجثث التي كانت كليات الطب في حاجة لها.

رأى البعض من الناس في هذا النقص الفادح فرصة ثمينة لتحقيق مكسب سريع، وأخذوا يستخرجون جثث الأموات من قبورهم ويبيعونها لكليات الطب.

كان رد المقابر على هذه الإساءة هو تعيين رجال لحراسة القبور على مدار الساعة. أحيانا كانت عائلات الموتى المدفونين هي من يدفع لقاء أتعاب هؤلاء الحراس. في نهاية المطاف، توصل هؤلاء إلى فكرة لامعة تغنيهم عن قضاء الليل بطوله في العراء تحت المطر والبرد، فتدبروا تفخيخ القبور ببنادق ومتفجرات موضوعة على أهبة الاستعداد.

بندقية المقابر.
بندقية المقابر.

كانت هذه البنادق المشحونة والمعدة لإطلاق النار على أي دخيل بواسطة أسلاك تشغيل وتعثّر موجودة منذ القرن الخامس عشر على الأقل. كان من الممكن شحنها وتركها على تلك الحال لطول المدة التي يبقى البارود داخلها جافاً، تم تصميم البندقية التي أصبحت رائجة لاستخدامها في المقابر من طرف رجل يدعى السيد (كليمنتشاو)، كان لهذه البندقية زناد ذو صوانة كبير الحجم مثبت على كتلة من الخشب الصلب الغليظ.

كانت هذه البنادق مجهزة كذلك بمحاور ارتكاز رأسية موضوعة تحتها، وكانت لها قضبان زناد مستقيمة الشكل وزلاّقة بدلا من زنادات ذات الشكل المعقوف المعتادة، وذلك لأن هذه الزنادات المستحدثة كانت تطلق النار عندما يتم سحبها إلى الأمام وليس إلى الخلف مثلما هو مألوف.

مكّن هذا التصميم حركة أسلاك التعثر والتشغيل نحو الأمام من سحب الزناد وإطلاق النار من البندقية، وأمام قضيب الزناد كانت هناك عادة ثلاثة حلقات معدنية كل واحدة منها موصولة بسلك من أسلاك التعثر والتشغيل.

كانت البندقية تُشحن ليلاً وتترك مشحونة من طرف حارس المقبرة. في الصباح، كان هذا الحارس يزيل البنادق حتى يستطيع زوار المقبرة صباحا التجول فيها بأمان. كان الكثير من سارقي القبور واسعي الحيلة يرسلون نساء متنكرات في زي منتحبات حتى يحددوا مواقع كلاليب تثبيت أسلاك التعثر حول القبور وينقلون لهم المعلومة، غير أن القائمين على المقابر تمكنوا من تجاوز هذه الحيلة من خلال الانتظار حتى غروب الشمس ومغادرة جميع زوار المقبرة من أجل إعادة زرع وتثبيت البنادق.

من ستينات القرن التاسع عشر إلى تسعيناته، أصبحت سرقة الجثث من القبور تمثل مشكلة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، فتطورت بنادق حراسة المقابر لتصبح أسلحة أكثر فتكا لمواجهة هذا التهديد المتنامي. تضمن أحد التصاميم التي اخترعت في سنة 1878 وضع بندقية مشحونة داخل التابوت، وعندما يفتح أحدهم هذا التابوت تطلق البندقية النار في وجهه آلياً.

ظهر هناك اختراع آخر أطلق عليه اسم «طوربيد التابوت»، والذي كان في أساسه عبارة عن لغم أرضي يوضع تحت التابوت، وعندما يتم تحريك التابوت، تنطلق الشحنة وينفجر اللغم ممزقا أجسام سارقي القبور والجثة التي صمم لحمايتها نفسها.

مبدأ عمل طوربيد التوابيت.
مبدأ عمل طوربيد التوابيت.

قتل على الأقل ثلاثة رجال بسبب جهاز اللغم هذا الذي انفجر في مقبرة بالقرب من (غان) في مقاطعة (كنوكس) في ولاية (أوهايو) الأمريكية.

بينما تعتبر أمور مثل بنادق المقابر وطوربيدات القبور تحفاً أثرية من زمن ولّى، فإن تجارة سرقة الجثث والاتجار بها ما تزال قائمة. في الهند، توجد شبكة واسعة من سارقي الجثث التي مازالت تنشط حتى يوم كتابة هذه الأسطر، فتسرق الجثث من القبور من أجل بيعها لفائدة الجامعات والمشافي في الخارج.

طوال القرنين الماضيين، كانت الهند الممول الرئيسي للعظام المستعملة في الدراسات الطبية في العالم كله، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.

تشتهر الهند بكونها توفر أفضل العينات عن العظام البشرية التي يتم العمل عليها وتنظيفها وتغليفها بعناية شديدة، ويتم ربط أجزائها ببعضها البعض بواسطة وسائل ذات نوعية رفيعة، ولم تتمكن حتى الصين أو أوروبا الغربية بتوفير هياكل عظمية ذات نوعية أفضل من تلك التي توفرها الهند.

على الرغم من كون هذه التجارة ممنوعة لأن الحكومة الهندية كانت قد جرّمتها، غير أنه لطالما هناك طلب كبير على الجثث، فإن سرقة الجثث من القبور ستستمر في الحدوث.

مقالات إعلانية