in

أغرب لقاءات المشاهير في مواقف عجيبة من التاريخ

على مر السنين، تقاطعت طُرق العديد من أعظم الشخصيات، أو أغربهم أو أشهرهم في التاريخ، مع بعضهم البعض. في بعض الأحيان، لا تكون هذه الاجتماعات خاصة أو مميزة. لكن في أحيان أخرى، قد تبدو وكأنها مواقف أغرب من الكلام مصممة لإثارة إعجاب واستغراب الناس لسنوات طويلة.

إليكم هنا أغربها على الإطلاق:

1. (جي. د. سالينجر) يخسر حبيبته لـ(تشارلي شابلن)

(تشارلي شابلن) وزوجته عام 1965. صورة: Wikipedia Commons

في عام 1941، كان الكاتب الأمريكي الشهير (جيروم ديفيد سالينجر) شابًا عمره 22 عامًا على وشك الانخراط في الحرب العالمية الثانية. لا يزال، أنذك، على بعد عقد من موعد نشر روايته الأهم «الحارس في حقل الشوفان»، ولم يكن قد أظهر بعد أي من السمات التي ستميز عبقريته الأدبية.

أما (تشارلي شابلن)، من ناحية أخرى، فكان واحدًا من أشهر الرجال في العالم، يبلغ من العمر 52 عامًا، وأنهى توًا عمله الأشهر The Great Dictator، فيلم الكوميديا الساخر من (أدولف هتلر). كان الرجلان في ذلك الوقت بعيدان عن بعضهما البعض مهنيًا حتى أنه من المستحيل تخيلهما في نفس الغرفة. لكن (شابلن) و(سالينجر) حظوا بأكثر من مجرد لقاء. فبعد أيام من إرسال (سالينجر) إلى الحرب، سرق (شابلن) حبيبته.

في ذلك الوقت، كان (سالينجر) يواعد (أونا أونيل)، ابنة الكاتب المسرحي (يوجين أونيل)، التي تبلغ من العمر 16 عامًا فقط، ما جعلها محرجة بما يكفي لعلاقتها بـ (سالينجر) الذي يزيدها ثمان سنوات، وشابة جدًا على (شابلين) في منتصف العمر. ومع ذلك، انتهى المطاف بـ (أونا) بالزواج من (شابلن) والبقاء معًا حتى وفاته. في غضون ذلك، كان (سالينجر) مدفوعًا بحدث انفصالهما ليخطّ تحفته الأدبية. لحظة رائعة في الأدب العالمي، ورهيبة في حياة (سالينجر).

2. كاد (برتولت بريخت) يوظف (هتلر) كرسام يعمل لديه

(بريخت) في شبابه.

قبل عشرين عامًا تقريبًا من اختطاف (شابلن) لفتاة (سالينجر)، كان الدكتاتور الألماني (هتلر) يتجول في برلين، محاولًا أن يصبح فنانًا. على الرغم من أنه أصبح لاحقًا مهووسًا بالإبادة الجماعية، كان (أدولف هتلر) مهتمًا في هذه المرحلة بالجمال أكثر، وأيضًا بجني الأموال. قاده هذا الاهتمام إلى التقدم بطلب للحصول على وظيفة للعمل لدى الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الألماني (برتولت بريخت).

خلال عصر جمهورية الفايمار، كان (بريخت) واحد من أعظم المسرحيين في ألمانيا. حطمت مسرحياته الطليعية الحدود وغيرت مسار المسرح إلى الأبد. باختصار، كان فنانًا “منحلًا”، من النوع الذي سبحتقره النازيون. وهنا سيتغير مسار التاريخ مجددًا، إذ ربما يكون سبب هذه الكراهية يعود لرفض (بريخت) القاطع توظيف الفوهرر القادم.

في مقال يعود لتسعينيات القرن الماضي، كتبت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن إنتاجات (بريخت) في عصر فايمار وأن (هتلر) “للأسف” لم يتم تعيينه للعمل لديه، مما يشير إلى أنه ربما كان أمرًا وشيكًا. كم كانت رغبته بالعمل مع (بريخت) وكم كان قريبًا من تحقيق ذلك هو أمر لا نعرفه، لكن يمكننا الاعتقاد أن مقابلة (هتلر) الرهيبة مع المسرحيّ ورفضه هي النقطة التي قرر فيها البدء في رمي كل مشاكله على الفن “المنحل”.

3. (فيليب لاركن) يفسد أمسية (جورج أورويل)

(فيليب لاركن) في شبابه.

يحظى مؤلف الرائعة «1984»، (جورج أورويل)، بإعجاب كبير اليوم كواحد من أعظم كتّاب اللغة الإنجليزية. غير إنه لم يكن دائمًا ذا شهرة وسمعة جيدة جدًا. إذ وضعته معتقداته الاشتراكية وأسلوب حياته الرديء على خلاف مع الكثيرين من المؤسسة البريطانية في الأربعينيات.

من بين من كرره كان الشاعر (فيليب لاركين). فوهو في التاسعة عشر من عمره يدرس في أكسفورد، اعتبر (أورويل) كاتبًا فظيعًا للغاية. لذلك عندما حضر (أورويل) لإلقاء خطاب في أحد نوادي أكسفورد، الذي كان (لاركين) عضوًا فيه، رأى الفرصة المثالية لجعل (أورويل) يعرف رأيه به، لكنه لم يخبره إياه ببساطة أو بصراحة أو بلطف. بل شرع في تخريب أمسية (أورويل) بأسلس طريقة ممكنة.

حينها تم تكليف الشاعر الشاب بأخذ الكاتب العظيم لتناول العشاء وترتيب إجراءات مكوثه. فاختار له عمدًا الفندق الأكثر كآبة في المدينة، وعمل على جعل العشاء سيئًا قدر الإمكان. ومما زاد الطين بلة، أنه كان أيضًا مسؤولًا عن زيارة الشاعر الويلزي (ديلان توماس) في نفس الوقت، فأعطاه الفندق الفاخر فقط ليجعل (أورويل) يشعر بالغيرة. وصف (لاركن) في وقت لاحق أفعاله بأنها ممارسة في “النقد العملي”.

4. (غروتشو ماركس) والعشاء المريع مع (ت. س. إليوت)

(إيلوت) و(غروتشو ماركس).

كان الشاعر والمسرحي والناقد الأدبي (توماس ستيرنز إليوت) معروفًا بأنه أعظم شاعر في عصره، بفضل أعماله الحداثية واسعة التأثير مثل قصيدة «الأرض اليباب». ومع ذلك، هناك جانب لهذا الشاعر لم يعرفه أحد. لقد كان من أشد المعجبين بجماعة «الأخوة ماركس»، وهي عائلة سينمائية كوميدية أمريكية اشتهرت في الثلاثينيات. لدرجة أنه كتب رسالة للكوميديان (غروتشو)، يستجديه الحصول على صورة موقعة منه.

هذه هي النقطة التي تصبح فيها الأمور غريبة. اتضح أن (غروتشو)، أيضًا، كان له جانب غير متوقع. كان مثقفًا شغوفًا ومعجبًا تمامًا بـ (ت. س. إليوت). وبعد أن أرسل الأخير الصورة، أصبح الاثنان صديقان بالمراسلة. ثم ذات يوم، اتخذوا القرار بالاجتماع واللقاء على العشاء وتجاذب أطراف الحديث.

كان العشاء كارثة حقيقية. (فإليوت) توقع سماع حوادث ومواقف ساخرة لا نهاية لها، وأعدّ نكاته الفظيعة. أما (غروتشو) فتوقع أمسية تقوم على محادثة فكرية راقية، وأعدّ نظريته الأدبية الفظيعة حول مسرحية «الملك لير». عندما أدرك كل رجل ما خبأه الآخر، غرقا في يأس عميق ورفضا التكلم. بعد تلك الأمسية المريعة، لم يتحدثوا مع بعضهم البعض مرة أخرى.

5. الكاتب (آرثر كونان دويل) يستفز أستاذ فن الوهم (هوديني)

يستحضر ذكر اسم (هاري هوديني) على الفور مآثر رجل السحر والخفة الأعظم. لكن قبل شهرته الأكبر، كان الساحر معروفًا بشيء آخر. فلم يُحب شيء أكثر من حضور جلسة قراءة أرواح أو طالع وإخبار الجميع كيف يتم تنفيذ تلك الخدع، وربما أهم حادثة من هذا النوع حصلت مع الطبيب الأسكتلندي والكاتب المشهور (آرثر كونان دويل).

كان (كونان دويل)، مبتكر شخصية المحقق الشهير (شارلوك هولمز)، غارقًا في حب الخوارق. لقد آمن بالأشباح والجنّيات وكل شيء فوق طبيعي. عندما أصبح صديقًا لـ (هوديني) لأول مرة، لم يزعج هذا الاختلاف الرجلين في شيء، حتى أن (كونان دويل) دعا الساحر إلى جلسة استحضار أرواح تديرها زوجته.

لسبب من الأسباب، قررت السيدة زوجته محاولة الاتصال بوالدة (هوديني) الميتة. فاستطاع (هوديني) أن يكشف ببساطة الحيل الرخيصة التي استخدمتها، ما عرّضها لإهانة شديدة. لكن ذلك لم يمنع زوجة الكاتب من كتابة رسالة باللغة الإنجليزية واخبار (هوديني) أن روح والدته هي من كتبتها، على الرغم من أن والدة (هوديني) لا تعرف شيئًا بالإنكليزية.

في ذلك الوقت لم يتعرّض (هوديني) لزوجة الكاتب بشيء، لكن الصديقان فضّا صداقتهما علانية لاحقًا بسبب اختلافهما على هذه النقطة المهمة لكليها، منهيان صداقتهما غير المتوقعة.

6. التقى (أورسن ويلز) بـ (هتلر)، دون أن يدرك من كان

(أورسن ويلز) في شبابه. صورة: Wikipedia Commons

لم يكن (بريخت) هو الشخص الوحيد الذي قابل ديكتاتور ألمانيا الأكثر شهرة. فقبل أن يتولى الحزب النازي السلطة، كان المخرج والمؤلف والممثل والمنتج الأمريكي الشاب (أورسن ويلز) في رحلة إلى المنطقة عندما قرر المسؤول عن الرحلة الدخول إلى حانة قريبة. من قبيل الصدفة حدث أن كانت الحانة تستخدم كقاعة للخِطب الفاشية والنقاء العرقي العنصري. فكانت مليئة بالنازيين، ومن بينهم (أدولف هتلر) الذي جلس (ويلز) إلى جانبه تمامًا.

ادعى (ويلز) في وقت لاحق أن الجلوس بجانب مجنون مهووس بالإبادة الجماعية كان مملًا للغاية. يبدو أن (هتلر) لم يكن قد امتلك ما يكفي من السحر أو الكاريزما ليلحظه الناس، فلم يستطع (ويلز) تذكر تفصيل واحد عنه. فقط عندما وصل النازيون إلى الواجهة، بعد ذلك بعقد من الزمان، أدرك (ويلز) من كان ذلك الذي يجلس بجواره في تلك الأمسية.

7. لقاء (بروست)، (جويس)، (سترافينسكي)، وكلهم يمقتون بعضهم البعض

الثلاثي في اجتماعهم. صورة: غلاف كتاب A Night at the Majestic

دعا اثنان من رعاة الفنون في باريس في 18 أيار 1922 الكتابان (مارسيل بروست) و(جيمس جويس)، والملحن (إيغور سترافينسكي)، إلى حضور أمسية فنية جمعت أكثر 40 شخصًا من مختلف المجالات معًا. وكان ينبغي أن يكون هذا أحد أعظم اجتماعات العقول والفنون في التاريخ. لكن هؤلاء العباقرة الثلاثة على وجه الخصوص كانوا يكرهون بعضهم شديد الكره.

بدأت المشكلة عندما دخل (جويس) في حالة سكر وفقد توازنه واتزانه لينام على الفور وكوب من الشمبانيا في يديه. في هذه الأثناء، حاصر الفرنسي (بروست) الروسي (سترافينسكي) وحاول جعله يتحدث عن (بيتهوفن)، الذي كرهه الأخير. تخاصم الاثنان وذهب (بروست) وأيقظ (جويس) للتحدث معه بدلاً من (سترافينسكي).

على الفور تقريبًا، تخاصما أيضًا. يبدو أن (جويس) أراد التدخين والتحدث عن الفتيات الجميلات، في حين فضل (بروست) مثليّ الميول الجنسية تناول الكمأة والتحدث عن الدوقات. انتهى بهم الأمر بتحقير كتاباتهم وأعمالهم كلها، ثم اضطروا إلى أخذ سيارة أجرة للعودة معًا، والتفكير طوال الطريق بمدى كرههم لبعضهم البعض.

8. (شابلن) و(غاندي)

غاندي وشابلن في لقاء محرج. صورة: Dinodia Photos/Alamy Stock Photo

عندما لم يكن مشغولًا بسرقة حبيبات الرجال الآخرين، كان (تشارلي شابلن) يحب على ما يبدو أن يرافق الأشخاص الجيدين والعظماء. ذات يوم، في عام 1931، تعرّف إلى أعظمهم وأفضلهم: المهاتما غاندي.

ربما تكون ظروف الاجتماع غريبة بعض الشيء. وفقًا لـ (شابلن)، فقد دعته حاشية (غاندي) لحضور اجتماع أثناء وجودهم في لندن. لكن روايات أخرى تدعي أن (غاندي) لم يكن لديه أي فكرة عمن كان (شابلن) ولم يسمع أبدًا بأفلامه. ومع ذلك، انتهى الرجلان بالجلوس في أحد منازل لندن معًا، محاطين بالصحافة، وعندها أصبحت الأمور صعبة.

على ما يبدو، كان (شابلن) جاهلًا تمامًا بالسياسة الهندية ولم يكن لديه سوى فكرة غامضة عما يؤمن به (غاندي). لقد غمر حشد الصحفيين كلا الرجلين ولم يتمكنوا من التفكير في أي شيء يقولونه لبعضهم البعض. في النهاية، انتهى بهم الأمر جالسين في صمت، قبل إجراء بعض المحادثات المحرجة والمتقطعة حول الآلات الزراعية.

على الجانب الإيجابي، أنهى (غاندي) الاجتماع بالقول إن (تشابلن) كان “رجلًا ساحرًا للغاية”.

9. صلة (جراهام جرين) بـ (أوسكار وايلد)

(أوسكار وايلد). صورة: Wikipedia Commons

ولد الروائي الإنجليزي (غراهام غرين) عام 1904 وتوفي (أوسكار وايلد) عام 1900. وتشير قوانين الفيزياء الأساسية إلى أنهم لم يلتقوا أبدًا. هذا صحيح بالتأكيد، لكن (وايلد) التقى ذات مرة بوالد (غرين)، وسنشارك القصة معكم على أي حال.

كان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر، وكان والد (غرين) يتناول القهوة مع رجل آخر في نابولي. طلب غريب، لغته الإنجليزية أيضًا، الانضمام إليهم. وافق والد (غرين)، وخلال الساعة التالية سحرهم الغريب بمحادثته الرائعة وكلماته البارعة. مع مرور الوقت، كان يطلب المزيد والمزيد من المشروبات، كل منها باهظ الثمن أكثر من سابقه.

أخيرًا، نهض و ودعهم وغادر. في هذه المرحلة، فهم والد (غرين) ورفيقه أخيرًا أنهما كانا يتحدثان إلى (أوسكار وايلد) الشهير. في هذه المرحلة أيضًا أدركوا أنه لم يضع أي مقابل لمشروباته. كان الكاتب المسرحي الشهير قد ترك لهم الفاتورة كاملة.

يروي (غراهام غرين) القصة في أحد كتبه من وجهة نظر ألطف. فيشير إلى محادثة (وايلد) الرائعة التي حظي بها والده ويقول إن الكاتب الفقير كان قد ”دفع ثمن شرابه بالعملة الوحيدة التي يمتلكها“.

10. (ج. م. باري) وفريق الكريكت

(ج. م. باري). صورة: Wikipedia Commons

من المحتمل أنك على دراية بكرة القدم الخيالية، حيث يمكن للاعبين إنشاء فرق مكونة من أعظم لاعبي التاريخ. لكن قد لا تعرف أنه كان هنالك نسخة أدبية منها حدثت بالفعل. ففي أوائل القرن العشرين، قرر مؤلف «بيتر بان» (جيمس ماثيو باري) إنشاء فريق أدبي للكريكت. والذي ضم بعض من أكبر النجوم التي شهدها العالم على الإطلاق.

عُرف الفريق الأول باسم «الله أكباريون» Allahakbarries (كلمة ناتجة عن دمج النداء الإسلامي مع اسم باري Barrie)، وتم اختيار (باري) ككابتن للفريق. كان السير (آرثر كونان دويل) إلى جانب مصمم شخصية Winnie the Pooh الإنجليزي (آلان ألكسندر ميلن) مع الكاتب الساخر (ب. ج. وودهاوس) يشكلون الفريق الأول.

أما الفريق الثاني فتألف من الكاتب الإنجليزي المسرحي (جيروم ك. جيروم)، جنبًا إلى جنب مع اثنين من الكتاب المنسيين الذين كانوا مشهورين في أيامهم، (أي. إي. دبليو. ماسون) و (أي. دبليو. هورنينغ). إضافة لعدد من السياسيين والشخصيات البارزة المحلية التي استكملت عدد الفريقين، بما في ذلك المسؤول الحكومي الذي حاول سحق انتفاضة عيد الفصح الأيرلندية في عام 1916.

كان يمكن للفريق أن يضم شخصية فريدة أخرى، إذ كان كل من (كونان دويل) و(ج. م. باري) من معارف (أوسكار وايلد)، الذي توفي للأسف قبل تشكيل الفريق. ومجرد فكرة أن كل هؤلاء النجوم البريطانيين والأيرلنديين يستمتعون بلعبة كريكت مسلية في أمسية صيفية هي فكرة جميلة وحدث من التاريخ.

مقالات إعلانية