in

الذاكرة المتحيزة

مزاج

أنت في أمسية ساهرة مع أصدقائك، يحدث أمرٌ غريب وتقود الاحداث بعضها لتكون ليلة مميزة. بعد أسبوع تعود ورفاقك للقاء وبينما تستذكر بعض اللقطات المحورية في السهرة الاخيرة تلقى اعتراضاً على روايتك لما حدث، وتجد أنّ أحداث الأسبوع الماضي موجودة بثلاث أو أربع إصدارات بتفاصيل مختلفة…

• لماذا لم تكن ذاكرتك موضوعيّة وخزّنت الحدث كما هو؟

• هل لمشاعرنا ومواقفنا العاطفية يد في تخزين التفاصيل والأحداث المليئة بالمعلومات؟

• ما علاقة ما نشعر بما نريد أن نتذكر؟

• ما هو الأهم وذو الأولوية من أجل التخزين، المعلومة أم الهالة العاطفية المحيطة بها؟

للإجابة على هذه الأسئلة سنقسّم تأثير العواطف إلى قسمين أساسيين، الأوّل هو تأثير المحتوى العاطفي للمعلومات التي تريد استحضارها، والثاني هو تأثير حالتك العاطفية أثناء التعلّم أو التخزين وأثناء التذكّر.

المحتوى العاطفي للمعلومة:

من الواضح لدى معظمنا أن استذكار الأحداث المشحونة عاطفيّا أسهل بكثير من تلك المملة الجامدة، وأحدث الدراسات أشارت بأن العواطف هي المنبّه الرئيسي الذي يثير عمليّة التذكّر ليس أهميّة المعلومة بحد ذاتها.

ومن الجدير بالذكر أن الأحداث المشحونة بعواطف قويّة قد تؤثر بشكل سلبي على ما يرافقها من معلومات ذات هالة عاطفية أقل و بالتالي تضعف فرصة المعلومات بلفت الانتباه والحصول على التثبيت والتخزين.

عاطفة
Healthline

لسلبية المشاعر وإيجابيّتها كذلك أثرٌ في حفظ المعلومات، فذاكرتنا تميل للاحتفاظ بالذكريات الإيجابية أكثر من السلبية وكلّما تقدّم بنا العمر نميل لأن نقلّل من الذكريات السلبية بشكلٍ عام وذلك بغضّ النّظر عن العوامل الفردية والشخصية، أمّا بالنسبة لمن يعانون من اكتئاب معتدل، فهم ميّالون للاحتفاظ بالذكريات السلبيّة والإيجابيّة بنفس النسبة، وفي دراسة عن الذكريات الشخصيّة وُجد أنّ الذكريات ذات الطابع الإيجابي كانت تعجّ بالتفاصيل الحسيّة على نحوٍ أكبر من تلك السلبيّة أو التي لا تحمل أي طابع.

تأثير مزاجك أو حالتك العاطفية في حفظ واستحضار المعلومات:

لتسهيل عمليّة التذكّر، حاول أن تستحضر المزاج أو الحالة العاطفية التي كانت ترافقك أثناء حفظ المعلومة، استدعِ حواسكَ وأحاسيسك آنذاك.

التعبير عن أحاسيسك بوضوح له دور في تثبيت الحدث، فقد تبيّن أنّ الأشخاص الذين يكبتون مشاعرهم ويكتمونها يصعب عليهم الاحتفاظ بتفاصيل أحداثهم وتذكّرها.

عاطفة
Menstrupedia

في دراسة جرت على مجموعة مشتركين كان عليهم القيام بمهام صعبة تتطلّب تركيزاً ومعلومات إدراكيّة، تم عرض فيديوهات متنوّعة للمشتركين قبل البدء بمهامهم، بعض الفيديوهات مصمّمة لتثير القلق في نفس المُشاهِد، وبعضها يثير السعادة، وبعضها لايترك أي انطباع، فكانت النتيجة أن القلق ساعد باستحضار المعلومات في بعض المهام وكان معرقلاً للذاكرة في مهامٍ أُخرى وكذلك السعادة، فإنّ كلّ عاطفة تنبّه وتثير مناطق معيّنة من الدّماغ فتؤثّر سلباً أو إيجاباً على مهام الذاكرة باختلافها.

• ولكن كيف يحصل ذلك! وكيف تؤثر العواطف في الذاكرة؟

• من المسؤول عن هذا التّفاعل الحادث بين مشاعرنا والذاكرة؟

أهم المناطق الدماغية المسؤولة عن هذا التفاعل هي ”اللوزة Amygdala، المخيخ Cerebellum، مناطق من قشر الدماغ Brain Cortex“.

تكون اللوزة متيقظة للأحداث العاطفية وأهمّيتها وتقوم بتنبيهنا لهذه الأحداث ولفت انتباهنا إليها، وهي باتصالها مع مناطق الدماغ المختلفة تتعامل مع التجارب والخبرات الحسيّة المختلفة، وهي أيضاً مسؤولة عن تأثير العاطفة على الإدراك.

ذاكرة
universityaffairs

أمّا عن المخيخ المرتبط بمهارات التنسيق الحركي، فقد يشارك في تذكّر العواطف القويّة طويلة الأمد.
أظهرت دراسة أن قشر الدماغ الأمامي”الجبهي” تأثّر بمزيجٍ من حالة المزاج والمهمّة المعرفيّة وليس بكل واحدة على حدى.

يوجد غموض في آلية التأثير ولكن على ما يبدو أنّ هنالك مظهرَين مساهمَين في هذا، أحدهما أنّ هرمونات الشدة أو التوتر(مثل الكورتيزول) تؤثر على اللوزة، والآخر أنّ اللوزة تستطيع أن تبدّل من نشاط مناطق الدماغ الأخرى، كأن تقوم بدور التقوية والدعم (بشكل أساسي لمنطقة الحصين في الدماغ، والحصين هو جزء من نظام الذاكرة يخزن المعلومات).

مقالات إعلانية