in

للتعيين.. مراجع حسابات للآخرة يجيد العمل تحت ضغط الملائكة

رجل أعمال يصعد السلالم نحو السماء

فيما كنت أسير في إحدى الطرقات المؤدية إلى إحدى دور العبادة، نزلت قطرات مياه حسبتها خيرا بما في الأجواء من حرارة شديدة، وبينما كنت أستعد لتلقي تلك المسكنات الرطبة إذ بملصق دعائي يهوي في منتصف الطريق الذي أسير به، وحينما أمسكت بالملصق وجدته إعلانا عن وظيفة ما في الحسابات، والمثير بالأمر أن الوظيفة المذكورة هي ذاتها تلك التي تعلمت مبادئها في كلية التجارة، كل شيء كان جيدا حتى قرأت السطر الثاني.. ما هذا!

ورد في السطر: ”نظرا للضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها فريق المحاسبين المكون من عدة ملائكة، حيث تتم أعمال الحسابات الأولية للحسنات والسيئات، وحتى لا يؤثر ذلك على مجريات الأمور في الآخرة، قررنا الاستعانة بأحد المحاسبين الذي سيتولى عملية جمع الحسنات التي كتبت في حسابات الملائكة وطرح السيئات منها، وتحديد الحساب الختامي بالموجب أو السالب“.

كانت الفقرة الثانية من المعلن حيث كتب: ”إذا كنت من الراغبين في التقدم إلى الوظيفة، عليك أن تقوم بشراء أحد الكتب التي تحتوي على جدول الحسنات من أقرب مكتبة إليك“.

بالفعل قمت بذلك وجلست أستطلع مدى قدرتي على القيام بتلك المهمة، وكان ما وجدته مثلما يلي:

1. قراءة الفاتحة 5 مرات بـ7000 حسنة: كانت معادلة بسيطة ومعلومة قرأتها من قبل كثيرا.

2. قراءة سورة الإخلاص 15 مرة تعادل قراءة القرآن كاملا 5 مرات، كم حسنة إذا: بحثت عن المقابل الذي يتلقاه الفرد اذا قرأ القرآن كاملا.. ها هي كل حرف بحسنة والكتاب يشمل ثلاثمائة وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفاً، ما يعني أن قراءة الإخلاص 15 مرة تحتسب 320,015 نضربها في 5 فنحصل على 1,600,075 حسنة، وبالطبع الحسنة بعشرة أمثالها، إذا سنحصل على أكثر من 16 مليون حسنة، وهنا بدا لي أنني سأكون بارعا في تلك الوظيفة.

3. الدعاء بالمغفرة للمؤمنين 15 مرة يكسب صاحبه حسنة عن كل مؤمن ومؤمنة: باعتبار أن المؤمنين فقط معنيون بالأمر فبحساب 1.6 مليار مسلم مع خصم الشيعة واللادينيين ومشجعي برشلونة وكارهي فيروز نحصل على مليار تقريبا، وفي كل الأحوال يبدو هذا الرقم سهلا وأجمل في الحسابات.. هنا بدأت تروق لي تلك الوظيفة كثيرا.

4. تحديث خاص بالألفية الجديدة: كل 10 إعجابات على منشور ديني تحسب بـ100 حسنة، والرسالة التي تقوم بإرسالها تعود عليك بـ1500 حسنة لكل 5 أصدقاء استقبلوها.

أغلقت الكتاب الذي يحتوي على جدول الحسنات وعدت لأكمل قراءة الملصق من جديد، وإذ بمفاجأة غير سارة تبرز لي، حيث وضعت داخل الإعلان شروط الوظيفة التي تضمنت أن أكون حاصلا على شهادتي الجامعية بتقدير جيد جدا على الأقل، تذكرت حينها أنني لم أستطع إنهاء جامعتي في سنواتها المعتادة، وتوجت جهودي بـ3 سنوات بالرسوب مما أثر على تقديري العام وأصبح بملاحظة مقبول، ومنه لم أعد الشخص المناسب لشغل الوظيفة.

لذا قررت نشر هذا الإعلان للعامة، فقد يرى البعض نفسه مناسبا للوظيفة خاصة مع مميزات العمل الرائعة التي كتبت في نهاية الملصق وتمثلت في ثلاث نقاط هامة:

  • بدل مواصلات من الجنة إلى النار.
  • خصم 20٪ على السيئات الخاصة بك، و10٪ لمن تختارهم من أصدقائك عدا الملحدين.
  • كارت VIP لتخليص أوراق دخولك الجنة بدون انتظار في طابور العرض.

ملحوظة كتبت في نهاية الإعلان: ”إذا كنت تصدق في الأساس وجود الملائكة فوجب علينا تحذيرك بأن ذلك الإعلان ساخر والوظيفة غير موجودة بالفعل، حتى لا تقع في فخ النصب مجددا من أحدهم.“

مقالات إعلانية