سفيان عشي
في حروب القرن التاسع عشر، كان بإمكان الجنود الشعور ببعض الأمان من خلال التراجع بضعة أمتار إلى الخلف بعيدا عن نيران البنادق التقليدية، وقد كان هذا التكتيك الدفاعي يعمل بشكل جيد إلى أن ظهر أول القناصين خلال مستهل القرن العشرين، لقد كان هؤلاء قناصين لامعين بارعين جدا في إطلاق النار والتخفي، ولم يكن بمقدور الخصم ملاحظة وجودهم إلا بعد سقوط جندي أمامهم.
لقد كانوا يثيرون جنون الأعداء بسبب قدرتهم الكبيرة على القتل وعدم القدرة على التنبؤ بوجودهم. بعث القناصون شعورا بالخوف الغامر في نفوس كل جندي منخرط في قتال على مسافات قريبة، كما قاموا بقلب التكتيكات الحربية العسكرية المعروفة منذ القدم رأسًا على عقب بحلول القرن الواحد والعشرين، حيث صارت بنادق القناصين اليوم قادرة على مجابهة دبابة أو طائرة مروحية ندًا لندّ.
في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف»، جمعنا لك عزيزي القارئ قائمة بأقوى 7 بنادق قناصة في العالم:
1. بندقية Barrett M82
لو شاهدت فيلم ”القناص“ Shooter، لكنت قد تذكرت ذلك المشهد حيث تقوم الشخصية الرئيسية (بوب) بمحاولة الانتقام لمقتل صديقه من خلال تحطيم طائرة مروحية بوابل من طلقات نارية من بندقية القناصة الأمريكية الشهيرة Barret M82. في الواقع، لم يقم مؤلفو سيناريو فيلم «القناص» بالمبالغة في تصوير قوة بندقية Barret M82، التي كانت من بنات أفكار الضابط السابق في سلك الشرطة الأمريكية (روني باريت)، الذي صمم هذه البندقية من أجل اعتراض الوحدات خفيفة التدريع.
تعتبر بندقية Barret M82 فعالة للغاية ضد الدبابات والعربات المدرعة إلى جانب الطائرات. تم تصميم جميع البنادق من هذه الشركة لتقوم بإطلاق عيارات من حجم 12.7 × 99 ميليمتر، وهي العيارات التي كانت سابقًا تستخدم في المدفع الرشاش (براونينغ إم-2).
يبلغ مدى بندقية القناصة Barret M82 حوالي 1800 متر، ونسبة الدقة لديها عند حدود 1.5 إلى 2 MOA –دقيقة الزاوية–. تم تجهيز الجنود الأمريكيين بهذه البنادق في الكويت والعراق خلال عمليتي عاصفة الصحراء ودرع الصحراء في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، غير أن معظم استخداماتها الحديثة كانت لاعتراض جنود مشاة الأعداء، على الرغم من كونها بندقية مضادة للعتاد بالدرجة الأولى.
في سنة 2002، قام العريف الكندي (روب فيرلونغ) بتحقيق أطول طلقة في التاريخ بواسطة هذه البندقية خلال عملية (أناكوندا)، حيث تمكن من قتل مقاتل طاليبان من على مسافة 2430 مترًا. كما تمكن الرقيب (ستيف رايكرت) من ختام قائمة إنجازات بندقية Barret M82 من خلال تصفية ثلاثة متمردين عراقيين متخفين خلف جدار من الطوب بطلقة واحدة من على مسافة 1600 متر.
في ولاية (تينيسي) الأمريكية، تُحترم بندقية Barret M82 وتوقر كثيرًا، فهي تعتبر في هذه الولاية البندقية الرسمية لها ابتداء من سنة 2016، ولم لا؟ أصبحت هذه البندقية ذات شعبية كبيرة في الأفلام السينمائية وألعاب الفيديو على شاكلة Call of Duty وPoint Blank، حيث يكون عشاق هذه الألعاب على استعداد للمجازفة من أجل الحصول على هذا السلاح الذي يمكّنهم من تدمير كل شيء حولهم، وهو ما يستحيل القيام به بواسطة بندقية قناصة عادية.
كما يقدرها صانعو الأفلام بنفس المستوى، إلى جانب فيلم Shooter، تم استخدام بندقية Barret M82 في فيلم Rambo 4، وفي فيلم Smoking Aces، وفي هذا الفيلم الأخير يظهر لنا المخرج عملاء المكتب الفيدرالي الذين تعرضوا لطلقة من هذه البندقية القوية وهم يطيرون في الهواء على مسافة عدة أمتار، وهو أمر منافي للواقع في الحقيقة، لكن تلك تبقى الطريقة التي أراد بها المخرج استظهار قوة هذه البندقية الكبيرة.
2. بندقية Steyr IWS 2000 النمساوية:
تماما مثل بندقية (باريت 82)، لم يتم تصميم بندقية Steyr IWS 2000 النمساوية في البادئ للاستخدام ضد الأهداف البشرية، ذلك أن استخدام قوتها لمثل هكذا أهداف يعتبر مثل استخدام مطرقة ضخمة تعمل بضغط الهواء من أجل كسر حبات الجوز.
قام المصنّع النمساوي كذلك بتصميم عيارات خاصة ذات خرطوشة طويلة بحجم 15.2 ميليمتر من أجل إطلاقها من هذه البندقية القوية. تبلغ طاقة الإطلاق الحركية لفوهة هذه البندقية 36 كيلوجول، ويقدر عمق اختراقها للدروع بحوالي 42 ميليمتر.
تمكنها خصائصها التقنية من إصابة وتصفية العربات ذات الدروع الخفيفة وغير المدرعة، إلى جانب أهداف أخرى على مسافة 2000 متر.
في الواقع، سُمي هذا النوع من البنادق باسم بندقية قناصة على الرغم من السخافة التي تبدو عليها التسمية، ذلك أنها بندقية ذات سبطانة ملساء مما يعني أنه لا يجب أن يطلق عليها اسم بندقية لأنها أقرب لكونها مدفعًا.
باعتبار دقتها العالية والمسافة الطويلة التي تغطيها، يمكننا القول بأن بندقية Steyer IWS تصنف من بين أقوى بنادق القناصة في العالم.
اليوم، لا يسع سوى قلة قليلة من المالكين تقدير امتيازاتها وقدراتها الرهيبة، ذلك أنها لم يتم تقديمها بشكل رسمي لقوات نظامية أو جيوش بسبب التكلفة العالية التي تتطلبها صناعة الذخيرة الخاصة بها، مما جعل الناس يطلبون هذه البنادق بكميات قليلة.
على الرغم من أن الشركة النمساوية المصنعة لهذه البندقية تمتنع عن الإفصاح عن أية معلومات خاصة بزبائنها مثل أي شركة محترمة أخرى، فإن هناك شائعات تفيد بأن الجيش الأمريكي اشترى من بندقية Steyer IWS حوالي 2000 وحدة كما قال البعض أنهم شاهدوها في القتال.
3. بندقية Anzio 20mm المضادة للعتاد:
يقولون أن كل شخص يعمل في شركة صناعة الأسلحة الأمريكية Anzio Iron Works هو شخص مجنون بكل تأكيد، وعلى الرغم من أن هذا التصريح غير صحيح بالطبع، فإن هذه الشركة أنتجت لنا بنادق بصفات وحوش حقيقية وذلك فقط لأنها تستيطع ذلك.
واحدة من بين البنادق الرهيبة التي صنعتها هذه الشركة هي بندقية Anzio 20mm. يبلغ طول ماسورة هذه البندقية المضادة للعتاد 1200 مليمتر ويبلغ وزنها أكثر من 17 كيلوغرامًا، مما يعني أنه ليس بإمكانك إخفاؤها في جيب سترتك.
ومن بين مواطن قوة هذه البندقية الرهيبة مداها البعيد، حيث أن حتى الأهداف التي تبعد عن القناص بثلاثة كيلومترات ليست في مأمن من شرها، وهو أمر يعرفه مالكوها جيدا، كما يعرفون بأنها بندقية أحادية الطلقة ويدوية التقليم، ومنه يجب عليك في حالة استخدامها أن تصيب هدفك في الطلقة الأولى خاصة مع المساعدة التي تقدمها عدسات التقريب الثورية المستخدمة فيها ذات 20 ميليمتر.
باستخدام هذه البندقية، يمكنك حتى تصفية أهداف تكون خارج نطاق البنادق التي سبق لنا ذكرها. إلى جانب عيارات 20 × 102 ميليمتر، تطلق بندقية Anzio كذلك عيارات 14.5 × 114 ميليمتر، وهي ممتازة ليس فقط لأنها تعمل بأنواع مختلفة من الذخيرة، بل لأنها تملك تسارعا رهيبا يصل إلى 1 كيلومتر في الثانية، وطاقة إطلاق ماسورتها تصل إلى 57.53 كليوجول، ومع كون وزنها خفيفا نسبيًا، فهي أكثر من مناسبة لإطلاق النار على أهداف أرضية وكذا جوية.
4. بندقية Denel NTW 20 الجنوب إفريقية:
ليس صانعو الأسلحة الأمريكيين الوحيدين في العالم الذين يعشقون أسلحة العيارات النارية الكبيرة، فقد مضت 20 سنة منذ أن استخدم الجيش الوطني في جنوب إفريقيا بندقية Denel NTW 20 لأول مرة، وهي من إنتاج شركة (آيروتيك) ومن بنات أفكار المصمم المحلي (آنثوني نيتو)، وهو خبير أسلحة متخصص في البنادق المضادة للدبابات.
صممت هذه البندقية لتكون سلاحا مضادا لقناصي العدو على مسافات بعيدة، ولتدمير أنظمة الصواريخ، وهوائيات الأقمار الصناعية، وأنظمة تحسس الطائرات المركونة وكذا العربات المدرعة تدريعا خفيفاً.
تعتبر بندقية Denel NTW 20 جيدة للغاية لتصفية الأهداف الثقيلة، وتتضمن عدّتها على ماسورتين قابلتين للتبديل، تم تصميم الأولى لإطلاق رصاصات عيار 20 × 80 ميليمتر، والتي تقدر طاقتها عند الإطلاق بـ29.03 كيلوجول، أما الماسورة الثانية فقد صممت لإطلاق رصاصات عيار 14.5 × 114 ميليمتر، ولقد تم إدراجها في عدة البندقية من أجل زيادة مدى الإطلاق الخاص بها، كما إن تغيير الماسورتين لا يحتاج إلى أية أدوات خاصة، وهو أمر لا يستلزم أكثر من دقيقة من الزمن.
كان المصمم (آنثوني نيتو) يعلم جيدا أن قوة البندقية الكبيرة ستتسبب في ارتداد كبير بعد كل طلقة، ولهذا السبب حاول خفض تأثير هذا الأمر على القناص الذي يستخدمها قدر الإمكان من خلال استخدام ممتصات صدمات إضافية، وحتى مع هذه الأخيرة سيكون مستخدم البندقية في حاجة لبضعة ثوان من أجل الاسترجاع بعد الطلقة الأولى.
إذا كنت ترغب في استخدام هكذا سلاح، نحن ننصحك بأن تأخذ وقتا مليا في التفكير فيما إن كنت مستعدا بحق أم لا.
5. بندقية CheyTac M200 Intervention:
لنلق نظرة على هذه البندقية المميزة، فهي البندقية الوحيدة على قائمتنا هذه التي ليست مضادة للعتاد والمدرعات، وتم تصميمها لتصفية أهداف هشة على شاكلة جنود العدو، وهي أكثر من مثالية للإصابات الدقيقة على مسافة أكثر من 2000 متر.
تماما مثل الكثير من بنادق القناصة، يجب تلقيم بندقية CheyTac M200 Intervention يدويًا، وتعتبر البنادق يدوية التلقيم أكثر دقة من البنادق الآلية ونصف الآلية.
تم تصميم رصاصات خاصة من أجل استخدامها في هذه البندقية، وهي رصاصات (408 شاي تاك) عيار 10 ميليمتر.
تعتبر بندقية M200 عملية أكثر من البنادق الضخمة التي سبق لنا ذكرها، فهي أخف بمرتين من سابقاتها وهي تسمح لمستخدمها إطلاق 20 طلقة في الدقيقة الواحدة، غير أنها ليست رخيصة الثمن، حيث يتعين على كل شخص يرغب في امتلاكها دفع حوالي 50 ألف دولار.
أما من يعشق الأسلحة القوية مثل هذه ولم يكن يملك المال الكافي لاقتنائها، فإبمكانه تجريبها في ألعاب الفيديو على شالكة لعبة Call of Duty، كما أنها أصبحت السلاح الرئيسي لشخصية (بوب) في فيلم Shooter الذي سبق لنا ذكره في مسعاه للانتقام لمقتل صديقه.
6. بندقية JDJ 950:
دعونا نقدم لكم سلاحا غريبا للغاية، لم يتم تبنيه من طرف أي دولة اليوم وذلك بسبب الصدمة القوية التي يولدها عند الارتداد واحتمال تعريض مستخدمه للإصابة بعد مجرد إطلاق الطلقة الأولى.
قام مؤسس شركة SSK Industries وهو صانع أسلحة أمريكي بتطوير بندقية تطلق رصاصات من عيار 24 × 75 ميليمتر وأطلق عليها اسم JDJ 950. يعتقد الكثيرون أن هذا هو أقوى سلاح في العالم، إنه ذو شعبية كبيرة وسط عشاق الأسلحة التي تطلق عيارات ضخمة.
إن ارتداد هذا السلاح قوي للغاية، كما أن وزنه بعيد كل البعد عن الخفيف، حيث يتراوح وزنه بين 36 إلى 50 كيلوغرام، حسب التصميم المطلوب، وهو سلاح ضخم للغاية مثلما يمكنك رؤيته في الصورة أعلاه.
يعتبر استخدامه لإطلاق العيارات النارية بداعي التسلية أمرا غير محببًا، كما أن الجيوش الرسمية امتنعت عن استخدامه لسبب معين. يمكن استخدام هذه البندقية-المدفع كسلاح مضاد لقناصي العدو كما يمكن استخدامه ضد الأهداف المدرعة وحتى الطائرات المروحية.
7. بندقية 14.9mm SOP الأمريكية:
تقريبا، يمكن استخدام جميع البنادق التي سبق لنا ذكرها على الأهداف البشرية أو العربات المدرعة وحتى الأهداف الجوية منها مثل الطائرات المروحية، وهو ما يمكنك استخدام بندقية SOP الأمريكية فيه أيضًا بالإضافة إلى إمكانية استخدامها لقتل الديناصورات لو أن هذه الأخيرة مازالت موجودة في يومنا هذا.
حتى وإن بدت رصاصات هذه البندقية من عيار 14 ميليمتر غير مبهرة فيما يتعلق بالحجم الكبير، فإن طاقة الإطلاق التي تتولد عند ماسورتها تصل إلى 60 كيلوجول، والمدى الذي يمكن من خلاله إصابة الأهداف منها هو 5 كيلومترات!
يبلغ وزن العيارات النارية التي يطلقها هذا السلاح حوالي 110 غرامات، وربما كان أكثر ما يثير الدهشة حياله هو دقته الكبيرة، حيث لا تتعدى نصف دقيقة زاوية MOA على بعد 2700 متر.
تم تصميم هذه البندقية في البادئ لاستخدامها للترفيه وفي رياضات إصابة الأهداف من على مسافات بعيدة، ولسبب واضح مازالت هذه البندقية عديمة الاستخدام العسكري، غير أننا لن نتفاجأ إذا ما شاهدناها في أحد أفلام الحركة في السنوات القليلة القادمة.
