عندما يتحدث العلماء بهذه المصطلحات، فإنهم يشيرون بها غالباً إلى معاني تختلف تماماً عن المعاني التي يقصدها الناس العاديون، فتعريفنا لهذه المعاني قد يكون إما سطحيا جداً أو واسعا جداً مما يؤدي إلى ضياع معنى الكلمة الحقيقي.
قمنا في هذا المقال بالغوص عميقاً ضمن موقع المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي باحثين عن المعاني الحقيقية لهذه المصطلحات لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح.
المصطلحان رقم 1 و2: السم والذيفان والزُعاف Poison وVenom
عند سماعنا بالكلمتين السابقتين نظن أنهما تشيران لمعنى واحد وهو المادة السامة التي تتفاعل مع العمليات الحيوية ضمن الجسم، لكن يوجد فرق بينها في الحقيقة، فالزعاف يلج إلى جسم الإنسان عن طريق أحد أعضاء الكائن الذي يطلقه كأنياب الأفعى مثلا، أما السمّ فهو يدخل الجسم عن طريق الجهاز الهضمي أو التنفسي أي (يُستنشق أو يُمتص أو يُهضم).
يشرح لنا أمين قسم علم الحيوان اللافقاري في المتحف الأمريكي (مارك سيدال) أن كلا من سمندل الماء ذي الجلد الخشن والأخطبوط ذي الحلقات الزرقاء المطوقة يفرزان مادة سامة للغاية تدعى سم الأسماك رباعية الأسنان، أو التيدروتوكسين، لكن العلماء يطلقون على سم الأخطبوط ”مِزعاف“ لأنه ينقله عن طريق العض، أما السم في حيوان السمندل فيتواجد على جلده وينتقل عن طريق الجهاز الهضمي لذا هو ”سام“.
المصطلح 3: الميكروبات
يشير الناس في حياتهم اليومية إلى الميكروبات على أنها كائنات حية دقيقة تسبب الأذى للجسم ولا يمكن رؤيتها، لكن في الحقيقة ليست كل الميكروبات ضارة، في الواقع يمكن أن يكون بعضها مهماً جداً لبقائنا على قيد الحياة.
تضم الميكروبات كل من الجراثيم والفيروسات والفطريات بالإضافة إلى الكائنات الأولية وتشكل الغالبية العظمى من الكائنات الحية التي تعيش على كوكب الأرض، إذ تحتوي كل خلية حية في جسم الإنسان على 10 ميكروبات، ونسبةٌ قليلةٌ منها مسببة للأمراض.
المصطلح 4: شِهاب، و5: نيزك، و6: كويكب
مع أننا نستعمل هذه الكلمات بالتبادل وللإشارة لشيئ واحد، إلا أنها تحمل معاني مختلفة تماماً، فالكويكبات بالتعريف هي أجسام صخرية أصغر من الكواكب تدور حول شموس أو كواكب، وهي موجودة بالأخص بين كوكبي المشتري والمريخ، ويمكن أيضا أن تسحب خارج هذا المدار تحت تأثير جاذبية المشتري وتسافر نحو وسط نظامنا الشمسي.
أما النيازك فهمي بالتعريف: صخور تأتي من الفضاء الخارجي وترتطم بسطح الأرض، بينما الشُهُب لا ترتطم بسطح الأرض بل تصل إلى الغلاف الجوي على شكل كتل مكونة من غبار المذنبات، وتحترق تاركةً وراءها مسارات ضوئية إلى أن تختفي.
المصطلح 7: النظرية

يستعمل الناس غالباً مصطلح النظرية ليشيروا إلى تخمين أو حس باطني ما، لكن بالنسبة للعلماء والباحثين فالنظرية هي تفسير مُثبت قابل للتطبيق يمكنها أن تجسد القوانين والفرضيات والحقائق الموجودة في الواقع، فنظريتا التطور أو الجاذبية على سبيل المثال ليستا مجرد تخمين أو شعور ذاتي، بل تفسران كيف يمكن للتفاح أن يسقط من الأشجار، وكيف تتواجد أنواع مختلفة جداً من النباتات والحيوانات على سطح الأرض.
وفقاً لموقع المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي: ”لا توضح النظرية حقائق معروفةً فحسب، بل تسمح للعلماء أيضاً بطرح التوقعات التي يمكن مشاهدتها في حال أُثبتت صحة النظرية“، وعلاوة على ذلك يمكن للنظرية أن تخضع للاختبار، ففي حال كانت الأدلة غير متوافقة مع معطيات النظرية، يمكن للعلماء عندها التعديل عليها أو رفضها بالكامل.
المصطلح 8: المستحاثة
يوضح الباحث (لويل دينغوس) أن مصطلح المستحاثة لا يشمل البقايا الصلبة للكائنات الحية فحسب (مثل الأسنان والعظام والأصداف)، إذ يمكن اعتبار الأجزاء الرخوة كالجلد والمعالم الخارجية مستحاثةً في حال تم الاحتفاظ بها في شروطٍ مناسبة.
كما يمكن احتساب الآثار التي يمكن أن يخلفها الكائن الحي ورائه كبصمات الأقدام والأعشاش والملاجئ مستحاثات ذات أهمية كبيرة، مع العلم أن العمر التقديري للمستحاثة يجب أن لا يقل عن 10,000 سنة.
المصطلح 9: السلف المشترك
عندما يستخدم الناس مصطلح السلف المشترك يقصدون في الغالب أن الكائن الحي قد تطور من كائن آخر، لكن هذا غير صحيح، فعلى سبيل المثال: لم يكن أصل الإنسان قرداً بالمعنى الحرفي، لكن شكله في السابق (الذي يشبه القرد إلى حد كبير) جعله يتشارك مع القرود الموجودة في العالم القديم بالصفات الشكلية، إذ نرى ذلك وفقا لما يدونة المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي على موقعه الإلكتروني: ”هنالك دليل دامغ يشير إلى أن جميع الكائنات الحية تمتلك صفات مشتركة وانحدرت من سلف مشترك واحد، حيث اكتشف داروين قبل 150 عام تشابها تشريحيا كبيرا كان دليلا على هذه العلاقة بين مختلف الأجناس. في يومنا هذا نجد أن هذا التشابه الملاحظ سببه الحمض النووي المشترك بين جميع الأصناف والناتج بشكل مباشر عن السلف المشترك للكائنات الحية“.
المصطلح 10: أشباه البشر أو ”الهومينيز“
يُعتبر الإنسان العاقل الـ”هوموسابيان“ السلف الوحيد المتبقي من أشباه البشر ”الهومينيز“، لكنك في الغالب تستخدم مصطلح أشباه الإنسان لتشير إلى أسلافنا من البشر، مع العلم أن تعريفك لهذا المصطلح كان صحيحاً منذ وقتٍ ليس ببعيد، ولكن في وقتنا الحالي، امتد هذا المصطلح ليشمل جميع القردة العليا وأسلافها، لذا إذا أردت استخدام هذه العبارة فاعلم أنك تشير بها إلى مجموعة كبيرة تتألف من الإنسان الحديث والمنقرض بالإضافة إلى أسلافنا المشتركين.
أكتشفت أول مستحاثة لأشباه البشر في عام 1856، واستمر اكتشاف المزيد من مستحاثات أشباه البشر منذ ذلك الوقت، وقد تبين أن هذه الفصائل قد عاشت في مختلف الأماكن على مدى ملايين السنين الماضية، بل يمكن لبعضها أن تكون قد تعايشت سويةً في زمنٍ واحد.
المصلطح 11: الديناصورات
يعلم معظمنا أن الديناصورات قد انقرضت منذ 65 مليون سنة، لكن هذا غير صحيح بشكل كامل، فإذا قمت بالنظر عبر نافذة غرفتك فقد تشاهد ديناصوراً يطير أمامك! حيث أن الطيور تمتلك سلفا مشترك مع كافة الديناصورات التي سبق وعاشت على سطح الكرة الأرضية، وكما يوضح مؤسس قسم علم الحفريات في المتحف (مارك نوريل): ”مثلما نعتبر أن الإنسان ينتمي إلى صنف الرئيسات (وهي فصيلة من الثدييات) يمكننا اعتبار الطيور نوعا من أنواع الديناصورات“.
المصطلح 12: التيروصورات

ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها بوجود هذا المصطلح عزيزي القارئ، والسبب وراء ذلك هو ظننا بأن التيروصورات هي نوع من أنواع الديناصورات لذلك نشير إليها غالباً بأنها ديناصورات، لكنها ليست كذلك في الحقيقة، وهي ليست طيوراً أيضاً، إذ كانت زواحفا طائرة! وتعتبر من قريبات الديناصورات التي تنتمي إلى فرع آخر من شجرة الزواحف. مع العلم أن التيروصورات هي من أولى الحيوانات التي طورت خاصية الطيران باستخدام أجنحتها بعد الحشرات.
المصطلح 13: استعادة الحيوانات المنقرضة
يمكنك في الغالب فهم فحوى هذه العبارة، لكنك لا تعلم ما هي الحيوانات التي يمكننا إستعادتها، إذ لا يمكن إستعادة الديناصورات غير الطائرة فحمضها النووي قديم جداً ولا يمكن استخدامه، لكن يمكننا فعل ذلك بالنسبة لأصناف أخرى في المستقبل القريب، ففي عام 2003 قام باحثون بزرع جينات ماعز إسبانية منقرضة ضمن بويضة ماعز أخرى، ومع أنها لم تبقى على قيد الحياة سوى لبضع دقائق فقط، لكنها كانت كافية لإثبات إمكانية تحقيق ذلك في المستقبل.
يعتقد العلماء إمكانية إعادة إحياء الحيوانات المنقرضة حديثاً بفضل التسارع الكبير في الاكتشافات والكمية الكبيرة من البيانات والمعطيات التي أصبحت في حوزتهم حالياً، ومع أن الأمر يبدوا رائعاً، إلا أن تحقيق هذه العملية يتطلب منا الإجابة على العديد من التساؤلات العلمية الشائكة والمعقدة.