in

12 من أهم الأحداث التاريخية التي جرت في عام 2018

عظام نياندرتال، وعصارة مومياء، وحجارة جوع قديمة: كانت سنة 2018 مليئة بالعديد من الاكتشافات التاريخية المميزة.

قبل أن نبدأ؛ يجب أن نعرف ما معنى ”حجارة الجوع“: هي من المعالم المائية الشائعة في وسط أوروبا، كانت هذه الحجارة توضع في النهر خلال فترات الجفاف لتحديد مستوى المياه، كتحذير للأجيال القادمة من أنها ستضطر للتعامل مع مجاعات أخرى في المستقبل في حال وصول المياه لهذا المستوى من جديد.

كانت سنة 2018 مليئة بالعديد من الأبحاث والاستكشافات الجديدة، ففي هذه السنة تحصّل العالم على دلائل جديدة أفادت في إيضاح الطريقة التي كانت تبدو عليها الأرض قبل العديد من القرون، وتصدّرت عناوين تاريخية أوجه أهم الصحف العالمية، إليكم هذا التقرير عن أفضل الأخبار التاريخية التي حدثت خلال عام 2018:

1. نبش واستخراج عربة حربية من العصر الحديدي مع فارسها وحصانها:

بقايا حصان مع عربة حربية من العصر الحديدي.
بقايا حصان مع عربة حربية من العصر الحديدي. صورة: David Wilson

كان هذا هو أول خبر تاريخي كبير في عام 2018، حيث صُدمت شركة تطوير في مدينة (بوكلينغتون) في إنجلترا عندما اكتشفت عربة حربية مدفونة تحت الأرض أثناء التحضير والحفر لوضع أساسات بناء جديد، لم تكتشف الشركة العربة المدفونة فقط بل اكتشفت إلى جانبها بقايا الحصان الذي كان يجرها مع راكبه أيضاً.

بدأ العصر الحديدي بين عامي 600 و1200 قبل الميلاد، وذلك اعتماداً على انهيار العصر البرونزي وبدء اكتشاف الحديد والفولاذ في هذه الفترة، واستخدامه لصناعة الأسلحة على امتداد القارة الأوروبية والأفريقية والآسيوية.

بقايا حصان مع عربة حربية من العصر الحديدي.
بقايا حصان مع عربة حربية من العصر الحديدي. جدير بالذكر أن عربة مشابهة اكتُشفت في موقع بناء آخر في إنجلترا. صورة: David Wilson

هذه ليست المرة الأولى التي تُكشف فيها عربة حربية في إنجلترا، ففي عام 2017 اكتُشفت عربة حربية أخرى مع الحصان الذي يقودها فقط هذه المرة دون الفارس، أما التي اكتُشفت بعدها فكانت متضمنة الفارس الذي كان يقود الحصان الذي يجر العربة.

أفادت Archaeology Arts في تقريرها في عام 2017 حول هذا الأمر التالي: ”كانت العربة قد دُفنت كجزء من ممارسة جنائزية شائعة في العصر الحديدي، ومع ذلك لم تكن الخيول موجودة في سياق هذه الممارسات فوجودها هنا أمر جديد ومدهش لحد ما“.

ليست هناك معطيات كافية عن إمكانية استخدام علماء الآثار لهذا الاكتشاف مستقبلاً لتحصيل فائدة ما، ولكن لربما أنهم سيسيّرون حملات استكشاف أثرية جديدة على امتداد إنجلترا.

2. حل علماء التاريخ يفكون الغموض المحيط ببوابة الجحيم المميتة:

مدخل بوابة الجحيم في مدينة هيرابوليس في تركيا. صورة: Getty Images
مدخل بوابة الجحيم في مدينة هيرابوليس في تركيا.

في جنوب تركيا توجد مدينة قديمة تُسمى بـ(هيرابوليس) فيها معبد يسمى بوابة الجحيم. لقرون، كانت هناك سلسلة من الميتات غير المتوقعة والمفاجئة قرب هذا المعبد، أي حيوان يقترب من هذه البوابة كان يُعثر عليه ميتاً تحت ظروف غامضة، والآن تم الكشف عن هذه المعضلة الغامضة، المعضلة التي تم التلميح لها في العديد من الكتابات القديمة.

كتب الجغرافي اليوناني القديم (سترابو) مشيراً إلى المعبد بصفة ”المميت والقاتل“، بحيث لا يمكن للشخص أن يتجرأ أن تطأ قدمه أرض المبعد قائلاً: ”هذا المكان مليء بالضباب الكثيف بحيث بالكاد يمكنك أن ترى قدمك وهي تطأ الأرض، أي حيوان يدخله عبر هذه البوابة مصيره الموت الفوري، أنا بنفسي رميت عصافير من نوع الدوري داخله وفوراً التقطت آخر أنفاسها وماتت“.

تحمل كتابات هذا الجغرافي بعضاً من الحقيقة، لأن الطيور لا زالت إلى اليوم يُعثر عليها ميتة قرب مدخل هذا المعبد بعد محاولتها للدخول داخله، كما أن الضباب أيضاً هو أمر موجود إلى الآن.

قال عالم الآثار (فرانسيسكو دي أندريا) بأن الخصائص القاتلة للمنطقة لا تُخبئ نفسها فبإمكانك ملاحظتها بسهولة، ويقول أيضاً بأن لديه دلائل تفيد بأن سكان المنطقة كانوا يعطون زوارها طيوراً ليجربوا الأمر بأنفسهم، وهذا ما جعل الكثير من جثث الطيور متناثرة في المنطقة، وتقول الشائعات أيضاً بأن الكهنة سابقاً كانوا يضحّون هنا بثيران لإرضاء آلهة العالم السفلي بينما كانوا يهلوسون تحت تأثير هذه الأبخرة السامة.

وجد الباحثون بأن هناك تركيزات كثيفة من غاز ثاني أكسيد الكربون قرب مدخل المعبد، مستوى سمية هذه الأبخرة المنبعثة قرب هذا المدخل دفعت علماء الطبقات الأرضية والآثار للاعتقاد بأن المعبد يقع فوق صدع أرضي كبير، الأمر لا علاقة له بعالم الجن والشياطين ولا بآلهة العالم السفلي نهائياً.

3. أظهرت أسنان (هتلر) بأنه كان نباتياً ولم يكن يستخدم خيوط الأسنان في تنظيفها:

سن (هتلر) الرابع الذي تم تحليله. صورة: Philippe Charlier/Twitter
سن (هتلر) الرابع الذي تم تحليله. صورة: Philippe Charlier/Twitter

منذ أن أنهى الفوهرر حياته بيده، بدأت نظريات المؤامرة بالظهور: من الاعتقاد بأن (هتلر) لم يمت بل هو حي يرزق في أحد أحياء الأرجنتين أو أنه ذهب إلى القمر وغيرها، ويبدو بأن عدد الذين يؤمنون بأنه ما زال على قيد الحياة يزداد أيضاً. على كل حال، هناك دراسة جديدة تدّعي أنها قادرة على نسف كل هذه الادعاءات وإغلاق أفواه الكثيرين نهائياً.

بعد إجراء تحليل طبي بيولوجي لأسنان (هتلر) التي كان يخفيها العلماء الروس، وجد الباحثون بأن (هتلر) قد توفي في مخبئه في عام 1945، وهذا بالطبع كان أكثر النسخ المقبولة عن قصة موت (هتلر) على مدى الـ73 سنة الماضية، على الرغم من عدم وجود دليل رسمي.

تبعاً لما جاء في دراسة نُشرت في جريدة أوروبا للطب الباطني، فإن هذه الأسنان هي بالتأكيد لـ(هتلر)، يقول البروفيسور (فيليبي تشارلير) لشبكة أخبار AFB: ”الأسنان حقيقية لا شك في ذلك، دراستنا تُثبت بأن (هتلر) مات في عام 1945، بإمكاننا نفي كل نظريات المؤامرة التي تدور حول (هتلر)، هو لم يفر إلى الأرجنتين في غواصة وليس مختفياً في قاعدة عسكرية في القارة القطبية وليس على القمر“.

بجانب الإشارة إلى موقع وسبب وفاة (هتلر)، تعطي هذه الأسنان نظرة عاطفية غريبة ومفاجئة عن هوية (هتلر) وكيف كان يعيش؟

تمكن العلماء من استنتاج أن أربعة أسنان من فكه هي أسنان أصلية والباقي كان عبارة عن أسنان معدنية صناعية، فعدد الأسنان الصناعية غلب الطبيعية بفارق كبير، كما أنه كان يعاني من أمراض في اللثة ولم يكن يهتم بنظافة أسنانه كما ينبغي،وتؤكد الأسنان أيضاً شائعةً أخرى حول (هتلر) وهي أنه كان نباتياً، فالطبقة التي كانت تغطي أسنانه فعلاً أشارت لهذا الأمر.

4. بعد 500 سنة؛ تأكد العلماء من سبب فناء شعب الأزتيك:

هرم لشعب الأزتيك في المكسيك.
هرم لشعب الأزتيك في المكسيك.

بحلول عام 1550، تم محو أكثر من 15 مليون شخصاً من شعب الأزتيك –تقريباً 80٪ من تعدادهم الكلي، ولقرون كافح العلماء لفهم كيف حصل هذا الحادث، وما هو في الأساس، وكيف يمكن أن يصل إلى المكسيك.

والآن بعد 500 عاماً أصبح بإمكاننا القول بأننا وجدنا السبب. وصف السكان المحليون هذا الداء الذي حل بهم باسم Cocoliztli، الذي يعني بلغة شعب الأزتيك ”الوباء“، قام العلماء باستخدام حمض نووي مأخوذ من أسنان بعض الضحايا الميتين منذ قرون واستنتجوا أن هذا الشعب أُصيب بمرض التيفوئيد، الذي تسببه جرثومة السالمونيلا المعوية، وعلى وجه التحديد نوع فرعي يُعرف باسم Paratyphi C.

معروف عن هذا المرض والجرثومة تحديداً انتقالها عبر المياه الملوثة والأغذية أيضاً، تشبه هذه البكتيريا السالمونيلا كثيراً والتي نربط اليوم الإصابة بها بتناول البيض النيئ، وبفضل تطور الوعي الصحي والعلم نادراً ما أصبحت هذه الجرثومة تسبب أي عدوى.

نُشرت نتيجة هذه الدراسة في مجلة العلوم الطبيعية والبيئية والتطور. بالإضافة إلى سبب الوباء، تدّعي المجلة بأنها قد علمت سبب تفشي هذا الوباء وكيف قَدِم إلى هذه المناطق، ببساطة السبب هو: المستعمرون الأوروبيون.

التفسير المنطقي والأكثر احتمالاً هو أن الحيوانات التي تحمل هذه الجرثومة جُلبت إلى المكسيك من قبل المستعمرين ولم تكن أجهزة السكان الأصليين المناعية معتادة على هذا المرض، لم يكن الأزتيك، الذين لم يسبق لهم أن تعرضوا لهذه الجرثومة أبداً في حياتهم، قادرين على تحمل نتائج الإصابة بها، وهذا أدى إلى وفاة الكثير والكثير منهم.

5. تم حل غموض قصة عمرها 430 سنة عن مستعمرة (روانوك) المفقودة في النهاية:

قد تحمل النقوش على هذه الحجارة رسالة من المستعمرة المفقودة (روانوك).
قد تحمل النقوش على هذه الحجارة رسالة من المستعمرة المفقودة (روانوك). صورة: Brenau University

لربما تحمل نقوش هذا الحجر ذو الـ10 كيلوغرامات سر حل القصة الغامضة التي تتحدث عن مستعمرة (روانوك) المفقودة التي حيرت علماء التاريخ منذ قرون عديدة. في عام 1590، أصبحت مستعمرة (روانوك) مهجورة تماماً والدليل الوحيد الموجود أمامنا وقتها كان كلمة كُتبت على سور المستعمرة وهي Croatoan، وهو اسم قبيلة سكان أمريكا الأصليين المجاورين لهذه المستعمرة.

لم تظهر أي أدلة إضافية على ما حدث إلى عام 1937، وذلك عندما دخل سائح من كاليفورنيا إلى قسم التاريخ في جامعة (إيموري) وهو يحمل حجراً ضخماً حُفرت عليه بعض الكتابات.

يعتقد (إد شريدر) وهو جيولوجي ورئيس جامعة (برينو) في (جورجيا) وعدة علماء آخرون أن هذا الحجر قد يكون أهم قطعة أثرية تعود لمراحل نشأة أمريكا الأولى.

عندما قام فريق من علماء جامعة (إيموري) بفك رموز الرسالة المنقوشة على الحجر، صُدموا باكتشاف القصة التي يرويها الحجر، والتي كانت عبارة عن سنتين من المعاناة: مع الأمراض من جهة والحروب مع الأمريكيين الأصليين المحليين من جهة، التي أدت إلى موت كامل المستعمرة بما في ذلك زوجة وابن الشخص الذي كتب الحجر.

روانوك
(إد شريدر) وهو يحمل الحجر. صورة: Marc Thiessen/Brenau University

أعلن فريق جامعة (إيموري) في عام 1937 أن هذا الحجر هو جحر أصلي وحقيقي من الواقعة، ولكن خلال الأعوام التالية سرعان ما بدأ الناس، وتحديداً المنقبون، بجلب أكثر من ثلاثين حجراً ادّعوا بأنها كُتبت أيضاً من نفس الشخص الذي كتب الحجر الأصلي.

بعد ذلك وفي عام 1941 نشرت صحيفة (ساتردي إيفننغ بوست) تقريراً مكونا من 11000 كلمة فضحت فيه شرعية جميع الأحجار ووصفتها بالخدعة وبأن مكتشفيها مخادعون وغشاشون.

وفي عام 2016 قرر (إد شريدر) أن يأخذ الحجر الأصلي الذي اكتشف في عام 1937 إلى جامعة (نورث كارولاينا) لتحليله، يريد (شريدر) أن يمول تحقيقات جيوكيميائية شاملة ليبرهن على أن الحجر الأساسي الأول الذي اكتُشف هو حقيقي وأصلي وليس مزوراً.

ويخطط الباحثون لإجراء تحليل أكثر دقة للغة المكتوبة على الحجر ومعنى عباراتها من أجل التحقق من صحتها ويأملون في نهاية المطاف كسر غموض هذه القضية وكشف حقيقتها كاملة.

6. اكتشف صيادون جمجمة عملاقة لأيل إيرلندي عمرها 10000 سنة:

(ريموند مكيلروي) يقف أمام جمجمة وقرون أيل أيرلندي التقطتها شبكته أثناء صيده للأسماك في بحيرة (لاف نايج) في إيرلندا الشمالية.
(ريموند مكيلروي) يقف أمام جمجمة وقرون أيل أيرلندي التقطتها شبكته أثناء صيده للأسماك في بحيرة (لاف نايج) في إيرلندا الشمالية. صورة: Ardboe Gallery

ذهب صياد ومساعده في رحلة اعتيادية لاصطياد الأسماك من بحيرة (نايج) في شمال إيرلندا في 5 سبتمبر، ولكنهم تفاجأوا بما التقطت شبكتهم ولعله أكبر شيء سبق وأن علق فيها، وهذا جعلهم يتصدرون عناوين الصحف.

صُدم (ريموند مكيلروي) ومساعده (تشارلي كويلي) عندما وجدا جمجمة أيل بقرون طويلة عالقةً في شبكة صيدهما، وكما يبدو فإن صيدهما هذا ليس عبارة عن صيد عادي بل هو قصة تاريخية عظيمة، فهذه الجمجمة يبلغ عمرها 10.500 سنة، وذلك تبعاً لموقع LiveScience.

أثناء مقابلة قامت بها صحيفة (آيريش تايمز)، قال (كويلي): ”لقد ظننت بأن هذه الجمجمة هي الشيطان بعينه، وأردت أن أرميها في البحر من جديد“.

تعود هذه الجمجمة وقرونها لنوع منقرض من أنواع الأيل الإيرلندي Megaloceros Giganteus، وبلغ طول الجمجمة مع قرونها 1.8 متر، والذي يعطي صورة واضحة نسبياً عن مدى ضخامة هذه الكائنات عندما كانت تمشي على أرضنا هذه.

لقطة قريبة لجمجمة الأيل المكتشفة، صحيح أن فكه مفقود ولكن قرونه سليمة تماماً.
لقطة قريبة لجمجمة الأيل المكتشفة، صحيح أن فكه مفقود ولكن قرونه سليمة تماماً. صورة: Ardboe Gallery

في الواقع كانت الأيائل الإيرلندية من أكثر الأنواع الموجودة على الأراضي الإيرلندية عدداً وانقرضت منذ ما يقارب الـ10000 عام.

أتت تسمية هذه الأيائل الإنكليزية من كلمة بحيرة Lake، لأن أغلب بقايا هذه الكائنات كانت توجد في البحيرات وليس تحت الأرض مدفونةً أو شيء من هذا القبيل.

تبعاً لـ(مايكس سيمز) وهو عالم حفريات في متحف (أولستر) في بلفاست، فإن هذه الأيائل كانت قادرة على العيش في السهول العشبية الإيرلندية، فهنا كانت البيئة والطقس مناسبين تماماً لتكاثرها، فعندما بدأت الغابات بالنمو (السهول العشبية أصبحت غابات مع الزمن)، لم تعد هذه الكائنات قادرة على الهرب من المفترسين بسهولة لأن قرونها كانت تعلق بين الأشجار، بالإضافة لتغير الطقس والظروف المناخية والبيئية في المناطق التي اعتادت على العيش فيها مما سرع من عملية انقراضها.

7. حُل الغموض الذي كان يحيط بأكثر لوحة فاضحة على مر التاريخ:

رُسمت لوحة «أصل العالم» للفنان (غوستافو كوبيرت) في عام 1866.
رُسمت لوحة «أصل العالم» للفنان (غوستافو كوبيرت) في عام 1866. صورة: Francois Mori/AP

ادعى باحث تاريخ فرنسي بأنه كشف من دون قصد الغموض الذي كان يدور حول العارضة التي رسمها الفنان (غوستافو) بشكل فاضح في عام 1866 في لوحته بعنوان «أصل العالم».

دُعيت اللوحة التي تتضمن نظرة قريبة لأعضاء تناسلية لامرأة بـ”أكثر لوحة فنية فاضحة لمهبل“، ففي هذه اللوحة لا يظهر وجه العارضة فالظاهر فقط هو صدرها وبقية أعضائها الموجودة تحته، لوحة بهذه الحميمية من الطبيعي أن تشكل صدمة لشعب كان يعيش في القرن التاسع عشر، فهي تعتبر صادمة وفاضحة في عصرنا الحالي فكيف قبل 200 سنة!

كانت هوية العارضة مخفية طوال الفترة الماضية تاركةً علماء التاريخ في حيرة من أمرهم إلى أن كشفها هذا العالم الفرنسي، حيث كان يُعتقد لفترة طويلة بأن هذه العارضة كانت حبيبة الرسام (غوستافو) واسمها (جوانا هيفيرمان)، ولكن الوقائع تُظهر بأن شعر حبيبته كان أشقراً مجعداً، ولكن الصورة في لوحته تُظهر شعر عانة داكن وليس أشقراً

اكتشف عالم التاريخ الفرنسي (كلود شوب) بأن العارضة لم تكن حبيبته بل كانت راقصة باليه فرنسية اسمها (كونستانس كوينياو).

لوحة «أصل العالم» للفنان (غوستاف كوربي) - صورة: Francois Mori/AP
لوحة «أصل العالم» للفنان (غوستاف كوربي). صورة: Francois Mori/AP

كانت عارضة (كوبيرت) الموجودة في الصورة على علاقة حميمية مع الدبلوماسي العثماني هليل شريف باشا عندما تم رسم الصورة في عام 1866، ويُعتقد بأن هليل طلب من الفنان بأن يرسم لها هذه اللوحة لأنه اشتهر بكونه يهوى جمع هذا النوع من اللوحات الفنية، وهو ما تم اكتشافه على إثر الاطلاع على رسائل بين (ألكسندر دوماس) وصديقه (جورج ساند) تناولا فيها الموضوع.

8. اكتشاف عظام عمرها 90000 سنة لهجين بين نوعين منقرضين من أسلاف الإنسان:

تم العثور على هذه العظام في عام 2012 من قبل علماء آثار روس في كهف في (دينيسوفا) لابنة من أم من نوع النياندرتال وأب من نوع دينيسوفان. صورة: T. Higham/University of Oxford
تم العثور على هذه العظام في عام 2012 من قبل علماء آثار روس في كهف في (دينيسوفا) لابنة من أم من نوع النياندرتال وأب من نوع دينيسوفان. صورة: T. Higham/University of Oxford

في 22 أغسطس، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة الطبيعة «الطبيعة» بأن تحليل هذه العظمة الصغيرة جداً أظهر بأن هذه الفتاة تنتمي لنوع هجين من الجنس البشري أتى من تزاوج إنسان نياندرتال ودينيسوفان.

وجد علماء آثار روس هذه العظمة المميزة في عام 2012 في كهف (دينيسوفا) في سيبيريا، ففي تحليل قاموا به وجدوا بأن هذه العظمة تعود لفتاة هجينة ماتت وهي بعمر الـ13 سنة وذلك قبل 90000 سنة من الآن.

بعدها أُرسلت هذه العظمة إلى مختبرات تحليل تطورية وراثية في مدينة (لايبزيغ) في ألمانيا، وكانت نتائج التحليل الجيني لهذه العظمة صادمة للغاية، ففعلاً هذه الفتاة هي لأبوين من نوعين مختلفين من أسلاف البشر: الأم نياندرتال والأب دينيسوفان.

نظرة للوادي الذي يوجد به كهف (دينيسوفا) في موقع أثري في سيبيريا في روسيا. صورة: Bill Viola/Max Planck Institute
نظرة للوادي الذي يوجد به كهف (دينيسوفا) في موقع أثري في سيبيريا في روسيا. صورة: Bill Viola/Max Planck Institute

ويعتبر الدينيسوفان اكتشافاً جديداً أيضاً، حيث في عام 2010 اكتشف فريق من الباحثين حمضاً نووياً بشرياً غريباً عند تحليلهم لعظمة كانت موجودة في كهف (دينيسوفا) في سيبيريا أيضاً، وذلك وفقاً لما ذكره تقرير لناشيونال جيوغرافيك، ومن هنا أطلقوا على هذا النوع اسم ”هومينينس دينيسوفان“ نتيجة اكتشافه في هذا الكهف.

نوعا النياندرتال والدينيسوفان هما أقرب نوعان منقرضان لنوعنا الحالي الهوموسابيان، وهذا الاختلاف الموجود بين النوعين ظهر قبل أكثر من 390000 سنة مضت.

قالت (فيفيان سلون)، وهي باحثة في معهد (ماكس بلانك) في تصريح لها: ”نحن نعلم من خلال دراسات سابقة بأن هذين النوعين لابد من أنهما قد أنجبا نسلا من بعضهما، نسلا مهجناً، ولكنني لم أعتقد أن نكون محظوظين لهذه الدرجة في إيجاد نسل ناتج عن تزاوج هذين النوعين بهذه السرعة“.

وجد الباحثون أيضاً أن الأب يملك على الأقل سلفاً واحداً من النياندرتال في شجرة عائلته، وهذا يؤكد النظرية التي تقول بأن النياندرتال والدينيسوفان قد تزاوجا بشكل متكرر فيما بينهم.

لم تخبرنا هذه العظمة الصغيرة بأن أسلافنا قد التقوا مع بعضهم منذ قرون فقط، لا بل ساعدتنا على فهم تركيبتهم الجينية في الماضي.

9. وقع 22000 شخص على عريضة لشرب ”عصارة مومياء“ كانوا يعتقدون بأنها أكسير الحياة، ولكن تبين في النهاية أنها مياه صرف صحي فقط:

أحدث القبور والمومياءات التي عثر عليها في الإسكندرية في مصر
أحدث القبور والمومياءات التي عثر عليها في الإسكندرية في مصر. صورة: Egyptian Ministry of Antiquities

يتخطى العنوان الذي كتبناه في الأعلى كونه خبراً تاريخياً فقط ليصبح ظاهرة تاريخية غريبة وخبراً مضحكاً في نفس الوقت. في 19 يوليو من عام 2018؛ فتح علماء آثار تابوتاً حجرياً مصرياً قديماً كان مدفوناً في مدينة الإسكندرية المصرية بعد استخراجه بعدة أسابيع، واكتشفوا فيه ثلاثة هياكل عظمية تطفوا فوق سائل أحمر غريب عمره أكثر من 200 سنة، وهنا عجت الإنترنت بإشاعات وتكهنات حول ماهية هذا السائل وما إن كان سحرياً أو شيئاً من هذا القبيل.

اقترحت بعض التكهنات بأن هذا السائل لربما يملك ”قدرات سحرية عجيبة“ تظهر على البشر عند شربه، ووقعوا على عريضة تطالب بحق ملكية المصريين لهذا السائل، لا بل وشربه أيضاً ودُعي بعصير المومياء. كتب أحد الموقعين على هذه العريضة: ”الحاجة لشرب هذا السائل الأحمر أو وضعه مع المشروبات الغازية لكي يستهلكه الناس لإعطائهم قوى خارقة قد تحميهم من الموت، وتعطيهم الخلود الدائم“.

سرعان ما ظهرت الحقيقة وتبين بأن هذا السائل الأحمر العجيب السحري ما هو إلا مياه صرف صحي، وحتى مع هذا الكشف لم يتوقف الناس عن الادعاء بأن هذا السائل الأحمر ما هو إلا أكسير حياة، ولم تتوقف التواقيع على هذه العريضة المطالبة بشربه لكسب الخلود.

التابوت الحجري قبل فتحه. صورة: Egyptian Ministry of Antiquities
التابوت الحجري قبل فتحه. صورة: Egyptian Ministry of Antiquities

بغض النظر عن ماهية هذا ”العصير الأحمر“، كانت هناك توقعات عن هوية الهياكل العظمية الموجودة داخل القبر الحجري، ادعت واحدة من هذه التكهنات بأن هذا القبر الحجري الذي يبلغ وزنه 30 طناً (وهو أكبر تابوت حجري مُكتشف لحد الآن في مدينة الإسكندرية) هو للملك الإسكندر المقدوني الكبير، وهو الشخص الذي أسس مدينة الإسكندرية في عام 331 قبل الميلاد.

نتيجة لهذا الأمر، ظهر العديد من المؤيدين لكونه قبر الإسكندر مما جعل بعض علماء الآثار يخافون من فتحه لوجود لعنة ما محيطة به، وهذه اللعنة ستحل على كل من يحاول فتح تابوت الملك العظيم مسببةً موته، لكن الدكتور مصطفى وزيزي، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، قال أن هذه البقايا على الأرجح ليست للإسكندر الأكبر ولا داعي للخوف من أي لعنة لأنه هو وطاقمه لا يزالون على قيد الحياة بعد الكشف عما بداخل التابوت، لا وجود للعنة من الأساس كلها خرافات وإشاعات.

قال الدكتور مصطفى: ”لقد فتحنا التابوت وحمداً لله لم يخيم الظلام على العالم وأنا كنت بنفسي أول من وضع رأسه بالكامل داخل التابوت لأرى ما فيه وها أنا أقف أمامكم بكامل صحتي“.

10. اكتشاف عظام طفل ينتمي لنوع النيانديرتال تم أكله من قبل طيور عملاقة قبل 115000 سنة مضت:

تعود عظام الأصابع الصغيرة هذه لطفل من نوع النيانديرتال.
تعود عظام الأصابع الصغيرة هذه لطفل من نوع النيانديرتال. صورة: Jacek Bednarczyk/PAP

قبل بضعة سنوات؛ وجد علماء آثار بولنديون زوجاً من عظام النيانديرتال تحمل سراً مروعاً: صاحب هذه العظام هو طفل صغير أُكل من قبل طائر عملاق. كيف وصل العلماء لهذا الاستنتاج؟

عندما تم تحليل هذه العظمة وجد العلماء بأنها تحوي العديد من المسام التي لا يمكن أن تنتج إلى من خلال مرور هذه العظام في طريق هضمي لأحد الكائنات، وكان هذا الكائن طائراً عملاقاً للأسف. من غير الواضح ما إن كان الطائر قد قتل الطفل والتهمه أو أنه فقط التهم العظام بعد أن كان الطفل قد مات بطريقة ما، على كل حال الخياران مطروحان لتفسير ما حصل.

يعتبر العلماء أن هذه العظام هي اكتشاف عظيم لأنها أول عظام معروفة لجنس بشري مرت من خلال جهاز هضمي لكائن آخر.

فريق من العلماء ينقبون في كهف (سيمنا).
فريق من العلماء ينقبون في كهف (سيمنا). صورة: Paweł Valde-Nowak

يقول البروفيسور (باويل فالدي نوفاك) من معهد الآثار في جامعة (جاغيلونيان) في (كراكاو) بأنه بإمكاننا أن نعد عدد العظام المستخرجة للطفل على يد واحدة فقط، فهي لا تتجاوز الـ5 عظام.

تم التغاضي عن هذا الاكتشاف في الفترة الماضية لأنه عندما تم العثور على عظام الطفل كانت مختلطة مع عظام حيوانات أخرى ولم يكن العلماء يرغبون في تحليلها من الأساس لاعتقادهم بأنها تخص حيواناً ما.

يقول الدكتور (فالدي نوفاك): ”ليس لدينا أدنى شك بأن هذه العظام هي عظام طفل من النيانديرتال، لأننا استخرجناها من طبقة عميقة من طبقات أرضية الكهف وهذه الطبقة تحتوي أيضاً على أدوات بدائية تم استخدامها من قبل النيانديرتال“.

من المؤسف والجميل في نفس الوقت هو أن يمنح طفل قد مات وقتل على الأغلب من قبل طائر عملاق قبل آلاف السنين بولندا شرف هذا الاكتشاف التاريخي المبهر.

11. العلماء يكتشفون أخيراً ما الذي سحق حضارة المايا؟

(تيكال)، مدينة قديمة من حضارة المايا يعود تاريخها لـ800 سنة قبل الميلاد إلى 900 بعدها.
(تيكال)، مدينة قديمة من حضارة المايا يعود تاريخها لـ800 سنة قبل الميلاد إلى 900 بعدها. صورة: Wikimedia Commons

طوال قرون مضت حاول العلماء اكتشاف السبب الحقيقي وراء انهيار حضارة المايا العظيمة، وفي هذه السنة تم حل اللغز. أعطى تقرير نُشر في 3 أغسطس من عام 2018 في مجلة العلوم Science دليلاً قابلاً للقياس يؤكد النظرية السائدة التي تشرح سبب انهيار هذه الحضارة وهو بكل بساطة: الجفاف.

كان مفتاح كشف غموض هذه القضية موجوداً في بحيرة (تشيشانكاناب) في شبه جزيرة (يوكاتان)، فهناك تم فحص رواسب كانت موجودة في هذه البحيرة وتحديداً نظائر الأكسجين والهيدروجين الموجودة فيها، وهذا أعطى الباحثين نظرة كافية عن طبيعة المناخ الذي مرت به هذه الحضارة في تلك الفترة.

قاس (نيكولاس إيفانز)، طالب باحث في جامعة (كامبريدج) وعضو مشارك في الدراسة المنشورة، التركيبة النظائرية للرواسب الموجودة في هذه البحيرة مما ساعده على معرفة مقدار انخفاض معدلات هطول الأمطار في الفترات الأخيرة من وجود حضارة المايا، وخلص إلى نتيجة مفادها بأن مستويات الأمطار السنوية انخفضت حوالي 41% إلى 54% بالمئة في المنطقة المحيطة بالبحيرة لفترات طويلة وعلى مدار 400 عام تقريباً.

آثار من معبد قديم لحضارة المايا.
آثار من معبد قديم لحضارة المايا. صورة: Josh Giovo/Wikimedia Commons

وأظهر التقرير أيضاً أن معدل الرطوبة في المنطقة انخفض من 2 إلى 7% ولا بد أن يكون هذان العاملان سالفا الذكر قد أثرا بشكل كبير على الإنتاج الزراعي لحضارة المايا، ولأن ظروف الجفاف هذه قد تكررت على مدار مئات السنين لا بد من أن حضارة المايا لم تكن قادرة على تأمين احتياطي غذائي كافٍ لتعويض انخفاض الإنتاج الزراعي في تلك الفترات، وهذا أدى بالنهاية إلى زوال الحضارة بالكامل.

قال (ماثيو لاشينيت)، أستاذ في علوم الأرض بجامعة (نيفادا) في لاس فيغاس والذي لم يشارك في الدراسة، لصحيفة (واشنطن بوست) إن هذه الدراسة مؤثرة لأنها تقدم رؤى حول كيف يمكن للبشر تغيير المناخ من حولهم. قال لانشيت أيضاً: ”يؤثر البشر على المناخ، نحن نرفع حرارته وهذا يؤدي إلى الجفاف في منطقة أميركا الوسطى، إن استمرينا على هذه الحالة سوف يتضاعف الجفاف، فاتحاد العامل البشري مع العامل الطبيعي سيرفع الجفاف بشكل ملحوظ في كل أنحاء العالم بعدها“.

على كل حال يبدوا بأن هذا الخبر التاريخي يملك أبعاداً مستقبلية أيضاً.

12. ظهور ”أحجار الجوع“ لكي تُنبئ بخطر كبير قادم إلى جمهورية التشيك:

وُجدت واحدة من حجارة الجوع في مدينة (ديزين) في جمهورية التشيك في 23 أغسطس من عام 2018. صورة: AP
وُجدت واحدة من حجارة الجوع في مدينة (ديزين) في جمهورية التشيك في 23 أغسطس من عام 2018. صورة: AP

في 23 أغسطس، ذكرت وكالة (أسوشيتيد بريس) أن الصخور المعروفة باسم ”صخور الجوع“ عادت إلى الظهور في نهر (إيلبه)، حيث وجدت هذه الصخور في قرية (ديزين) في الجزء الشمالي من جمهورية التشيك.

أصبح الكثير من هذه الصخور مكشوفاً الآن ويعود فضل ذلك للجفاف الذي يخيم على منطقة وسط أوروبا، والذي سبب انخفاض مستوى مياه الأنهار هناك، في الماضي عندما كان مستوى الأنهار ينخفض لدرجة تجعل الناس يشاهدون هذه الحجارة كان هذا الأمر يثير هلعاً بين سكان المنطقة مما جعلهم ينقشون عليها كل تاريخ يحدث فيه هذا الأمر.

على مر التاريخ استُخدمت هذه الحجارة كوسيلة تحذير للأجيال القادمة من المصاعب التي ستتبع ظهورها من جفاف وقلة موارد غذائية، ووفقاً لدراسة أُجريت في عام 2013 عن حالات الجفاف في التشيك، فإن ظهور حجارة الجوع تدل على قرب قدوم فترة من قلة الموارد الغذائية والجوع وارتفاع الأسعار مما سيؤثر كثيراً على الفقراء.

حجر آخر ظهر في تلك المنطقة ونُقشت عليه عبارة ”إن شاهدتموني فابكوا“.

أحجار الجوع في نهر (إيلبه) في (ديزين) في التشيك.
أحجار الجوع في نهر (إيلبه) في (ديزين) في التشيك. صورة: Wikimedia Commons

الحجارة هي واحدة من أقدم المعالم الهيدروجيولوجية في جميع أنحاء أوروبا الوسطى، وهذا تسبب في تدفق السياح إلى المدينة لمشاهدتها.

حجارة الجوع هذه بمثابة تذكير واضح بأن موجات الجفاف مثل التي تواجهها أوروبا الآن ليست أحداثاً غير عادية، ومع ذلك يتعين على المرء أن يتساءل عما إذا كان هذا الظهور الأخير للحجارة هو بالفعل علامة على قدوم أوقات مظلمة في المستقبل.

يبدو بأن عام 2018 كان عاماً مدهشاً ومليئاً بالأحداث التاريخية، ونحن نأمل بأن يكون عام 2019 عاماً أجملاً يحمل في طياته مزيداً من الاكتشافات الأثرية وغير الأثرية المهمة.

مقالات إعلانية