in

دخلك بتعرف أسرار الملابس الداخلية ”المقدسة“ لِطائفة المورمون التي تعرف باسم ”ثياب المعبد“؟

ملابس المورمون التحتية

لدى جميع الديانات تقريبا رموز وشعائر وثياب يتم اعتبارها مقدسة، وتستعمل لغاية المساعدة على إظهار مدى تديّن أتباعها وكذا حثهم على المحافظة على دينهم وإيمانهم، وعلى قدر الغرابة التي قد تكون عليها بعض هذه الرموز والمقدسات بالنسبة لكل غريب عن هذه الديانات، فإن قطعة ثياب واحدة بالتحديد تعود لديانة معينة قد شكلت منذ زمن طويل مصدر استغراب وحيرة أكبر للناس، بل أنها كانت في بعض الأحيان مصدر فضول وتسلية لكل من لا يعتقد بها، ويتعلق الأمر هنا بالملابس الداخلية المقدسة الخاصة بطائفة المورمون المسيحية.

يُلبس ثوب المعبد المورموني، أو ”ثوب الكهنوت المقدس“ كما يعرف أيضا، تحت ملابس أتباع ”كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة“ البالغين، الذين يلتزمون بارتدائه دائما وأبدا ويعتبرونه رمزا مقدسا يعكس مدى التزامهم الشخصي تجاه الرب.

ولا تتوقف أهمية هذا الثوب على القداسة فقط، بل أنه شخصي جدا بالنسبة للمورمون الملتزمين، ولطالما كان مصدر غموض كبير لكل من لا ينتمي لهذه الطائفة حول العالم، هذا إن علم بوجوده في المقام الأول.

في الواقع يلتزم المورمون بالامتناع عن مناقشة موضوع ثوب المعبد –أو ملابس المورمون الداخلية كما يعرفها الجميع– أو عرضه على أي شخص لن يكون قادرا على فهم معناه الديني العميق، وحتى عندما لا يرتدونه فهم لا يسمح لهم بتركه معروضا في مكان حيث يمكن لأي شخص آخر رؤيته، ومنه بقيت ملابس المورمون الداخلية موضوعا يكتنفه الغموض وتحيط به سرية كبيرة، إلى أن أطلقت الكنيسة المورمونية نفسها شريط فيديو في سنة 2014 تناول باختصار شرح ثياب المعبد هذه لغير المؤمنين بها وتفسير ماهيتها.

يقول (دالي جونز) المتحدث الرسمي باسم كنيسة قديسي الأيام الأخيرة المورمونية لدى إطلاق شريط الفيديو: ”بسبب نقص المعلومات الدقيقة أو انعدامها أحيانا حول الموضوع على الإنترنيت، شعرت الكنيسة بأنه من المهم جدا توفير معلومات موثوقة ومفصلة ودقيقة حوله في شريط الفيديو هذا“.

تناول شريط الفيديو بشكل واضح أساسيات الثوب على غرار أن لونه أبيض دائما، وأنه يتكون من قطعتين اثنتين، وأن التصميم الخاص بالرجال منه مختلف قليلا عن التصميم الخاص بالنساء، وأنه –على حد تصريح الكنيسة– يشبه إلى حد بعيد ”الملابس الداخلية العادية المحتشمة“.

غير أن شريط الفيديو هذا بالكاد تناول الأمور السطحية عندما يتعلق الأمر بفصل الحقيقة عن الخرافة حول موضوع ملابس المورمون الداخلية.

ملابس المورمون الداخلية النسائية مثلما تم عرضها في شريط الفيديو الذي أعدته الكنيسة المورمونية سنة 2014.
ملابس المورمون الداخلية النسائية مثلما تم عرضها في شريط الفيديو الذي أعدته الكنيسة المورمونية سنة 2014.

يستلم أتباع الكنيسة المورمونية البالغون أول ”ثياب المعبد“ خاصتهم بعد مراسيم الوهب المقدسة التي يؤدون خلالها مجموعة من النذور والعهود مع الرب، واعدين إياه بالتزامهم بأوامره وتعليماته والعيش وفقا لتعاليم إنجيل المسيح.

ومنذ تلك اللحظة يلتزم المورمون المخلصون بارتداء ثوب المعبد ليلا ونهارا، مع بعض الاستثناءات خلال أداء التمارين الرياضية الضرورية التي يشكل فيها عائقا أمام مرتديه، أو في أية وضعية أخرى يكون فيها غير عمليٍّ، وفيما إذا كانت الممارسة الجنسية تندرج ضمن هذه الوضعيات الاستثنائية أم لا يبقى ذلك لغزا هو الآخر.

لكن عند ارتدائه، لا يجب أبدا عرضه على العامة ليروه، لذا يتعين على جميع أتباع الكنيسة المورمونية السهر على أن تغطي ثيابهم وملابسهم الخارجية الثوب المقدس بشكل كامل، مما يعني أنه يتعين عليهم ارتداء ملابس تغطي أكتافهم والجزء العلوي من سيقانهم، وتنطبق هذه القواعد على الرجال والنساء على حد سواء، ذلك أن ثوب المعبد متشابه في كلتا الحالتين، ومثلما بينه الشريط الذي أعدته الكنيسة عن الموضوع، فإن ثوب المعبد بسيط إلى حد بعيد وموحّد اللون سواء الخاص منه بالرجال أو النساء، لكنه لم يكن دائما على هذه الحال.

ثوب المورمون الداخلي أو ”ثوب المعبد“ من سنة 1879.
ثوب المورمون الداخلي أو ”ثوب المعبد“ من سنة 1879.

وبشكل بديهي –نظرا للسرية التي لطالما أحاطت بالموضوع–، فقد بقي تاريخ تطور ثوب المعبد غير واضح المعالم، لكن معظم المصادر الموثوقة تشير إلى أنه بدأ حوالي أربعينات القرن التاسع عشر، مباشرة بعد وفاة مؤسس الكنيسة المورمونية (جوزيف سميث) سنة 1844.

ومنذ ذلك الحين إلى غاية سنة 1923، حينما عمدت الكنيسة إلى تحديث وعصرنة ثوب المعبد من خلال تقصير الذراعين والساقين إلى جانب بعض التغييرات الطفيفة الأخرى، بقي الثوب ثابتا لم يطله تغيير بارز يُذكر، حيث كان يتصف بكونه ثوبا يتكون من قطعة واحدة طويلة بشكل زائد عن اللزوم، ذا لون أبيض يغطي الصدر والساقين والذراعين.

كما يحمل الثوب بعض الرموز الدينية وهي: حرف الـV على الجهة اليسرى من منطقة الصدر يعرف باسم ”البوصلة“، وحرف الــL مقلوب يعرف باسم الـ”مربع“ على الجهة اليمنى للصدر كذلك، إلى جانب خط أفقي صغير على مستوى سرة البطن، وآخر على مستوى الركبة اليمنى.

تختلف وتتباين الشروحات والتأويلات الدقيقة والمفصلة منها حول معاني هذه الرموز، لكن وفقا لأحد المواقع الذي ورد فيه أنه استقى المعلومات حول الموضوع من أحد أفراد الكنيسة المورمونية نفسهم الذي نقض عهده بالتزام الصمت، فورد في الموقع:

وُضعت علامة المربع على الثوب لتحثّ مرتديه بالدقة والشرف العظيم المنوط بالالتزام بالعهود، وتعتبر علامة ”البوصلة“ تذكيرا دائما للفرد المورموني للإبقاء على شغفه الشخصي ونزواته ضمن الحدود التي وضعها الرب، وقد جعلت تفسيرات هذه الرموز المعلّمة على الثوب الجميع يفهم أنها هناك من أجل تذكير قديسي الأيام الأخيرة بالتزاماتهم وعهودهم مع المعبد، ومنه يعتقد بأن الثوب في حد ذاته مصمم من أجل منع التجاوزات، ومما ساعد على انتشار هذا المعتقد هو بعض الفلكلورات الشعبية التي تتناول قصصا حول بعض المورمون الذين كانوا على وشك الوقوع في تجاوزات وآثام جنسية عندما ذكرتهم هذه الرموز بعهودهم مع الرب، لأنهم رأوها بوضوح عندما شرعوا في خلع ملابسهم للبت في خطيئة الزنا. أما علامة الخط الأفقي الصغير على الركبة اليمنى فهي تبرز الركوع الذي يركعه المورمون أمام الرب، والخط الأفقي على مستوى سرة البطن فيرمز للحاجة للغذاء الروحي والجسدي للإنسان.

غير أن ثوب المعبد الذي عرضه الشريط الذي أعدته الكنيسة غابت عنه جميع هذه الرموز السابقة، وذلك قد يكون راجعا لكون الثوب خضع للكثير من التغييرات منذ سنة 1923، بما في ذلك تغيير تصميمه من قطعة واحدة إلى قطعتين في سنة 1979.

لماذا يلتزم المورمون بارتدائه؟

ثياب المعبد الذكورية مثلما عرضها شريط الفيديو الذي أطلقته الكنيسة المورمونية سنة 2014.
ثياب المعبد الذكورية مثلما عرضها شريط الفيديو الذي أطلقته الكنيسة المورمونية سنة 2014.

ما شد انتباه وفضول غير المورمون إلى موضوع هذا الثوب هو السبب الذي يدفع هؤلاء الأخيرين إلى ارتدائه في المقام الأول.

تتباين التفسيرات حول هذه النقطة بالإضافة إلى كونها تغيرت قليلا مع مرور الوقت، لكن الفكرة الرئيسية من السبب وراء ارتدائه هي لكونه يمثل تذكيرا على عهود المؤمن المورموني المقدسة مع الرب، ولأنه عبارة عن وسيلة يحافظ من خلالها على تواضعه.

غير أن تفسيرات أخرى أكثر ”تطرفا“ تبرز الثوب على أنه: ”درع الرب الذي يساعد مرتديه على شن الحروب ضد الظلام الروحي والأرواح الشريرة، بما في ذلك الجرائم وتعاطي المخدرات والعديد من التأثيرات السلبية الأخرى التي تهدد مجتمعنا“، تماما مثلما ورد على موقع كنيسة قديسي الأيام الأخيرة الرسمي.

مع كل ما سبق تناوله من أفكار ارتبطت بثوب بسيط، لم يعد الآن يثير استغرابنا قدر الاهتمام والفضول الذي أثارته ملابس المورمون الداخلية لدى الكثيرين لمدة طويلة من الزمن.

مقالات إعلانية