رحلات جوية مخصصة للرجال فقط! هذا ما حاولت يونايتد آيرلاينز توفيره لعملائها الرجال خلال خمسينيات القرن الماضي

الرجال منتشرون في كل مكان، بعضهم يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، أما البعض الآخر متمسك بآرائه المناهضة للمساواة بين الجنسين، لذلك قررت شركة (يونايتد آيرلاينز) في عام 1953 تخصيص رحلات «شيكاغو التنفيذية» لرجال الأعمال، والتي تتيح لهم تجربة جوية ذكورية دون تواجد النساء. مدة هذه الرحلة ثلاث ساعات و15 دقيقة يومياً، تُقلع في تمام الساعة الخامسة مساءً وعلى مدار 6 أيام في الأسبوع بين نيويورك وشيكاغو.

استخدمت شركة طيران (يونايتد آيرلاينز) لهذه الرحلة طائرة «دوغلاس دي سي-6 بي إس» المختصة بالرحلات الجوية بين مطاري (لاغوارديا) و(ميدواي)، ولكن في عام 1961 تم تبديل هذه الطائرة بطائرة «سود أفييش كارافيلز» مما دفعها لتبديل مطار (ميداوي) بمطار (أوهير) الذي يتميز بالمساحة الكبيرة لمدرجات الهبوط، ومن مطار (لاغوارديا) إلى مطار (أيدل وايلد) المعروف الآن باسم مطار (جون إف كينيدي الدولي).

السؤال الجوهري هنا هو ما هي الميزات التي قدمتها رحلات الرجال تلك؟ في فترة الستينيات من القرن الماضي، لم تسمح هذه الرحلات بتواجد الأطفال والنساء على متنها، بالطبع باستثناء مضيفات الطيران اللواتي قدمن الطعام والمشروبات للركاب، ولكن على الركاب بدورهم احترامهن وعدم تخطي الحدود معهن.

بالنسبة لوجبات الطعام والمشروبات التي تقدمها هذه الرحلة لركابها، هناك وجبة العشاء التي هي عبارة عن شريحة لحم كاملة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للركاب تدخين السيجار أو الغليون على متن الطائرة، كما وفرت تلك الرحلة زوجاً من النعال المجانية على متن الطائرة بالقرب من مقعد المسافر أو في ردهة الانتظار قبل صعودك على متن الطائرة. لم تقتصر ميزات هذا الرحلة الممتعة على شرائح اللحم فقط، بل تم تصميمها أيضاً بطريقة تناسب رجال الأعمال في الخمسينيات لمتابعة أعمالهم على متن الطائرة، فقد جُهزت بمساحة عمل شخصية يمكن لرجال الأعمال متابعة أسعار أسهمهم بفضل الشراكة مع صحيفة (وول ستريت جورنال). بالإضافة إلى ذلك، تقدم شركة (يونايتد آيرلاينز) خدمة رسائل اللحظة الأخيرة عبر هاتفها الموجود على متن الطائرة في حال نسي أحد رجال الأعمال تزويد مساعديه ببعض المعلومات التجارية المهمة.

لم تكن رحلة شيكاغو الخاصة هي الرحلة الوحيدة المخصصة للرجال فقط! ففي عام 1960 قامت خطوط موهوك الجوية بإطلاق رحلة «غاز لايت»، وهي رحلة غريبة نوعاً ما وذات طابع فيكتوري تم تطبيقها على بعض الرحلات الإقليمية المنطلقة من نيويورك باستخدام طائرة (دي سي 3)، زُينت هذه الطائرة بستائر حمراء مخملية وشرابات ذهبية ومصابيح كلاسيكية ولوحات فنية قديمة لجذب الركاب الذين قد يرغبون بالسفر على متن طائرة تشبه مشهد جرائم القتل في إحدى روايات الغموض.

السبب الذي دفع خطوط موهوك الجوية بتخصيص هذه الرحلة للرجال فقط هو هذا الاقتباس ”ستجد النساء الجو غائماً بسبب السيجار والجعة المجانية“. وُظفت مضيفات ارتدين أزياء مطرزة بريش النعام لتقديم البيرة والسيجار مجاناً للركاب.

حصدت رحلات «غاز لايت» شعبية كبيرة لدرجة أن شركة طيران (موهوك) خصصت الجزء الخلفي للرجال فقط، كما خصصت قسماً عائلياً في المقدمة لكي يتسنى للأطفال والزوجات وحتى الجدات تجربة أجوائها الفيكتورية الغامضة والمخيفة.

سافر 23 ألف شخص على متن رحلات «غاز لايت» وشربوا أكثر من 31 ألف زجاجة من البيرة المجانية ودخنوا أكثر من 17 ألف من السيجار المجاني قبل توقف هذه الرحلات في عام 1962، أي بعد مرور عامين فقط من انطلاقها. من ناحية أخرى، قد لا تحتوي رحلات طيران «شيكاغو التنفيذية» على مضيفات بزي ريش النعام، كما أنها لم تدم طويلاً، فقد بقيت تعمل منذ عام 1953 وحتى عام 1970 عندما تم إلغاؤها بسبب احتجاج المنظمة الوطنية للمرأة ضد هذه الرحلات.

في هذه الأيام، تبدو تلك الفكرة سخيفة للغاية. لكن على الرغم من أن رحلات الرجال تلك مضحكة اليوم، فهي لا تعبر سوى عن أجواء الخمسينيات والستينيات حينما كانت المرأة مهمشة إلى حد كبير.