in

قواعد الرُعب العشرون: من المشاهد النمطية في أفلام الرعب العالمية

افلام رعب

تجري راكضا بكل طاقتك وسط غابة مقفرة رمادية يحيط بها الظلام والبرق والأمطار، أنفاسك المتسارعة تتلاحق بقوة، يسير وراءك قطيع من الموتى الأحياء (الزومبي) يترنحون كالمخمورين والدماء تسيل على ملابسهم، يجاورهم جماعة أخرى من مصاصي الدماء وثالثة من المستذئبين، كلهم يسعون إما لالتهام مخك أو امتصاص دمك أو تقطيعك إربا.

وأخيرا تتمكن من تفادي المطاردين وتدخل إلى باب مفتوح في منزل مهجور تعتقد أنه ملاذ آمن، لتكتشف أنه مسكون بشبح امرأة ماتت مقتولة إلا أنها تعود بروحها الغضوبة الصارخة دوما، فتراها الآن وهي ملتصقة بالسقف تسير بسرعة نحوك كالعنكبوت بقوائمها الأربعة ورأسها إلى الأسفل، فتقفز مبتعدا عنها إلى سلم سفلي يقود إلى قبو مظلم، لتجد عالِما شريرا يجري تجارب شيطانية تعتمد على تحوير جيني للبشر حيث يحولهم إلى قتلة متوحشين متعطشين للدماء.

وسرعان ما تجد نفسك هاربا من نافذة صغيرة في القبو، راكضا مرة أخرى بينما أحد تلك الوحوش يطاردك بوجهه المشوه حاملا سكينا كبيرة تلمع، وبعد دقائق من الركض تنجح أخيرا في النجاة منه، فتقف ثواني وسط الغابة المظلمة لالتقاط أنفاسك، وإذا أمامك يجلس طفل صغير ناعم الشعر على وجهه ابتسامة وديعة، تندهش من مرآه وتكاد تمد له يدك لكنك تفاجأ بعينيه لا وجود لهما بل مكانهما فجوتان سوداوان، فتصرخ فزعا وتشرع في مزيد من الركض إلى المجهول ..إلخ.

لو بدت لك تلك المشاهد العجيبة مألوفة، فأنت على الأرجح تعاني من نفس الهواية السخيفة التي يعاني منها كاتب المقال، وهي مشاهدة أفلام الرعب الهوليوودية بين الحين والآخر.

ولابد إنك مع الغوص في طوفان المغامرات والمطاردات والسفاحين والوحوش والبيوت المسكونة والأرواح الشريرة قد صنفت الأفلام من حيث جودتها، فميزت أفكارا جيدة جذابة مبتكرة، وأخرى سيئة بلهاء أشبه بالبضاعة المغشوشة أو المقلدة، ولاشك إنك قد لاحظت بالنوع الأخير أنماطا معينة من المواقف والأحداث تتكرر بإلحاح وعناد بنفسها، مرة بعد مرة، وكأنها قواعد مقدسة لو تجرأ أي مخرج على مخالفتها لتعرض إلى التكفير والرجم في محكمة الرعب العليا.

إليك بعضا من تلك القواعد والمواقف النمطية المكررة:

1. مجموعة المراهقين النموذجية

تعرف تلك الأفلام التي تبدأ بخمسة أو ستة من الأصدقاء الشباب المرحين الطائشين، والذين ينطلقون بحماس في مغامرة جنونية تبدو ممتعة (على الأقل في أولها)، فيذهبون مثلا إلى منطقة برية أو شاطئ مهجور أو مقابر أو قصر مسكون ..إلخ.

اللافت هنا أن تلك المجموعة تشتمل دائما على نفس الشخصيات النمطية الثابتة والمتنوعة إلى درجة التناقض حتى إنك تتساءل كيف اجتمعوا معا؟! فهناك دوما ”الذكر الألفا“ الشاب الرياضي المشاكس المتفاخر بعضلاته، وهناك الشقراء الفاتنة السطحية التي تلوك العلكة وتهتم بجمالها طوال الوقت، وهناك البدين الأكول الظريف والذي لا يتوقف عن إلقاء النكات وتناول الطعام، ولا ننسى الشاب النحيل الخجول المرتبك، ونسخته الأنثوية الخجولة الحساسة والتي تكتب الشعر في دفترها الخاص، وبالطبع لا تخلو المغامرة من شاب أسود وآخر آسيوي أو لاتيني على سبيل التنوع العرقي.

وغالبا ينتهي الأمر بمقتل الجميع بشكل بشع واحدا تلو الآخر، باستثناء الخجول والخجولة واللذان تكتب لهما النجاة بعد أن يظهر معدنهما الأصيل الشجاع أمام الخطر، ثم في نهاية الفيلم يغرمان ببعضهما فيشرق بصيص الأمل من جديد وسط الدماء والأشلاء.

2. متلازمة غباء الأبطال: دعنا نستكشف – لابد أنها الرياح!

في تلك الأفلام يمتاز الأبطال دوما بالفضول والحشرية الحمقاء، كما أن غريزة الشعور بالخطر لديهم معطلة تماما، فتجدهم مثلا يتجولون ليلا في غابة موحشة تحتوي منطقة مقابر وذئاب تعوي تحت ضوء القمر، فيتغولون في أعماقها بلا وعي، حتى يمرون على منزل قوطي الطراز مرصَع بالعظام الآدمية، مرسوم على جدرانه نجوم خماسية ورموز سحرية وشيطانية أخرى، وعلى سوره الحديدي تتعلق ثلاث جثث مشنوقة، وتوجد لافتة مغطاة بالدماء ومكتوب عليها ”مركز تجمع السفاحين المختلَين آكلي لحوم البشر“.

فيتبادل الشباب النظرات قائلين: ”لابد أن هذا المنزل يسكنه أناس لطفاء، هيا نقرع الباب لنسألهم عن الطريق..“ يحدث ذلك بينما أنت -المتفرج- تكاد تقفز من مقعدك مفزوعا وصارخا من الغيظ، راجيا هؤلاء الحمقى أن يبتعدوا عن المنزل هاربين من الخطر الواضح كالشمس، ولكن أبطالنا بالطبع لا ينصتون إلى نصيحتك، وذلك لسببين: الأول أن صوت المتفرج عادة، ومع الأسف، لا يصل إلى أذن الممثل مخترقا المكان والزمان ومخالفا قواعد الفيزياء، وثانيا لأن الأبطال لو استمعوا إلى نصيحتك الحكيمة فلن يكون هناك فيلم، أو سيكون قصيرا مملا للغاية.

أحد مظاهر غباء الأبطال يكمن في أنهم، في بدايات المغامرة، لا يستشعرون الخطر بجدية أبدا، مهما كان نوع الصوت الذي يسمعونه من المكان الذي ينوون الذهب إليه، فبينما يتجولون ليلا في منطقة مقفرة قد يتناهى إلى مسامعهم من بعيد صوت زئير وحشي أو رصاصة أو صراخ امرأة أوضحكات جنونية، فيقفون لحظة، يتساءل أحدهم في شك: ”ماذا كان ذلك؟“ فيجيبه الآخر بالجواب العتيق المحفوظ: ”لابد أنها الرياح“.

لكننا بالطبع نعرف أنها ليست الرياح.. إنها لا تكون الرياح أبدا.

3. الفتيات طوال الوقت يجرين ويصرخن ويقعن

حين يبدأ الخطر في مطاردة المجموعة فإن الفتاة عادة تركض بكل سرعتها وبنفس الوقت تصرخ بملء رئتيها، وهي -و الحق يقال- مسألة صعبة للغاية (حاول أن تجربها بنفسك).

معلومة أخرى عن ركض الفتيات نتعلمها من أفلام الرعب، وهي أن الفتاة لا يمكن أن تجري لخمسة أمتار من دون أن تسقط أرضا، فلو كان هناك أي شيء مثل غصن شجرة ملقي أو صخرة أو نتوء في الأرض فتأكد أن أختنا ستتجه نحوه بهمّة وتتعرقل فيه لتقع بكل حماس على وجهها، وقد تتكرر تلك المأساة أكثر من مرة، فتقوم وتقع وتقوم وتقع (أو لعل الفتاة تسقط من فرط الإرهاق بسبب إصرارها على العادة السيئة المذكورة: ”الصراخ أثناء الركض“؟)

4. المطارد الواثق

سواء كان قاتل مجنون أو زومبي، فإن الشرير وهو يطارد الفتاة الراكضة لا يهتم بالجري بنفس سرعتها، بل إنه يسير دائما بخطوات بطيئة وثقيلة (وربما يناديها باسمها بصوت عالي مرح على سبيل تدمير الأعصاب).

ولكن الغريب أنه -رغم فارق السرعة- يلحق الضحية بالنهاية (غالبا بسبب سقوطها المتكرر).

5. أشياء لعينة ترفض العمل!

ترى ما هو السر في أن الهواتف دائما تتعطل شبكاتها أو تفسد بطارياتها في أفلام الرعب؟ إليك التفسير..

من قديم الأزل وكثير من قصص -وبالتالي أفلام- الرعب تعتمد بالأساس على انعزال الضحايا في مكان لا يستطيعون النجاة منه، سواء بيت يحبسون فيه أو غابة يتيهون فيها عاجزين عن التواصل مع العالم الخارجي، واستمر ذلك الحال السعيد حتى ظهور الهاتف المحمول أو الجوال، والذي كان اختراعه بمثابة مصيبة سوداء حلت على رؤوس صناع الرعب، إذ سيكون أول شيء يخطر ببال المشاهدين هو: ”تباً، لقد ضاع الأبطال في الغابة، لابد أنهم سيتصلون بالشرطة ويرسلون موقعهم هاتفيا ليأتيهم الإنقاذ حالا وينتهي الفيلم من دون مشاكل أو وجع رأس“.

ولكن هيهات، فصناع الرعب لن يتركوا حيلتهم المفضلة تفلت من أيديهم بتلك البساطة، وبالتالي فقد رفضوا الإستسلام، ومنذ ذلك الحين صارت الهواتف دائما وأبدا تتعطل -بكل نذالة- عند كل خطر.

لكن النذالة لا تقتصر على الهواتف وحدها، بل إن أكثر الأجهزة تختار الوقت الأسوأ للتعطل، ومنها المصباح الكهربائي، فتكون الضحية المرعوبة هاربة في شبكة أنفاق تحت الأرض يطاردها قاتل مهووس، مسترشدة بمصباح كهربي يضيء كالشمس منذ ساعات، ولكن ما أن تسمع صوت خطوات القاتل تقترب إذا بالمصباح -ذلك الخائن- يظلم في اللحظة المناسبة، إنها البطاريات اللعينة!

الأبواب والنوافذ أيضا يبدو أنها تعمل لصالح الأشرار، فبينما يبدأ الفيلم بوصول المغامرون إلى المنزل الغامض ليجدوا باب الدخول مفتوحا -وكأنها دعوة للسرقة- فيدخلون بكل سلاسة، إلا أنه في نصف الفيلم الثاني حين تقرر الضحية الهرب من داخل قبو المنزل فإنها تجد أمامها نافذة صغيرة تحول بينها وبين النجاة في الخارج، لكن النافذة اللعينة تكون -طبعا- مغلقة بإحكام كالخزينة، ومع محاولات الفتح المتوترة، مصحوبة بصوت خطوات السفاح الشرير يقترب؛ لا تقرر النافذة الإستجابة إلا في آخر لحظة، حتى تهم يد السفاح بالإمساك بقدم الضحية بعد خروج نصف جسدها وسط صراخ المشاهدين المرتعبة.

أما الجائزة الأولى للنذالة فيمكن منحها -عن جدارة- للسيارات، والتي تظل تعمل بكل نشاط حتى تلك اللحظة التي تفر فيها الضحية ركضا وصراخا من القاتل المجنون وتصل أخيرا إلى ملاذ نصف آمن -سيارتها المتوقفة – فتدخلها وتحاول إدارة المحرك بهلع، ولكن الوغد يرفض العمل، محاولة بعد محاولة بعد محاولة، ويقترب القاتل بخطواته البطيئة إياها، مع الصوت المستفز للمحرك البليد ”تششك تششك تشششششك..“ ثم أخيرا حين يمسك القاتل بمقبض الباب يقرر المحرك أن يتفضل بالدوران، مع ذلك الصوت المحبب ”فرووم فروووم“، وتنطلق السيارة لنبدأ فصل جديد من المطاردة.

بالتالي السيناريو المعتاد يسير كالتالي: أنا في القبو ومعي مصباحي الكهربائي، الشرير يقترب، اللعنة لقد انطفأ المصباح! سأخرج مسدسي وأقتله، اللعنة إنه فارغ من الرصاص! سأركض إلى النافذة وأهرب، اللعنة إنها مغلقة! بعد أن نجوت بأعجوبة سأدخل سيارتي وأنطلق، اللعنة إن المحرك لا يعمل! ..إلخ.

هكذا تستمر اللعبة، وكأنه حين يطاردك قاتل بفيلم رعب فإن جميع قوانين الكون تتوقف بوجهك، أو ربما تخونك وتعمل ضدك.

6. كل نجاة تكون في آخر لحظة

كما رأينا فإن الأبواب والنوافذ لا تفتح أبدا أمام الضحية إلا مع وصول الشرير إليها، ومحركات السيارات -لسبب ما- لا تنجح الضحية في تشغيلها أبدا إلا مع وصول القاتل إليها، وهو درس آخر نستفيده من أفلام الرعب: كل إنقاذ يحدث في آخر لحظة قبل الهلاك مباشرة، وليس قبل هذا.

فلو كانت هناك قنبلة على وشك الإنفجار نحاول إيقافها (عن طريق قص السلك الأحمر إياه) فلن ننجح بذلك أبدا قبل عشر دقائق مثلا من الإنفجار، لا، وإنما كل قنبلة تحترم نفسها عليها أن لا تتوقف إلا قبل الوصول إلى نقطة الصفر المرعبة بثانية أو ثانيتين وليس أكثر.

7. المناخ نفسه يعمل لصالح الشرير

بينما ينطلق الأبطال بسيارتهم صباحا يبدأ اليوم بشمس مشرقة وسحب لطيفة وعصافير تزقزق على الأشجار المزهرة، ويظل الحال كذلك حتى تتعطل السيارة في منطقة مهجورة..

وهنا ينقلب المشهد في ثانية، فتتجمع الغيوم الرمادية ويصبح الظلام دامسا وتهطل الأمطار بغزارة ويدوي الرعد مع وميض البرق، ولا نجد تفسير لهذا التقلب المناخي المفاجئ هذا سوى أن البيئة تساعد المخرج في إضفاء اللمسة المناسبة على المشهد، تمهيدا للرعب المرتقب.

8. لو هناك فعل أحمق ما يمكن القيام به، فلابد أن أحمقا ما سوف يقوم به

ربما نكون متسللين إلى غرفة السفاح النائم حيث لا يتوجب على أحد إصدار صوت لئلا يستيقظ ويذبحنا جميعا، أو نكون في ثكنة عسكرية عتيقة وأمامنا زر مخصص لتشغيل قنبلة تنازلية تفجر المكان بما فيه، أو نكون في قبو عالم شرير حيث يوجد ذراع آلي يفتح أقفاص الوحوش المعدلة جينيا..

في تلك الحالات -كما تخبرنا أفلام الرعب- فلابد من وجود أحمق بين الأبطال يفعل الشيء المحظور في لحظة ما ليفسد كل شيء، فربما يرى فأرا فيصرخ موقظا السفاح من النوم، أو يجلس بالخطأ فوق زر التفجير، أو يفقد توازنه فيسقط بكوعه على الذراع الآلي محررا الوحوش ..إلخ.

9. متلازمة الشرير الثرثار

يظل المجرم أو السفاح يطارد البطل لساعات، ثم حين ينجح أخيرا في القبض عليه وتقييده، فربما تتوقع أن يقوم بقتله وننتهي، ولكن هيهات، هنا نجد الشرير يتحول إلى مقدم برنامج تليفزيوني ثرثار حيث يظل ساعتين يحكي للبطل عن قصة حياته منذ ولادته وسبب اتجاهه للجريمة بسبب عقدة تكونت لديه منذ الطفولة ..إلخ، حتى تسأل نفسك إن كان الشرير يعاني من الوحدة ويشعر بالحاجة النفسية إلى من يسمعه إلى تلك الدرجة، أم لعلها خطة مبتكرة لقتل البطل من فرط الملل؟!

وأخيرا يبدأ الشرير يحكي للبطل -بالتفصيل- كيف ينوي قتله، حتى يكاد المشاهد المسكين يصرخ فيه أن اقتله وخلصنا!

وأخيرا يقرر الشرير أن يتحرك نحو تحقيق هدفه ببطء مستفز (تذكرنا ببطء سيره في أثناء المطاردات كما رأينا)، فيرفع سلاحه تدريجيا رويدا رويدا، ثم يمسكه بثبات في الهواء نحو نصف ساعة مما يتيح الفرصة للبطل أن يحرر نفسه، أو ربما يتيح الفرصة لصديق آخر للتدخل وإنقاذ البطل، في آخر لحظة كالمعتاد.

10. خبير في الوقت المناسب

قاعدة أخرى في أفلام الرعب هي أن الضحية -الذي يكون في العادة شخصا بسيطا- يتحول مع لحظات الخطر إلى بطل أسطوري صاحب مهارات متعددة لم يكن يعرفها من قبل، وهكذا لا تستغرب لو شاهدت ربة منزل في عمر جدتك تواجه الأشرار فتركل خمسة منهم بحركات كونغ فو على النمط البروسلي، أو تطلق سلاحا ناريا فتصيب الهدف بدقة متناهية على الطريقة الجيمس بوندية، أو حتى تتحول إلى خبيرة سلاح على مستوى عالمي فتستخدم مدفع الآر بي جاي أو تقود دبابة روسية أو تحلق بطائرة فانتوم..

بل ولا تستغرب لو أن السيدة الفاضلة وجدت نفسها محبوسة في قبو عتيق يحتوي على دراجة قديمة وغسالة معطلة وبقايا تفاحة، فقامت بفك وتجميع تلك الأشياء لتصنع بها قنبلة هيدروجينية صغيرة تفجر بها باب القبو وتهرب.

11. نقطة ضعف الشرير (كعب إخيل)

يبدو القاتل طوال الوقت قويا محصنا لا يؤثر فيه شيء، ولكن قرب النهاية يقوم الأبطال باكتشاف نقطة ضعفه (والتي قد تكون غريبة غير متوقعة) ومن ثم استغلالها للقضاء عليه، وهكذا قد تجد نفسك أمام وحش عملاق مجنح ومدرع يطلق النار من فمه ولا تؤثر فيه الأسلحة أو الرصاص أو القنابل أو الصواريخ، ولكن في النهاية نعرف أن صاحبنا سيموت فورا لو أننا رششنا عليه ماءً مالحا مع إذاعة أغنية معينة عن الكريسماس لأنها مرتبطة بذكريات طفولته، الأمر الذي ينجح الأبطال -بالطبع- في فعله، وهي وسيلة لطيفة لإنهاء الفيلم في الوقت المناسب وبأقل قدر من التعقيد.

وفي حالة عدم توفر وسيلة خاصة للتخلص من الشرير، فإن الأدوات المعتادة قد تنفع (مثلا ذات الصبغة الدينية، كالصلبان في مواجهة مصاصي الدماء أو التلاوات المقدسة في مواجهة الأرواح الشريرة)، مع ملاحظة أن تلك الوسائل لن تنفع مع الشرير اللهم إلا قبل نهاية الفيلم بنحو خمس دقائق.

هنا تكتشف خاصية أخرى هامة من خواص تلك الأفلام، وهي أن الأمور الرمزية (كالكلمات المكتوبة أو المقروءة أو الرسومات) والتي لا تكاد تنفع أو تضر ولا تؤثر في شيء في الحياة الحقيقية، إلا أنها تكون فعالة جدا في عالم الرعب وبشكل يفوق الأشياء المادية، فمثلا لو أردت منع الكيانات الشريرة من الدخول إلى منزلك، فانسى الأسوار والأقفال وكاميرات المراقبة والأسلحة الدفاعية، وإنما كل ما عليك هو أن تحضر نصف كيلو ملح وتتلو عليه تعويذة ما ثم تقوم برشه على باب المنزل، وها قد صرت بأمان.

12. الصحوة الأخيرة (ما بعد الذروة)

ينجح البطل -أو الأبطال- أخيرا وبعد عناء، في قتل الوحش، فيمطرونه بالضربات حتى يسقط (ببطء مرة أخرى!) على الأرض في مشهد مؤثر يفترض أن يمثل ذروة النهاية، ولكننا بالطبع نعرف أنها ليست النهاية.

الآن نرى الكاميرا تقوم بعمل زوم (بطيء) على جثة الوحش الجامدة، فتقترب من وجهه، ثم عينه، والتي نعرف أنها سوف تفتح فجأة، ليقوم الشر من جديد ويبدأ جولة أخرى غير متوقعة ضد الأبطال.

وأما لو كان الشرير مات مدفونا تحت أنقاض سقطت عليه، فسيتم استبدال مشهد العين المفتوحة بمشهد يد دامية تخرج فجأة من بين الركام، وبالطبع فالنتيجة واحدة مع اختلاف التفاصيل.

وفي بعض الأحيان يتمزق الشرير ألف قطعة وينتهي الفيلم ويبدأ عرض أسماء الممثلين ويبدأ المشاهدون من الإنصراف من دور العرض، ثم إذا بوجه الشرير يظهر على الشاشة ليؤكد لنا أنه لم يمت بل سيعود من جديد لينتقم، مع الضحكة الجنونية إياها، وهي طريقة ذكية للتمهيد لاحتمالية عمل جزء تالي للفيلم يوما ما.

13. المصحات النفسية هي مرتع لأبشع أنواع الرعب

إن كنت تظن أن الهدف من المؤسسات النفسية هي معالجة المرضى فأنت واهم وعليك مراجعة معلوماتك، ففي أفلام الرعب نجد أن المشافي ليست سوى مباني طوبية عتيقة وباردة، تحتوي على أقبية وأقفاص وغرف وممرات سرية، كما تمتلئ بأطباء ساديين هوايتهم المفضلة هي تقييد المرضى وصعقهم وفتح أدمغتهم بالمثقاب الكهربائي وإجراء التجارب الجنونية عليهم، وبالطبع لا نستغرب أن تلك المصحات تزخر بأرواح الأطفال الذين ماتوا فيها من جراء التعذيب والإهمال.

14. الأماكن المفضلة للأشباح

درس مهم نستفيده من الأفلام: إن كان لديك شبح في منزلك فعليك أن تتجنب النزول وحدك إلى القبو بأي ثمن، كما يفضل أن لا تصعد إلى العلّية أيضا، فإن بقيت في الدور الأرضي فسينخفض احتمال تعاملك مع للأشباح بنسبة 88٪.

ولكن هناك مكان آخر مفضّل، فبينما يمكن للأشباح أن تتجول في أي مكان بمنزلك، إلا أنها -لسبب ما- تحب التواجد في الحمامات، وهي تستمتع بالظهور خاصة في مرآة الحمام، حيث يستحيل أن يلمح الشبح امرأة واقفة أمام مرآة الحوض ويقاوم الظهور لها (غالبا بشكل امرأة أخرى) فترى انعكاسه في المرآة واقفا خلفها في لحظة خاطفة، ثم تستدير شاهقة فلا تجد شيئا.

أما المصائب الشبحية الأكبر فتحدث -كما نعلم- عند الإستحمام، ولعلها لحظة الرعب المفضلة عند أكثر الأشباح، حيث يتاح لهم عمل أشياء لطيفة مثل إنزال دماء من الصنبور أو خروج خيط شعر مقزز من البالوعة ..إلخ.

15. الأشباح غرضها الأهم هو الإفزاع

في عالم أفلام الرعب فهناك أشباح انتقامية وأخرى ترغب في توصيل رسائل من العالم الآخر، ولكن في معظم الأحيان فإن 90٪ من أفعال الأشباح لا هدف لها سوى إثارة الفزع العشوائي، وأكثر ما يقومون به هو أشياء عديمة الضرر من قبيل: فتح الأبواب (أو غلقها) أو ذبذبة الأنوار بين الإطفاء والإضاءة، أو تحريك الأثاث يمينا ويسارا، أو فتح التليفزيون فجأة (ولا سيما مع التشويش الإستاتيكي إياه)، أو الظهور الفجائي ثم الإختفاء دون أذى، اللهم إلا إطلاق الصرخات وإشعال أعصاب الأبطال والمشاهدين على السواء.

16. أكثر الكائنات رعبا في الحياة هم الأطفال

في الحياة العادية قد تخشى اللصوص والبلطجية وأفراد العصابات المسلحين، ولكن الوضع يختلف تماما في أفلام الرعب، حيث أن هؤلاء هم أقل مخاوفك، وأما ما يجب أن يثير رعبك حقا هم تلك الكائنات الضئيلة الغريبة: الأطفال، هم دائما من يصابون باللوثات الجنونية وهم من تتلبسهم الشياطين والأرواح الشريرة وهم من تعود أرواحهم من الموت للإنتقام.

حتى فيما يخص الأشباح، فالأطفال عادة هم من يرونها وحدهم، لأنهم على ما يبدو يمتازون بشفافية عالية، يليهم في ذلك النساء عموما..

بالطبع لكل قاعدة شواذ، ولكن الأرجح أنه لو بدأ الفيلم بأسرة مكونة من أب وأم وطفلة وطفل، فالإحتمال الأكبر لتواصل أحدهم مع الأشباح هو (على الترتيب) الطفلة، ثم الطفل، ثم الزوجة، وأخيرا يأتي الرجل والذي لا يمتاز بأي شفافية روحانية، ولن يسعده الحظ برؤية الشبح إلا ربما مع مشاهد المواجهة الختامية في نهاية الفيلم.

هذا يعني أنه في المرة القادمة حين تعود إلى منزلك ليلا وتجد أحد تلك المخلوقات الصغيرة الكريهة واقفا على باب بيتك تحت المطر وعلى وجهه ابتسامة وديعة؛ فكن متأكدا من أن أبواب الجحيم قد انفتحت عن آخرها.

17. الفزعات الرخيصة: الملاذ الأخير للمخرج حين تنضب أفكاره

حين تشرع في مشاهدة فيلم رعب فمن الطبيعي أن تكون متأهبا نفسيا للرعب في كل لحظة، ومن الطبيعي كذلك أن يحاول صناع الأفلام استغلال توترك بأشد قدر ممكن، وهنا يأتي دور واحد من أهم أعمدة الأفلام السيئة: ألا وهي الفزعات الرخيصة، والمقصود هو تلك الأحداث التي تفزعك للحظة بدون سبب حقيقي، فهي أشبه بالخدعة أو حيل المراهقين تجاه بعضهم البعض.

تكون الفزعات الرخيصة في العادة مسبوقة بلحظات صمت بطيئة مقلقة تنذر بأن شيئا مرعبا على وشك أن يحدث، ثم فجأة تحدث حركة خاطفة مصحوبة بصوت مرتفع أشبه بزمور سيارة مفزع، لتكتشف أنه قط الجيران أو ساعة تدق أو صديق يضع يده على كتف البطل ..إلخ.

والجدير بالذكر أن الفيلم السيء قد يحتوي على ما لا يقل عن مائتين أو ثلثمائة فزعة رخيصة.

18. الآخرون دوما لا يرون ولا يتفهمون

عزيزي الطفل: هل تسمع أصواتا غريبة تأمرك بأن تقتل مدرستك؟ هل ترى أشباحا مرعبة تختبئ تحت سريرك قبل النوم؟ هل اكتشفت أن جارتك العجوز تتحول عند منتصف الليل إلى سحلية عملاقة؟ في تلك الحالات إياك أن تلجأ إلى والديك أو تحاول إخبارهم بالأمر، فمن أهم قواعد أفلام الرعب أن الأهل والكبار لا يرون الأخطار، إذ أن الأشباح الخبيثة دائما تختفي في اللحظة المناسبة بعد أن تظهر لترعب الضحية.

بالتالي فالكبار دائما لا يصدقون الضحية، وهم أيضا مصابون بمتلازمة الغباء المذكورة، بحيث أن الأب والأم إن دخلا غرفة ابنهما وشاهداه بأعينهم طائرا عند السقف محاطا بأشباح تتلبسه وكائنات فضائية تجري تجارب عليه وزومبي يلتهمون مخه والكاونت دراكولا شخصيا يشرب من دمه؛ فسيبتسمون ببلاهة قائلين أن الولد المسكين بخير إلا أنه يعاني من اضطراب نفسي بسبب إرهاق الدراسة لا أكثر.

ثم إن نفس الشيء ينطبق على كل رموز السلطة الذين ينبغي أن يتوقع الضحايا تلقي مساعدتهم عند الخطر: مثل أفراد الشرطة والأطباء والجيران، فالجميع أغبياء يرفضون تصديق أي ظواهر مرعبة مهما شاهدوا بأعينهم، وذلك حتى قرب نهاية الفيلم.

19. المجرم هو آخر شخص تتوقعه

مثل أفلام الجريمة والجاسوسية والغموض، فإن أفلام الرعب كذلك لابد وأن تزخر بالمفاجآت والمؤامرات الملتوية والنهايات غير المتوقعة، حتى تجد أن المسؤول عن الأحداث هو طرف لم يخطر ببالك بالمرة.

لنقل مثلا أن القصة تدور حول أرملة ثرية وجدت مقتولة بشكل مروع بطعنة سكين في منزلها بينما هي جالسة على كرسيها الوثير، وكان في المنزل آنذاك مجموعة من المشتبه بهم وهم: أولا خادمتها (التي قد تكون طامعة في مجوهراتها) وثانيا شقيقها الأصغر (الذي يحقد عليها بسبب رفضها إقراضه المال) وثالثا ابنها (الذي هو مدمن مخدرات له سوابق من المروق) ورابعا محاميها (المطعون في أمانته حيث له سجل فساد مشين).

وبعد سلسلة من التحقيقات والمواجهات سيتضح في النهاية أن القاتل هو الكرسي الوثير شخصيا! والذي هو في الأصل ليس كرسيا وإنما روبوت خارق صنعه المرحوم زوج المجني عليها، وصممه ليقتلها بعد وفاته، على سبيل الإنتقام منها لأنها -النذلة- كانت تخونه مع السائق، كما تبين أنها هي من قتلت الزوج أصلا بأن وضعت له الزرنيخ في طبق الفيتوتشيني، فيالها من نهاية غير متوقعة.

20. المعاتيه دوما على حق – صدقت الأشباح وكذب العلم

في العالم الواقعي لو شاهدت متسولة عجوز تتحدث عن القصر الملعون أو الشبح العائد للإنتقام فالأرجح إنك ستتجاهل كلامها باعتباره هلوسة مخرفة، وربما تكون محقا بتلك الحالة، ولكن الأمر يختلف تماما في عالم أفلام الرعب، حيث أن العجائز المسنّين والشحاذين والصعاليك دائما على حق، ونبوءاتهم تتحقق حرفيا، والأحمق فقط هو من يتجاهلهم.

كذلك في عالم أفلام الرعب فإن أكبر الأغبياء هم العلماء والأطباء النفسيين، والذين يلعبون دور السطحي المتعجرف المادي المنكر للوقائع، حتى أن التعس يسعى لتفسير كل شيء بشكل منطقي، فياله من أحمق! ألا يعلم أن هناك أشياء في الكون تستعصي على التفسير وتعلو على المنطق والفيزياء، مثلا الأرواح العائدة والشياطين المارقة والبيوت المسكونة والحب والكره والسعادة والحزن وألواح الويجا واللعنات المدفونة في التوابيت العتيقة ..إلخ.

على الجانب الآخر نجد -في عالم الرعب- أن الروحانيات هي علم مثبت له قواعد ومختصين وربما جامعات تدرسه، وكما تذهب إلى الطبيب عند المرض، فإن كنت تعاني من إزعاجات شبح يحيل حياتك إلى جحيم فيتوجب عليه اللجوء إلى المتخصص: وهو غالبا صعلوك (أو صعلوكة) ملتحي أشعث يرتدي قمصانا ملونة وعقود طويلة من الخرز ويعيش مع قطه الأليف.

صاحبنا هذا لا يعتبر دجالا -حاشا لله- وإنما هو خبير روحاني عليم بعادات وتقاليد ونفسية الأرواح الشريرة، فيعرف تماما ما الذي تحبه الأرواح وما الذي تكرهه وما هدفها من كل شيء تفعله، وكأنه قد درس في كلية الأرواح وتخصص في دراسة سلوكيات الشياطين العائدة من الجحيم خصيصا لتحرك الأثاث وتفزع النساء أمام مرآة الحمامات.

مقالات إعلانية