in

دخلك بتعرف الـ(روليغون): الشاحنة التي تمنحك شعورا رائعا بينما تمر فوقك؟

امرأة تمر فوقها شاحنة ألبي روليغون وهي مبتسمة وسعيدة

ظهرت هذه الصورة أعلاه أول مرة في شهر ديسمبر من سنة 1957 في إحدى إصدارات مجلة (ميكانيكس إيليسترايتد) Mechanics Illustrated أو ”الميكانيكيات المصورة“، تظهر نفس الصورة امرأة تبتسم بينما تدهسها شاحنة ضخمة مجهزة بإطارات كبيرة بشكل مبالغ فيه وتمر فوقها.

تبدو هذه المرأة على أنها متوسطة الحجم والبنية، أي أنها ليست من أولئك البشر ذوي القوى الخارقة الذين نراهم على شاشات التلفاز وهم يؤدون عروضا مدشهة على غرار هذا العرض التي تؤديه أمامنا في الصورة أعلاه، كما أنها تبدو وكأنها تستمتع بوقتها كثيرا ولم يصبها أدنى أذى.

عرّفت المجلة لدى نشرها لهذه الصورة بالشاحنة على أنها شاحنة من تصنيع شركة (شوفروليه) تعرف بـ(ألبي روليغن) Albee Rolligon التي تزن سبعة أطنان.

إن الـ(روليغون) هي علامة تجارية لنوع خاص من الإطارات المصممة للاستعمال في المناطق الموحلة ومناطق التضاريس الصعبة، أو لعبور السطح الهش لأرض رملية صحراوية، أو السهول الجرداء.

تتسم هذه الإطارات بمساحاتها الكبيرة التي يتم ملؤها بهواء منخفض الضغط جدا حيث لا يتجاوز ضغط الهواء فيها 5 باوندات في الإنش المربع (ما يعادل ثلث بار)، ولوجه المقارنة يتم ملء الإطارات العادية للسيارات أو الشاحنات بهواء يصل ضغطه إلى 35 باوندا في الإنش المربع (ما يعادل 2,5 بار).

وبفضل توزيع وزن العربة على مساحة عريضة، فهي تمارس ضغطا أخف على الأرضية مقارنة بالإطارات العادية، ويساعد الضغط المنخفض داخل هذه الإطارات على تغير شكلها بسهولة تامة مما يخولها من امتصاص المطبات والعوائق بدل تجاوزها عبر صعودها، مثلما نوهت إليه مجلة (لايف) Life في أحد أعدادها: ”إن دهس أحدهم بواسطة شاحنة (روليغون) يمنحه شعورا وكأنه يخضع لتدليك جيد“.

اخترعت إطارات الـ(روليغون) من طرف (ويليام هاميلتون ألبي)، الذي كان معلما يعيش في قرية (إسكيمو) صغيرة في مضيق (بيرينغ) في (ألاسكا) قبل أن يصبح مخترعا ومؤسس شركة.

شاحنة الـ(روليغون) وهي تعبر السهوب والمرتفعات
شاحنة الـ(روليغون) وهي تعبر السهوب والمرتفعات.

بينما كان في رحلة صيد أسماك في سنة 1935، لاحظ (ويليام) مجموعة من شعب الإسكيمو يرفعون ويجرون قاربا خشبيا ثقيلا مملوءاً بما وزنه أربعة أطنان من الصيد من خارج الماء وخلال شاطئ موحل، باستعمال العديد من الأكياس المنفوخة المصنوعة من جلود الفقمة المشدودة بإحكام التي قاموا بربطها تحت القارب.

بقي (ويليام) يشاهد هؤلاء الصيادين في دهشة وإعجاب بينما كانوا يجرون القارب الثقيل جدا بدون أي مجهود يذكر، وذلك على الرغم من الوحل والصخور التي كان يُجر فوقها.

عاد بعدها (ويليام ألبي) إلى (كاليفورنيا) في سنة 1951، وبدأ يعمل على تبني نموذج أكياس الإسكيمو، حيث صمم إطارات تشبه تلك الأكياس مصنوعة من النايلون الممزوج بالمطاط، وكانت هذه الأكياس مرنة للغاية.

كانت هذه الإطارات الجديدة تغير شكلها ليلائم السطح الذي تسير عليه بشكل سهل جدا، لكنها لم تكن تتوسع، وبعد العديد من الاستشارات والاجتماعات، وافقت كل من شركتي (ذا غود يير تاير) The Goodyear Tire و(رابر كومباني) Rubber Company على صناعة الإطارات من أجل (ويليام) وفقا لتصاميمه الخاصة.

في نهاية المطاف أسس (ألبي) شركة (ألبي روليغون كومباني) Albey Rolligon Company وبدأ بإنتاج عربات مجهزة بإطارات ذات ضغط هواء منخفض.

في وقت لاحق، وبمساعدة الجيش الأمريكي أطلقت شركة (ألبي) سيارة (جيب)، وشاحنة (ريو)، وعربة (دودج باور) التي جهزت كلها بإطارات (روليغون).

كان المنتوج النهائي لشركة (ألبي) هو عربة نقل للسير خارج الطريق السريع تزن سبعة أطنان وهي الـ(ألبي روليغون) المبيّنة في الصورة أعلاه مع المرأة المبتسمة تحتها.

أول نموذج عن الـ(روليغون) من صناعة (ويليام ألبي).
أول نموذج عن الـ(روليغون) من صناعة (ويليام ألبي).

للأسف، فشل (ألبي) في تحويل فكرته هذه إلى تجارة مربحة وناجحة، حيث مرت شركته بالعديد من المشاكل المالية مما أجبره على بيعها في سنة 1960 لصالح (جون هولاند) الذي أعاد تسميتها (روليغون كوربورايشن) Rolligon Corporation.

تعود ملكية العلامة التجارية (روليغون) الآن لشركة National Oilwell Varco التي مقرها ولاية (تكساس) الأمريكية، وهي المصنع الأول عالميا للمعدات المستعملة في حفر آبار النفط والغاز، ومازالت شركة National Oilwell Varco تصنع عربات مجهزة بإطارات (روليغون)، التي يعتبر أكثر زبائنها من الشركات التي تعمل في مجال النفط في شمال (ألاسكا).

تلعب الـ(روليغون) دورا هاما وكبيرا في الإبقاء على حقول النفط في حوض (برودهو) في شمال (ألاسكا) مشتغلة، هذه المنطقة التي تمتاز بكونها مسطحة مثل ملعب كرة القدم ومغطاة بشكل كامل بالجليد السرمدي، مما تسبب في تشكل مساحات واسعة من البحيرات الصغيرة؛ وحدها عربات الـ(روليغون) بإمكانها نقل المؤونة والإمدادات والرجال بشكل فعال في هذه المناطق والتضاريس الوعرة، ومن بين فوائد استعمالها هو أنها لا تتسبب في كسر طبقات الجليد التي تسير عليها.

شخص تمر فوقه شاحنة دون أن تتسبب له في أي أذى
مخترع الـ(روليغون) نفسه يمر فوقه اختراعه الخاص.

مقالات إعلانية