in

دخلك بتعرف قصة العداء الطويل بين الكنيسة الكاثوليكية والقطط

ليست القطط كائنات لطيفة فحسب، بل تلعب دوراً هاماً في العديد من المناطق الحضرية خاصة في الدول النامية، وبدونها ستنتشر الآفات، فالقطط صيادة بالفطرة، تصطاد الفئران والصراصير والثعابين والعقارب أيضاً.

ولكن يبدو أن الفاتيكان لم يكن متصالحاً مع هذه الكائنات فيما مضى، وتجاوز البغض حده إلى أن كرهها كرهاً جماً، ووصل الأمر بالبابا (غريغوري التاسع) إلى الاعتقاد بأن القطط تجسد الشيطان ذاته.

عاش (غريغوري التاسع) واسمه الحقيقي (أوجلينو دي كونتي) بين عامي 1145 و1241 ميلادي، وتقلد البابوية عام 1227 حتى وفاته، وتعد مسألة القطط مجرد هامش في تاريخه، فقد عرف بأمره البدء بمحاكم التفتيش البابوية التي كانت مهمتها اكتشاف الهراطقة ومخالفي الكنيسة ومعاقبتهم.

استند (غريغوري) في اعتقاداته حول القطط على ”الأدلة“ التي جمعها المحقق البابوي (كونراد فون ماربوغ)، الذي استخدم التعذيب كوسيلة مجدية في جلب بعض الاعترافات المقنعة حول عبادة شيطانية، تعبد فيها الشياطين في هيئة رجل شيطاني وقطة سوداء شيطانية.

وأصدر (غريغوري) في يونيو عام 1233 ميلادي المرسوم البابوي Vox in Rama معلناً أن الشيطان كان نصف قط، وظهر في بعض الأحيان على شكل قط في التجمعات الشيطانية، وادّعى بعض المؤرخون بأن Vox in Rama هي أول وثيقة كنائسية تفيد بأن القط الأسود هو تجسيد للشيطان، ويعتبر القط في المرسوم البابوي ”سيّداً“، والشيطان المتجسد ”على هيئة إنسان“ هو في الطبيعة نصف رجل ونصف قط.

لوحة فنية تبرز البابا (غريغوري) يبارك الكاثوليكيين
لوحة فنية تبرز البابا (غريغوري) يبارك الكاثوليكيين.

قبل مشاهد الحرق على العمود بسبب مس الحيوانات الأليفة، بدأ الكاثوليكيون في جميع أنحاء أوروبا بذبح القطط التي يجدونها، هذه العمليات الواسعة التي مازال يمكن ملاحظة آثارها ليومنا هذا.

كما يرجع الكثيرون أعداد القطط السوداء الضئيلة كنتيجة مباشرة لعلميات التصفية تلك التي طالتها باعتبارها ”نسلا شيطانيا“، كما أدى الطاعون الدبلي بدوره إلى قيام الناس بقتل القطط، لاعتقادهم بأن جراثيم القطط ساهمت في انتشار الطاعون.

الطاعون أو (الموت الأسود) الذي اجتاح أوروبا في العصور الوسطى.
الطاعون أو (الموت الأسود) الذي اجتاح أوروبا في العصور الوسطى.

ولم يقتصر كون القطط نقطة ضعف بالنسبة للكنيسة على البابا (غريغوري) فقط، فعندما وصل البابا (إنوسنت الثامن) إلى السلطة في أواخر القرن الخامس عشر خلال فترة محاكم التفتيش الإسبانية، أدان هو الآخر القطط بكونها كائنات شريرة، وأحرقت الآلاف منها مما أدى إلى ازدياد عدد الفئران بشكل ملحوظ.

مهرجان Kattenstoet لرمي القطط من المباني في بلجيكا:

بالعودة مجدداً إلى القرون الوسطى، فإن الناس لم تتعامل بلطف مع الحيوانات عامة والقطط خاصة، وقامت العديد من مدن أوروبا الغربية بممارسة تعذيب القطط الشعائرية، حيث كان الناس يجمعون عشرات القطط في قفص شبكي ويرفعونه في الهواء فوق النار، لاعتقادهم بأن القطط تخبئ أرواحاً شريرة، أو تجسد الشيطان بذاته، وقد استخدمت القطط في مدينة (إيبر) Ypres في بلجيكا، في العديد من الألعاب الفولكلورية.

بدأت القصة عندما انتشرت الفئران بكثرة، فقام السكان بجلب القطط للسيطرة عليها، لكن سرعان ما تكاثرت القطط وأصبح هناك الكثير منها في المدينة، وفي ذلك العصر الذي كان يعتبر فيه القط نذيراً للشر، فلا شيء يسر السكان أكثر من رميه من برج جرس الكنيسة المحلية، ومع مرور الوقت أصبحت عمليات القتل هذه طقوساً تجري في ما كان يطلق عليه ”أربعاء القط“ Cat’s Wednesday في الأسبوع الثاني من الصوم الكبير، واستمرت هذه الممارسة الوحشية حتى عام 1817.

يذكر أن الملكة (إليزابيث الأولى) احتفلت بتنصيبها بحرق دمية قطة محشوة.

مايزال الفاتيكان حتى الآن يبغض القطط ويكرهها، ولكن هذه المرة يركز البابا (فرانسيس) على جميع الحيوانات الأليفة، مدعياً أن الناس تنفق الكثير من الأموال على هذه الكائنات الفروية، وقال مشيراً إلى دراسة حول المبالغ التي ينفقها الناس على الأشياء: ”بعد الغذاء والملابس والأدوية، فالعنصر الرابع هو مستحضرات التجميل، والخامس هو الحيوانات الأليفة“، وأضاف: ”هذا أمر خطير“.

على الرغم من استبعاد أن البابا الأكثر شعبية والأكثر دفاعا عن البيئة والطبيعة يشجع على ”مشاعل القطط“، فهو قد يكون يقترح أن نبتعد عن مثلجات الكلاب وتجهيزات القطط في جناح الحيوانات الأليفة فقط.

مقالات إعلانية