in

دخلك بتعرف أن المنشار الكهربائي اختُرع أول مرة لتسهيل الولادة العسيرة عبر قطع عظم الحوض؟

قبل ابتكار عمليات القيصرية، كان يجب إزالة أجزاء من حوض الأم في حالة ما كان حجم الرضيع أكبر من أن يمر عبر قناة الولادة بشكل طبيعي.

من خلال قراءة عنوان المقال؛ لا شك أن الكثيرين منكم أعزاءنا القراء قد انتابتهم القشعريرة من مجرد تخيل أن يقوم أحدهم بقطع جزء من الأعضاء الحساسة لأم بصدد إنجاب صغيرها باستخدام المنشار، وهو ما قد يستحضر لدى أذهانكم كذلك حادثة اغتيال الصحفي السعودي خاشقجي ونظرية كون القتلة قد قاموا بالاستعانة بمنشار لتسهيل تهريبه خارج تركيا في حقائب صغيرة.

لكننا هنا لننقل لكم وقائع تاريخية طبية، وهي أن المنشار اختُرع أول مرة للمساعدة في التوليد، حيث أنه قبل أن تصبح العملية القيصرية أمراً شائعا؛ كان يتعين على جميع الأجنة المرور خلال قناة الولادة، وهو ما يبدو منطقيا، فكما نعلمه اليوم قد يكون أحيانا حجم الرضيع كبيراً مما يعيق مروره عبر القناة ويجد نفسه عالقاً هناك في خضمّ عملية الولادة، ومنه كان الجراحون آنذاك يعمدون إلى إزالة أجزاء من عظم الحوض ليفسحوا المجال أمام الطفل للخروج إلى النور، وكانت يُطلق على هذه العملية، التي أقل ما يقال عنها أنها مؤلمة جدا، اسم «عملية بضع الارتفاق» Symphysiotomy.

كانت العملية تُجرى يدويا بصورة عامة باستخدام سكين ومنشار صغيرين من أجل إزالة العظم، وكان كل هذا يجري دون تخدير الأم في خضمّ عملية الإنجاب، وكانت العملية تستغرق وقتا طويلا وتسودها الفوضى، كما كانت مؤلمة جدا بدون شك.

الآن، إذا كنت تعض على أصابعك عزيزي القارئ من هول ما تقرأ، فنحن قد وصلنا لتونا للجزء المتعلق بالمنشار: في سنة 1780 قام طبيبان باختراع منشار السلسلة الذي كان صغير الحجم من أجل جعل عملية إزالة أجزاء من عظم الحوض لدى الأم سهلة وأقل استهلاكا للوقت أثناء التوليد.

وقد جُعل لهذا المنشار ذراع تدوير جعله يبدو مثل سكين المطبخ في أيامنا هذه مع قليل من الأسنان المستدقة على سلسلة في شكل بيضوي. نحن متأكدون أنكم الآن تتخيلون ذلك المنشار الضخم والصاخب الذي يقطع أشجارا كاملة في غضون ثوانٍ، لكن لحسن الحظ كان هذا المنشار الطبي أقل تخويفاً منه، وكان يبدو أكثر كأداة طبية، وعلى الرغم من ذلك، فإن أي ذِكر لكلمة منشار كهربائي، أو سكين، أو منشار، أو شفرة قادمة ناحية جهازك التناسلي بينما أنت مستفيقة تماما ومستلقية بصدد الإنجاب هي فكرة تجعل جميعنا يعاني من الكوابيس لأيام.

صورة أول منشار سلسلة جراحي استخدم في عمليات «بضع الارتفاق»: تم اختراع هذا النموذج من منشار السلسلة في سنة 1780.
صورة أول منشار سلسلة جراحي استخدم في عمليات «بضع الارتفاق»: تم اختراع هذا النموذج من منشار السلسلة في سنة 1780.

وسرعان ما استخدم منشار السلسلة في عمليات جراحية أخرى لقطع العظام وبتر الأعضاء كذلك في المستشفيات، ثم تطور ليصبح آلة لقطع الخشب عندما لاحظ الناس السرعة والسهولة التي كان يقطع بها الأشجار وكل شيء آخر تقريبا، فأصبح حجمه أكبر وصار أكثر قوة وفي نهاية المطاف أصبح ذلك ”الوحش“ الذي نعرفه اليوم.

لم تعد عمليات «بضع الارتفاق» الجراحية تجرى اليوم لكنها أحيانا ما يتم اللجوء إليها في بعض دول العالم الثالث حيث لا تتوفر الوسائل الكافية لإجراء العمليات القيصرية.

من هنا سردنا لكم في مقالنا هذا التاريخ المخيف وغير المتوقع لاختراع المنشار الكهربائي، ومن كان ليعتقد أن تلك الآلة المخيفة والقوية قد اخترعت في الأصل من أجل الاستعمال الطبي الجراحي؟ ولقطع أكثر الأعضاء الحساسة لدى المرأة؟

مقالات إعلانية